16-03-2020 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن
يدخل فيروس كورونا المستجد شهره الرابع منذ ظهوره لأول مرة في الصين، ومنذ ذلك الوقت قد اتخذت الحكومة الصينية إجراءات في محاولة للحد من انتقال المرض والتقليل من مخاطره على الصحة العامة. ودعت منظمة الصحة العالمية في أكثر من مرة إلى استقاء الدروس من تجربة الصين وتطبيقها على بقية دول العالم من أجل الحد من انتشار المرض.
وفي مقابلة خاصة - نشرها موقع أخبار الأمم المتحدة - أجرتها الزميلة في القسم الصيني ، سيوان كيان، مع ممثل منظمة الصحة العالمية في الصين، الدكتور غوادين غاليا، تحدث المسؤول في منظمة الصحة العالمية عن مواجهة الصين لفيروس كورونا المستجد المعروف بكوفيد-19 منذ بداية ظهوره.
ما هي التغييرات التي طرأت منذ وصف كورونا بالجائحة؟
بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية لم يتغيّر الكثير فيما يتعلق بطريقة عملنا. ف"جائحة" هي مجرد وصف تقني للتعبير عن طريقة انتقال المرض في العديد من دول العالم. وفي الوقت نفسه هناك استمرارية في الانتقال في أكثر من 100 دولة وهو ما كان مبررا لتغيير الوصف.
ولكن من المهم التذكير بأن منظمة الصحة العالمية وصفت الموضوع بعالي الخطورة في الصين منذ البداية وعالي الخطورة في العالم منذ بداية كانون الثاني/يناير.
وفي 30 كانون الثاني/ناير وضعت منظمة الصحة العالمية المرض في أعلى مستويات الخطر، وأصبح "حالة طوارئ صحية تثير قلقا دوليا". وهذه التقديرات حددت ما تحتاج المنظمة لفعله في الصين ودول العالم الأخرى وما على الحكومات القيام به. وعلاوة على ذلك، رفعت منظمة الصحة العالمية في نهاية شباط/فبراير تقديراتها بأشن المرض إلى خطرٍ عالٍ جدا ليس فقط في الصين ولكن في بقية أنحاء العالم. وعلى جميع الدول في العالم أن تستعد لانتشار بين شعبها على نطاق واسع، وفي الوقت نفسه بذل الجهود لإيجاد كل حالة وتتبع أي مخالطة وضمان ذلك بأكبر قدر ممكن.فمن شأن هذه الإجراءات إبطاء سير المرض أو حتى وقفه في المجتمعات.
متى تم إعلام منظمة الصحة العالمية بتفشي المرض؟
علمنا بالأمر لأول مرة، وبشكل رسمي، في الثالث من كانون الثاني/يناير. ولكن تم إعلام مكتبي بشكل غير رسمي عشية إغلاق سوق الأسماك في ووهان وحتى أن منظمة الصحة العالمية نفسها قامت بإجراء الاتصالات على المستويات الثلاثة بين المقر الدائم والمكتب الإقليمي ومكتبي.
كنا نتابع المجريات عبر الهاتف منذ الأول من كانون الثاني/يناير، وقد بدأنا بالإجراءات الإدارية حتى قبل الإعلان الرسمي.
وما هي الإجراءات التي اتخذتموها منذ أن عرفتم بشكل غير رسمي؟
أحب أن أفكر بالموضوع وكأنه حدث على مراحل ثلاث: المرحلة الأولى هي الجهود التي بُذلت لفهم الأسئلة الثلاثة الأولى المتعلقة بأي مرض معدٍ، كيف ينتقل؟ ما هو مدى شدته؟ ما هي إجراءات السيطرة عليه؟ بطريقة ما، في الأسابيع الثلاثة الأولى كنا منغمسين جدا في النظر في التحقيق بشأن وباء محلي، فكنا نسأل أسئلة داخلية ووطنية ونتطلع إلى تفسيرات من خبراء دوليين، ونرسل المعلومات للصحافة نتواصل مع الشركاء في الأمم المتحدة وفي البعثات الموجودة في بيجين.
وعندما اتضحت الصورة أكثر، وعندما فهمنا الوضع الحرج للغاية وارتفاع عدد الضحايا قام فريقنا بالتوجه إلى ووهان، وكان ذلك قبل الإغلاق، هذا يبدو وكأنه حدث في الماضي البعيد، قمنا بزيارة مركز للحمّى حيث يقبع المرضى، وزرنا المختبرات.
أعتقد أن المرحلة الأولى انتهت مع إعلان منظمة الصحة العالمية أن المرض هو "حالة طوارئ صحية تثير قلقا دوليا"، بعد اجتماعين أجرتهما لجنة الطوارئ. فأصبحت هذه المشكلة تخص المقر الدائم وتنسيق الجهود الدولية.
ومنذ ذلك الوقت، أصبحت المنظمة منخرطة في وضع مخططات بحثية وحشد الموارد بهدف توزيع حزمات الفحص في جميع أنحاء العالم ومستلزمات الوقاية الشخصية. ومؤخرا في منتصف شباط/فبراير، كانت هناك بعثة مشتركة تتألف من 25 خبيرا، نصفهم من الصين، للنظر في الاستجابة للوضع في الصين في ووهان وبيجين وغيرهما من المقاطعات.
وأخيرا، منذ أن بدأنا نشهد انخفاضا في الحالات، عدنا الآن إلى مكاتبنا، ونحن ننظر في طرق نستطيع من خلالها أن نتواصل بشكل أفضل ونتبادل الخبرات الصينية والمعرفة التي اكتسبناها حتى تستطيع دول أخرى أن تفهمها على الأقل، وأن تحصل على بعض المعلومات والفهم العملي بشأن نجاعة الطرق المتبعة.
هل كان هناك تعاون مع الحكومة الصينية؟
في معظم مدة انتشار المرض كانت لدينا اتصالات على مستويات غير رسمية وأجرينا اجتماعات أسبوعية واجتماعات لطرح فهم أفضل للأمور الفنية والمعطيات الجديدة ليس فقط بشأن المرضى ولكن أيضا بشأن المرض نفسه. وعلى مستوى المنظمة، تبادلنا وجهات النظر ذات الطبيعة الاستراتيجية وأجرينا مناقشات بين المنظمة والصين ما نتج عن التقاسم المبكر للمعلومات. وبعدها بأيام تم التشارك بالمواصفات لتصميم الاختبارات للدول التي تساعد على تحديد الفيروس.
وكان هناك اجتماع عالي المستوى حيث جاء مدير عام المنظمة واجتمع مع الرئيس تشي واتفاقا ليس فقط على التعاون داخل الصين، ولكن أيضا على مستوى عالمي، لذا كان هناك تعاون ودي ومهم.
صورة توضيحية لفيروس كورونا.
إن النتيجة التي يمكن أن نتوصل إليها هي أن الصين أظهرت أنه بالإمكان تغيير مسار المرض. بالوضع الطبيعي فإن انتشار مرض كهذا ينمو بشكل كبير ويصل إلى ذروته ومن ثمّ سينخفض بشكل طبيعي بمجرد إصابة جميع الأشخاص المعرّضين للإصابة أو تطور المرض. إلا أن ذلك لم يحدث في الصين لأن عدد الحالات لم يكن طبيعيا، إنه وباء تم القضاء عليه أثناء نموه وتوقف في مساره. يتضح ذلك في المعطيات بحوزتنا إضافة إلى مراقبتنا للمجتمع بشكل عام.
لذا فإنه درس كبير بأن المسار الطبيعي للمرض لا يكون بالضرورة عالي الذروة يرهق الخدمات الصحية. الدرس في الاحتواء، وهو درس يمكن للدول الأخرى أن تتعلم منه وتتكيف بحسب الظروف.
في المرحلة الأولى من تفشي المرض، كان هناك بعض التقليل من حجم الخطر وكانت هناك محاولات لإخفاء الحقيقة رغم أن بعض الأطباء حاولوا أن يدقوا جرس الإنذار. كيف أثرت مثل تلك الأفعال على الاستجابة؟ هل كان بالإمكان احتواء المرض بشكل أفضل لو توفرت الشفافية؟
من الصعب خلق تاريخ مغاير. أتفهم وجود بعض القصور، وبالفعل في أعلى مستويات القيادة في الدولة تم التعرّف على أوجه القصور، وأنا متأكد أنه مع مرور الوقت سيكون هناك تحقيق وستتم محاسبة المسؤولين.
بالنسبة لنا نحن المشاركون في العملية منذ 31 كانون الأول/ديسمبر شهدنا على سلسلة الأحداث المتسارعة وتحديد الفيروس والتشارك في المعلومات وفي التحقيقات وشهدنا على الإغلاق ووضع فريق عمل للوقاية والسيطرة وكان الاحتواء فعالا للغاية ونتج عنه تضحيات في ووهان.
من المهم أن نتوقف لبرهة ونفهم الثمن العالي الذي دفعه سكان ووهان من أجل شراء الوقت لسائر أنحاء الصين ولبقية دول العالم. لكن الاحتواء كان فعّالا وسمح للصين باحتواء المرض بشكل فعّال كما أن شكل الوباء والعدد القليل من الحالات التي وجدت في هوبي هي شهادة على نجاح الاحتواء.
عندما نعي أن الإعلان عن الحالة الصحية الطارئة في 30 كانون الثاني/يناير، والآن ها نحن في منتصف آذار/مارس من المهم أن نفهم أن كل دولة لم تسمع النداء يجب أن تتصرف بسرعة وأن تجهز شعوبها لهذه المخاطر.
ما هي الحلقات الضعيفة التي أظهرها كوفيد-19 في الجهاز الصحي في الصين وحول العالم؟
دعونا نركز على درس كبير في العالم وهو أهمية أن يكون لدينا نظام صحي قوي، إن الإعداد لمثل هذا التفشي هو أمر تحتاجه جميع الدول. وفي وقت السلام من السهل أن ننسى الاستثمار في القوى العاملة في القطاع الصحي وفي وضع خطط للاستعداد والاستثمار في المختبرات والمستلزمات الوقائية الشخصية. إنه درس نأمل أن تتعلمه جميع الدول كي لا تضطر إلى تعلمه بطريقة قاسية عندما تواجه جائحة مثل كوفيد-19.
لمن لا يعرف الصين، فإن ووهان هي أكبر مدينة في وسط الصين وفي مستشفياتها عدد كبير من الأسرّة والرعاية المتخصصة وهي مدينة غنية جدا وتقدم إسهامات كبيرة للناتج المحلي الصيني، ولذا فإن نظامها الصحي ليس ضعيفا ومع ذلك فقد أربكها الوباء.
ولا يمكن أن ننكر أنه عندما يتكدس المرضى في غرف الانتظار، ولديهم العدوى، تصبح غرف الانتظار، حتى في المرافق الصحية، مواقع لنقل العدوى.
هل لديك كلمة أخيرة؟
لا حاجة للهلع. بالتأكيد هو مرض خطير، ليس مميتا كما اعتقد البعض في بداية الأمر، ولكن بالتأكيد توفي أشخاص كثيرون بسببه. لا نريد لهذه المآسي أن تحدث. الأمر جدي، ويتطلب استجابة على المستوى الوطني ولكن لا داعي للهلع.
لا يوجد لقاح، لا يوجد علاج، ولكن لدينا طرق فعالة للحد من المخاطر، مثل غسل اليدين وتجنب لمس الوجه باليد والعينين والأنف والفم، واستخدام معقم اليدين وتغطية الأنف والفم عند السعال باستخدام المرفق والحفاظ على البعد الاجتماعي (مسافة متر) حاولوا العمل من المنزل إذا استطعتم وتجنبوا أي اجتماعات وجها لوجه.
ربما ملّ الناس من الاستماع لهذه النصائح، ولكن يجب التذكير بها واستخدامها لأنها الطريقة الفضلى لتجنب الإصابة.