إفطار جماعي شبابي في عدن - رمضان - أبريل 2023 (فيسبوك)
04-01-2024 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد اللطيف سالمين
بعد مرور سنوات على الحرب في اليمن، ظهرت تحولات كبيرة في احتياجات وأولويات الشباب في البلاد. يعيش معظم الشباب في ظل "مشروع استعادة الدولة في الجنوب"، وهو وضع يختلف عن الحياة التي عاشوها في ظل النظام اليمني السابق.
وعلى الرغم من دورهم الرئيسي والأساسي في مختلف المجالات، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تعيق مشاركتهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. يحاول هذا التقرير لمركز سوث24 استكشاف هذه التحديات، ويستمع لنخبة من الشباب والشابات الجنوبيين من مختلف محافظات الجنوب للحديث عنها.
وعلى اختلاف رؤى هؤلاء الشباب والشابات، كان هناك إجماع على ضرورة إحداث تغييرات تسهم في زيادة مشاركتهم ونشاطهم وحضورهم في صناعة القرار وميادين السياسة والاقتصاد وريادة الأعمال، ومضاعفة الفرص أمامهم.
ومع أن الشباب والشابات يعتبرون القوة الدافعة للتنمية في المجتمع، إلا أنَّ هناك العديد من العقبات التي تحول دون مشاركتهم الفعالة، مثل نقص فرص العمل، والفقر، والتمييز، وتعرضهم لمختلف أشكال العنف مثل العنف الأسري والعنف ضد المرأة. ومع الحرب الأخيرة وتداعياتها متعددة المستويات، زادت التحديات تعقيدًا.
نور محمد، مدربة في الأمن الرقمي من عدن شرحت لمركز سوث24 أبرز الصعوبات التي تعترضها. قالت نور إن القصور الكبير في بنية الإنترنت في اليمن، وصعوبة إيجاد فرص عمل في مجال الأمن الرقمي خاصة للنساء، هي أهم التحديات المهنية أمامها.
وأضافت: "لدي مخاوف بشأن المستقبل وتأثير التطور التكنولوجي على فقدان الوظائف وتغيير المجتمع. باعتقادي يجب العمل على إيجاد فرص عمل جديدة للشباب، وتحسين التعليم، ودعم المشاريع الصغيرة، وتشجيع الحوار بين الشباب أيضًا".
ويرى الشاب وليد بلال من عدن أن الشباب في الجنوب يواجهون تحديات عديدة من بينها نقص فرص تطوير الذات والحصول على أعمال مناسبة. وفي حالة الحصول على العمل، تبرز مشكلة التوفيق بين هذا العمل والحياة الشخصية حدَّ تعبيره.
مضيفًا لمركز سوث24: "بسبب الحرب، تفاقمت هذه المشكلات بشكل أكبر".
ومن محافظة لحج، يرى الإعلامي يونس السروري أنَّ التحديات الاقتصادية هي أبرز ما يعترض طريق الشباب. وقال لمركز سوث24: "هناك ضرورة لتوفير فرص العمل وتشجيع الإنتاج المحلي وعدم الهجرة إلى الخارج. لقد أثرت الحرب على حياة الشباب سلبيا من الناحية المعيشية والنفسية".
من جهتها قالت الصحفية عبير علي لمركز سوث24 إن الحرب والنزاع في اليمن نتج عنهما نقص فرص العمل والتعليم الجامعي.
وقال المذيع يعقوب بامزروع لمركز سوث24 إن الشباب في المكلا بمحافظة حضرموت يواجهون الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ونقص الدعم، ووجود فجوة في سوق العمل والتمييز. كما تحدث عن تحديات الشباب في الحصول على حياة مستقرة وزواج ناجح بسبب التكاليف المرتفعة وضغوط المجتمع، مما يؤثر على رغبتهم في الزواج. وعبر عن قلقه حول تأثير الحروب على الشباب، ويحث على دعم الشباب وتنفيذ المبادرات الشبابية الحقيقية.
أمَّا أسماء العليمي من سقطرى، فتذكر تحديات الشباب هناك مثل نقص التنمية وثقافة الواسطات والبطالة. ومن المهرة نور عبدالعزيز مكي، شابة تعمل كمديرة لإدارة النظم والمعلومات في هيئة المصائد السمكية. قالت لمركز سوث24 إن صعوبة الحصول على التعليم العالي ونقص فرص العمل للشباب والنساء في المهرة، هي أبرز التحديات الراهنة.
من جانبه، يرى أصيل محمد من محافظة الضالع، رئيس المنتدى الشبابي للتنمية السياسية، أن الحرب الأخيرة أثرت على قدرات الشباب ونفسياتهم، وقللت من الفرص أمامهم. وقال لمركز سوث24: "هناك غياب للوعي والرؤية والهدف عند كثير من الشباب. كما أن مشاكل اجتماعية عدة تتصل بالشباب برزت بشكل أكبر مثل الاغتراب القسري والزواج المبكر".
وقال د. شكيب الأحمدي من محافظة شبوة إن "الشباب يواجهون صعوبة في الزواج بسبب غلاء المهور وقلة الموارد المالية". مضيفا لمركز سوث24: "هذه تحديات اجتماعية تؤثر على الشباب. هناك أيضا ظواهر سلبية تستنزف قدرات وطاقات دماء الشباب مثل الثارات القبلية وغيرها".
تحديات سياسية
بشكل عام، يعتقد الشباب في جنوب اليمن أن مشاركتهم في الحياة السياسية وصنع القرار ضعيفة ولا ترقى إلى الحد المطلوب. وفي هذا الاتجاه، قال أصيل محمد: "شباب وشابات الجنوب لديهم مشكلة في الوعي بأهمية المشاركة السياسية بالتوازي مع حالة التهميش المتعمدة لهم". وفقا له، "هذا أدى إلى حصول الشباب الآخرين من شمال اليمن على الفرص التي كانت من حق الجنوبيين".
بالنسبة لنور محمد، يُحرم الشباب من الفرص والبرامج التدريبية التي تؤهلهم للمشاركة السياسية في نهاية المطاف. ويعتقد يعقوب بامزروع أن "الأحزاب السياسية تفضل السيطرة على القرار بدلاً من دعم الشباب في الحصول على فرص صحيحة لصنع هذا القرار". مضيفا: "أشعر بالقلق من تأثير الحرب والوضع المأساوي الراهن علينا كشباب. شعرت بذلك عندما حاولت السفر من منطقة إلى أخرى داخليا".
ويوافق شكيب الأحمدي على أن الأحزاب السياسية لعبت دورا سلبيا في حياة الشباب. مضيفا: "في محافظتي شبوة على سبيل المثال، ينتمي بعض الشباب إلى أحزاب وتيارات سياسية، وعندما يغادرونها يصبحون مشردين ومنبوذين ويتم إقصاؤهم. يصل الأمر إلى الاعتقال والمطاردة أحياناً".
وترى أسماء العليمي أن الشباب والشابات في أرخبيل سقطرى خاصة والجنوب عامة يكابدون التهميش المتعمد لدورهم السياسي المفترض. مضيفة: "الوضع العام ترك تداعيات على الشباب والشابات أبعدتهم عن المشاركة السياسية إلى حد كبير".
التحديات الاقتصادية
اقتصاديا، يواجه الشباب والشابات في جنوب اليمن تحديات كبيرة مثل ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض الأجور، في بلد يعيش حالة انهيار اقتصادي منذ سنوات. وترى نور محمد أن البطالة من أبرز التحديات أمام الشباب والشابات. مضيفة: "هناك أيضًا صعوبة في الحصول على التعليم المطلوب، لاسيما الجامعي منها".
ويلفت أصيل محمد إلى أن التحديات الاقتصادية أمام الشباب تدفهم لخيارات سيئة. مضيفًا: "في محافظة الضالع مثلا، يعمل كثير من الشباب في زراعة وبيع نبتة القات المخدرة لأن هذا هو خيارهم الوحيد إلى جانب الاغتراب في السعودية والولايات المتحدة وغيرها من البلدان. هذه مشكلة حقيقية".
ويعتقد شكيب الأحمدي أن تفشي الواسطة والعلاقات الشخصية في التوظيف العام والخاص يؤثر على الشباب والشابات في الجنوب. من جانبها أشارت عبير علي إلى أن ضعف جودة التعليم ونقص الفصول والمدارس من أبرز التحديات.
تحديات اجتماعية وصحية
أجمع المشاركون في هذا التقرير على أن التحديات الاجتماعية أمام الشباب والشابات ليست أقل من التحديات السياسية والاقتصادية. من الزواج المبكر، مرورا بأزمة الهوية الناتجة عن عقود من محاولات طمس الهوية الجنوبية، وصولا إلى النظرة القاصرة الخاطئة تجاه الفتاة والمرأة، يبدو أن التحديات الاجتماعية قد تكون أسوأ.
وبهذا الخصوص، قال أصيل محمد: "محاولات طمس الهوية الجنوبية لأغراض سياسية خلقت أزمة هوية لدى كثير من الشباب والشابات في الجنوب. إنهم بحاجة إلى المساعدة في فهم هذه الهوية وطريقة عملها ووضع تصورات بشأنها".
وذكرت نور مكي أنه في محافظة المهرة، تناضل المرأة لكثير من حقوقها الأساسية المسلوبة مثل التعليم. مضيفة: "علاوة على ذلك، تتكاثف تحديات اجتماعية أخرى أمام السباب مثل قضايا الثأر، كما أن تعاطي المخدرات والممنوعات يعد مشكلة حقيقية أيضًا".
وترى نور محمد أن الحرب وتداعياتها أفرزت مشاكل نفسية وصحية في أوساط الشباب والشابات. مضيفة: "الكثير بحاجة إلى دعم نفسي وتأهيل في هذا الجانب". وتوافق عبير علي أن الأوضاع النفسية لكثير من الشباب أصبحت سيئة حيث تنتشر أمراض الوسواس والفصام وغيرها.
ويعتقد أصيل محمد أن انخراط الشباب في المعارك والصراعات المسلحة له دور في تفشي المشاكل النفسية نتيجة للصدمات التي يخلفها نشاط من هذا القبيل.
معالجات
يرى أصيل محمد أن الشباب والشابات في الجنوب بحاجة إلى رفع الوعي والتشجيع للمشاركة في الحياة السياسية وصنع القرار والتغيير بالمجتمع. وتقترح نور مكي "إنشاء برامج وسياسات لتوفير فرص العمل وتشجيع تحقيق الاكتفاء الذاتي للشباب والشابات". كما دعت لإقامة مراكز رياضية وثقافية للشباب لتنمية قدراتهم، وحمايتهم من الفراغ، وكذلك إنشاء مراكز للصحة النفسية وعلاج الإدمان.
وبالنسبة لنور محمد، قد يساعد تحقيق السلام وإنهاء الحرب في اليمن في توفير مناخ ملائم لمساعدة الشباب والشابات على إثبات ذاتهم وتحقيق المشاركة المطلوبة في كل المجالات. كما اقترحت إنشاء صندوق تمويل للمشاريع الصغيرة للشباب في عدن وبقية المحافظات، ودعم المبادرات التي تعزز ريادة الأعمال.
وفي هذا الصدد، يرى بلال وليد أن "تعزيز ريادة الأعمال، وتحسين التعليم المهني وتدريب الشباب، يمكن أن يساعد في تخفيف التحديات أمامهم". ويعتقد يونس السروري أنَّه "يجب على الحكومة تشجيع الإنتاج المحلي وتعزيز دور الشباب في تنمية البلاد من خلال توفير المزيد من الفرص لهم، وتوفير الدعم اللازم لهم.
وتشدد عبير علي على تحسين جودة التعليم، وبناء المدارس والجامعات في جميع المناطق، وتعزيز الوعي الثقافي للشباب.