جانب من لقاء محافظ حضرموت، مبخوت بن ماضي، مع قائد قوات التحالف العربي، اللواء سلطان البقمي، 17 يناير 2023 (المكتب الإعلامي لمحافظ حضرموت)
27-01-2024 الساعة 3 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
في 17 يناير الجاري، قال مصدر مطّلع لمركز سوث24 إنّ قوّات النخبة الحضرمية التابعة للمنطقة العسكرية الثانية، بساحل محافظة حضرموت، أفشلت محاولة انتشار قوة تابعة لقوات (درع الوطن)، التي تشكلت بدعم سعودي، في منطقة "حصيحصة" غرب مدينة المكلا.
وعلى الرغم من توجيه محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، الذي هو أيضًا رئيس للجنة الأمنية، بتسهيل دخول تلك القوات عبر تعميم تداولته مصادر محلية وأكد صحّته مصدر عسكري لمركز سوث24؛ إلا أن النخبة الحضرمية قابلته بالرفض، مما دفع قوة درع الوطن إلى التراجع والانسحاب باتجاه سيئون في وادي حضرموت.
وحسب التعميم الصادر عن محافظ حضرموت، تتألف تلك القوة من 50 مركبة عسكرية، و5 عربات. ولفتت المصادر التي تحدثت لمركز سوث24 إلى أنّ قوات درع الوطن، التي تأخذ أوامرها بشكل رأسي من رئيس المجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، قدمت من مدينة سيئون بوادي حضرموت إلى الساحل، بهدف إنشاء معسكر لها في منطقة حصيحصة.
وسرعان ما أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة حضرموت وقوى قبلية وسياسية متحالفة معه رفض دخول هذه القوات، وأصدروا بيانات تندد بالخطوة وعواقبها ومحاولات إضعاف قوات النخبة الحضرمية التي تنتشر في الساحل. لقد أعاد ذلك الصراع على حضرموت الجنوبية والأطماع المحلية والإقليمية فيها إلى الواجهة، فمن يحاول إشعال الفوضى فيها؟
دوافع الخطوة
جاءت محاولة إدخال قوات درع الوطن إلى ساحل حضرموت ضمن سلسلة تحركات سياسية وعسكرية ممتدة منذ أكثر من عام في المحافظة يقودها مسؤولون سعوديون وأطراف محلية يمنية. كان آخر هذه التحركات الإعلان من سيئون في 9 يناير عما سمي بـ " اللجنة التحضيرية لتأسيس المجلس الموحد للمحافظات الشرقية". بعد أشهر من تأسيس "مجلس حضرموت الوطني" في الرياض.
ينظر محللون إلى هذه الخطوات المدعومة من السعودية على أنها محاولة للحد من نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي، لا سيما في محافظات حضرموت والمهرة، وخلق منافسين له يضعفون موقفه أمام أي صفقة سياسية لخروج السعودية من أزمة اليمن بالاتفاق مع الحوثيين. علاوة على ذلك، يبدو أن حضرموت، بشكل خاص، ترتبط بحسابات اقتصادية وأمنية سعودية.
وتجدر الإشارة إلى الاجتماع الذي انعقد في المكلا في 17 يناير الجاري، في اليوم نفسه الذي حاولت فيه قوات درع الوطن دخول ساحل حضرموت، ضم محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي وقائد قوات الدعم والإسناد بالمملكة العربية السعودية للتحالف العربي اللواء سلطان بن عبدالله البقمي، بحسب المكتب الإعلامي لمحافظ حضرموت.
ووفقا لمصادر خاصة لمركز سوث24 مطلعة على ما دار في الاجتماع، رفض قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء طالب بارجاش وقادة النخبة الحضرمية دخول قوات درع الوطن بوضوح رغم توجيهات رشاد العليمي بذلك وموافقة محافظ حضرموت. وقبل الضابط السعودي سلطان البقمي على مضض عودة قوات درع الوطن إلى سيئون.
وفي تصريحات خاصة لمركز سوث24، قال سعيد خالد، مدير مكتب رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي الجنوبي بحضرموت: "نحن في انتقالي حضرموت عبرنا عن موقفنا الرافض لدخول أي قوات إلى مناطق الساحل، لأن قوات النخبة الحضرمية، تؤدي واجبها على أكمل وجه".
وأضاف المسؤول الجنوبي: "دخول أي قوات أخرى سيتسبب في تنازع الصلاحيات وسيؤدي إلى فتنة، الجميع في غنى عنها. ولكن يبدو أن الهدف من وراء هذه المحاولات هو إضعاف قوات النخبة وتفكيكها، وهذا مالا يسمح به أبناء حضرموت بمختلف توجهاتهم السياسية لأن تشكيل قوات النخبة مثل مكسبا أمنيا وعسكريا كبيرا لحضرموت".
وأردف: "من هذا المنطلق، نحن لا نظن أن أي حضرمي سواء كان في السلطة أو خارجها، يفكر في التآمر على النخبة". وكان بيان المجلس الانتقالي بشأن هذه التطورات قد استنكر محاولة إدخال قوات درع الوطن إلى ساحل حضرموت بدلا من نشرها في وادي حضرموت بدلا عن المنطقة العسكرية الأولى التي يطالب السكان بإخراجها.
وفي 27 مايو الماضي، قال نائب رئيس الانتقالي الجنوبي، أحمد بن بريك في مقابلة مع قناة "الغد المشرق" إنّ "هناك اتفاق باستبدال قوات المنطقة العسكرية الأولى بقوات درع الوطن بقيادة حضرمية". وهذا يشير على الأرجح إلى تطمينات تلقاها قادة المجلس الجنوبي من السعودية بشأن قوات درع الوطن، تم الانقلاب عليها في المحاولة الأخيرة.
ويضع المحلل السياسي الحضرمي علي سالمين العوبثاني هذه التحركات في سياق "محاولات ضرب المشروع الجنوبي المتمثل باستعادة الدولة، وتقزيم نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي". مضيفا لمركز سوث24: "يبدو أن هذه القوة (درع الوطن) مجهزة بأحدث التجهيزات العسكرية، وتحظى باهتمام أكثر من النخبة الحضرمية".
ووفقا لمصدر مطلع في مجلس القيادة الرئاسي اليمني تحدث لمركز سوث24، لم يتم الاتفاق على دخول قوات درع الوطن إلى ساحل حضرموت في أي اجتماعات للمجلس الرئاسي خلال الفترة الماضية. وقد اتخذ رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي القرار بشكل انفرادي، بالتنسيق مع محافظ حضرموت. وطبقا للمصدر، أبدى العليمي انزعاجه من فشل المحاولة وحمل قائد المنطقة الثانية مسؤولية ذلك.
وفي موقف لافت، نفى وكيل أول محافظة حضرموت الشيخ القبلي عمرو بن حبريش بيانا مزورا منسوبا إليه بشأن رفض إدخال أي قوات إلى ساحل حضرموت إلى جانب النخبة الحضرمية، على الرغم من المواقف السابقة لبن حبريش التي هاجم فيها الإمارات والسلطة المحلية والنخبة الحضرمية، كان آخرها بيان في 29 أكتوبر الماضي أدى لأزمة في حلف قبائل حضرموت الذي كان يترأسه.
منشورات سعودية
بعد فشل محاولة إدخال قوات درع الوطن إلى ساحل حضرموت، بدأ نشطاء سعوديون كتابة منشورات على منصة التواصل الاجتماعي إكس (تويتر سابقا)، تدعو لفصل حضرموت عن الجنوب وضمها إلى السعودية.
ففي 19 يناير، على سبيل المثال، قال الناشط السعودي سعد محمد العمري: "بحضرموت يكتمل العقد الفريد، وتكون إمبراطورية السعودية هي العظمى. كان حلم وأصبح كابوس لا يفارق المجلس الانتقالي".
وعبّر الخبير العسكري السعودي أحمد الفيفي عن رغبة السعودية في أن يكون لها منفذ على بحر العرب يسهم في تعزيز الاقتصاد والتجارة.
وقال الباحث السعودي زايد محمد العمري: "الحضارم أقرب إلينا من أي مكون يمني آخر، نألفهم ويألفوننا وكثير منهم تجده ولد وتربى وكون إمبراطوريته التجارية بالمملكة. أليس من حقهم أن يكونوا دولة مستقلة أو كونفدرالية مع أي دولة مجاورة؟".
وتحدَّث الناشط السعودي علي بن شعلان القرني عن طموحات السعودية في تعزيز تأثيرها الإقليمي وتوسيع نفوذها، وقال: "قريباً سوف تطل الإمبراطورية السعودية العظمى على ثلاثة بحار".
لاحقا، في 21 يناير، أشار الكاتب السعودي نمر السحيمي إلى ضرورة الإبلاغ عن أي حساب ينشر صورة تعارض مع سياسة المملكة العربية السعودية، وخاصةً إذا كانت تشير إلى خريطة تختلف عن الحقيقة وتسيء لموقف المملكة من الصراع في اليمن[..].
ومع ذلك، وفي بلد مثل السعودية، من الصعب الحديث عن مواقف أو آراء سياسية تخالف قيادة الدولة الملكية. وهو ما يضاعف الشبهات حول الدور السعودي في حضرموت.