الصورة: UNICEF
25-04-2024 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
منذ مطلع العام الجاري، تفشى وباء الكوليرا بشكل ملحوظ في عدد من المدن اليمنية ضمن الموجة الأحدث من هذه العدوى المعوية الحادة التي تنتشر عن طريق الطعام والماء الملوثين.
وكانت الكوليرا قد ضربت مرات عدة خلال السنوات الماضية في اليمن. وخلال الأسابيع الماضية، تصاعدت التحذيرات الدولية من خطورة الوضع الصحي في البلاد التي دخلت العام العاشر من الحرب. فما هو مدى سوء الوضع اليوم؟
مناطق سيطرة الحوثيين
في 15 أبريل الجاري، قالت مديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة "أوتشا"، إيديم وسورنو إن "مرض الكوليرا في اليمن عاد للظهور بطريقة مثيرة للقلق منذ أكتوبر المنصرم".
ولفتت إلى أنّ الاستجابة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، المعترف بها دوليَا، كانت أفضل، وأدت إلى إبطاء انتشاره. بينما تمَّ الإبلاغ عن أكثر من 11 ألف حالة إصابة و75 حالة وفاة بالكوليرا في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين في نفس الفترة.
كما أشار تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية إلى تسجيل 1566 حالة اشتباه بالكوليرا في 15 محافظة باليمن في الفترة من 1 يناير إلى 17 مارس 2024. وأكد التقرير تسجيل 9 حالات مؤكدة و6 وفيات بالكوليرا. ولفت التقرير إلى أنَّ 60% من هذا العدد في محافظة صعدة وحدها، في حين سجلت صنعاء 8% والبيضاء 5%، والمحويت 5%، وإب 4%، ومأرب 3%، وعمران 3%.
ورغم هذا الانتشار للوباء، يتكتم الحوثيون على ذلك كما أوضح مصدر في مكتب الصحة بمحافظة الحديدة تحدث لمركز سوث24 وطلب عدم الكشف عن هويته. ووفقًا للمصدر، فإن الكوليرا في انتشار مستمر "لا سيما في صنعاء وعمران وحجة وذمار".
حاول مركز سوث24 التواصل مع وزارة الصحة بصنعاء، إلا أن مسؤول فيها رفض الإدلاء بأي تصريحات بشأن الأمر.
وخلال الفترة الماضية، زادت معدلات الإصابة بالأمراض القاتلة في مناطق سيطرة الحوثيين، مثل شلل الأطفال، بعد منع كثير من اللقاحات وحملات التطعيم وسط اتهامات مسؤولين من الجماعة للولايات المتحدة والغرب بمحاولة نشر الأمراض واستهداف الأجيال.
ومؤخرًا، تم الكشف عن تزايد حالات الإصابة بالسرطان في مناطق سيطرة الجماعة بسبب استيراد أسمدة زراعية إسرائيلية محظورة عبر ميناء الحديدة.
مناطق سيطرة الحكومة
في العاصمة عدن، لم يتجاوب مدير مكتب الصحة مع مركز سوث24 لإيضاح مدى انتشار وباء الكوليرا. لكن مديرة مستشفى الصداقة، أحد أكبر وأهم المستشفيات في عدن، د. رجاء الشعيبي قالت لمركز سوث24: "استقبلنا منذ منتصف مارس الماضي وحتى 20 أبريل نحو 700 حالة مؤكدة في عدن".
وأشارت المسؤولة الصحية إلى أن بعض المصابين هم من المهاجرين الأفارقة.
وفي محافظة الضالع، قال مدير مكتب الصحة، د. إياد صالح عبد الله لمركز سوث24: "بعد ظهور وباء الكوليرا في محافظات مجاورة، بدأت حالات مصابة في محافظة الضالع بالظهور منذ مطلع أبريل الجاري". مضيفًا: "بلغت الحالات المسجلة حتَّى الآن 140 حالة مصابة على مستوى المحافظة. أكثر المديريات هي مديرية الأزارق".
وفي محافظة شبوة، قال مدير مكتب الصحة، د. علي الذيب لمركز سوث24: "لقد تم تسجيل حوالي 11 حالة إصابة بالكوليرا منذ بداية العام الجاري، جميعها في صفوف المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي".
وفي محافظة حضرموت، أكدت مديرة دائرة الترصد الوبائي، د. رولا باضريس لمركز سوث24، عدم تسجيل أي حالات مؤكدة للكوليرا حتى الآن. ولم يتم تأكيد خلو مديريات وادي حضرموت من هذا الوباء بسبب عدم تجاوب السلطات الصحية هناك.
وفي محافظة سقطرى، قال مدير مكتب الصحة، د. عيسى الشنقبي لمركز سوث24: "لم يتم حتَّى الآن تسجيل أيَّ حالات إصابة بالكوليرا في سقطرى. نحن على استعداد بالمتاح، ولم يصلنا أيَّ دعم في الوقت الحالي". وفي 8 أبريل، نقلت وكالة سبأ الحكومية عن مدير مكتب الصحة بمحافظة المهرة، د. عوض مبارك، أنَّ المحافظة لم تسجل أي إصابة مؤكدة بالكوليرا.
وفي محافظ أبين، قال مدير مكتب الصحة، د. صالح الثرم لمركز سوث24: "وفقًا للوضع الحالي وحتى منتصف أبريل، هناك 75 حالة اشتباه بمرض الكوليرا، منها 9 حالات مؤكدة مخبريًا. تم تسجيل حالتي وفاة". مضيفاً: "تركزت الحالات في مديريات زنجبار وخنفر والمحفد".
وفي محافظة تعز المنقسمة على الحكومة المعترف بها دوليًا والحوثيين، قال مدير مكتب الصحة المعين من الحكومة عبد الرحمن الصبري، لمركز سوث24: "حتى الآن، تم تسجيل 402 حالة مشتبه إصابتها بالكوليرا، من بينها 129 حالة مؤكدة بفحوصات زراعية".
وفي محافظة مأرب، أشار اجتماع صحي حكومي، في 18 أبريل إلى أنَّ حالات الكوليرا المشتبه بها في المحافظة بلغت نحو 176، دون تسجيل حالات مؤكدة مخبريًا.
المعلومات الواردة في هذا الجدول مصدرها تصريحات مسؤولين صحيين لمركز سوث24
أسباب الانتشار
توضح د. رجاء الشعيبي أنَّ السبب الرئيسي لتفشي الكوليرا في العاصمة عدن هو الوصول غير الشرعي لمهاجرين أفارقة يحملون الوباء، بالإضافة لموجات النزوح المستمرة من مناطق سيطرة الحوثيين في شمال اليمن. وهي العوامل ذاتها التي قال مدير الصحة في الضالع إياد صالح إنها تسببت بانتشار الوباء في المحافظة.
ورغم أن حضرموت حتى الآن لم يسجل فيها إصابة مؤكدة بالكوليرا، عبَّرت مديرة دائرة الترصد الوبائي، د. رولا باضريس عن مخاوفها من وصول الوباء إلى المحافظة خصوصًا مع المنخفض الجوي الأخير الذي تسبب بسيول جارفة أضرت بالطرقات وشبكات المياه التي تغذي المواطنين.
وفي محاولة للحد من انتشار الكوليرا، أصدرت السلطة المحلية في العاصمة عدن، توجيهات بشأن منع ووقف تشغيل المهاجرين الأفارقة الذين وصلوا بطريقة غير شرعية. جاء ذلك في لقاء عقده نائب محافظ عدن، بدر معاون سعيد مع مسؤولين صحيين، في 17 أبريل.
غياب وزارة الصحة
حتى الآن، لم تقم وزارة الصحة اليمنية بأي تحرك يذكر لمواجهة انتشار وباء الكوليرا. وفي هذا الاتجاه قال مدير الصحة بالضالع: "إلى الآن، لم نتلقَ أي دعم من الحكومة أو الجهات ذات العلاقة. كما لم نتلق أي دعم من المنظمات".
ومع ذلك، بدأ مكتب الصحة في المحافظة بالإجراءات الممكنة لمواجهة الوباء، حيث تم افتتاح مراكز عزل في المديريات ومدينة الضالع.
ودعت مديرة مستشفى الصداقة بعدن الجهات المسؤولة والمنظمات الدولية إلى التدخل العاجل؛ للحيلولة دون خروج الوضع عن السيطرة. وأشارت إلى أنَّ المخزون الدوائي الخاص بالحالات المصابة بالكوليرا "لا يلبّي الاحتياج".
وطالب مدير مكتب الصحة بشبوة بجملة من الحلول العاجلة لمكافحة الكوليرا، تشمل: "توفير الأدوية، والحوافز المالية للكادر الطبي، وإنشاء مخيمات خاصة للمهاجرين لمراقبة صحتهم ومنع انتشار العدوى، ومكافحة تهريب المهاجرين عبر الطرق غير الشرعية".
ولفت مدير مكتب الصحة بأبين إلى ضرورة تحسين خدمات الصرف الصحي وتوفير المياه النظيفة، مضيفًا: "ينبغي دعم برامج الرعاية الصحية الأولية وتعزيز التعاون بين جميع الجهات المعنية لمكافحة الوباء".
وقالت مسؤولة الترصد الوبائي بساحل حضرموت: "تحتاج المحافظة إلى دعم دولي عاجل لتوفير الاحتياجات الأساسية لمكافحة الكوليرا، منها: الأدوية والمستلزمات الطبية، الاهتمام بمشاريع البنية التحتية خصوصا تلك التي تتعلق بشبكات الصرف الصحي".
ومع غياب الدور الحكومي، وضعف التدخلات الإنسانية، ازدهرت الأوبئة في اليمن خلال الفترات الماضية باطراد. التقرير السنوي لمركز سوث24 بشأن اليمن لعام 2023 كان قد أشار إلى أن البلد "أصبح مهدًا للأوبئة والأمراض المعدية، مثل الكوليرا والدفتيريا". وذكر التقرير أرقاما صادرة عن منظمة الصحة العالمية وجهات أخرى كمؤشر على سوء الوضع.