الحكومة اليمنية تلغي الإجراءات الاقتصادية ضد الحوثيين

الصورة: رويترز

الحكومة اليمنية تلغي الإجراءات الاقتصادية ضد الحوثيين

التقارير الخاصة

الثلاثاء, 23-07-2024 الساعة 09:27 مساءً بتوقيت عدن

سوث24 | عدن 

ألغت  الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، اليوم الثلاثاء، القرارات الاقتصادية الأخيرة ضد الحوثيين، بما فيها قرارات البنك المركزي، بعد ضغط كبير مارسته السعودية والمبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ.

وقال بيان صادر عن مكتب غروندبرغ إن الحكومة وجماعة الحوثيين أبلغوا المبعوث بأنهما اتفقا على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية.

وتضمن النص المكتوب الذي تسلمه غروندبرغ من الطرفين الآتي:

1. إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة.
2. استئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن، وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يوميًا أو بحسب الحاجة.
3. انعقاد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها الشركة [طيران اليمنية].
4. البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق.

وقال البيان إن الطرفين طلبا دعم الأمم المتحدة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

وأضاف البيان: "أشار غروندبرغ إلى الدور الهام الذي لعبته السعودية في التوصل إلى هذا الاتفاق. كما أعرب عن جاهزية الأمم المتحدة للعمل مع الطرفين لتنفيذ التدابير التي اتفقا عليها، وعرض أن يدعم مكتبه التواصل مع السلطات في الأردن ومصر والهند".

وفي بيان نشرته وكالة سبأ، رحبت الحكومة اليمنية بالبيان الأممي وقالت إنها وافقت على إلغاء القرارات الاقتصادية نظرًا لما يعانيه السكان في مناطق شمال اليمن الخاضعة للحوثيين.

وأضاف البيان: "نأمل أن يقود الاتفاق المعلن إلى تهيئة الظروف من أجل حوار بناء لإنهاء ممارسات الحوثيين بحق القطاع المصرفي والعملة، وتنفيذ الالتزامات الواردة في خارطة الطريق وعلى رأسها استئناف تصدير النفط".

لكن جماعة الحوثيين أعلنت أنها توصلت لهذا الاتفاق مع السعودية فقط، ولم تذكر الحكومة اليمنية. ونقلت وكالة سبأ الحوثية عن رئيس المفاوضين الحوثيين محمد عبد السلام أنه تم التوصل إلى اتفاق بين اليمن والسعودية لمعالجة بعض القضايا الإنسانية والاقتصادية.

وكان الحوثيون قد هددوا السعودية بقصف موانئها ومطاراتها والبنك المركزي في الرياض إذا لم تضغط نحو إلغاء الإجراءات الاقتصادية الأخيرة للحكومة اليمنية.

وفيما يبدو أنها خطوة احتجاجية، قدم محافظ البنك المركزي في عدن أحمد المعبقي استقالته لمجلس القيادة الرئاسي في خطاب مؤرخ بتاريخ 17 يوليو الجاري، تم تداوله اليوم وتحقق مركز سوث24 من صحته.



لكن المجلس الرئاسي رفض الاستقالة كما نشرت وكالة سبأ اليوم. وزعمت الوكالة أن المعبقي عدل عن قراره وقرر البقاء في المنصب.

وخلال الأسبوع الماضي، تظاهر آلاف اليمنيين في الحديدة ومأرب وتعز لإظهار دعمهم لقرارات البنك المركزي ورفض التراجع عنها. كما أظهرت استطلاعات مصورة نفذها مركز سوث24 في عدن وحضرموت وشبوة دعمًا كبيرًا للبنك المركزي.

وحذر المواطنون من التراجع عن القرارات ووصفوا أي خطوة نحو ذلك بأنها "خيانة". ويرجح أن يشعل إلغاء القرارات الاقتصادية موجة غضب شعبية في مناطق سيطرة الحكومة.



وكان خبراء قد حذروا من أزمة ثقة كبيرة ستندلع في صفوف السكان في مناطق الحكومة إذا تم التراجع عن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، لا سيما مع انهيار الريال اليمني إلى مستوى قياسي وارتفاع أسعار الغذاء.

ورغم أن البيان الحكومي تحدث عن مراعاة أوضاع السكان في شمال اليمن، إلا أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في جنوب اليمن سيئة للغاية.

ووصل سعر الدولار الأمريكي اليوم الثلاثاء إلى 1927 مقابل الريال اليمني، بالتزامن مع ارتفاعات سعرية بنسب وصلت إلى 30% في السلع الغذائية الأساسية في الأسواق.

في يونيو الماضي، فرض البنك المركزي في عدن عقوبات على 6 بنوك تجارية مخالفة لقرار نقل مقرات البنوك من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة عدن.

وتزامنت الإجراءات المصرفية مع قرارات لوزارة النقل بشأن أرصدة الخطوط الجوية اليمنية في صنعاء ونقلها إلى عدن أو إلى الحسابات بالخارج، وتوجيهات لوزارة الاتصالات بنقل مقرات شركات الهاتف النقال أيضًا.

ورد الحوثيون بإجراءات عقابية ضد عدد من البنوك العاملة من عدن. وكان البنك المركزي في عدن في طريقه لإيقاف نظام سويفت عن البنوك المعاقبة، قبل أن تبدأ تهديدات الحوثيين بشن الحرب ضد السعودية.

كان مركز سوث24 قد تفرد بنشر معلومات عن الضغوط على المجلس الرئاسي من قبل السعودية للتراجع عن هذه الإجراءات، وكذلك ضغوط المبعوث الأممي التي حملتها رسالته للمجلس الرئاسي قبل أيام يطالب فيها بتأجيل الإجراءات الاقتصادية.

تداعيات القرار 

يعتقد الصحفي المختص بالشؤون الاقتصادية ماجد الداعري أن الحكومة اليمنية ستتضرر كثيرًا من قرار إلغاء الإجراءات الاقتصادية، وستحكم على شرعيتها القانونية بـ "الإعدام" حد وصفه.

وقال الداعري لمركز سوث24: "الضغوطات التي نجحت في إجبار الشرعية على التراجع عن قرارات سيادية للبنك المركزي قد تتمكن من دفعها نحو أمور أخرى، بما في ذلك إعادة البنك المركزي إلى صنعاء وإعادة بقية المؤسسات الحكومية إليها".

وبشأن موقف قيادة البنك المركزي في عدن، قال الداعري: "محافظ البنك ملتزم بالقرارات التي اتخذها. لقد وضع المجلس الرئاسي أمام خيارين: إما قبول استقالته، أو الاستمرار في سريان قرارات البنك المركزي التي ما تزال سارية المفعول حتى الآن".

ولفت الداعري إلى أن التراجع عن هذه الإجراءات "يتطلب مذكرة رسمية من البنك إلى المنظمات الدولية، تشرح تداعيات وأسباب ومبررات ذلك". مضيفًا: "المعبقي متمسك إما باستقالته أو بقراراته، ولا يمكن تجاوز هذين الخيارين معًا".

لكن الباحث الاقتصادي وحيد الفودعي يشيد بخطوة الحكومة اليمنية بإلغاء قرار البنك المركزي بنقل مقرات البنوك من صنعاء إلى عدن، ومساعي سحب التراخيص من البنوك المخالفة. وقال لمركز سوث24: "لقد وقفت ضد القرارات بصيغتها الحالية منذ البداية. إذا كانت القرارات تهدف إلى نقل المراكز الرئيسية فهي غير قانونية وليست من صلاحيات البنك المركزي".

وأضاف: "الفرق بين نقل المراكز الرئيسية ونقل مراكز العمليات هو أن نقل المراكز الرئيسية يعني نقل كل شيء يتعلق بالمركز الرئيسي من موظفين وإدارات وأقسام وقطاعات خاصة بالبنك وغيرها من الأمور التقنية. بينما نقل مراكز العمليات فهو نقل الإدارات الرئيسية التي يبتغيها البنك المركزي ويستطيع من خلالها مراقبة هذه البنوك وأيضًا حجب الحوثيين عن الاطلاع على عملياتها، وهذا هو الإجراء الأهم".

وأردف: "أنا أقول إنَّ قرار التوقيف لصالح البلاد ولصالح القطاع المصرفي، لأن التوقيف ليس لكل قرارات البنك المركزي، ولكن للقرار الأخير الكارثي".

وتابع: "إنَّ سحب التراخيص عن ستة بنوك يعني إلغاء 70% من القطاع المصرفي، فهذه البنوك تمثل 70% من القطاع المصرفي، وهو ما تحدث به وكيل قطاع الرقابة على البنوك في البنك المركزي بعدن منصور راجح".

ولفت إلى أن هذا يعني "إلغاء 70% من الخدمات التي يقدمها القطاع المصرفي للاقتصاد اليمني بشكل عام. هذا ليس من صلاحية شخص ولا حتى مجلس إدارة البنك المركزي، بل من صلاحية مجلس الدفاع الوطني أو من صلاحية رئيس الجمهورية، لأن مثل هذا القرار قد يؤدي إلى حرب".

وحتى الآن، لم يعلق المجلس الانتقالي الجنوبي على هذه التطورات. وكان رئيس المجلس اللواء عيدروس الزبيدي، الذي هو أيضًا عضو في المجلس الرئاسي، قد ضغط بشكل كبير نحو التمسك بالإجراءات الاقتصادية الحكومية وحماية القطاع المصرفي من الحوثيين كما أفادت مصادر مطلعة لمركز سوث24 في وقت سابق. 


- مركز سوث24 للأخبار والدراسات 

اليمنالبنك المركزيالحوثيونالحكومة اليمنيةالسعوديةسويفت