تصميم: مركز سوث24
30-09-2024 الساعة 4 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | ندوة نقاش
أوصت ندوة نقاش بتخصيص صناديق دعم لمراكز الدراسات والمؤسسات البحثية في جنوب اليمن لضمان الاستقلال المالي وتعزيز العمل، ومعالجة التحديات المتقاطعة والمتعددة التي تعوق هذه المراكز والمؤسسات التي اعتبرتها الندوة متأخرة عن الركب العربي والعالمي، بما في ذلك تعزيز التنسيق بين هذه المراكز ووضع قاعدة بيانات لها.
وجاءت الندوة الافتراضية على Zoom يوم الخميس 28 سبتمبر 2024، بتنظيم من مركز سوث24 للأخبار والدراسات، وبالتزامن مع الذكرى الخامسة لتأسيس المركز التي صادفت 23 سبتمبر الحالي.
وشارك في الندوة كل من: إياد قاسم رئيس مركز سوث24، وهدى علوي رئيسة مركز دراسات المرأة بجامعة عدن، ومحمود السالمي، رئيس مركز عدن للدراسات التاريخية، وعمر باجردانة، رئيس مركز المعرفة للدراسات، والباحثة السياسية في معهد الشرق الأوسط فاطمة الأسرار، ويسرت الندوة الباحثة والحقوقية هبة عيدروس.
وتضمنت الندوة ثلاثة محاور هي:
- المحور الأول: دور ومهام المراكز والمؤسسات البحثية في جنوب اليمن.
- المحور الثاني: التحديات التي تواجه المراكز والمؤسسات البحثية في جنوب اليمن.
- المحور الثالث: المعالجات والحلول نحو دعم وتطوير المراكز والمؤسسات البحثية في جنوب اليمن.
الدور والمهام
اعتبر د. محمود السالمي أن مراكز الدراسات والمؤسسات البحثية في جنوب اليمن تقوم بدور مهم في الوقت الراهن، مشيرًا في ذات الوقت إلى تجربة مركز سوث24 للأخبار والدراسات التي وصفها بـ "الرائدة والمميزة".
وقال: "نحن في مركز عدن للدراسات الذي تم تأسيسه في 2016 لدينا تجربة تمكننا من التحدث عن واقع ودور مراكز الدراسات في بلادنا بشكل عام". مضيفًا: "من أهم أدوار مراكز الدراسات والبحوث إنتاج المعرفة وتعميمها، وتقديم المشورة والتوصيات لصناع القرار. هذا الدور لازال محدودًا بالنسبة لنا في الجنوب".
وبالنسبة لـ د. عمر باجردانة، فهو يرى أن فكرة دعم مراكز الدراسات والبحوث في جنوب اليمن فكرة جديدة إيجابية لم تكن حاضرة كثيرًا في الذهنية السياسية وحسبان صناع القرار خلال الماضي. مضيفًا: "مع ذلك، رواسب القناعات الخاطئة بشأن عمل مراكز الدارسات لازالت موجودة إلى اليوم، ولهذا فإن كثير من المراكز اليوم تعمل بجهود ذاتية وبالاستناد على شراكات بسيطة مع جهات دولية أو محلية".
ويعتقد باجردانة أن المراكز والمؤسسات البحثية لازالت دون الدور المطلوب نظرًا لنقص التمويل والدعم وغياب الاهتمام. وأضاف: "هذا الدور متنامي لكنه غير كاف. كثير من القضايا والظواهر تحتاج لمراكز الدراسات لتوصيفها وتحديد حلول لها".
وتتفق د. هدى علوي أن مراكز الدراسات والمؤسسات البحثية في جنوب اليمن تقوم بدور لا بأس به، لكنها تشير إلى محدودية هذا الدور نظرًا لما وصفتها بـ "الاختلالات" في فهم عمل هذه المراكز، وحالة التغريب أو التوطين لجهودها، وفي مقدمة ذلك المراكز المتعلقة بالمرأة بما فيها مراكز دراسات المرأة بجامعة عدن.
وأضافت: "العمل البحثي واعد لكنه بعيد كثيرًا عن المستوى والتأثيرين المطلوبين".
ولفت إياد قاسم إلى واقع متجذر في البلد والمنطقة يتمثل في انفراد السياسيين وصناع القرار بشكل عام باتخاذ القرارات دون الاكتراث بقراءات وتحليلات مراكز الدراسات والبحوث، وهو ما يجعل دور هذه المؤسسات محدودًا حدَ تعبيره. مضيفًا: "مع ذلك، هناك تصاعد في عمل مراكز الدراسات على المستوى العالمي، بما في ذلك بلادنا وهذا عائد باعتقادي لثورة المعلومات والتكنولوجيا".
وأشار إلى أن مراكز الدراسات تتقسم على 3 أنواع، الأول هي الحكومية وشبه الحكومية، والثاني التجارية الربحية، والثالث غير الربحية المستقلة أو شبه المستقلة. وأردف: "هناك نقص على مستوى مراكز الفكر الحكومية في الجنوب واليمن والمنطقة بشكل عام. وهناك دور ملحوظ للمراكز المستقلة اليوم في إيضاح كثير من الصور ودراسة قضايا متنوعة".
وتعتقد فاطمة الأسرار الباحثة المقيمة في الولايات المتحدة أن مراكز الدراسات والبحوث في اليمن بشكل عام لها وصول ضعيف بسبب أن أعمالها لا تصل بأي لغة غير العربية، مع استثناء قلة منها وضعت في مقدمتها مركز سوث24 للأخبار والدراسات.
وأضافت: "في الخارج، نسعى للحصول على المعلومة والتحليل من المراكز والمؤسسات العاملة في اليمن. مع ذلك، حاجز اللغة كبير. ولكن هناك اعتماد ملحوظ على مراكز الدراسات والمؤسسات البحثية التي تعمل من اليمن، والمراكز أو المؤسسات النظيرة حول العالم بما في ذلك هذه التي في الولايات المتحدة تقوم بذلك أحايين كثيرة".
التحديات
يصف إياد قاسم تحدي التمويل بأنه من أكبر التحديات أمام عمل مراكز الدراسات والمؤسسات البحثية في جنوب اليمن. وأشار إلى أن مركز سوث24 واجه هذا التحدي بشكل كبير، واعتمد على التمويل الذاتي عند تأسيسه قبل خمس سنوات.
وأضاف: "غياب الوعي بأهمية المراكز يتسبب بغياب التمويل، وهذه علاقة مترابطة متشابكة. وأيضًا، من أبرز التحديات غياب الكادر المناسب، وهذا فراغ حقيقي في الجنوب تسبب بمعوقات ومشكلات". ولفت إلى اهتمام الجمهور الخارجي بمعايير الحداثة والعصرية والسلاسة والمرونة الرقمية في الإنتاج البحثي والتحليلي مع الاحتفاظ بالخصائص الأكاديمية العلمية، وهو ما تفتقر له الساحة المحلية.
ويتفق د. عمر باجردانة أن نقص التمويل وغياب الكادر المناسب يمكن اعتبارهما أبرز تحديين أمام مراكز الدراسات والمؤسسات البحثية في جنوب اليمن. مضيفًا: "هناك أيضًا تحد آخر متعلق بحالة الاستقطاب السياسي التي تؤثر على عمل مراكز الدراسات وتعطل العمل البحثي". مضيفًا: "الصراع السياسي يدفع مراكز الدراسات إلى البحث عن ممول مما يعرضها للتحول إلى منصات دعائية للأطراف السياسية نفسها".
وأشار باجردانة إلى حالة انفصال بين المراكز التي تعرف أنفسها بأنها مختصة أو مهتمة بالشأن اليمني، وبين وجود هذه المراكز في الخارج بعيدًا عن الأرض. مضيفًا: "هذا كله يؤثر على العمل البحثي ومنهجيته ومعاييره العلمية المطلوبة".
وأشارت فاطمة الأسرار إلى تحديات متعلقة بالمواكبة والتغطية الخبرية أو التحليلية للأوضاع الراهنة في اليمن نظرًا للسياق الإقليمي الملتهب والقضايا الجديدة على الساحة الأوسع. مضيفة: "هذه التحديات نلمسها حتى نحن من نعمل من خارج اليمن، لكن هذه التحديات يمكن تذليلها عبر توسيع شبكات الاتصال المحلي في الأرض وتطوير استخدام التكنولوجيا في التبع والرصد".
وتطرقت د. هدى علوي إلى تحديات تواجه مراكز الدراسات والمؤسسات البحثية في الجنوب من بينها الحصول على التمويل الأجنبي الذي قالت إنه يمر بمراحل بيروقراطية إدارية مرهقة، فضلًا عن الأسبقية التي حصلت عليها المراكز والمؤسسات النظيرة في شمال اليمن ضمن ما أسمته "المظالم المتراكمة التي تعرض لها الجنوبيون في نظام الوحدة".
وأضافت: "فيما يتعلق بمراكز دراسات المرأة والدراسات النسوية، هناك نظرة قاصرة وإهمال لعمل هذه المراكز والمؤسسات. دراسات المرأة بشكل عام تواجه تحدي التفكير النمطي المجتمعي نحو هكذا نشاط".
ولفت د. محمود السالمي إلى مشكلات متعددة تعترض مراكز الدراسات والمؤسسات البحثية في جنوب اليمن، بما فيها تلك الحكومية مثل مراكز جامعة عدن. مضيفًا: "الوضع بشكل عام سيء، البنية التحتية ضعيفة للغاية من قاعات ومكتبات ورقية أو رقمية أو إنترنت ملائم".
وأشار السالمي إلى أن التفاعل الجماهيري مع عمل المراكز يعد ضعيفًا أيضًا نتيجة الوضع المعيشي العام. وأضاف: "من المشكلات أيضًا ضعف التنسيق بين المراكز والمؤسسات نفسها، كما أن هناك حالة انفصام بين الملفات التي تركز عليها بعض مراكز الدراسات وقضايا المجتمع ذات الأولوية".
معالجات وتوصيات
يعتبر إياد قاسم إنشاء صناديق دعم وتمويل لمراكز الدراسات والمؤسسات البحثية في الجنوب أمر في غاية الأهمية للحفاظ على وجود هذه الكيانات والدفع بعملها إلى مستويات أفضل. مضيفًا: "هناك أهمية أيضًا لمناقشة تعزيز وصول إنتاج المراكز والمؤسسات البحثية إلى مختلف فئات الجمهور، بما فيه الجمهور الأجنبي الذي يفضل لغته الأم، أو الجمهور البسيط الذي يفضل اللغة السلسة المختصرة السهلة".
شدد د. محمود السالمي على أن المراكز والمؤسسات البحثية يجب أن تعمل باستمرار مهما كانت التحديات أو المعوقات. وذكر أن وجود تمويل مناسب بالحد الأدنى أمر أساسي لتقدم عمل المراكز والمؤسسات البحثية، لافتًا إلى ضرورة خلق نقاش معمق في هذا الاتجاه ومخاطبة الداعمين المحتملين من رؤوس أموال ورجال أعمال وأطراف حكومية وحتَى سياسية.
وترى د. هدى علوي أن تعزيز الوعي بأهمية مراكز الدراسات والمؤسسات البحثية في جنوب اليمن، وبالأخص تلك المتخصصة بدراسات المرأة وقضاياها، والقضاء على الأفكار النمطية المشوهة بشأن هذه الجهود التي ينظر إليها بريبة من قبل المجتمع.
وأشارت إلى أهمية إنجاز تقييمات وقراءات ودراسات لفهم أسباب إعاقة تقدم مراكز الدراسات النسوية ومراكز الدراسات التي تتخصص في قضايا المرأة والمجتمع.
وقال د. عمر باجردانة إن مراكز الدراسات في جنوب اليمن يجب أن تبني علاقة مشتركة للمضي قدمًا وتعزيز الفضاء البحثي والأكاديمي بما يسهم في خلق تأثير أوسع والتفاف جماهيري قوي، وهو ما سيدفع صناع القرار لمعالجة المشكلات أمام هذه المراكز والمؤسسات، وكذا الأخذ بالدراسات والتحليلات الصادرة لبناء المواقف والقرارات.
- مركزسوث24 للأخبار والدراسات