دراسات

التجسس الإلكتروني: سلاح الولايات المتحدة السري في مواجهة تنظيم القاعدة في اليمن

غلاف الدراسة

25-10-2024 الساعة 11 صباحاً بتوقيت عدن

language-symbol

مركز سوث24 | ورقة بحثية


كشفت ورقة بحثية صادرة عن مركز سوث24 للأخبار والدراسات، تحت عنوان "السلاح السري: دور التجسس الإلكتروني في مكافحة الإرهاب في اليمن، عن استراتيجيات التجسس المتقدمة التي اعتمدتها الولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة في اليمن، حيث ساهمت هذه الأساليب بشكل مباشر في إضعاف التنظيم من خلال عمليات اغتيال وتضييق الخناق على قياداته. وتعرضت الورقة لمراحل تطور عمليات التجسس، التي شهدت تزايد الاعتماد على الوسائل التقنية المتطورة كالشرائح الإلكترونية والطائرات المسيرة وأجهزة التنصت، إضافة إلى تجنيد عملاء مزدوجين ساعدوا في اختراق صفوف التنظيم وإحباط خططه.


واعتبر البحث عمليات التجسس الإلكتروني إحدى الوسائل الرئيسية التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة لاستهداف قيادات تنظيم القاعدة في اليمن. وأشارت إلى أن هذه الوسائل تعتمد بشكل أساسي على زرع شرائح إلكترونية دقيقة في السيارات والأجهزة الشخصية لأفراد التنظيم لتحديد مواقعهم بدقة. وبفضل هذه التقنيات، تم اغتيال عدد من القادة البارزين، كان أبرزهم أنور العولقي وسعيد الشهري، وهما من الشخصيات المؤثرة في التنظيم. وساعدت هذه العمليات في إحباط عدد كبير من هجمات القاعدة المخطط لها، حيث كشفت الورقة أن تنظيم القاعدة اعتمد في خططه على إجراءات أمنية تقليدية، لكن تلك الوسائل لم تكن فعّالة في مواجهة القدرات التجسسية العالية التي تستخدمها الولايات المتحدة.


وأوضح البحث أن بداية استخدام الشرائح الإلكترونية ضد قادة التنظيم تعود إلى أوائل عام 2002، عندما استُخدمت لاستهداف القيادي البارز أبو علي الحارثي. وفي حادثة مقتل الحارثي، تم زرع شريحة إلكترونية في سيارته قبل استهدافه بغارة جوية في صحراء مأرب. ومع تزايد الاعتماد على الطائرات المسيرة كوسيلة فعالة لملاحقة قادة التنظيم، باتت هذه الطائرات تشكل سلاحاً استراتيجياً لتنفيذ الهجمات ضد القاعدة، حيث اعتمدت العمليات على التعاون بين هذه الطائرات والتقنيات التجسسية الأخرى، ما مكّن من تحقيق نتائج حاسمة في ميدان مكافحة الإرهاب.


إلى جانب الوسائل التقنية، كشفت الورقة عن تجنيد شبكة واسعة من العملاء المزدوجين والمخبرين داخل صفوف التنظيم، حيث كان هؤلاء العملاء يقومون بزرع أجهزة تتبع أو تقديم معلومات مباشرة عن تحركات القادة. وأدت هذه الاستراتيجية إلى إحباط عدد من العمليات التي خطط لها القاعدة، وأسهمت في إضعاف التنظيم بشكل كبير. وتؤكد الورقة أن التعاون الاستخباراتي بين الولايات المتحدة والقوات المحلية في اليمن ساهم في إنشاء شبكة من الجواسيس المتمركزين داخل وخارج البلاد، وكان لذلك تأثير جوهري على فعالية العمليات العسكرية ضد القاعدة، خصوصاً في مناطق حضرموت وشبوة وأبين.




وكرد فعل على استراتيجيات التجسس، تبنى تنظيم القاعدة سلسلة من الإجراءات الأمنية الصارمة لحماية قياداته وأعضائه من الاختراقات. تضمنت هذه الإجراءات تقليل استخدام الهواتف المحمولة وفرض قيود على تحركات القيادات وتجنب التجمعات. كما أصبح التنظيم يعتمد بشكل أكبر على المراقبة اليدوية للمركبات وتجنب الهدايا والمقتنيات الجديدة التي قد تحتوي على أجهزة تتبع، إلا أن تلك الإجراءات كانت غير كافية لمنع استهداف قادته، حيث استمرت عمليات الاغتيال التي طالت الصف الأول والثاني من التنظيم، وفقا للبحث.


التحديات الأمنية وإجراءات تحسين فعالية مكافحة الإرهاب


كما أشارت الورقة إلى أن تنظيم القاعدة، رغم الخسائر التي تكبدها، لا يزال يشكل تهديداً للأمن الإقليمي، حيث يعمل في مناطق وعرة توفر له بيئة مناسبة للاختباء وتجنيد مقاتلين جدد، خاصة في وادي عبيدة بمحافظة مأرب وبعض المناطق الشمالية في حضرموت. وللتعامل مع هذا التحدي، أوص البحث بتعزيز التعاون مع القوات المحلية في الجنوب بهدف توسيع نطاق العمليات وضمان فعالية أكبر في مواجهة التنظيم.


كما تناولت الورقة بعمق التحدي الذي تواجهه الدول الكبرى عند تنفيذ استراتيجيات التجسس الإلكتروني، حيث تثير هذه العمليات مخاوف حول الخصوصية والحقوق الفردية. وخلصت إلى أن مكافحة الإرهاب باستخدام أدوات متقدمة كهذه يجب أن يتم ضمن إطار يحترم القوانين الدولية لحماية حقوق الإنسان. ففي حين أن التجسس على التنظيمات الإرهابية قد يكون ضرورياً، فإن هناك حاجة إلى وضع إطار قانوني يحفظ التوازن بين الأمن القومي واحترام الحريات الفردية.


أبرز التوصيات الختامية


في ختام الورقة، أوصى الباحث ببضرورة تضافر الجهود الدولية لدعم الدول التي تواجه تهديدات من تنظيمات إرهابية مسلحة كتنظيم القاعدة في اليمن، مع التركيز على دعم القوات المحلية في الجنوب التي تلعب دوراً حيوياً في مكافحة هذه التهديدات. كما دعت إلى تطوير استراتيجيات لمواجهة التطور المستمر في تقنيات الاتصالات التي قد يستغلها التنظيم مستقبلاً، وأكدت على أهمية استمرار التعاون الاستخباراتي الدولي لحماية الأمن الإقليمي من تهديدات القاعدة ومثيلاتها من التنظيمات.


- مركز سوث24 للأخبار والدراسات

شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا