07-05-2020 الساعة 10 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| صالح أبو عوذل
يمارس المجتمع الإقليمي والدولي ضغوطا نحو إنهاء الصراع المسلح في اليمن، والذي حصد أكثر من مائة ألف قتيل من المدنيين، جراء الحرب التي افتعلها الانقلابيون الموالون لإيران، والتوجه نحو مجابهة جائحة فيروس كورونا التي تزايدت حالات الاصابة في مدن عدن وحضرموت بالجنوب وتعز اليمنية، فيما يشرعن حلفاء الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، لتدخل تركي في الجنوب، على أمد اطالة الصراع، للبقاء فترة أطول في رئاسة بلد يدريها هادي من منفاه الاختياري بالعاصمة السعودية الرياض.
التنصل من اتفاق الرياض
بحثت السعودية بشكل جدي نهاية الحرب، بالدخول في حوار طويل مع الحوثيين الموالين لإيران، غير ان هذه الحوارات، قوبلت برفض قطري، فالدوحة التي لديها مشكلة عالقة مع جارتها الرياض، لا ترغب في نهاية وشيكة للحرب دون تحقيق استراتيجية السيطرة على الجنوب المحرر من الحوثيين. تمتلك الدوحة نفوذا غير عادي في الرئاسة اليمنية، فمدير مكتب الرئيس الإخواني عبدالله العلمي، يعد أحد أبرز الأذرع القطرية في اليمن، وأحد الذين تصدروا التحريض الديني في العام 2011م، إبان الانتفاضة ضد نظام علي عبدالله صالح، حليفهم السابق.
وقّعت حكومة هادي، على اتفاق الرياض، مع المجلس الانتقالي الجنوبي، في الـ5 من نوفمبر (تشرين) العام الماضي، غير أنها لم تلتزم بتنفيذ بنود الاتفاق، شرع المجلس الانتقالي الجنوبي في تنفيذ الاتفاق. لم يستجب "هادي"، لنداءات الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن السيد مارتن غريفيث الذي أكد على أهمية تنفيذ اتفاقية الرياض، معتبرا انها قد تحقق الكثير من الفوائد لمن وصفهم بأهل الجنوب، لا سيما فيما يتعلق بتحسين الخدمات العامة والأمن.
جريفيث شدد على "أن اتفاقية الرياض تنص على مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في المشاورات بشأن الحل السياسي النهائي لإنهاء الصراع في اليمن."
التحشيد صوب الجنوب
جدد "هادي" دعوته للسلام مع الحوثيين، في خطاب "مكتوب" بمناسبة دخول شهر رمضان، لكنه لم يدع للحوار مع الجنوبيين "حلفاؤه السابقون"، وغض الخطاب الطرف عن التحشيد العسكري صوب عدن، والذي توقف بتدخل سعودي صارم. رفضت السعودية إجراءات التحشيد ونسف اتفاق الرياض الذي رعته، وطالبت الحكومة اليمنية المؤقتة بالتنفيذ، الا انها تنصلت مرة أخرى.
هذا التنصل قوبل بإجراءات من المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أعلن الادارة الذاتية للجنوب، وهو الإجراء الذي رفضته الرياض، قبل أن يضع الانتقالي الجنوبي شروطه بالعودة عن هذا القرار بتنفيذ اتفاق الرياض، لتهرب حكومة هادي صوب سقطرى الآمنة بافتعال نزاع مسلح، بغية السيطرة على الجزيرة واخضاعها لمصلحة نفوذ الحلفاء المحليين لقطر وتركيا.
هذا النزاع قوبل أيضا بتدخل سعودي، لكن بعد سقوط ضحايا من العسكريين والمدنيين، برصاص مسلحين يتبعون محافظ الأرخبيل رمزي محروس، الموالي للنظام التركي، والذي يزور انقرة باستمرار.
يبقى ارخبيل سقطرى منطقة صراع اقليمي، حيث تحاول تركيا وعن طريقة قاعدة عسكرية في الصومال السيطرة على الجزيرة، من خلال الادعاء انها تابعة للصومال أو بالسيطرة عليها عسكريا.
هادي لا يريد انهاء الحرب
إن نهاية وشيكة للحرب، بفعل الضغط الدولي والاقليمي، تعني نهاية حكم الرئيس اليمني المؤقت، واستمرار الصراع، يمثل استراتيجية مهمة لبقاء هادي فترة أطول في الحكم، الذي يتحكم فيه الإخوان، التنظيم الذي يرى نفسه صاحب الفضل الأول في وصول هادي إلى سدة الحكم.
الحزب الحاكم "التجمع اليمني للإصلاح"، يرى ان من المهم بقاء هادي، حاكما مؤقتا، لحين ينتهي التنظيم في استكمال سيطرته على عدن ومضيق باب المندب، وانهاء تواجد السعودية في العاصمة الجنوبية عدن وباقي مدن الجنوب.
وخاض التنظيم الممول قطريا، حربا ضد التواجد السعودي في المهرة خلال الاشهر الماضية، لكنه سرعان ما تراجع عن المواجهة، بعد أن مارست الرياض ضغوطا على الحكومة اليمنية من خلال إيقاف وزير الداخلية أحمد الميسري، الذي تم الدفع به كمتزعم للحركة المسلحة ضد قوات التحالف العربي في المهرة.
إيقاف الميسري، (غير المعلن)، مثل ضربة قوية للتنظيم، فالرجل الذي وجه بمنع اقتراب القوات السعودية من ميناء شحن البري، أصبح موقوفا من قبل حكومة معين عبدالملك، بدعوى تمرده على التحالف العربي.
ولم يكتف عبدالملك بإيقاف الميسري، بل أصدر توجيهات بإيقاف وزير النقل صالح الجبواني الذي زار تركيا وطلب تدخلها في اليمن لدعم مليشيات مسلحة ضد تواجد التحالف العربي.
صمت "الميسري" كثيرا كنوع من الرضوخ لتوجهات السعودية، غير إنه عاد إلى توجيه اتهامات صريحة لها، بدعوى انها تريد تقسيم اليمن، المقسم بين جزء يخضع لنفوذ ايران وآخر يتبع قطر وتركيا، وتمثل مأرب ثقله السياسي والعسكري.
لا بد من حلول
تدفع السعودية بشكل جدي نحو نهاية قريبة للحرب في اليمن، وبدأت قبل أكثر من عام خوض، حوارات جدية مع الحوثيين على أمل التوصل الى تسوية سياسية تنهي القتال، غير ان هادي وحلفائه استبقوا هذه الجهود بتسليم فرضة نهم ومحافظة الجوف وأجزاء من مأرب للحوثيين، الذين اعتقدوا لاحقا ان ذلك قد جعلهم يتجاوزون أي تفاهمات مع السعوديين.
يدرك الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي، أن نهاية الحرب، تعني نهاية حكمه الذي شهد فيه اليمن أسوأ أزمة إنسانية، جراء الحرب التي أودت بحياة أكثر من مائة ألف مدني، لذلك يعمل حلفاؤه على اطالة الصراع بافتعال الكثير من المشاكل في مدن الجنوب المحررة، الأمر الذي يتطلب تدخلا إقليميا ودوليا للضغط على الحكومة اليمنية المؤقتة، للقبول بتسوية سياسية، وقبل ذلك تنفيذ اتفاق الرياض، القاضي بسحب المليشيات التي تضم في صفوفها متطرفين من مدن شبوة وأبين ووادي حضرموت.
- صالح أبو عوذل، رئيس تحرير موقع وصحيفة اليوم الثامن الصادرة في عدن
قبل 3 أشهر