20-05-2020 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| بدر قاسم محمد
يتضح جلياً في الخطاب الإعلامي والسياسي لجماعة الإخوان التي تسيطر على قرار الحكومة اليمنية، ما يؤكد الفتوى الدينية ذو الطابع الوطني والمتحفزة لقتال وقتل الجنوبيين، مفضلةً إياه على قتال الجماعة الحوثية ذات العقيدة الطائفية الشيعية المتصادمة بشكل مباشر مع عقيدة الجنوبيين السنة أولاً، ومع عقيدة جماعة الإخوان المسننة ثانياً. [1]
بتوافق خطاب الجماعتين الإسلاميتين "الإخوانية والحوثية"، تشذُّ في الحالة اليمنية جماعة الإخوان عن عقيدتها ومعتقدها الإسلامي بما يضيف لوصفها بالمسننة وصفاً آخر هو: جماعة الإخوان المتشيّعة، وهي تبدو رديفا لتشيّع الجماعة الحوثية اللافت للنظر والمولّية وجهها للقتال جنوباً.
قبل هذا حاولت جماعة الإخوان في اليمن "حزب التجمع اليمني للإصلاح" نفي ارتباطها بتنظيم الإخوان المسلمين الدولي [2]، بينما ظلّت أدبيات إخوان اليمن ومبادؤهم تنضح بالمؤازرة والوقوف في صف التنظيم الدولي للإخوان ويكاد هتافهم الإعلامي أن يقول نحن إخوانٌ مسلمون. فيما خطاب التنظيم الدولي يقترب من خطاب الجماعات الشيعية في المنطقة وهو يرمي بنفسه وثقله في صف ما بات يعرف بتيار الممانعة والمقاومة. [3]
مبدأ التقية لدى إخوان اليمن
ظلّ مقود جماعة إخوان اليمن منذ تأسيسها في أيدي قلة من القيادة الزيدية المتسننة بينما ظلت قاعدة الجماعة تسير بأرجل الكثرة الشافعية السنية. وهذه تركيبة هجينة أخرى لجماعة الاخوان اليمنية تبرر سهولة إصدار قيادتها لبيان نفي ارتباطها بالجماعة الدولية نظرا لائتلافها العتيق مع "مبدأ التقية" المعلوم كسلوك مُجاز للجماعة الزيدية والجماعات الشيعية، بما يؤكد عودتها لتبني نفس وجهة نظر الجماعة الحوثية أخيراً وخطابها الحربي المتجه للقتال جنوباً، بما يحقق عودة القيادة الزيدية لجماعة الإخوان لنفس المشكاة الزيدية الجامعة بين الجماعتين" الحوثية والإخوانية".
لكن كيف تستطيع قيادة الإخوان الزيدية المثقلة بهوى ومقاصد الشمال الزيدي السياسية في السيطرة على اليمن الشافعي الأسفل والجنوب الأسفل منه، إقناع قواعدها السنية بالاتجاه للقتال جنوباً؟!
هذه معادلة ضيزى لا يُمكن بناءها على عقيدة قاعدتها وقواعدها السنية المجرّدة، لكن من الممكن بناءها على إثارة وإشعال الخطاب الوطني اليمني بواسطة الادعاء أن تدخلا خارجيا يتعدى على سيادة اليمن جنوباً، إضافة إلى "فزاعة" سعي الجنوب ذي الثروة والنفط لاستعادة دولته السابقة بحدود ما قبل الوحدة اليمنية عام 1990م. [4]
يبدو السبب الأخير كافياً لدفع مناطق اليمن الأسفل الشافعية لتشكيل وحدة شمالية- شمالية يمنية ضد الجنوب، بينما السبب الأول يصلح كخطاب لاستثارة البعض من أبناء الجنوب للقتال جنوبا بما يعزز فكرة شقّ الصّف الجنوبي وضربه ببعضه.
أدوات للتنفيذ
ولأنّ مهمة حرف وجهة الخطاب الوطني والعقائدي باتجاه الجنوب تبدو صعبةً في ظل مثول "انقلاب" الجماعة الحوثية الوطني والعقائدي على الحكومة اليمنية في الشمال، يُوكِل الشمالُ اليمني عن بعد مهمةَ تبنّي الخطاب الوطني والعقائدي لبعض الجنوبيين.
فبرز مثلا الجنوبي ذو الخلفية "المتطرفة" عادل موفجة الحسني يصرّح في أكثر من مناسبة من على شاشة قناة الجزيرة بالدعوة للقتال جنوباً ضد التحالف العربي والقوات الجنوبية وإجازة قتل عناصرهم، كذلك فعل الجنوبيان وزير الداخلية أحمد الميسري ووزير النقل صالح الجبواني. [5]، [6]
العديد من العمليات "الإرهابية" التي استهدفت التحالف العربي والقوات الجنوبية جاءت نتاج هذا التحريض، كما يرى مراقبون، وفي العلن شنّت القوات الموالية لجماعة الإخوان هجومها العسكري انطلاقا من مواقعها في منطقة شقرة على القوات الجنوبية بمحافظة أبين يوم 11 مايو الحالي.
مقابل هذا التصعيد صمتت الجماعة الحوثية عن إثارة معامل احتكاكها الحربي المباشر بسنية المحافظتين الشماليتين مأرب والبيضاء، القوية والحساسة جدا، وهما اللتان تشكلاّن عقدتين تاريخيتين أمام صنعاء وتوغلها الزيدي فضلا عن توغلها الشيعي الأكثر حدة.
كرة الحرب
تعتمد "أي الجماعة الحوثية" على جهد جماعة الإخوان الإعلامي والسياسي في شد الناس واشغالهم بالاتجاه جنوباً بما يجعل فرص التطبيع مع مأرب والبيضاء القبول بسيطرة الحوثيين ممكنة إلى حد ما، استكمالا لجهدها السابق في تمكين الحوثيين من السيطرة على كامل مناطق الشمال عدا مأرب المدينة بتقهقر قواتها لحساب سيطرة الحوثيين وتسليمها العديد والعدة.
انحسار الجماعة (الإخوان) وتماهيها مع سيطرة الجماعة الحوثية، يذكرّنا بانحسار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وأفول نشاطه في العام 2015م بالتوازي مع تمدد الحوثيين العسكري جنوبا، الأمر الذي لفت نظر المراقبين والمتابعين الدوليين لملاحظة تغيّر استراتيجية التنظيم.
تعتمد النخبة الإعلامية والسياسية الشمالية بوقوفها الحذر على حافة إثارة النعرة الطائفية شمالاً من على مشارف مأرب والبيضاء، على اشتغالها وإثارتها عن بعد للخطاب الوطني والعقائدي في الجنوب، لإفراغ حصالة مأرب والبيضاء من المقاتلين العقائديين عبر دفعهم للاتجاه والقتال جنوباً. إذ لا يوجد عنصر إخواني واحد ينحدر من المناطق الزيدية ضمن قوات جماعة الإخوان المتجهة جنوباً.
يتقاذف الشمالُ والجنوبُ كرة الحرب. يدحرجُ الشمال كرة حربه الوطنية جنوباً ويحاول في نفس الوقت نفي فكرة الحرب العقائدية شمالاً، بينما يحاولُ الجنوب تصعيد كرة الحرب العقائدية شمالاً وفي نفس الوقت يحاول نفي فكرة الحرب الأهلية جنوباً.
تعتمد هذه اللعبة الخطرة على عاملي الوقت والتوقيت:
- عامل الوقت في إبطاء وإماتة حرب الخصم وإبطال مفعولها بالهدوء والانتظار وعدم التسرع.
- عامل التوقيت في إقامة وإحياء الحرب على الخصم واثارتها بالمسارعة و الاستمرارية والمثابرة.
- بدر قاسم محمد، زميل في مركز سوث24 للأخبار والدراسات وباحث بشؤون الجماعات الدينية والمتطرفة
- مادة خاصة بـ مركز سوث24 للأخبار والدراسات
مراجع:
[1] هيئة علماء اليمن الإخوانية تُعيد أجواء 94 وتضرب بسلاح التكفير (كو بوست) qposts.com
[2] حزب الإصلاح ينفي أي علاقة له بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين (المصدر اون لاين) almasdaronline.com
[3] سي آي ايه: الحوثيون والاخوان في اليمن اتفقوا على استهداف السعودية (سوث24) south24.net
[4] تحليل: الجنوبيون.. بين الشيوعية والشيعة (اليوم الثامن) alyoum8.net
[5] عادل الحسني يظهر في قناة الجزيرة القطرية بخلفية سوداء تشبه خلفيات تنظيمات القاعدة (الجزيرة) facebook.com
[6] الميسري يتوعد : لدينا جيش أوله في شقرة وآخره في سيئون ولن نعود إلى عدن إلا بحدنا وحديدنا (مأرب برس) marebpress.net