التقارير الخاصة

دلالات السيطرة الجنوبية على أرخبيل سقطرى.. هل تم وأد الأجندة التركية بالفعل؟!

20-06-2020 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| عدن


منذ أصدر رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي قرارا بتعيين رأفت علي التقلي الشخصية الاجتماعية البارزة في محافظة أرخبيل سقطرى، جنوب اليمن، رئيساً للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي في الأرخبيل في منتصف أبريل الماضي، تسارعت تراجيدية الأحداث في الجزيرة الاستراتيجية نحو استكمال سيطرة القوات الجنوبية على الجزيرة، وعاصمتها حديبو يومي 19 و20 يونيو 2020، معلنة بذلك نهاية سيطرة القوات الحكومية التي يقودها المحافظ المنتمي لحزب الإصلاح في اليمن رمزي محروس.


وعلى الرغم من أنّ اتفاقا كان قد أُبرم الأسبوع الماضي، بين ممثلين من القوات الجنوبية وقوة الواجب السعودية وقوات المحافظ، قضى بتفاهمات لإدارة الأزمة الأمنية وإزالة مظاهر التوتر في الجزيرة، إلا أنّ محاولة اغتيال التقلي يوم 16 يونيو، وهو عائد في موكبه من مهرجان شعبي في منطقة جؤه نحو العاصمة، قلب الأمور رأسا على عقب، بعد اتهام مسلحين يتبعون الإخوان المسلمين بالحادثة.


وبذل التقلي خلال الشهرين الماضين جهوداً ملحوظة في حشد قبائل الجزيرة، وأقام عدة مهرجانات جماهيرية كما أشرف على تنظيم القوات العسكرية وكتائب اللواء الأول مشاة بحري التي أعلنت انضمامها للمجلس الانتقالي الجنوبي، وظهر في عدة خطابات تناقلها نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يؤكد على أن سقطرى لن يحميها سوى أبناءها، وأنها لن تكن مكانا لمشاريع الإخوان المسلمين ومن يدعمهم إقليميا. وأشار التقلي صراحة للمساعي التركية التي تموّلها قطر.


سيطرت القوات الجنوبية يوم أمس واليوم على المباني السيادية بالجزيرة، وعاصمتها حديبو، بينها مبنى الأمن العام والسلطة المحلية والمرور، ومعسكرات الشامل والقوات الخاصة، وجميع مباني الإدارة العامة المحلية في الجزيرة.




وقال عبد الله أحمد قائد اللواء الأول مشاه بحري التابع للقوات الجنوبية، في تسجيل مصور، اطلع عليه سوث24، أن مهمتهم هدفت لاستعادة السيطرة على العاصمة، وأعلن تسليم إدارتها الأمنية للشرطة الجنوبية بقيادة العميد أحمد سعد القدومي. وقال أنّ "مدينة حديبو باتت بيد السلطة المحلية"، وأنهم "سيقومون بالحفاظ على أمن واستقرار هذه المدينة".


وكان رأفت التقلي رئيس انتقالي سقطرى قد كشف في حديث مساء الجمعة لقناة فرنس24، أن القوات الجنوبية بسيطرتها على عاصمة الأرخبيل "طهرت الجزيرة من الإرهابيين الذين ورّدوا السلاح إلى الجزيرة الآمنة المسالمة وأقلقوا السكينة العامة ونشروا النقاط الأمنية في حديبو، واستهدفوا موكب الانتقالي"، وأشار بذلك لتنظيم "الإخوان المسلمين".


وأشار التقلي بأن هذا المساعي مدعومة من قطر وتركيا، وكشف عن "عصابة تورّد الأسلحة من الساحل المهري إلى الجزيرة".


وبعد إعلان القوات الجنوبية سيطرتها على الجزيرة، احتشد صباح اليوم السبت المئات من أهالي الجزيرة أمام مبنى السلطة المحلية، للاحتفاء بما وصفوه بـ "النصر" وقدموا شكرهم للقوات الجنوبية والحزام الأمني".



أهالي سقطرى يتجمعون صباح السبت أمام مقر المحافظة لتأييد خطوات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الجنوبية، بعد السيطرة على العاصمة (نشطاء)

وعقد رئيس مجلس انتقالي سقطرى أول اجتماع في مبنى السلطة المحلية، بحضور عسكريين، وخلفه لا تزال مرفوعة صورة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.


ردود فعل


بدت ردة الفعل الغاضبة جلياً وقبل الجهات الرسمية للحكومة اليمنية المقيمة في الرياض، على وسائل إعلام قطرية كـ قناة الجزيرة وتلك التي تُبث رسميا من تركيا وتُتهم بتلقي تمويلا من قطر.


سارعت قنوات قطرية بنشر تصريحات أساءت للملكة العربية السعودية، واتهمتها بالتواطئ، واستضافت شخصيات تدعمها الدوحة كـ من تصفه قناة الجزيرة بشيخ مشائخ سقطرى عيسى بن ياقوت، الذي طالب علناً بطرد التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات من اليمن، والتحالف مع أطراف أخرى، في إشارة صريحة إلى تركيا.


ونشرت قناة الجزيرة تصريحات منسوبة لـ مصادر، أن ضحايا مدنيين تعرضوا للقصف، وهو الأمر الذي لم تؤكده أي تقارير إخبارية أخرى. وأشار صحفيون بأنه لم تسجّل خسائر بشرية في الأحداث.


من جهتها، قالت الحكومة اليمنية إن ما ينفذه المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة أرخبيل سقطرى، هو اعتداء غاشم وتمرد وانقلاب واضح على السلطة الشرعية.


ولم يصدر بيان رسمي عن المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، حول الأحداث، واكتفى بعض قياداته ومسؤولية بنشر تغريدات تشيد بـ "الانتصارات" التي تحققت في سقطرى. 


التحالف العربي


وعلى الرغم أيضا، أن التحالف العربي الذي تقوده السعودية لم يعلّق بشكل رسمي على التطورات،  إلا أن وسائل إعلام سعودية بارزة أشارت صباح اليوم السبت "أن التحالف قام بتوجيه رسالة واضحة لكل الأطراف بضرورة وقف الاشتباكات وعدم تعريض حياة المدنيين وقوات التحالف للخطر والمحافظة على أمن واستقرار الجزيرة."


ونقلت وسائل الإعلام السعودية عن مصادر، "العثور على كميات كبيرة من الأسلحة من بينها دبابات ومدفعية ثقيلة موجودة قبل انقلاب الميليشيا الحوثية على الحكومة الشرعية، وسط ترجيحات أن النزاع قائم بين الأطراف للحصول على الغنائم."


وتفاعل مغردون سعوديون بينهم شخصيات إعلامية بارزة مع أحداث سقطرى. قال الخبير الاستراتيجي خالد الزعتر "سقطرى تحتفل بفرض الإرادة الوطنيّة لأبناء الجنوب العربي وإعلان وفاة المشروع الإخواني الممول من قطر وتركيا في الأرخبيل". 


من ناحيته اعتبر الإعلامي السعودي فهد ديباجي "أن تحرير سقطرى هو البداية لضمان عدم جلب الأتراك إليها، والتي تسعى للحصول على قاعدة عسكرية على بحر العرب". 


واعتبر ديباجي ذلك، في تغريدة له "سقوط مبكّر للإخوان الذين كانوا يمنون النفس بدخول الأتراك لليمن من جديد عبر جزيرة سقطرى".



حل وشيك للحكومة


ومع تصاعد التوترات بين القوات الجنوبية والوحدات الأمنية الحكومية في سقطرى في الأسابيع الأخيرة، عملت القوات السعودية كوسيط لإعادة الهدوء إلى الجزيرة. بحسب وكالة اسوشيتد برس. 


 لكن يوم الجمعة، نقلت الوكالة عن مسؤولين عسكريين في سقطرى، إن القوات السعودية سمحت للـ "انفصاليين" بالمضي قدمًا في توغلّهم، مما أثار تكهنات بشأن محاولة جديدة لاتفاق بين السعوديين والإماراتيين بعد أشهر من الاقتتال الداخلي."


ووصف الخبير اليمني أحمد ناجي غير المقيم في مركز كانيغي قسم الشرق الأوسط "إن التعاون قد يكون علامة تشير إلى حل الحكومة الوشيك."


وأضاف ناجي للوكالة الأمريكية أن "حكومة هادي أضعف من أي وقت مضى ... والسعوديون يفقدون الثقة، ويتساءلون لماذا لا يزالون يستثمرون فيها بشدة".


ويتهم المجلس الانتقالي الجنوبي الحكومة اليمنية التي يقيم بعض أعضائها في الرياض، بالفساد، كما يحملّها مسؤولية عرقلة تنفيذ اتفاق الرياض.

 

ويقول المجلس، الذي يتواجد رئيسه وعدد من قياداته في الرياض منذ 20 مايو آذار الماضي، أنّ الحكومة التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون، عوضا عن أن تسحب قواتها العسكرية من مناطق أبين وشبوة وفقا لاتفاق الرياض، قامت بتحشيد قواتها علنا بهدف اقتحام عدن، وتركت محافظات الشمال تسقط تباعا بيد الميليشيات الحوثية. 


دلالات


ويشكّل بسط السيطرة الأمنية للقوات الجنوبية على سقطرى، قطعا لآمال ومساعي أجندة تركية، تخطط لها أطراف داخل الحكومة اليمنية علانية، وتروّج لها قناة الجزيرة القطرية. كما أنها تضع تحديا جديدا أمام المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى لفرض الإدارة الذاتية في محافظات الجنوب، التي أعلن عنها أواخر أبريل الماضي، وبات يمضي بخطوات ثابتة نحو تحقيق مزيد من المكاسب على الساحة الوطنية.

وكانت صحيفة عكاظ قد نشرت مؤخراً معلومات عن مخطط يقوده وزير النقل السابق صالح الجبواني والقيادي في حزب الإصلاح حمود المخلافي، لتجنيد المئات من المقاتلين الذين تمولّهم قطر وتركيا، وفتح معسكرات لهم بالتفاهم مع وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري، وتسجيلهم رسميا ضمن قوات الشرعية والزج بهم في المعارك التي تدور في أبين.


ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها "أن التدخل القطري، الذي يعتبر جزءاً من مخطط التنظيم الإخواني في اليمن ليس من أجل مصلحة اليمن، وإنما لإيجاد بيئة معادية للتحالف العربي، الذي تقوده المملكة".


وقلل السفير الأمريكي السابق لدى اليمن جيرالد فيرستاين، من التهديد التركي على الجزيرة. وقال في نقاش له مع رئيس التحرير إياد الشعيبي أن "اختلاق التهديد التركي حيلة خطيرة"، وأضاف "تحتاج الإمارات العربية المتحدة إلى الإجابة إذا كانت تستخدم البروبجاندا السياسية لتبرير الاستيلاء على سقطرى وتقويض السيادة اليمنية على الجزيرة. وتسائل: هل السعودية متواطئة؟"


ورد الشعيبي متسائلا: هل إدارة الأهالي لجزيرتهم "سقطرى" وحماية أمنها تهديدًا للسيادة؟، وقال: " لقد كنتَ دبلوماسيًا، وتدرك جيدًا ما يعنيه: أن جماعة دينية مصنفة على أنها "إرهابية"، وتدين بالولاء لتركيا، تسيطر على جزيرة استراتيجية جنوبية في بحر العرب." ويضيف رئيس التحرير "لقد رأينا ما حدث في ليبيا، لذلك نحن نتعلم جيدًا."



لكن وجهات نظر مقربة من الإخوان المسلمين، اعتبرت ما حدث في سقطرى بأنه محاولة لتحسين المجلس الانتقالي الجنوبي لشروطه في المحادثات التي تجري حاليا في العاصمة السعودية الرياض.

وبحسب المصدر أون لاين، فخطوة الانتقالي في هذا التوقيت تشير إلى محاولاته تحسين موقفه السياسي قبيل أي حلول سياسية لإعادة إحياء اتفاق الرياض عبر ضم سقطرى إلى مناطق سيطرته، وتعويض ما وصفه "تراجعه في حضرموت وشبوة وأبين."


ومن زاوية أخرى، إدارة الخدمات وفرض الأمن، بأيادي جنوبية، يشكّل نقطة تحول تاريخية في تاريخ الجزيرة التي سيطر عليها جهاز أمني، قدم من شمال اليمن منذ حرب 1994، حرمها من أي مشاريع خدمية، كما يقول نشطاء.


الدكتور عبد الناصر الوالي رئيس القيادة المحلية لانتقالي عدن أن سقطرى تعرضت لـ "غزو ومحاولة تغيير التركيبة السكانية مورست بشكل ممنهج. استبيحت زهور الأرض وجواهر البحر. وشعبها الودود الصابر يتحمل على أمل ان خيرات الوحدة ستاتي وثمراتها ستنضج مع الوقت."


ويضيف الوالي، في مقالة نشرها تحديث نت، أن ذلك لم يتحقق فـ "طفح الكيل وضاق الصبر من صبر أهلها وقررت أن تقول كلمتها وقالتها كما لم يقلها أحد من قبل"، ويقول "عادت سقطرى وعاد الجنوب معها بلمحة بصر بعد ما ظنّ الطغاة أن الأمر لهم قد استقر."


- هذه المادة خاصة بـ مركز سوث24 للأخبار والدراسات


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا