22-06-2020 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| خاص
بعد يومين من خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال تفقده عناصر المنطقة الغربية العسكرية قبل أمس السبت، والتي أعلن فيها استعداد مصر التدخل في ليبيا إذا تطلب الأمر، لجأت تركيا وعبر وسائل إعلام رسمية لإرسال إشارات لامتصاص الغضب المصري.
وكان السيسي قد قال، في كلمة نشرتها وسائل إعلام مصرية، إن "الجيش المصري من أقوي جيوش المنطقة ولكنه جيش رشيد .. يحمي ولا يهدد .. يؤمن ولا يعتدي .. تلك هي عقيدتنا وثوابتنا التي لا تتغير .. كونوا مستعدين لتنفيذ أي مهمة داخل حدودنا وإذا تطلب الأمر خارج حدودنا".
وتراجعت تركيا بشكل ملفت عن تصعيدها تجاه مصر، وأكدت تفهمها للمخاوف الأمنية "المشروعة" للقاهرة حيال الحدود المصرية الليبية، بحسب ما نقلته شبكة CNN الإخبارية الأمريكية للمتحدث باسم الرئيس التركي أردوغان إبراهيم قالن.
وجاءت تصريحات قالن عقب تأكيد لوزير الخارجية التركي جاويش أوغلو بأنه لا يمكن التغاضي عن أهمية ليبيا بالنسبة للأمن القومي المصري.
إذعان تركي
وكالة الأناضول التركية الرسمية نشرت اليوم الاثنين تحليلا أشارت فيه إلى إمكانية تقارب تركيا ومصر في الشرق الأوسط، نتيجة ما اعتبرته سياسة اليونان في منطقة البحر المتوسط.
وقالت الوكالة التركية أن تأجيل عقد اتفاق بين أثينا والقاهرة بعد عقد اللقاء الثاني عشر من المحادثات بشأن الحدود البحرية في البحر المتوسط التي جمعت وزيرا خارجية مصر واليونان،" تجعل من فرص تقارب أنقرة والقاهرة أمرا ممكنا، رغم تعقيدات سياسية".
وتجاهلت الوكالة التركية تأكيد الوزيرين حول التطورات بمنطقة شرق المتوسط وما تتسم به من اضطراب وعدم استقرار، "على ضرورة التزام كافة الأطراف باحترام وتنفيذ قواعد القانون الدولي وأحكامه، مع التحذير من مغبة اتخاذ إجراءات استفزازية غير شرعية تزيد من درجة التوتر في المنطقة." كما نشرت ذلك وسائل إعلام مصرية رسمية.
وزعم التحليل التركي أن مصر " لن تغامر بخوض معركة "شرق المتوسط" حاليا بحسم، لأمرين مهمين، الأول هو أنها لا تزال على جبهة معركة سد "النهضة" الإثيوبي، وقدمت طلبا إلى مجلس الأمن ليتدخل بشكل حاسم، خاصة وأن إثيوبيا مُصرة على الملء المنفرد للسد، الشهر المقبل، باتفاق أو بلا اتفاق."
وتسعى وسائل إعلام تركية وقطرية لإثارة ملف سد النهضة والأزمة المتعلقة بالمحادثات التي تجري بشأنه بين مصر والسودان وأثيوبيا، لإشغال القاهرة بالتوازي عن الخطر الحقيقي الذي يهدد أمنها القومي والوطني، الأمر الذي يمنح أنقره مساحة كافية لتثبيت أركان تدخلها في ليبيا.
وعلى الرغم من استخدام الوكالة ذريعة محادثات أثينا والقاهرة، لتوجيه رسائل إيجابية نحو مصر، إلا أنّ مراقبين يرون هذا الإذعان التركي وتراجع حدة التصعيد، يأتي عقب الرسائل الواضحة التي بعث بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولوّح فيها باستخدام الخيارات العسكرية في ليبيا.
العدو الاستراتيجي
الصحفي الإيطالي البارز والمتخصص في الشؤون الإقليمية “إيمانويل روسي” وصف لمجلة “فورميكي” الإيطالية خطاب الرئيس المصري بأنه مجموعة من الرسائل السياسية المصرية لفواعل الإقليم على رأسهم تركيا.
وقال روسي في تقرير له نشرته الصحيفة، إلى أن الرئيس السيسي أشار في خطابه بشأن الأزمة الليبية إلى القوة العسكرية المصرية، وأن مصر لن تتوانى في استخدامها ضد من يتجاوز الخط الأحمر وهي مدينة سرت، وهذه هي الرسالة المصرية الرئيسية الموجهة حصريا لـ “تركيا”.
وأضاف الكاتب إنها رسالة حادة وحاسمة لأن مدينة سرت محاصرة عمليا من قبل قوات حكومة الوفاق المدعومة من القوات التركية، ولذلك فإن الرسالة توجه إلى تركيا بعدم التورط في صراع عسكري مع مصر.
وأكد “روسي” أن السيسي وضع خطا مزدوجا في ليبيا وهي سرت -ولا بأس في ذلك- ولكن وضع كذلك مدينة الجفرة التي تقع في الجزء الجنوبي من الأراضي الليبية وتحتوي على قاعدة عسكرية استراتيجية تضم مقاتلين روس وبالتالي فهي تشكل بوابة جيوسياسية مهمة لمصر. كما أن ضم الجفرة ضمن الحسابات المصرية يتعلق بنظرة قبلية وثقافية تعزز الدور المصري في الشأن الليبي وتوثق الاتصال بين القاهرة وتلك القبائل.
ولفت التقرير أنّ أنقرة هي العدو الاستراتيجي الحقيقي لمصر في المنطقة وأن الرسالة الفرعية التي رغبت مصر في الإشارة إليها هي التوقف عن العمل العسكري عند الخط الأحمر (سرت-الجفرة) والشروع في عمل سياسي يقوم على مبدأ التفاوض لإنهاء الأزمة الليبية.
أموال قطر
وكان الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، قد أعلن أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جاء للسيطرة على خيرات ليبيا وليس لمساعدة الليبيين.
وفي ملف متصل اتهم المتحدث باسم الجيش الليبي، أحمد المسماري، قطر بأنها تقوم بتجهيز قاعدة الوطية لصالح تركيا، مشددا على أن الدوحة من أوائل الدول التي دعمت الإرهاب في ليبيا ونقلت الإرهابيين إليها، ولفت إلى أنها الراعي الرسمي لكل العمليات الإرهابية في ليبيا.
وأكد المسماري أن «الأموال القطرية تموّل العمليات الإرهابية في ليبيا، حتى بعد مقاطعة الدول العربية الأربع المكافحة للإرهاب لها».
المصادر: سوث24، الأناضول، سي ان ان، المصري اليوم، اليوم السابع، بي بي سي