30-06-2020 الساعة 2 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| زيورخ
يبدو المشهد الحالي في ليبيا بأنه لم يعد ساحة حرب محلية بقدر ما هو ساحة مواجهة دولية، حيث يتحضر الجميع للقتال من أجل السيطرة على سرت والجفرة، وبالتالي منطقة الهلال النفطي في البلاد.
اللاعب الجديد في هذه الحرب إلى جانب أنقرة هو القاهرة والتي دخلت في في صدام غير مباشر معها. الطرفان المصري والتركي لا يستبعدان الخيار العسكري للمواجهة، إلا أن تحليلا نشرته مجلة "ناشونال إنترست" المتخصصة يرى أن هذا الخيار الصعب لن يطبق في الوقت الحالي.
وحتى اللحظة لم يوافق أو يلتزم أي من الطرفين بوقف إطلاق النار، أو حتى اتفاقية سلام لتقريب وجهات النظر ما بين حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها تركيا، وقوات خليفة حفتر التي تدعمها روسيا ومصر والإمارات أيضا.
موسكو رغم وقوفها خلف حفتر إلا أنها ستبقى تعمل على جبهات مختلفة، حيث ستستمر في إجراء محادثات مع المسؤولين الأتراك، وستدعم اقتراح وقف إطلاق النار الذي تدعمه القاهرة، وفي الوقت ذاته ستبحث عن إمكانية تأمين وجود قواعد عسكرية في البحر الأبيض المتوسط.
تحالف حكومة الوفاق بدعم أنقرة يستعد للسيطرة على مدينة سرت والجفرة وسط البلاد إضافة إلى أربع مدن استراتيجية.
وتبرز أهمية هذه المدن في أنها تضم الميناء الرئيسي في وسط ليبيا، كما سيتاح لتركيا تأمين مصالحها في البحر الأبيض المتوسط، وبالسيطرة على كامل منطقة الجفرة فإنها ستحيد نقطة الإمداد العسكرية التي يستخدمها حفتر وروسيا حيث القاعدة العسكرية الجوية في وسط الصحراء.
الرئيس يؤكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأن بلاده تتمتع بالشرعية الدولية للتدخل المباشر في ليبيا
مصر اللاعب الأحدث في الحرب الليبية، حيث دعت القاهرة كلا من حكومة الوفاق وأنقرة إلى وقف إطلاق النار الذي يصعد من لهيب الحرب، وهو ما ردت عليه أنقرة بأن وقف إطلاق النار يرتبط بالعودة إلى شروط اتفاق 2015، وانسحاب حفتر من سرت والجفرة بالكامل.
الرد التركي أثار حفيظة مصر، ما دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى التأكيد بأن بلاده تتمتع بالشرعية الدولية للتدخل المباشر في ليبيا، وهو أمر دعمته السعودية والإمارات.
لا يمكن لمصر ولا تركيا أن تدعي انتصارًا إذا انخرطتا في صراع عسكري، ولكن أولئك الذين يؤججون قتالهم سيكونون منتصرين.
وقال السيسي إن مدينتي سرت والجفرة "خط أحمر" وسيكون هناك أوامر للجيش المصري بالقيام بمهمات سواء من داخل حدود البلاد أو خارجها لضمان ذلك، وهو ما اعتبرته حكومة الوفاق الوطني إعلان حرب.
ويوضح تحليل مجلة ناشونال إنترست أن مصر أصبحت ترى في الوجود التركي تعارضا مع مصالحها، حيث ستتمكن أنقرة من استخدام القواعد الجوية والبحرية، ناهيك عن الطموحات بالسيطرة على ميناء ليبيا، وهو ما يمثل تهديدا لمصالح القاهرة ويسبب لها حالة من القلق.
وفي الوقت ذاته، فإن القاهرة تواجه تهديدات أخرى حيث هناك تحديات أمنية تتعلق بملء السد النهضة الإثيوبي الضخم الذي يهدد إمدادات المياه لمصر، ناهيك عن وجود تنظيم داعش في سيناء، وتحديات اقتصادية فرضتها أزمة فيروس كورونا، وجميع هذه التحديات تشير إلى أن خيار المواجهة العسكرية من قبل مصر في ليبيا سيكون "الملاذ الأخير".
ويقول التحليل إنه ورغم دعوة مصر إلى وقف إطلاق النار، إلا أن هذا لا يعني عدم تحركها على الإطلاق، فقد تستخدم استراتيجية أخرى بتوفير الدعم للميليشيات القبلية الليبية والتي أعلنت دعمها أصلا لموقف القاهرة.
تركيا في المقابل لن تقبل بوقف إطلاق النار وفق المقترح المصري، والذي ترى فيه دعما وإحياء لوجود حفتر، وأنها لن تخرج مقاتليها المدعومين منها خارج ليبيا، كما أن أنقرة تريد أن يكون لها اليد العليا في الصراع ببساطة.
ولكن أنقرة قد تقبل بوقف إطلاق النار بوساطة روسية أو الأمم المتحدة، وهو ما يفسر معارضتها الاقتراح المصري في الشأن الليبي.
الرئيس الفرنسي يتهم تركيا بمسؤولية تاريخية وإجرامية في النزاع الليبي
ويوم أمس الاثنين اتهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تركيا الإثنين، من مسيبرغ في ألمانيا، بمسؤولية تاريخية وإجرامية في النزاع الليبي، بوصفها بلداً يدعي أنه عضو في حلف شمال الأطلسي.
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: "نحتاج في هذه المرحلة إلى توضيح لا غنىً عنه للسياسة التركية في ليبيا، المرفوضة عندنا"، آخذاً خصوصاً على أنقرة أنها زادت من وجودها العسكري في ليبيا، واستوردت مجدداً وفي شكل كبير مقاتلين وجهاديين مرتزقة من سوريا.
من هم الفائزون؟
تحليل آخر نشره موقع "ذا أفريكا روبروت" أشار إلى أنه لا يمكن لمصر ولا تركيا أن تدعي انتصارًا إذا انخرطتا في صراع عسكري، ولكن أولئك الذين يؤججون قتالهم سيكونون منتصرين. إن استنزاف الموارد المحتمل في كل من مصر وتركيا سيكون ذا أهمية كبيرة لعدة أطراف، وهي: مصدري الأسلحة، والجماعات المتمردة في كل من مصر وتركيا، والقوى الإقليمية في الشرق الأوسط. هؤلاء هم جميع اللاعبين الذين سيكونون أول من يستفيد من جمود مطول في ليبيا بين مصر وتركيا.
لقد استوردت مصر وتركيا في الماضي القريب أسلحة من الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا. في نزاع طويل الأمد في ليبيا، سيستمرون في تعويض خسائر المعارك بنفس الوسائل. هذه الدول الخمس هي من بين أكبر عشر دول مصدرة للأسلحة في العالم في العقد الماضي، ويمكن توقع أن تزود الأطراف المتحاربة بسعادة بمزيد من الأسلحة، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية التي سببها وباء COVID-19، حيث تحفّز هذه المبيعات الاقتصادات المحلية.
إن أي صراع طويل بين مصر وتركيا سيكون خبراً جيدا للتمرد الداخلي في كلا البلدين. انخرطت مصر في قتال عنيف ضد الدولة الإسلامية في سيناء منذ عام 2011. حاليا، يتم تخصيص معظم الموارد العسكرية المصرية لمحاربة الجماعات المتطرفة في سيناء، الواقعة على الطرف الآخر من البلاد من الحدود الليبية. ومع ذلك، حتى مع هذا التخصيص الضخم للموارد، فإن تهديد سيناء مستمر.
إذا شارك الجيش المصري في حملة عسكرية تتطلب موارد في ليبيا، فمن المرجح أن يستغل تنظيم الدولة الإسلامية الفرصة لمواصلة الاستثمار في جهوده لكسب ميزة استراتيجية على الجيش المصري.
أفريقيا روبرت: الدول المصدرة للسلاح هي المستفيدة الرئيسية من أي حرب محتملة بين تركيا ومصر في ليبيا لتعويض خسائرها الاقتصادية بسبب فيروس كورونا
وبالمثل، تواجه تركيا تهديد الانفصاليين الأكراد في الجزء الشمالي من البلاد، بقيادة حزب العمال الكردستاني. كافح حزب العمال الكردستاني لفترة طويلة ضد قوة الجيش التركي. إذا انخرطت تركيا في صراع واسع النطاق في ليبيا، فمن المرجح أن يخفف هذا الضغط الذي يمارس على حزب العمال الكردستاني لصالحها.
يوجد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خمس قوى إقليمية رئيسية تتنافس على النفوذ: مصر وتركيا والمملكة العربية السعودية وإيران وإسرائيل. إن تراجع قوة أي من هذه الدول الخمس هو فوز للآخرين.
لن يؤدي النزاع المسلح في ليبيا بين مصر وتركيا إلى المساومة على قوة واحدة بل قوتين إقليميتين، ومن المحتمل أن يؤدي إلى تحول كبير في ميزان القوى في المنطقة من شأنه تحسين فرص المملكة العربية السعودية وإيران وإسرائيل لتولي دور رائد.
الخاسر الأكبر
إن الشعب الليبي سيكون الخاسر الأكبر في حالة الجمود بين القوى الخارجية داخل حدوده. بالفعل، هناك 1.3 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية مع 217،002 نازح داخليًا، وأكثر من 43،000 لاجئ وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
إذا استمر الصراع في ليبيا وأصبح منافسة بين القوى الإقليمية الكبرى، فإن هذه الأرقام في ليبيا ستزداد بشكل ملحوظ.
- سوث24 (ترجمة خاصة)، الحرة (ترجمات)
قبل 3 أشهر