05-07-2020 الساعة 5 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| قسم التحليل
رجّحت مصادر إعلامية وسياسية خلال اليومين الماضيين، توافقاً ملموساً بين المجلس الانتقالي الجنوبي وفصائل حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، في الذهاب لتنفيذ الشق السياسي من اتفاق الرياض الموقع بين الطرفين في 5 نوفمبر من العام الماضي، بعد توقف حدة المواجهات العسكرية في أبين بشكل كبير.
يقضي الشق السياسي في الاتفاق بتشكيل حكومة مناصفة من 24 مقعد وزاري بين (الشمال والجنوب)، وتعيين محافظ ومدير أمن للعاصمة عدن، يعقبها بمدة تعيين محافظي ومدراء أمن باقي المحافظات الجنوبية والمحررة.
التحدي الأول
وكما ظل هذا الشق يواجه تحديات واسعة منذ ثمانية أشهر حالت دون نجاح اتفاق الرياض وفشل تحقيق الشق العسكري منه، لا يزال يتسم هذا الملف بتعقيد بالغ، نتيجة تشظي الحكومة اليمنية بين فصائل وتحالفات متضاربة المواقف والأجندة، تسعى لتجيير المكاسب السياسية لصالحها ولصالح قوى إقليمية، باتت تبحث عن ثغرات نفوذ داخل الواقع السياسي اليمني، كما تتهم وسائل إعلام سعودية ما تسميه "فصيل قطر وتركيا" الذي يمثّله حزب الإصلاح اليمني بذلك، الساعي لإفشال جهود التحالف العربي بقيادة السعودية في تنفيذ اتفاق الرياض، والذهاب نحو عملية سلام شاملة بعد ست سنوات من حرب دموية مع المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، صُنفت بها اليمن كأسوأ كارثة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.
تنبع مخاوف بعض الأطراف المحسوبة على شمال اليمن، وتلك التي تخضع بدرجة أساسية لأجندة الإخوان المسلمين، من أنّ تشكيل أي حكومة يمنية وفقا لاتفاق الرياض يعني بالضرورة الإقرار بمشروعية المجلس الانتقالي الجنوبي، كطرف رئيس ورسمي في الحكومة وبالتالي في مفاوضات السلام النهائية. هذا الأمر بتقديرها يعني منح الجنوبيين المتمسكين بمشروع استقلال جنوب اليمن، ورقة رابحة لطرح أجندتهم الوطنية في المستقبل، فضلاً من أنّ ذلك سيحدّ من نفوذ تنظيم الإخوان كمنظومة عابرة للحدود وترتبط بأجندة دول إقليمية كتركيا، من سلطة نفوذ على المناطق الاستراتيجية في خليج عدن والبحر الأحمر ومضيق باب المندب.
تخشى أطراف يمنية من منح الجنوبيين المتمسكين بمشروع استقلال جنوب اليمن، ورقة رابحة لطرح أجندتهم الوطنية في المستقبل
لذلك يرى هذا الطرف بضرورة إقصاء المجلس الانتقالي الجنوبي ومن يمثّله، ويبرر بكل وضوح ذلك بأنّ تشكيل حكومة متنوعة الأطراف والاتجاهات السياسية، مجرد كذبة كبرى، ويرى بأهمية أن تكون الحكومة "واحدية التوجّه والمسار"، كما يقول عضو البرلمان اليمني، المنتهية ولايته، عن حزب التجمع اليمني للإصلاح علي عشال.
التحدي الثاني
أما الفصيل الثاني المعطّل داخل منظومة الرئيس اليمني هادي، كما تشير إلى ذلك تقارير محلية مختلفة، فهو "جنوبيي الشرعية"، ومعظمهم تنبع مخاوفه من فقدان مصالح سياسية واقتصادية، تم تكوينها من خلال صفقات محسوبية وفساد خلال السنوات الماضية. تُهدد حكومة الشراكة القادمة مكاسب هذه الفئة ونفوذها داخل فصائل الأمن والجيش وبعض الإدارات الخدمية، والاقتصادية.
وعلى الرغم من أنّ دول التحالف العربي بقيادة السعودية قد حسمت أمرها، كما يبدو، تجاه أي محاولة لإفشال مساعي هذا الملف السياسي الهام، الذي تراه من جهة إنجاز سياسي يحسب بالتأكيد لمساعيها، بعد سلسلة إخفاقات عسكرية لما يسمى الجيش الوطني في مناطق شمال اليمن، تزامنا مع تعثّر المحادثات مع الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران وعودة صواريخ الميليشيات وطائراتها المسيرة الاعتداء على الأجواء السعودية، ومن جهة أخرى لقطع الطريق أمام أي مساعي قوى إقليمية، كتركيا، من اختراق المنظومة السياسية اليمنية والتأثير على مسارات العمل السياسي وربما العسكري مستقبلا.
لم يمنع ذلك فصيل "قطر وتركيا" من محاولة التصعيد ميدانيا في محافظة تعز، بعد تحرك ميليشيات مسلحة تتبع القيادي في الحزب اليمني الإسلامي حمود المخلافي، نحو مدينة التربة والاشتباك مع قوات اللواء 35 مدرع خلال اليومين الماضية. وهو ما رآه خبراء وصحفيون بداية علنية لتهديد مدن المخا وباب المندب وعدن.
يخشى مراقبون من أن تفتح هذه التطورات جبهة عسكرية جديدة مع القوات الجنوبية التي تخوض معارك في جبهات واسعة، في ظل غياب موقف سياسي للتحالف العربي من هذه الميليشيات العسكرية المستجدة، المتواجدة في تعز بشمال اليمن، وفي محافظة شبوة في الجنوب.
ضغط دولي واسع
مقابل ذلك جاء الموقف الدولي كعنصر ضغط أوسع باتجاه ضرورة وسرعة إنجاز هذه الخطوة السياسية، باعتبارها خطوة محورية باتجاه خطوات السلام الشامل.
دعا مجلس الأمن الدولي، الاثنين الماضي، الأطراف المعنية في اليمن إلى التنفيذ السريع لأحكام "اتفاق الرياض"، وطالبهم بالالتزام بحسن نية، للتمكين من العودة إلى السلام في اليمن. جاء ذلك في بيان بموافقة جميع أعضائه البالغ عددهم 15 دولة، وبالتزامن مع وصول المبعوث الأممي إلى اليمن مارتين جريفيث إلى الرياض، وعقده لقاءات سياسية واسعة مع المجلس الانتقالي الجنوبي والرئيس اليمني وحكومة المملكة العربية السعودية.
كما شهدت الأيام الماضية لقاءات دبلوماسية متسارعة لممثلي سفارات أمريكا وفرنسا وبريطانيا والصين مع أطراف يمنية مختلفة، ومنها الأطراف السياسية التي شملها اتفاق الرياض، شددت على ضرورة التنفيذ العاجل للاتفاقية.