لماذا صمتت الرياض عن اتفاق التطبيع بين البحرين وإسرائيل؟

لماذا صمتت الرياض عن اتفاق التطبيع بين البحرين وإسرائيل؟

دولي

السبت, 12-09-2020 الساعة 05:30 مساءً بتوقيت عدن

سوث24| ترجمة خاصة 

التزمت  السعودية، صاحبة القوة الإقليمية، الصمت بشكل ملحوظ بعد إعلان يوم الجمعة عن اتفاقية تطبيع بين إسرائيل والبحرين.

يُنظر إلى البحرين على أنها دولة (تابعة) لجارتها وحليفتها الوثيقة المملكة العربية السعودية، ومن غير المرجّح أن تكون الدولة الخليجية الصغيرة قد مضت قدمًا في التطبيع دون موافقة الرياض.

يُشير اتفاق يوم الجمعة، والتطورات الأخيرة الأخرى، بما في ذلك فتح المملكة العربية السعودية لمجالها الجوي أمام إسرائيل، إلى أنّ (القدس) والرياض ربما تتجهان نحو دفء العلاقات، لكن من المحتمل ألا يتم التوصل إلى اتفاق قريبًا.

نقلت صحيفة نيويورك تايمز في وقت متأخر من يوم الجمعة عن مسؤولين في إدارة ترامب لم تذكر أسمائهم، والذين كانوا يضغطون على السعوديين للاعتراف بإسرائيل قائلين: إنّ هذا الاحتمال لا يزال بعيد المنال، في أحسن الأحوال في الوقت الحالي.

سيكون فتح العلاقات الرسمية مع المملكة العربية السعودية انتصارًا تاريخيًا لإسرائيل، ويمثّل تحولًا مهمًا في المنطقة. لكن السعوديين ظلوا غير ملتزمين، على الرغم من دعم واشنطن للتطبيع والمصالح المشتركة مع إسرائيل.

"من المرجح أن الرياض وافقت على اتفاق حليفها مع القدس في إشارة إيجابية للدولة اليهودية، لكن من غير المرجّح أن يفتح السعوديون علاقات رسمية مع إسرائيل قريبًا" ذا تايم اوف اسرائيل  

لم يعلّق أي مسؤول سعودي علناً على الاتفاق الإسرائيلي البحريني حتى ليلة الجمعة.

والبحرين ثاني دولة خليجية تعلن عن صفقة تطبيع في غضون شهر، على خطى جارتها الإمارات العربية المتحدة. الأردن ومصر هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان تربطهما علاقات رسمية مع إسرائيل.

ومثل الاتفاقية الإماراتية، سيعمل الاتفاق البحريني الإسرائيلي يوم الجمعة على تطبيع العلاقات الدبلوماسية والتجارية والأمنية وغيرها بين البلدين.

عدو مشترك 

وتشترك السعودية وإسرائيل والإمارات والبحرين في إيران، كعدوٍ مشترك، وتقيم علاقات وثيقة مع واشنطن. وتتهم البحرين إيران بالتحريض على احتجاجات الطائفة الشيعية في البلاد، التي تشكّل غالبية سكانها، ضد أسرة آل خليفة السنية الحاكمة.

اعتمدت البحرين على التدخل العسكري بقيادة السعودية لسحق الاضطرابات الداخلية خلال الربيع العربي، واعتمدت على المملكة العربية السعودية ودول أخرى للحصول على الدعم المالي في الوقت الذي تكافح فيه الديون.

عندما زار كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر، الذي ساعد في التوسط في الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي، السعودية والبحرين في وقت سابق من هذا الشهر، قال ملك البحرين إنّ بلاده لن تمضِ قدمًا في التطبيع إلا بالتنسيق مع السعودية، وأنّ الاستقرار في المنطقة مرهون بالرياض.

وسمحت السعودية والبحرين للطائرات الإسرائيلية بالتحليق عبر مجالها الجوي الشهر الماضي، واعتبر ذلك خطوة مهمة إلى الأمام.
في 31 أغسطس، حلّقت طائرة إسرائيلية تابعة لشركة "إل عال" لأول مرة فوق المملكة العربية السعودية متجهة إلى الإمارات العربية المتحدة على متنها وفد أمريكي إسرائيلي بقيادة كوشنر بمناسبة موافقة أبو ظبي والقدس على إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات السرية الطويلة بينهما.

وقال كوشنر يوم الخميس إنّ المجال الجوي السعودي مفتوح الآن أمام جميع الرحلات الجوية الإسرائيلية من الشرق وإليه.

تهديدات مشتركة 

وقالت وزارة المخابرات الإسرائيلية في تقرير في وقت سابق من هذا الشهر إنّ مخاوف الرياض الأمنية تتماشى بشكل وثيق مع مخاوف القدس، مما يمهد الطريق للتعاون.

وقال التقرير: "شبكة التهديدات في المملكة تتداخل إلى حد كبير مع شبكة التهديدات الإسرائيلية، والتي قد تكون بمثابة أساس للتعاون العسكري والاستخباراتي في إطار ثنائي أو كجزء من تحالفات إقليمية".

على المستوى المدني، يقّدم برنامج "رؤية 2030 " السعودية، الذي يحدد الأهداف طويلة المدى للبلاد، بما في ذلك الأمل في تنويع الاقتصاد السعودي، "فرصًا في مجالات صادرات التكنولوجيا، وتطوير قنوات التجارة، والتعاون في الطاقة والكهرباء، الزراعة والغذاء والماء والطيران والسياحة والتوظيف" بحسب التقرير.

وافترض باحثو الوزارة أنّ "التقارب المعتدل والهادئ" بين إسرائيل والسعودية الذي حدث في السنوات الأخيرة كان ممكناً بسبب التغيّرات السياسية والاقتصادية في العالم، ومن بينها انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، تقلّب أسعار النفط، حروب سوريا والعراق واليمن، تضاؤل أهمية القضية الفلسطينية. وصعود ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

تضاؤل الدعم العربي 

على الرغم من دعمها الضمني الواضح للاتفاق الإسرائيلي البحريني، قالت المملكة العربية السعودية إنها لن تطبّع العلاقات حتى توافق إسرائيل على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، تماشياً مع الموقف المستمر منذ عقود لمعظم الدول العربية.

بموجب مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي صاغها العاهل السعودي السابق الملك عبد الله، وافقت الدول العربية على إقامة علاقات فقط مع إسرائيل بعد التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين على أساس خطوط الهدنة لعام 1967.

يبدو أنّ الدعم العربي للقضية الفلسطينية آخذ في التضاؤل. تم تسليط الضوء على ذلك يوم الأربعاء عندما فشلت جامعة الدول العربية في تمرير قرار اقترحته السلطة الفلسطينية كان من شأنه إدانة اتفاق التطبيع الإسرائيلي الإماراتي. 
في إطار اتفاقها مع الإمارات، وافقت إسرائيل على تعليق خططها لضم أجزاء من الضفة الغربية. عارض الفلسطينيون الصفقة بشدة، ووصفوها بـ "الحقيرة" و "الخيانة".

أدانت كل من السلطة الفلسطينية وحركة حماس اتفاق التطبيع الإسرائيلي البحريني يوم الجمعة ووصفته بأنه "طعنة أخرى في الظهر" من قبل دولة عربية و "عدوان" ضد شعبهما.

لماذا صمتت الرياض عن اتفاق التطبيع بين البحرين وإسرائيل؟
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يتحدث في مدينة رام الله بالضفة الغربية، 3 سبتمبر 2020 (ا ف ب) 
 

وأشاد الرئيس المصري بالاتفاق الإسرائيلي البحريني ووصفه بأنه "تاريخي"، بينما لم يشيد الأردن بالاتفاق أو يدينه، وشدد بدلاً من ذلك على أن السلام العادل في المنطقة يجب أن ينهي سيطرة إسرائيل على الفلسطينيين.

التقى كوشنر، الذي يُنظر إليه على أنه لاعب رئيسي في كلا اتفاقي التطبيع، في وقت سابق من هذا الشهر مع ولي العهد السعودي بن سلمان في منطقة نيوم شمال غرب المملكة العربية السعودية، وهي موطن مركز ضخم للتكنولوجيا الفائقة يتم بناؤه من قبل شركة النفط العملاقة ويقال إنه موقع أول صفقة تجارية مفتوحة بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الحكومية أنّ الجانبين بحثا "ضرورة استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لتحقيق سلام عادل ودائم".

كما ناقشا كيفية تعزيز الشراكة الأمريكية السعودية "في جميع المجالات" من أجل تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

اعتراف وشيك 

في الشهر الماضي، بعد الإعلان عن الصفقة الإسرائيلية الإماراتية، قال كوشنر إنّ التطبيع مع السعودية "حتميا".

يُعتقد أن البحرين قد فتحت اتصالات مع إسرائيل بشكل سري في التسعينيات، مع تسارع العلاقات في السنوات الأخيرة. كان الكثيرون يتوقعون أن تكون الدولة التالية التي تفتح علاقات مع إسرائيل، لأنها قدّمت منذ فترة طويلة مبادرات علنية للدولة اليهودية. 

وقد استضافت أول تجمع كبير لجهود السلام لإدارة ترامب، وورشة عمل عن السلام من أجل الازدهار، في المنامة في يونيو 2019.

ومن بين الدول العربية الأخرى التي يعتقد أنها على وشك الاعتراف الكامل بإسرائيل هي عمان والسودان.

ترجمة وتنقيح: سوث24 للأخبار والدراسات 
المصدر الأصلي: The Times of Israel 


البحرين اسرائيل اتفاق سلام السعودية التطبيع