خطر جديد يُنذر بانفجار عسكري واسع.. ما حقيقة الطائرات المسيّرة في أبين؟

خطر جديد يُنذر بانفجار عسكري واسع.. ما حقيقة الطائرات المسيّرة في أبين؟

التقارير الخاصة

الثلاثاء, 06-10-2020 الساعة 01:54 مساءً بتوقيت عدن

سوث24| يعقوب السفياني 

يوم  الرابع من سبتمبر/أيلول للعام الجاري، زعمت وسائل إعلامٍ تابعة للحكومة اليمنية التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون، وشخصيات يمنية في الدوحة وإسطنبول، أنّ طائرة مُسيّرة (بدون طياّر) استهدفت قواتهم في مدينة شقرة بمحافظة أبين، جنوب اليمن، مُسفرة عن إصابة أركان اللواء 39 مدرّع، وجنود آخرين.

وبعد ثلاثين يوماً، تماما في الرابع من أكتوبر 2020، اتهمت القوات الجنوبية قوات الحكومة اليمنية باستخدام طائرات مسيّرة أطلقت، لأوّل مرة، مقذوفات باتجاه مواقع القوات الجنوبية في منطقة "القطاع الساحلي" شرقي مدينة زنجبار.

«سوث24» يبحث في هذا التقرير حقيقة هذه الطائرات بدون طيّار المسيّرة، ومزاعم استخدامها في القتال الدائر بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية في أبين، وما مدى تورّط دول إقليمية في تمويل الميليشيات المسلّحة الموالية للحكومة بهذا النوع من التكنلوجيا العسكرية، وانعكاسات ذلك على مستقبل جهود السلام في جنوب اليمن.

الدرون 

الطائراتُ المُسيّرة أو "الدرون" هي طائراتٌ توجّه عن بعد عن طريق نظم توجيه متطورة، تستخدم في الغالب للمهام الاستطلاعية ورصد التحركات، حاملة كاميرا عالية الدقة، لكنها قد تستخدم أيضا في المهام القتالية حيث تستطيع حمل مقذوفات والهجوم بها، وقد يصل ما تحمله طائرة درون إلى وزن 100 كيلو غرام من المقذوفات والقنابل والصواريخ المُعدةِ لهذا الاستعمال.

تُعتبر طائرات الدرون ضمن الأسلحة الفعّالة في أرض المعركة، وتمثّلُ مع صواريخ "الكورنيت" الحرارية التي تتبع الهدف، أسلحة بالغة التأثير في نزاعات عسكرية كالنزاع في الجبهات اليمنية المختلفة.

اُشتهرت جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن الشمالي باستخدام هذا النوع من الأسلحة، وبدرجة رئيسية في حربها مع المملكة العربية السعودية، فقد حاولت قصف مواقع وأهداف ومطارات ومعسكرات سعودية عشرات المرات طيلة الخمسة الأعوام الماضية، إلا أنّ طائراتها غالباً ما كانت تُسقط [1]. استعمل الحوثيون الدرون في حربهم ضد الخصوم المحليين أيضاً، وبالأخص في جبهات الساحل الغربي وجبهات شمال الضالع التي تقاتل فيها القوات الجنوبية والقوات المشتركة، تم تدمير عددا من هذه الطائرات.

تقفُ إيران - بحسب تقارير استخباراتية وأخرى أممية - وراءَ تزويد الحوثيين بالطائرات المُسيّرة، وخرجَ الأمر من دائرة السرية مع تصريح الناطق باسم القوات الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، لوكالة فارس، أنّ إيران وضعت تقنياتِ إنتاجِ الصواريخ والطائرات المُسيّرة "تحت تصرف" اليمن، في إشارة لجماعة أنصار الله الحوثية التي تدعمها طهران [2].

خطر جديد يُنذر بانفجار عسكري واسع.. ما حقيقة الطائرات المسيّرة في أبين؟
بقايا طائرة إيرانية بدون طيار من طراز قاصف 1، أطلقها الحوثيون على المملكة العربية السعودية، 14 ديسمبر 2017 / أسوشيتد برس
 

 
حربُ أبين 

منذ اندلاعها في 11 مايو/أيار من العام الجري، شكّلت الحرب في محافظة أبين بين القوات الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الحكومية التي يسيطر عليها حزب الإصلاح، تنظيم الإخوان في اليمن، أحد اسوأ النزاعات العسكرية في اليمن منذ حرب تحرير الجنوب عام 2015، ومعارك الساحل الغربي والحديدة، بالإضافة إلى معاركِ شمال الضالع المستمرة منذ فبراير/ شباط 2019.

استخدام الطرفان في هذه الحرب مجموعةً واسعةً من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، معظمها مُقدمٌ من دولتي السعودية والإمارات، اللتان تشكّلان معاً التحالف العربي. الدبابات ومضادات الطيران والمدافع ذاتية الحركة والرشاش بأنواعها المختلفة، والآر بي جي، والعربات والمصفحات والأطقم العسكرية، والصواريخ الحرارية. لكن دخول تكنلوجيا الطيران المسيّر في معارك أبين، يعدُّ تطوّراً خطيراً وفقاً لخبراء عسكريين.

عدا الحوثيين وقوات التحالف العربي، لم يُعرف عن الأطراف العسكرية الأخرى في اليمن استخدامها للطيران المسيّر، إلا إنه في الآونة الأخيرة كثرت اتهامات متبادلة بين القوات الجنوبية وقوات الإخوان المسلمين، باستخدام هذا السلاح.

يقول الخبير العسكري والاستراتيجي العميد الركن ثابت حسين صالح لـ «سوث24» أنّ "تأثير استخدام هذا السلاح في الحرب اليمنية سيكون خطيراً، خاصة اذا ما عرفنا أنّ التحالف كان يستخدم الطيران المسيّر في حرب تحرير الجنوب ضد الحوثي وكان هذ الطيران هو من يُعطي المعلومات حول العدو وطبيعته ويُلزم بالضرورة أن تكون مدفعية مثل مدفعية التحالف والتي كانت توجّه عبر الطيران المسيّر لقصف الأهداف وتلقي المعلومات".

القوات الحكومية في أبين سبقت القوات الجنوبية بإعلانها عن غارة بطائرة مُسيّرة استهدفت دبابة لها في منطقة "الشيخ سالم" بمحافظة أبين، أسفرت عن إصابة أركان اللواء 39 مدرع، العقيد الخضر مقيلب، وإصابة 11 آخرون. واتهمت قنواتٌ فضائية قطرية وأخرى تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، مثل قناة الجزيرة، وقناة بلقيس، الإمارات بتزويد مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي بطائرات الدرون.

خبير عسكري:  "تأثير استخدام هذا السلاح في الحرب اليمنية سيكون خطيراً" 

ولكن بعد يومين فقط من هذه الاتهامات، صرّحَ الناطق الرسمي للقوات الجنوبية محمد النقيب، أنّ طائرتين مسيرتين أطلقتهما القوات الحكومية حامت فوق مواقع القوات الجنوبية، وفي 21 سبتمبر/أيلول، قالَ النقيب إنّ القوات الجنوبية رصدت تحليقَ "طائرة مُسيّرة تابعة للإخوان"، مضيفا أنّ ذلك "تزامنَ مع قصف بقذائف الهاون نفّذته قوات الإخوان".

اُعتبُرَ ترويجُ الجزيرة القطرية والشخصيات الإخوانية المقرّبة من قطر وتركيا لقصة استخدام الطيران المسّير ضد القوات الحكومية بأبين، كجزءٍ من خطتها للتغطية على استخدامها لهذا النوع من السلاح خلال الأيام القادمة، وهو ما أكدّته قيادات عسكرية جنوبية لاحقا.

في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قالَ الناطق الرسمي باسم المنطقة العسكرية الرابعة ومحور أبين، محمد النقيب، إنّ القوات الحكومية التابعة للإخوان المسلمين أطلقت مقذوفات تجاه مواقع القوات الجنوبية بالقطاع الساحلي بأبين.

خطر جديد يُنذر بانفجار عسكري واسع.. ما حقيقة الطائرات المسيّرة في أبين؟
طائرة مسيّرة أسقطتها القوات المشتركة في جبهة مريس بالضالع، ديسمبر 2018 
 

من يستخدم الدرون؟ 

في تقريرٍ لها [3]، قالَت صحيفة «العرب» اللندنية إنّ "إخوانَ اليمن يُشعلون مواجهات أبين لعرقلة تغييرات حكومية تهدّدُ نفوذهم."

التقرير الذي نشرته، بتاريخ 5 سبتمبر/أيلول من العام الجاري أشار إلى أنّ "الإشاعات الإعلامية التي بثها ناشطون وإعلاميون يمنيون مقربون من الدوحة وأنقرة في اليومين الماضيين ادعّوا فيها مشاركة طائرات مُسيّرة ضدهم في ابين، تُشّكلُ تهيئة مسبقة من أجل تبرير استخدام مجاميع تابعة للإخوان في الفترة القادمة طائرات مُسيّرة حصلت عليها من تركيا."

وأشار التقريرُ إلى "تواجد ضباطٍ أتراكٍ في محافظة شبوة المجاورة لأبين يقومون بتدريب عناصر مسلحة تابعة لما يُعرف بمعسكر "الحشد الشعبي" الممول من قطر."

وكان القيادي العسكري في جماعة الإخوان بتعز، عبده المخلافي، الشهيرُ بـ "سالم"، تحدّث في فيديو مُسربٍ عن تلقي الحشد وقوات الجيش الخاضعة لسيطرة الإخوان وعوداً من تركيا بتقديم أسلحة وعربات.

في حديث خاص لـ «سوث24» أكدّ الناطق الرسمي للقوات الجنوبية بأبين، محمد النقيب، استخدام القوات التابعة للحكومة اليمنية هذا السلاح.

واعتبر النقيب أنّ "اتهام ميليشيات الإخوان المسلمين"، للقوات الجنوبية باستخدام طائرات مسيّرة ضدها، كان "غرضها التغطية على استخدامها لهذا السلاح، وهو ما حدث فعلاً بعد يومين فقط، حيث رصدنا طائرتين مسيرتين تابعتين للإخوان تحلقان فوق مواقع قواتنا، وفي 4 أكتوبر الشهر الجاري، اطلقت طائرة مُسيّرة تابعة لذات الميلشيا مقذوفاً باتجاه مواقع قواتنا، ويوم 5 أكتوبر رصدنا طائرتين محلّقتين أجبرتهما نيران قواتنا على العودة".

واعتبرَ النقيب طائرات الدرون الحاملة للمقذوفات التي تستخدمها "ميليشيات الإخوان المسلمين" غير فعّالة في أرض المعركة لأسباب عدة من بينها قدرة وكفاءة القوات الجنوبية في التعامل مع هذه الطائرات.

ويقول النقيب أن ّالمعلومات الأولية تُشير إلى أن هذا النوع من الطائرات "قادمة من تركيا وهي نفسها التي تستخدمها تركيا في حربها ضد الشعب الليبي".