خبير أمريكي: إسرائيل أصبحت عبئاً على واشنطن لا يُمكن تجاهله

خبير أمريكي: إسرائيل أصبحت عبئاً على واشنطن لا يُمكن تجاهله

دولي

الأحد, 18-10-2020 الساعة 01:39 مساءً بتوقيت عدن

سوث24| مايكل روبين 

الكثير  من الجدل الدائر داخل الولايات المتحدة حول إسرائيل عادةً ما يُخطئ الهدف. فالكونجرس يركّز نقاشه حول إسرائيل على عملية السلام: هل المستوطنات الإسرائيلية في المناطق المتنازع عليها تؤخّر فرص السلام؟ هل يجب أن يسبق السلام مع الدول العربية السلام مع الفلسطينيين أم أنّ التطبيع، كما تعتقد إدارة ترامب، يحدث في غياب التقدم على الجبهة الفلسطينية؟ هل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) تُساعد أم عائقاً للسلام؟

في غضون ذلك، يركّز النقاش داخل بعض الجامعات والمنظمات غير الحكومية ومجتمع النخبة في نيويورك على مدى ملاءمة وحكمة وربما معاداة السامية للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. هناك كراهية واسعة النطاق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، داخل الدوائر التقدمية والديمقراطية على نطاق أوسع.

تغفل هذه النقاشات إلى حدٍ كبير عن سبب تحول إسرائيل إلى عبء استراتيجي للولايات المتحدة. السبب لا يتعلق كثيراً بالمشكلات المرتبطة بكيفية تأثير سياسات ومواقف إسرائيل على القضية الفلسطينية، بل يتعلّق أكثر بدعمها وتمكينها لمنافسي أمريكا والدول التي تسعى إلى إعادة كتابة النظام الليبرالي بعد الحرب العالمية الثانية.

"هناك كراهية واسعة النطاق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، داخل الدوائر التقدمية والديمقراطية على نطاق أوسع" 

.. لا تكمُن المشكلة فقط في الصمم الإسرائيلي عندما يتعلق الأمر بالتجارة العسكرية مع الصين، ولكن أيضا في استعداد قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي للترحيب بالاستثمارات الصينية وبيع المنتجات إلى نظرائهم الصينيين.

إنّ الاعتقاد بوجود جدار حماية ذي مغزى بين الصناعات العسكرية الصينية والقطاع الخاص أمرٌ خاطئ. وكذلك فكرة أنّ بكين ستحترم حقوق الملكية الفكرية. نتنياهو أعمته غطرسته أكثر إذا كان يعتقد أنّه يُمكن لإسرائيل إشراك الصين في نزاع القدس مع إيران والأنظمة العربية المتطرفة.

تُعتبر علاقة إسرائيل بروسيا إشكالية أيضاً، على الرغم من أنّها مفهومة قليلاً نظراً للعدد الكبير من الإسرائيليين الذين هاجروا من روسيا والمجتمعات الناطقة بالروسية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ومع ذلك، يبالغ نتنياهو في أهمية علاقاته الحميمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. التجارة العسكرية الإسرائيلية مع روسيا تُعزز في نهاية المطاف موقف روسيا ضد الولايات المتحدة. ربما اعتقد نتنياهو أنّ صفقاته ستعوّض المزيد من التدخل العسكري الروسي مع إيران، لكن التحركات الروسية الأخيرة لإنهاء حظر الأسلحة المفروض على إيران تُظهر سذاجة نتنياهو.
 
يجب على الإسرائيليين أيضاً أن يدركوا أنّ بوتين يلعب لعبة محصلتها صفر من الناحية الاستراتيجية: فهو يعتقد أنه لا يستطيع هو والغرب إيجاد تفاهم يربحُ فيه الجميع، بل يعتقد أنه لكي تفوز موسكو، يجب أن تخسر واشنطن. لقد نجح في تقويض الدعم الإسرائيلي لأوكرانيا وجورجيا على وعدٍ فارغ بأنه لن يساعد إيران. أي تنازل دبلوماسي تمنحه إسرائيل لروسيا يقوّض في النهاية المصالح الإقليمية للولايات المتحدة.

في الآونة الأخيرة، أثبتت إسرائيل أنّها عبئ مع تسارع العدوان التركي في شرق البحر المتوسط والقوقاز. في حين أنّ العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والقدس فاترة، تواصل الحكومة الإسرائيلية توفير الأسلحة لأذربيجان، والتي يستخدم الكثير منها الآن للتطهير العرقي للمناطق التي كانت مأهولة بأرمينيا منذ فترة طويلة. تقليدياً، كان أساس العلاقات الإسرائيلية الأذربيجانية يتعلّق بالتهديد المشترك الذي تُشكّله إيران على كلا البلدين. تعُارض القيادة الإيرانية إسرائيل لأسباب معادية للسامية إلى حد كبير وأسباب أيديولوجية متجذرة وانعكست في كتابات آية الله الخميني. وبالمثل، اعتبرت طهران تقليدياً "باكو" تهديداً لأنّها كانت دولة ذات أغلبية شيعية ساحقة تفوّقت على إيران على الرغم من عدم تبنيها للنموذج الديني الإيراني.

 "تواصل الحكومة الإسرائيلية توفير الأسلحة لأذربيجان، والتي يستخدم الكثير منها الآن للتطهير العرقي" 
 

هذا الحساب عفا عليه الزمن. فاستعداد الديكتاتور الأذربيجاني إلهام علييف لإخضاع استقلال أذربيجان لأهواء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأهداف الإبادة الجماعية يجب أن يُنهي أي فكرة واقعية بأنّ إسرائيل يجب أن تثق أو تدعم أذربيجان. بينما استفادت إسرائيل ذات مرة من إنشاء قواعد معدات المراقبة وخلايا التجسس في أذربيجان، أبدت تركيا في السابق استعدادها لفضح هذه الخلايا في مكان آخر، ومن المحتمل أن تفعل ذلك في أذربيجان.

إن ترحيب علييف بالمرتزقة السوريين المدعومين من تركيا، والذين من المحتمل أن يكون بعضهم قد خدم مع الجماعات المرتبطة بالقاعدة وداعش، يجب أن يكون سبباً فورياً لتعليق أي ثقة في نظام علييف.

إنّ التعاون التركي الأذربيجاني بشأن خطة الحرب الأذربيجانية في ناغورنو كاراباخ وما تلاه من قصف أذربيجاني للكنائس والمجتمعات المسيحية يجب أن يُثير المزيد من التساؤلات حول ما إذا كان علييف يتجه نحو نظرة أردوغان العالمية. 

وبغض النظر عن ذلك، تفقد إسرائيل مكانتها الأخلاقية العالية في حججها بأنه لا ينبغي للدول أن تبيع أسلحة لنظام إيراني يحتمل أن يكون قد قام بالإبادة الجماعية عندما تبيع الدولة اليهودية بعد ذلك أسلحة لنظام يستخدمها لقتل المسيحيين. لقد حان الوقت للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية ومجموعات يهودية أمريكية أخرى عكس مسار التنازلات عن المادة 907 من قانون دعم الحرية والمطالبة مرة أخرى بإنهاء أي مبيعات أسلحة - من الولايات المتحدة أو إسرائيل - إلى أذربيجان.

لا تزال إسرائيل بالتأكيد حليفاً مهماً للولايات المتحدة، والعلاقات الوثيقة بين واشنطن والقدس تفيد كلا الجانبين بشكلٍ كبير. يجب على الولايات المتحدة ألا تغض الطرف أبداً عن الجهود الإسرائيلية المتكرّرة لإيصال الأسلحة والتكنولوجيا لأعداء أمريكا والاتجار بها. لم يقتصر الأمر على أنّ المبررات الإستراتيجية لإسرائيل كانت تستند دائماً إلى افتراضات خاطئة عن حسن نية الصين وروسيا والآن أذربيجان وتركيا، ولكن لا يمكن تجاهل الضرر الذي لحق بالمصالح الاستراتيجية الأمريكية. إذا استمرت إسرائيل في السير على الطريق باعتبارها "عبئاً إستراتيجياً للولايات المتحدة"، فيجب معاملتها على هذا النحو.

باحث مقيم في معهد إنتربرايز الأمريكي
 

  المصدر:  ناشنال انتريست  الأمريكية  
 ترجمة وتنقيح: سوث24 للأخبار والدراسات 
- الصورة: رويترز 

اسرائيل الولايات المتحدة أذربيجان الصين روسيا شرق المتوسط حرب كاراباخ الشرق المتوسط