26-11-2021 at 6 PM Aden Time
سوث24 | أندرو كوريبكو
زعمت قناة الجزيرة في 25 نوفمبر أنَّ الإمارات أقامت جسراً جوياً عسكرياً إلى إثيوبيا دعماً لحملة مكافحة "الإرهاب" التي شنَّتها قوات الدفاع الوطني الإثيوبية ضد جبهة تحرير شعب تيغراي. اعتاد هذا التنظيم أن يكون الفصيل الأكثر نفوذاً في الحزب الحاكم السابق قبل أن يختلف مع رئيس الوزراء آبي أحمد العام الماضي، وبعد ذلك شن كمينًا ضد القيادة الشمالية لقوة الدفاع الوطنية الإثيوبية في منطقته التي تحمل اسمه قبل 12 شهرًا.
أدَّى هذا الهجوم إلى اندلاع الحرب، التي استمرت حتَّى يومنا هذا بعد أن رفضت جبهة تحرير تيغراي وقف إطلاق النار من جانب القوات الإثيوبية خلال الصيف الذي صاحب انسحاب الجيش من منطقة تيغراي، وغزوها بعد ذلك منطقتي عفار وأمهرة المجاورتين أثناء اندفاعها نحو أديس أبابا.
لم تؤكَّد الإمارات ولا إثيوبيا وجود هذا الجسر الجوي العسكري حتَّى وقت كتابة هذا التقرير، لكن لقطات القمر الصناعي التي زعمت الجزيرة أنَّها تلقتها ونشرتها في تقريرها تضيف مصداقية لمزاعمها. إذا كانوا دقيقين، فسيكون هذا أحد أهم التدخلات العسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة حتَّى الآن.
لعبت الدولة الخليجية في وقت سابق دورًا رئيسيًا في الحرب اليمنية التي قادتها السعودية قبل تقليص مشاركتها التقليدية لصالح التركيز في الغالب على تقديم الدعم للمجلس الانتقالي الجنوبي. قبل إعادة ضبط نهجها في هذا الصراع، ورد أنَّ الإمارات أنشأت منشآت عسكرية في إريتريا القريبة والمنطقة الصومالية المنفصلة في أرض الصومال لتسهيل تدخلها هناك.
كل هذا كان متسقًا مع هدف الإمارات في أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في منطقة خليج عدن والبحر الأحمر. تجلى البعد الدبلوماسي لهذه الطموحات في الدور المحوري للشيخ محمد بن زايد في التوسط في السلام بين الخصمين السابقين إثيوبيا وإريتريا في صيف 2018. وحصل قادة هذين البلدين على أعلى وسام مدني إماراتي، ووجهوا الشكر إلى محمد بن زايد على كل ما فعله لإعادة هذه الدول المجاورة معًا بعد ما يقرب من عقدين من التوترات.
من المهم أن نلاحظ أن رئيس الوزراء آبي حصل على جائزة نوبل للسلام بعد عام في عام 2019 لأخذ زمام المبادرة لحل الصراع الطويل الأمد بين بلاده وإريتريا. لذلك أثبتت الإمارات أنها صديق مخلص لإثيوبيا وإريتريا، وهو ما يفسر سبب قيامها بإنشاء الجسر الجوي العسكري الذي تحدثت عنه قناة الجزيرة مؤخرًا. تعد "جبهة تحرير تيغراي" أكبر تهديد لمنطقة القرن الأفريقي حيث توسع النفوذ الإماراتي بشكل كبير على مدى العامين الماضيين.
لا تريد أبو ظبي المخاطرة برؤية التقدم غير المسبوق في السنوات القليلة الماضية يتراجع عن طريق عودة تلك الجماعة المصنفة بـ "الإرهاب" إلى السلطة. وعلى نفس المنوال، تعتبر أبوظبي أيضًا الحوثيين في اليمن تهديدًا مشابهًا لزعزعة الاستقرار يُصنف على أنه "إرهابي" لشبه الجزيرة العربية. مُجتمعان، يمكن أنَّ نستنتج أن التدخل العسكري الرسمي لدولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن والتدخل غير الرسمي المبلغ عنه في إثيوبيا مدفوعان بنفس المخاوف الأمنية الإقليمية.
للتوضيح حول موقف الإمارات العربية المتحدة ضدَّ الجهات المسلحة غير الحكومية التي تعرض السلام للخطر في هذه المناطق المترابطة المتاخمة لمنطقة خليج عدن والبحر الأحمر. قد يتساءل البعض عن سبب دعمها الضمني لانفصاليي أرض الصومال وجنوب اليمن، لكن الاختلاف بين (أرض الصومال/ جنوب اليمن) وبين (جبهة تحرير تيغراي / الحوثيين) هو أنَّ الأول ليس لديه طموحات توسعية بينما يطمح الأخير للسيطرة على الدولة بأكملها.
علاوة على ذلك، مثلما هاجم الحوثيون المملكة العربية السعودية المجاورة، هاجمت جبهة تيغراي إريتريا المجاورة. في الواقع، ظلَّت أديس أبابا غارقة في صراعها الدموي مع أسمرة تحت حكم جبهة تيغراي. وبالتالي، فإنَّ عودتها إلى السلطة ستزعزع استقرار القرن الأفريقي، تمامًا مثلما سيفعل غزو الحوثيين لليمن الشيء نفسه بالنسبة لشبه الجزيرة العربية.
من الأهمية بمكان بالنسبة للعالم أن تكون منطقة خليج عدن والبحر الأحمر مُحاطة بدول مستقرة ومسؤولة، بما في ذلك تلك التي لا تزال غير مُعترف بها حتَّى الآن مثل أرض الصومال وجنوب اليمن.
يٌعتبر هذا الممر المائي مهمًا للغاية بالنسبة للتجارة بين شطري القارة الأوروبية الآسيوية، لدرجة المخاطرة بإغلاق مُحتمل في حالة حدوث حالة طوارئ أمنية إقليمية مثل تهديد الحوثيين و / أو جبهة تيغراي للشحن هناك كجزء من مؤامرة لابتزاز المجتمع الدولي لدعم مطالبهم السياسية.
قد تؤدَّي تطلعات الحوثيين للسيطرة الكاملة على اليمن إلى مثل هذا السيناريو تمامًا مثل مسعى جبهة تيغراي للعودة إلى السلطة في إثيوبيا، والذي قد يؤدَّي إلى حرب أخرى مع إريتريا المجاورة، وكلاهما من شأنه أن يعرض منطقة خليج عدن والبحر الأحمر للخطر. اعترافًا بالقواسم الاستراتيجية المشتركة بين هاتين الحملتين، سواء فيما يتعلق بأهداف الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تقود هذه الصراعات وكذلك مصالح الإمارات في وقفها، يمكن القول إنهما في الواقع جُزءان من حملة أكبر في الصراع في هذا الجزء من العالم.
على الرغم من أنَّ الحوثيين وجبهة تيغراي لا ينسقون جهودهم، على الأقل حتى الآن، فإن كلاهما يأمل في المجيء أو العودة إلى السلطة على التوالي من أجل ممارسة النفوذ - سواء بشكل مباشر في حالة الأول، أو بشكل غير مباشر في حالة الأخير مقابل وضع الضغط على إريتريا - على منطقة خليج عدن والبحر الأحمر ذات الأهمية الجيوستراتيجية.
على النقيض من ذلك، تأمل الإمارات العربية المتحدة في منعهم من القيام بذلك لأنَّها تخشى أن يستغلوا هذا النفوذ لابتزاز الاقتصاد العالمي. بعبارة أخرى، تريد الإمارات وقف ظهور "دول مارقة" جديدة في المنطقة. لا يزال يتعين على معظم المجتمع الدولي الاعتراف بمساهمة أبو ظبي في الحفاظ على الوضع الراهن لمنطقة خليج عدن والبحر الأحمر، على الرغم من أنَّ تدخلاتها العسكرية في هذا الجزء من العالم تهدف إلى دعم مصالح كل عضو مسؤول هناك.
في الواقع، فإنَّ مشروع القانون الذي قدَّمه الحزبان مؤخرًا إلى الكونجرس الأمريكي - والذي أطلق عليه اسم "قانون تعزيز السلام والديمقراطية الإثيوبي لعام 2021" يُهدَّد بفرض عقوبات على شركاء إثيوبيا في السلاح. مع وضع ذلك في الاعتبار، يمكن استغلال تقرير الجزيرة الأخير لتحقيق هذه الغاية إذا قرَّرت إدارة بايدن الاستفادة منه في هذا الاتجاه. ومع ذلك، قد يؤدَّي ذلك إلى مزيد من التخريب لعلاقات الولايات المتحدة المتوترة بالفعل مع الخليج.
بغض النظر عما يحدث في هذا الصدد، من المهم أن يقدّر المجتمع الدولي الدور الرائد لدولة الإمارات العربية المتحدة في ضمان الاستقرار في منطقة خليج عدن والبحر الأحمر، ومواجهة الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تأمل في السيطرة هناك، مما يهدد بظهور "جديد" للدول المارقة التي يمكن أن تبتز الاقتصاد العالمي عبر تهديد الشحن الدولي في ذلك الممر المائي.
يُظهر الدعم البراغماتي لدولة الإمارات العربية المتحدة لأرض الصومال وجنوب اليمن أنَّها ليست ضدَّ الجهات الفاعلة غير الحكومية في حد ذاتها، فقط أولئك الذين يقاتلون للسيطرة الكاملة على بلدانهم ولم يثبتوا أنهم يستطيعون التصرف بمسؤولية بالمعنى الدولي عند الأمر الواقع (الوصول إلى السلطة). مع اشتداد الحرب في إثيوبيا، سيصبح الجسر الجوي العسكري الإماراتي هناك أكثر أهمية من أي وقت مضى.
محلل سياسي أمريكي مقره موسكو
- الصورة: الجسر الجوي الإماراتي المزعوم لإثيوبيا (قناة الجزيرة)
- الآراء الواردة في هذه المقالة تعكس رأي المؤلف
Previous article
Next article