REUTERS
12-06-2024 at 9 PM Aden Time
سوث24 | عبد الله الشادلي
في 30 مايو الماضي، أوقف البنك المركزي اليمني في عدن التعامل مع 6 بنوك تجارية تعمل من صنعاء الخاضعة للحوثيين، قال إنها لم تستجب لتعليمات نقل مقارها من صنعاء إلى عدن.
وشملت البنوك المستهدفة: بنك التضامن، والبنك اليمني الكويتي، ومصرف اليمن والبحرين الشامل، وبنك الأمل للتمويل الأصغر، وبنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، وبنك اليمن الدولي.
وقال البيان إن "البنوك الموقوفة لم تلتزم بالقوانين واللوائح المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب واستمرت في التعامل مع الحوثيين المصنف كجماعة إرهابية".
وجاء القرار قبل يومين فقط من انتهاء مهلة الستين يومًا، التي أعلنها البنك المركزي في 2 نيسان/أبريل، للبنوك التجارية والبنوك الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر التي تتخذ من صنعاء مقرا لها لنقل مقرها الرئيسي إلى عدن.
وفي قرار منفصل خلال اليوم نفسه، أمهل البنك المركزي اليمني في عدن المؤسسات والأفراد 60 يوما لإيداع الفئات القديمة من الريال اليمني المطبوعة قبل عام 2016. وقال مصدر في البنك لمركز سوث24 آنذاك إن هذا الإجراء هو مقدمة لإصدار بدائل لهذه الأوراق النقدية القديمة.
وبحلول 2 يونيو الجاري، كانت المهلة لنقل المقرات الرئيسية للبنوك من صنعاء إلى عدن قد انتهت. ولم يعلن البنك المركزي حتى الآن عن إجراءات جديدة أو بنوك أخرى ضمن قائمة البنوك المخالفة المعاقبة.
لم يستغرق الحوثيون الكثير من الوقت للرد على قرارات البنك المركزي اليمني، حتى أعلن البنك المركزي الخاضع لهم في صنعاء في 31 مايو حظر التعامل مع 13 بنكًا تعمل من عدن ومناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، اثنان منها حكوميان.
فكيف استفاد الحوثيون من وجود البنوك في صنعاء خلال الأعوام الماضية؟
منافع كبيرة
يؤكد الخبير الاقتصادي ماهر باوزير أن وجود المقرات الرئيسية للبنوك في صنعاء كان له منافع اقتصادية جمة للحوثيين ساعدت على تمويل حروبهم الداخلية والخارجية.
وأضاف لمركز سوث24: "من أهم الفوائد التي حصل عليها الحوثيون خلال الفترة السابقة، هي السيطرة على التدفقات النقدية، وتحويل الأموال، وفرض الضرائب والإتاوات، وغسيل الأموال، والحصول على النقد الأجنبي وإدارة الرواتب والمساعدات الأممية الإنسانية".
وأشار إلى أن ذلك "أدى إلى انقسام في النظام المالي اليمني، وعرقل جهود الحكومة في عدن لمكافحة التضخم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتطبيق الإصلاحات".
ويلفت رئيس نقابة الصرافين الجنوبيين حسين البعسي إلى أن "الحفاظ على رساميل البنوك التجارية وإداراتها في صنعاء مكن الحوثيين من إدارة النقد الأجنبي لهذه البنوك في الخارج والداخل".
وأضاف لمركز سوث24: "ازدواجية تواجد هذه البنوك بين صنعاء وعدن، منحت الحوثيين ميزة الاستحواذ على مزادات الدولار الأسبوعية، وشراء تلك المبالغ وتحويلها إلى حسابات البنوك في الخارج. هذا جعلها تحت تصرف بنك صنعاء المركزي وتمويل واردات البضائع عبر ميناء الحديدة على حساب حركة ميناء عدن".
المضاربة بالعملة
ولم تتوقف مكاسب الحوثيين عند هذا الحد، بل امتدت إلى المضاربة بالعملة في مناطق الحكومة اليمنية كما يشير حسين البعسي.
وبشأن هذا الأمر قال: "كما هو معروف بالمنطق والعرف المصرفي عالميًا ومحليًا، فإن من يملك أكبر سيولة، هو من يتحكم بسعر الصرف لأي عملة حسب الاحتياج. وفي بلادنا، فإن الكتلة النقدية وسعر الصرف منذ عقود تحت سيطرة صنعاء".
وأضاف: "الحوثيون قاموا بشراء العملات الأجنبية من أسواق مناطق سيطرة الحكومة اليمنية بشكل يومي، بالتزامن مع سحبهم للدولار والريال السعودي عبر مبيعات الخضار والمياه المعدنية وعشبة القات الضارة".
ويرى الخبير باوزير أنَّ المضاربة بالعملة كانت هي العنصر الرئيس في توجهات الحوثيين في الجانب الاقتصادي ضمن خيارات المواجهة والصراع مع الحكومة والخصوم المحليين. مضيفًا: "لقد نجح الحوثيون في مسعاهم إلى حد كبير".
وأردف: "جميعنا نلاحظ الانهيار المستمر للريال اليمني في مناطق سيطرة الحكومة، وما يقابله من ثبات لقيمته في مناطق سيطرة الحوثيين. هذا الفارق ليس له أي أساس اقتصادي وما هو إلا مؤشر على مدى نجاعة المضاربة بالعملة التي يمارسها الحوثيون".
خطوات إضافية مطلوبة
طالب رئيس نقابة الصرافين الجنوبيين بإيقاف التعامل مع البنوك التي ترفض قرار النقل، وإيقاف بيع المزادات للبنوك الفرعية التي تتخذ من صنعاء مركزاً لها. كما طالب بتحويل كل اعتمادات توريد البضائع إلى البنوك التي تتخذ من عدن مركزاً رئيسياً لمقراتها، واستيراد البضائع عبر ميناء عدن.
واقترح البعسي على البنك المركزي في عدن ضخ الدولار بالبيع نقداً في عدن وتوزيعه على كل شركات ومنشآت الصرافة، وتوريد قيمة كل مزاد يباع بالدولار من العملة المحلية نقداً إلى البنك المركزي في عدن فقط، وعدم توريدها إلى أي فرع من فروع البنك المركزي في تعز أو مارب.
وخلال الأيام الماضية، تم اتخاذ قرارات إضافية بالفعل من الحكومة التي تتخذ من عدن مقرً لها، مثل قرار نقل أرصدة طيران اليمنية من صنعاء إلى عدن والخارج، وقرار نقل مقرات شركات الهاتف النقال من صنعاء إلى عدن أيضًا. كما دعت الحكومة وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى نقل مكاتبها.
ومع ذلك، لازال من المبكر الحكم على مدى تأثير هذه القرارات على الحوثيين من الناحية الاقتصادية، في ظل المخاوف من تدخل طرف ثالث لوقفها، أو أن تكون هذه القرارات شكلية دون خطوات حقيقية عملية. بالإضافة لذلك، تبرز المخاوف من إمكانية الحوثيين الالتفاف على هذه الإجراءات.
وتقف المخاوف الإنسانية المتعلقة بالكتلة السكانية الأكبر في شمال اليمن حيث يسيطر الحوثيون كعائق محتمل أيضًا. وقد تعززت هذه المخاوف مع حملة الاعتقالات الأخيرة التي شنها الحوثيون ضد موظفين أممين في صنعاء تم اتهامهم، إلى جانب موظفين يمنيين سابقين في السفارة الأمريكية بصنعاء، بالعمالة والتجسس لصالح الاستخبارات الأمريكية والموساد الإسرائيلي.
ومن شأن تعليق النشاط الإنساني الأممي في اليمن أن يدفع بالملايين في مناطق سيطرة الحوثيين نحو المجاعة مع تخلف الحوثيين عن دفع المرتبات للموظفين المدنيين رغم الإيرادات الهائلة التي يتحصلون عليها من ميناء الحديدة والضرائب بمختلف أنواعها، بالإضافة لقطاع الاتصالات والقطاع المصرفي.
بالإضافة لذلك، لا يمكن إهمال بعض التداعيات السلبية التي فرضتها قرارات البنك المركزي في عدن على السكان في مناطق الحكومة حيث يبلّغ عملاء ومودعون عن تعذر سحب أموالهم من البنوك المعاقبة، وفي مقدمتها بنك اليمن الدولي.
وتتحجج هذه البنوك بغياب السيولة النقدية، دون أي تدخل من البنك المركزي الذي يعتبر وفقًا للقانون ضامنًا لكل المودعين.
أيضًا، لازالت العملة المحلية في انهيار مستمر حيث تخطّى الدولار الأمريكي الأربعاء في عدن 1800 ريالًا يمنيًا للبيع، بالتزامن مع ارتفاع أسعار السلع الغائية، وإضراب أفران الخبز عن العمل.