23-12-2020 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| قسم الترجمات
قد تستغرق المصالحة الكاملة بين قطر وأربع دول عربية بشأن أزمة دامت ثلاث سنوات وقتاً أكثر قليلاً بسبب الحوادث البحرية مع البحرين.
وكانت الأنباء في الأسابيع الأخيرة في الخليج العربي تحدّثت عن اتفاق نهائي بين السعودية والامارات ومصر والبحرين خلال قمة مجلس التعاون الخليجي التي كان من المقرر أن تُعقد في البحرين في نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي إلا أنها نُقلت إلى الرياض وأُرجئت إلى الخامس من كانون الثاني/يناير.
لكن في أواخر الشهر الماضي، أوقفت ثلاث سفن تابعة لخفر السواحل القطري قاربين تابعين لخفر السواحل البحريني كانا عائدين من المشاركة في مناورات بحرية، مما أدى إلى توتر بين البلدين. ووقع حادث ثانٍ يوم السبت عندما اعتقل خفر السواحل القطري ثلاثة أشخاص على متن طراد بحريني يصطاد الأسماك في المياه الإقليمية القطرية.
وفي 12 ديسمبر/كانون الأول، وصفت وزارة الداخلية البحرينية الحادث بأنه "لا يتفق مع مبادئ" دول مجلس التعاون الخليجي، وقالت إنه يعكس "عداء" قطر.
في يونيو/حزيران 2017، بدأت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، إلى جانب مصر غير العضو في مجلس التعاون الخليجي، حصاراً جوياً وبحراً وبراً لقطر، بدعوى أنّ قطر تدعم الإرهاب وهي قريبة جداً من إيران. وقد نفت قطر هذه الاتهامات ورفضت الامتثال لمطالب المجموعة بإغلاق قاعدة عسكرية تركية على أراضيها وتخفيض العلاقات الدبلوماسية مع إيران.
ولم تؤكد ولا تنفي أي من الدول المعنية بالنزاع أنّ اتفاق مصالحة سيصدر في قمة مجلس التعاون الخليجي المقبلة، المقرر أن يحضرها أمير قطر الأمير تميم بن حمد آل ثاني.
وكان وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر الصباح أعلن في وقت سابق من هذا الشهر خلال كلمة بثها التلفزيون الكويتي أنّ "محادثات مثمرة" جرت بوساطة كويتية وأمريكية لحل الأزمة بين قطر والبحرين والسعودية والإمارات ومصر. وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أعلن في الرابع من كانون الاول/ديسمبر خلال الجلسة الاولى من حوار المنامة أنّ حلفاء بلاده "على الخط نفسه" في ما يتعلق بحل الأزمة الخليجية وأنّه من المتوقع التوصل إلى اتفاق نهائي قريباً.
كما صدرت بيانات عن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، ووزير خارجية مصر سامح شكري في وسائل الإعلام المحلية حول أهمية التوصل إلى اتفاق لإنهاء الأزمة. بيد أنّه لم ترد أية تصريحات رسمية من البحرين .
صعّدت وسائل الإعلام البحرينية من مستوى الخطاب ضد قطر هذا الشهر، بعد تصريحات وزير الخارجية الكويتي حول قرب إبرام اتفاق خليجي شامل، في حين قللت وسائل الإعلام في السعودية والإمارات ومصر من حدة هجماتها على الدوحة.
وفي أعقاب الحادث الأول الذي وقع في 25 نوفمبر/تشرين الثاني مع خفر السواحل القطري، وصف وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني، في بيان رسمي، الحادث بأنه "هجوم على البحرين، تسعى قطر من خلاله إلى الإكراه السياسي، في حين تتعامل البحرين دائماً مع هذه الأوضاع بضبط النفس والحكمة".
ورداً على سؤال برلماني، قال الزياني إنّ "البحرين لن تتخلى عن أي من أراضيها أو مياهها الإقليمية، في حين حاولت قطر تزييف الحقائق أمام محكمة العدل الدولية عام 2000، وكانت تعتقل الصيادين البحرينيين في المياه الإقليمية البحرينية، وتصادر قواربهم، وتسجنهم هناك، وكانت البحرين صامتة من أجل حماية وحدة الخليج".
وأضاف إنّ "مملكة البحرين ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان حقوقها السيادية وحقوق مواطنيها وفق الآليات المتاحة تحت مظلة مجلس التعاون، على الأقل في الوقت الراهن".
"البحرين تؤمن بأنها تنازلت كثيراً من أجل الوحدة الخليجية، والحوادث التاريخية شاهدة"
وأدان محمد السيسي البوعينين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن القومي في مجلس النواب البحريني، خلال مؤتمر صحفي "الممارسات الاستفزازية السخيفة التي تمارسها السلطات القطرية تجاه البحرين، والتي تشكّل اعتداءً على سيادة البحرين في مياهها الإقليمية وانتهاكاً للقوانين والمواثيق الدولية"، في إشارة إلى مواجهة خفر السواحل الشهر الماضي عقب مناورة المنيع البحرية شمال دال الدبال.
وتعليقاً على أنباء المصالحة الخليجية الوشيكة، قال لـ"ميديا لاين" بأنّه "لا يوجد شيء رسمي حتى الآن".
وأضاف أنّ الحادث وقع في المياه الإقليمية للبحرين كما نص عليه قانون عام 1993 المتعلق بالبحر الإقليمي لمملكة البحرين والمنطقة المجاورة لها، وأن "أحكام هذا القانون لا تزال سارية المفعول ولم يتم إلغاؤها أو تعديلها بأي تشريع آخر ولا تزال سارية المفعول، مما يدعم حق المملكة في الاستمرار في ممارسة سيادتها على مياهها الإقليمية ولا يجوز الاستسلام أو التنازل عن أي شيء من أراضيها".
وقال مسؤول كويتي لـ"ميديا لاين" إنّ "البحرين ترغب في الحصول على ضمانات بضرورة وقف الهجمات القطرية على أراضيها، وتدخلها في الشؤون الداخلية للبحرين، ودعم قطر للجماعات الإرهابية في المنامة، ويجب وقف جميع محاولات قطر للاستفادة من المزيد من المياه الإقليمية البحرينية".
وأضاف: "تعتقد البحرين أنها تنازلت كثيراً من أجل الوحدة الخليجية، والحوادث التاريخية شاهدة. وهي تعتقد أنه لا ينبغي استبعاد أي اتفاق خليجي قادم من مصلحتها وأنّ البحرين لن تتنازل مرة أخرى".
على سبيل المثال، قال: "كانت البحرين قد تخلّت في السابق عما يسمّى بمنطقة الزبارة، وقطر تتبع البحرين تاريخياً، وبالتالي فإنّ التوتر بين البحرين وقطر مستمر، والنزاع على بعض الحدود البحرية لم يُحسم بعد، حيث تلتزم البحرين بما تم الاتفاق عليه سابقاً، وتسعى قطر إلى تغيير هذا الاتفاق".
"النظام القطري يقوم على عقلية إرهابية متطرفة، وعلى الجميع أن يضع هذه النقطة في اعتبارهم" سعد الرشيد
وشدّد على أنّه "لن يتم التنازل عن الشروط الـ 13 التي نصت عليها دول (الرباعية العربية)، ولكن ربما سيتم الاتفاق على خطة عمل تتعلق بتنفيذ هذه الشروط".
وأضاف "المشكلة ليست في الشروط الـ13 فقط، بل في التوتر القائم منذ فترة طويلة بين البحرين وقطر، ولا نعرف كيف سيتم حلها، خاصة وأنّ العدوان القطري الأخير من قبل خفر السواحل جاء في الوقت الذي تجري فيه المفاوضات لحل أزمة الخليج، وقد يبدو الأمر وكأنه عدم جدية من جانب قطر لحلّ النزاع مع البحرين تحديداً".
وقال المحلل السياسي البحريني سعد رشيد لـ"ميديا لاين" إنّ "النظام القطري أساء فهم المصالحة".
وقال إنّ "المصالحة ليست، كما يعتقد البعض، وكأن شيئاً لم يحدث. إنّ الدول المقاطعة لن تتنازل عن شروطها، والدوحة مطالبة بتنفيذها. أما بالنسبة لتسويق الكويت، فهو أمر إيجابي، ولكن هناك فرق بين الرغبات والواقع، وهذا النظام يقوم على عقلية إرهابية متطرفة، وعلى الجميع أن يضع هذه النقطة في اعتبارهم. إن بلداننا لن تتخلى عن أمنها واستقرارها لإرضاء أمريكا أو أي شخص آخر".
أكدت الكاتبة البحرينية سوسن الشاعر، القريبة من مراكز صنع القرار في البحرين، في العديد من المقالات الأخيرة التي هاجمت فيها قطر أن لا أحد يراهن على موقف مملكة البحرين في حماسها لتماسك منظومة مجلس التعاون الخليجي.
وأضافت في إحدى مقالاتها: "أخيراً، نحن في سلام مع عودة قطر إلى أحضانها الطبيعية ومنزلها الأصيل الحقيقي. وهذا لن يكون على حساب أمننا ولا على حساب سيادتنا على حدودنا".
وقال روبرت موغيلنيكي، الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، لصحيفة "ميديا لاين": "لقد طال أمد هذه الأزمة بما يكفي، على الرغم من تجدد الاهتمام السياسي، ليس هناك بالضرورة شعور حاد بالإلحاح في حلها.
وقال موغيلنيكي: "وجدت كل من قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة سبلاً للتخفيف من الآثار الاقتصادية الأسوأ للأزمة والتوصل إلى وضع قائم مستدام، وإن لم يكن مثالياً. وقال "إنّ التوصل الى قرار حقيقى يرضي بشكل كاف مختلف الأطراف الخليجية سيكون عملية بطيئة وشاقة".
"إنّ المقاربات المختلفة للتطبيع مع إسرائيل تثبت أنّ لكل دولة خليجية مصالح وجداول زمنية مختلفة مرتبطة بالقضايا الإقليمية. وتنطبق الديناميكيات نفسها على الحل المحتمل لأزمة الخليج التي تشمل قطر. ومن الممكن تماماً أن تفشل هذه المناقشات في تحقيق اختراق كبير ودائم – فقد حدثت أشياء غريبة في عام 2020".
وقالت إيلانا ديلوزيير، وهي زميلة باحثة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، لصحيفة "ميديا لاين" إنّ التقارير عن "إصلاح الصدع الخليجي هيمنت على الأخبار، كما تفعل كل عام، في الفترة التي تسبق القمة السنوية لمجلس التعاون الخليجي. وعلى غرار السنوات الماضية، يبدو أنّ الرياح تخرج من الأشرعة مع اقتراب القمة السنوية".
وقال ديلوزيير "إنّ السعودية بدت هذا العام، كما حدث فى العام الماضي، أكثر انفتاحاً على رأب الصدع بين دول اللجنة الرباعية، بيد أنّ الجهود السعودية القطرية لإيجاد إجراءات لبناء الثقة التي يمكن أن يوافقوا عليها ويثقوا بها كانت صعبة"، وأضافت "من المحتمل أن يسحبوا الأرانب من القبّعة فى يناير، ولكن حتى لو حدث ذلك، فإنّ الشفاء الفعلي للصدع سيستغرق وقتا. لن يكون الشراء فورياً".
- المصدر الأصلي بالإنجليزية: ميديا لاين / حذيفة إبراهيم
- عالجه ونقحه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات