01-01-2021 الساعة 2 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| عدن
بعد أقل من 24 ساعة من الاستهداف الصاروخي الجماعي الذي ضرب مطار عدن الدولي في جنوب اليمن، وأسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، بينهم صحفيين ومدنيين، أثناء وصول حكومة المناصفة الجديدة، أقرت الميليشيات الحوثية ضمنياً بمسؤوليتها عن "العملية الإرهابية" بحسب خبراء، في الوقت الذي اعتبرت فيه الأمم المتحدة الهجوم بأنّه "جريمة حرب".
وقال عضو ما يسمّى "المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، القيادي محمد علي الحوثي، عقب الهجوم، أنّ "الخبراء الاستراتيجيين" يستطيعون الآن أن يقولوا بأنّ الحوثيين وصلوا لمرحلة ما اعتبرها "توازن الردع".
وأضاف القيادي الحوثي، على صفحته الرسمية بتويتر، وهو يفاخر بهذا الإنجاز أنّ ما حصل "انتصار حققه الابطال اليمنيين من المؤسسة العسكرية والأمنية"، وقال "هذا ما يمكن أن يفاخر به ملايين الشعب اليمني الصامدين الشرفاء والمضحين الكرماء".
الصحفي والباحث من جنوب اليمن، حسام ردمان، اعتبر "دلالة هذا التصريح أعمق من مجرد الاعتراف بالجريمة، وهو أمر كان جلياً منذ البداية"، كما يقول، لكنه تعجّب "أن يجازف التيار المرتبط عضوياً بطهران بتحمّل مسؤولية هذا العمل الإرهابي على عكس ما قد تقتضيه مصلحة الجماعة الحوثية."
وبحسب ردمان أنهّ لمّا "أخفقت عملية المطار في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، يحاول محمد علي الحوثي أن ينتزع من خلالها زخم إعلامي".
وقال ردمان في تعليق، بعث به لـ «سوث24»، على حديث الحوثي "قرار قصف المطار كان إيرانيا بامتياز، ورئيس الوزراء تحدّث بالأمس عن معلومات تُفيد بدور مباشر لخبراء إيرانيين قاموا بالتخطيط والتنفيذ."
وبحسب ردمان لا يمكن فصل هذا التصعيد عن السياق الإقليمي "إذ توعّدت طهران بالرد بقوة في ذكرى مقتل سليماني، واليمن أصبحت ساحتها المثالية للرد."
وكانت الخارجية اليمنية قد اتهمت ميليشيات الحوثي بالوقوف خلف "العملية الإرهابية" من خلال إطلاق أربعة صواريخ باليستية من مطار الجند بمحافظة تعز، شمال اليمن.
من ناحيته اعتبر الباحث في الشؤون السياسية اليمنية بدر محمد، لـ «سوث24»، أنّ تصريحات الحوثي، ذات شقيّن، "شق خارجي عام يضع لعملياته العسكرية مشروعية حربية تحاول أن تستمد قوتها مما يعتبرها مشروعية لعبة دولية تتشكل في المنطقة على محورين متضادين إسلامي وعربي."
وهناك شق داخلي، بحسب محمد، "يرتبط بالاعتراف بالمسؤولية الجنائية عن حادثة استهداف الحكومة في مطار عدن الدولي، لكنه اعتراف يحاول أن يرقى بالفعل إلى مصاف صراع قوى وتوازنات دولية، بهدف التهرب من المسؤولية الجنائية ومن الإدانات الدولية والاستنكار الشديد لحادثة مطار عدن".
ونقلت قناة المسيرة التابعة للحوثيين، عن اللواء أبو علي الحاكم تهديدات بمزيد من الهجمات في العام الجديد، بعد ساعات من الهجوم الصاروخي على مطار عدن.
وقال الحاكم، وفقاً لخبر عاجل بثه موقع القناة الرسمي، "ما هو آت في العام 2021 سيفاجئ العدو بأكبر مما تحقق في العام 2020 بكثير."
وحاولت إيران نفض يدها من المسؤولية عن الهجوم الإرهابي، من خلال تحميل التحالف الذي تقوده السعودية المسؤولية.
وقالت وكالة فارس أنّ الخارجية الإيرانية دانت الهجوم الذي تعرض له الأربعاء مطار عدن. وقال متحدث الخارجية الإيرانية، سعيد الخطيب، "يمثل هذا النوع من أعمال العنف وقتل المدنيين نتيجة لنظرة المعتدين والمحتلين الذين دمروا اليمن كله باسم تحالف مختلق".
وتزامن الهجوم الإرهابي على مطار عدن الدولي، مع زيارة السفير الإيراني في صنعاء، حسن إيرلو، لضريح الرئيس السابق صالح الصمّاد، الذي قتل في غارة جوية للتحالف العربي، في أبريل / نيسان 2018.
ورأى الباحث بدر محمد هذه الزيارة حملت رسالة، مفادها أنّ "عملية استهداف الحكومة عمل مشروع ويندرج في سياق الرد على علنية استهداف الصماد وتصفيته".
جريمة حرب
وجدد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتين غريفيث "إدانته المُطلقة للهجوم الجبان الذي وقع على أعضاء الحكومة اليمنية فور وصولهم لمطار عدن".
وقال السيد غريفيث، خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية اليمني، السيد أحمد بن مبارك: "لقد كان يوم أمس يومًا حزينًا للغاية لليمن."
واعتبر غريفيث أنّ "استهداف المدنيين والمنشآت المدنية هو خرق خطير للقانون الدولي الإنساني. وقد روَّع هذا الهجوم المستهجن على المدنيين في عدن، وأيضًا في جميع أنحاء البلاد."
وأكدّ غريفيث "إنّ انتهاكًا بهذا الحجم قد يمثل جريمة حرب."
واعتبر غريفيث "إن تشكيل الحكومة الجديدة هو بارقة أمل أنّ المصالحة ممكنة." وأنّ "هذا الهجوم المروّع هو محاولة متعمدة لتحويل هذا الأمل إلى شقاق ويأس، ولعرقلة الجهود الرامية لتحقيق السلام".
وقوبل الهجوم الذي وُصف بـ "الإرهابي" على مطار عدن الدولي، باستنكار عربي ودولي واسع.
عامل يجمع مخلفّات نجمت عن الهجوم الصاروخي في مطار عدن، صباح الخميس. (نشطاء)
تحدي واصطفاف
وحمّل المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة المناصفة الجديدة، ميليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، مسؤولية الهجوم.
وطالب المجلس الانتقالي الجنوبي في خطاب تلفزيوني للمتحدث الرسمي، نزار هيثم، المملكة العربية السعودية، بدعم القوات الأمنية في جنوب اليمن، ومساندتها لوجستياً.
ورفض الباحث السياسي، حسام ردمان، اتهام القوات الأمنية في عدن بالتقصير. وقال ردمان في حديث تلفزيوني لـ "قناة بلقيس" أنّ "اتفاق الرياض استطاع أن يعيد إلى حدٍ كبير هيكلة البنية الأمنية في عدن" وأنّ "جميعها باتت موحدة القيادة والتحركات والأوامر" مشيراً إلى أنّ رئيس الوزراء يتحرك بحماية هذه الأجهزة الأمنية.
وتعرض التحالف العربي الذي يتحكم بأجواء اليمن، للانتقاد لعدم، توفير منظومات حماية جوية مسبقة للمقرات والمنشآت الاستراتيجية في عدن، عاصمة جنوب اليمن.
وكان الناطق الرسمي لحكومة المناصفة، قد اتهم القوات الأمنية في عدن بالتقصير، وشنّ هجوما ضدها، في حديث تلفزيوني، الخميس. وأثار حديثه موجة سخط على وسائل التواصل الاجتماعي.
ولم يثنِ الهجوم الصاروخي الحكومة عن أداء مهامها، حيث ظهرت أكثر تحدياً وإصراراً على تجاوز الهجوم الدموي.
أمس الخميس عقدت الحكومة اجتماعها الوزاري الأول في عدن. وزار مسؤلون في الحكومة والسلطات المحلية بعض الجرحى الذين أصيبو في الهجوم، كما زاروا مطار عدن الدولي وتفقدوا الخسائر الناجمة عن الهجوم.
وبدأت إعادة صيانة المطار منذ صباح الخميس الباكر. وقال مسؤولون في وزارة النقل أنّ المطار سيُعاد العمل فيه خلال اليومين القادمين.
وقال محافظ العاصمة عدن، أحمد حامد لملس، على صفحته الشخصية، على فيسبوك "طوينا صفحة عام بحزنها وأفراحها متحدّين كل الصعاب رافعين رآية التحدي والعمل لنستقبل عامًا يملؤنا فيه الأمل والتفائل وترتفع فيه الهمم نحو غدٍ أجمل".
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات