هل فشل الحسم العسكري؟ دلالات تصنيف الحوثيين «جماعة إرهابية»

هل فشل الحسم العسكري؟ دلالات تصنيف الحوثيين «جماعة إرهابية»

التحليلات

الثلاثاء, 12-01-2021 الساعة 12:21 صباحاً بتوقيت عدن

سوث24| قسم التحليل 

تدخلُ  الأزمة في اليمن منعطفاً جديداً مع تصنيف الولايات المتحدة جماعة الحوثيين اليمنية جماعة إرهابية، وإدراج ثلاثة من قادتها البارزين، بينهم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، ضمن قائمة الإرهاب، وفقا لبيان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، مساء الأحد.

جاء هذا القرار بعد يومين من زيارة مبعوث الأمم المتحدة، مارتين غريفيث، إلى عدن، الجمعة الماضية، التقى خلالها أطراف حكومية، قادماً من العاصمة السعودية الرياض، حيث قابل هناك الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ومسؤوليين سعوديين، في محاولة لإحياء مفاوضات "الإعلان المشترك" بين الحوثيين والحكومة اليمنية، التي يقود جهودها غريفيث من أجل التوصل لسلام شامل في البلد، الذي مزقّته ست سنوات من الحرب.

مصير السلام! 

بمعزل عن المبررات القانونية والأخلاقية التي أوردها قرار التصنيف لجماعة "أنصار الله"، المدعومة من إيران، يرى الحوثيون أنّ ذلك سيعقّد بلا شك من جهود المبعوث الأممي، ويعرقل مسار السلام، وفقا للقيادي البارز في الجماعة، محمد البخيتي، في تصريحات نقلتها قناة الجزيرة القطرية.

وعلى عكس ما تخطط له واشنطن، قال البخيتي في تغريدة على تويتر: "‏عما قريب ستكتشف أمريكا خطأ حساباتها وأنها قد قيّدت نفسها ومنحتنا شرعية أكبر لمواجهة عدوانها، فنحن مستعدون لمواجهة أي تصعيد".

على النقيض، تراهن الحكومة اليمنية الجديدة، المتمخضة عن اتفاق الرياض، التي رحبت عدد من هيئاتها بقرار واشنطن، بأنّ ذلك قد يدفع الجماعة الحوثية للإذعان لصوت السلام، وكف يدها عن استمرار قتل المدنيين ووقف عملياتها "الإرهابية". 

وقال بيان الترحيب الصادر عن الحكومة "نعتقد أنه ينبغي الاستمرار في تصعيد وتكثيف جميع الضغوط السياسية والقانونية على الحوثيين، من أجل تهيئة الظروف المواتية لحل سلمي للصراع، والذي يهدف إلى إيجاد حل نهائي لهذا الصراع المأساوي الذي طال أمده في اليمن".

"من شأن هذه الخطوة الأمريكية، أن تُعيد حسابات غريفيث، وتعقّد مساعيه المستعجلة لإتمام صفقة سياسية" 

الطرف الثالث القوي في اليمن، المجلس الانتقالي الجنوبي، رحّب بالخطوة الأمريكية، و"أي خطوة من شأنها وضع حد لممارسات هذه الجماعة وغيرها من الجماعات الإرهابية المتطرفة".

كان رئيس المجلس اللواء عيدروس الزبيدي، قد استاء، في تصريحات حديثة منذ يومين، لقناة سكاي نيوز، من استمرار تجاهل المبعوث الأممي للمجلس وعدم إشراكه في مفاوضات "الإعلان المشترك" التي يقودها. 

من شأن هذه الخطوة الأمريكية، أن تُعيد حسابات غريفيث، وتعقّد مساعيه المستعجلة لإتمام صفقة سياسية، بمعزل عن مشاركة الطرف الأكثر فاعلية وتأثير شعبي وعسكري في جنوب اليمن، والشريك الرئيس في حكومة المناصفة.

"لا سلام بدون الجنوب"، قال الجنرال العسكري البارز، الزبيدي "مالم نشارك في الحل النهائي، سنمثّل الجنوب بكل الطرق المتاحة لنا.. نحن من نملك الأرض."

خيارات بديلة 

بعد ست سنوات من العمليات العسكرية في اليمن، فشل التحالف العربي في إخضاع ميليشيات الحوثي، التي طوّرت قدراتها العسكرية كثيراً، بدعم من إيران، ووسّعت سيطرتها الجغرافية على أراضي شمال اليمن. بات سلاحها الباليستي والمسيّر مصدر تهديد كبير للملكة العربية السعودية وخصومها في اليمن. شنّت الجماعة هجمات صاروخية عديدة خلال السنتين الماضيتين، استهدفت منشآت عسكرية واقتصادية استراتيجية داخل المملكة وداخل اليمن، وقتلت العشرات من المدنيين.


اعتبر بيان الخارجية الأمريكية الهجوم الصاروخي "القاسي" الذي استهدف مطار عدن الدولي، في 31 ديسمبر كانون الثاني الماضي، مبررا عملياً لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية.

وقال البيان "لا نحتاج إلى أن ننظر إلى أبعد من الهجوم القاسي الذي استهدف المطار المدني في عدن في 30 ديسمبر/كانون الأول، والذي ضرب فيه الحوثيون محطة الوصول، مما أسفر عن مقتل 27 شخصاً، بينهم ثلاثة من موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لرؤية الدمار الذي يواصل الحوثيون إلحاقه بالمدنيين والبنية التحتية المدنية."


فشل الحسم العسكري، الذي كلّف التحالف مئات المليارات من الدولارات، بسبب خطأ مراهنته على قوات "الجيش الوطني" الهشة، التابعة لحكومة الرئيس اليمني هادي، لتحقيق إنجاز عسكري في شمال اليمن، دفع إدارة ترامب، في آخر أيامها، لإنقاذ حلفائها في الخليج، بقرار التصنيف، كبديل عملي، من شأنه إخضاع الحوثيين، ودفعهم نحو إنهاء الحرب، ولكن ليس بشروطهم، هذه المرة.

قالت الخارجية السعودية في بيان ترحيب بالقرار الأمريكي أنّ "هذا التصنيف سيؤدي لدعم وإنجاح الجهود السياسية القائمة وسيجبر قادة الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران على العودة بشكل جاد لطاولة المشاورات السياسية".

القرار أيضاً رسالة بارزة لإيران، ووكلائها، بأنّه لا يسمح لها بالعبث بأمن دول حلفاء الولايات المتحدة، وتهديد المدنيين في تلك الدول، دون عقاب. 
قال مسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية في تصريحات نقلتها العربية أنّ «ميليشيا الحوثي الإرهابية تتلقى الدعم من الحرس الثوري الإيراني»، و «حان الوقت للحوثي فهم الرسالة ووقف التنسيق مع إيران، وتنصيفهم كمنظمة إرهابية رسالة للنظام الإيراني».

لا يمكن الجزم أنّ قرار التصنيف هذا، قد يُخضع الحوثيين بسرعة لشروط التحالف الذي تقوده الرياض. سبق وصنّفت الولايات المتحدة جهات إيرانية ووكلاء إيرانيين في المنطقة بالإرهاب، لكنها لم تحد من تهديداتهم. بالمقابل، من شأن هذا القرار، أن يربك حسابات إيران في اليمن، وربما قد يعمّق الانقسامات داخل قيادة الجماعة الحوثية. 

ربما قد تسهم الضغوط الاقتصادية والإنسانية الناتجة عن هذا القرار، في دفع الحوثيين نحو تقديم مزيد من التنازلات. 

عقبات وتعقيدات 

لكنّ هذه الضغوط الاقتصادية والإنسانية هي التي أثارت تنديد منظمات وجهات دولية وإنسانية، محذرّة بذات الوقت من عواقب اقتصادية وإنسانية، ستمس المواطنين الذي يعيشون في أراضي سيطرة الحوثيين، والذين يشكّلون غالبية الشعب اليمني.

سكوت بول مسؤول الشؤون الإنسانية في فرع منظمة أوكسفام الخيرية في الولايات المتحدة ناشد الرئيس المنتخب جو بايدن إلغاء هذا التصنيف بمجرد توليه السلطة، واصفا الإجراء الأمريكي بأنه "يأتي بنتائج عكسية وخطير"، وفقا لوكالة رويترز. 

لكنّ حتى "قرار التراجع عن تصنيف الحوثيين يشكّل تحدياً"، كما يقول تقرير نشرته سي إن إن الإنجليزية الاثنين. وأضافت القناة الأمريكية "ستجعل هذه الخطوة من الصعب على إدارة بايدن القادمة وضع سياسة لليمن."

وحث المجلس النرويجي للاجئين الحكومة الأمريكية على توفير "إجراءات حماية وضمانات واضحة" تكفل ألا تعرقل العقوبات تسليم الغذاء والوقود والدواء في أنحاء البلاد "وسط كارثة إنسانية كاملة".

وذكر بومبيو في بيان التصنيف، أنّ الخزانة الأمريكية ستقدم تراخيص لبعض الأنشطة الإنسانية التي تنفذها منظمات غير حكومية في اليمن ومن أجل بعض المعاملات المرتبطة بتصدير سلع حيوية مثل الغذاء والدواء.

ورأت صحيفة وول ستريت جورنال قرار تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية بأنّه "سيوجه ضربة قاسية للاقتصاد اليمني، حيث ستتردد الشركات الأجنبية في العمل مع التجار والمستوردين اليمنيين خوفاً من تجميد أصولهم."

وضع حد 

ورحبّت كل من دول السعودية والإمارات والبحرين بالقرار الأمريكي.  واعتبر بيان للخارجية السعودية أنّ من شأن هذا التصنيف أن يسهم في وضع حدٍ لأعمال ميليشيات الحوثي وداعميها.

ورأت السعودية أنّ "من شأن ذلك تحييد خطر تلك الميليشيات، وإيقاف تزويد هذه المنظمة الإرهابية بالصواريخ والطائرات دون طيار والأسلحة النوعية والأموال لتمويل مجهودها الحربي ولاستهداف الشعب اليمني وتهديد الملاحة الدولية ودول الجوار".

في حين رأت إيران القرار بأنه يعبّر عن الإفلاس. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده في مؤتمر صحفي أسبوعي، "من المرجح أن الحكومة الأمريكية المفلسة قد تحاول في أيامها الأخيرة تشويه صورة الولايات المتحدة بدرجة أكبر.."

وعلى الرغم من الارتياح الشعبي الواسع في اليمن للقرار الأمريكي، وتطّلع خصوم الحوثيين للحد من نفوذ الجماعة، إلا أنّ نتائج هذ القرار مرتبطة، بموقف الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس المنتخب جو بايدن، الذي توعّد بإنهاء الحرب في اليمن ووقف بيع السلاح للسعودية.

كما ترتبط نتائج هذا القرار بقدرة حكومة المناصفة اليمنية، المنبثقة عن اتفاق الرياض، على عكس نموذج ناجح ومُقنع في إدارة الوضع الاقتصادي والإنساني والخدمي في المحافظات المحررة، ومدى قدرتها في ترتيب ملفها السياسي، الذي تُشكّل "مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي لتمثيل الجنوب"، عاملاً حاسماً لتعزيز موقفها التفاوضي أمام الحوثيين.

رئيس مركز سوث24 للأخبار والدراسات 

الحوثيون جماعة إرهابية الحوثيون اليمن الخارجية الأمريكية التحالف العربي السعودية حكومة المناصفة