07-02-2021 الساعة 4 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| قسم الترجمات
كان الخطاب الأول الذي ألقاه جو بايدن في السياسة الخارجية، في وزارة الخارجية، القاعدة الرئيسية للدبلوماسية الأميركية، لا يزال بمثابة نَفَس من الهواء النقي. وكانت العناوين الرئيسية هي وضع حد للدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن وتحذير سريع لروسيا من أنّ رحلتها السهلة في عهد دونالد ترامب قد انتهت. ولكن الخطاب شكّل أيضاً تحولاً أوسع في السياسة.
لقد ولّت شعارات ترامب "أمريكا أولاً" والانعزالية القبيحة، والنزعة الحمائية، وكراهية الأجانب التي كانت تدعمها في كثير من الأحيان. وقال بايدن إنه يبعث "برسالة واضحة إلى العالم بأنّ أميركا قد عادت". وبهذا، كان يقصد إعادة الالتزام بتعددية الأطراف، والتحالفات مثل حلف شمال الأطلسي، ووكالات الأمم المتحدة مثل منظمة الصحة العالمية، والاتفاقيات الدولية مثل اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي الإيراني.
وسيكون من السهل تطبيق مصطلحات مثل "مبدأ بايدن" على ما كان في الأساس إعادة صياغة، أو إعادة تأكيد، لأهداف السياسة الأميركية القديمة الأمد بعد توقف دام أربع سنوات. ولكن في الوقت نفسه، كان الخطاب أكثر من مجرد لمسة على الحارث. فقد أشار إلى تغيير كبير في الوسائل التي ستستخدمها الولايات المتحدة لتحقيق هذه الأهداف. إنّ طريق بايدن هو الطريقة الدبلوماسية وليس طريقة الحرب ومبيعات الأسلحة والعقاب ونوبات الغضب والحروب المثيرة والتهديدات.
اقرأ أيضاً : الواشنطن بوست: تحذيرات من تجاهل الجنوبيين في جهود السلام
كل هذا موضع ترحيب كبير. ومع ذلك، مثل كل رئيس، سيتم الحكم على بايدن بالأفعال وليس بالأقوال. الارتياح بين منظمات الأمم المتحدة وعمال الإغاثة.. واضح. بعد أن أطلق السعوديون والإمارات حملتهم الجوية في عام 2014 ضد متمردي أنصار الله (الحوثيين) المرتبطين بإيران في البلاد، توفي اليمنيون بعشرات الآلاف وغرقوا في أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وأشاد ديفيد ميليباند، الذي يرأس لجنة الإنقاذ الدولية، بتصرفات بايدن باعتبارها "خطوة أولى حيوية".
وقال "إنّ التحول من استراتيجية الحرب الفاشلة إلى نهج دبلوماسي شامل لا يمكن أن يأتي قبل وقت طويل". ومن بين التدابير الأخرى، أوقف بايدن مبيعات الأسلحة إلى الرياض، وأوقف الدعم العسكري الأمريكي وعين مبعوثاً للسلام.
وينبغي على بايدن أن يذهب إلى أبعد من ذلك ـ من خلال استئناف المساعدات الإنسانية الأميركية فوراً، ومن الأفضل أن يعززها إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، حيث يعيش 80٪ من اليمنيين. قرار اللحظة الأخيرة لترامب بتنصيف الحوثيين كمنظمة إرهابية عالمية، الذي يعيق أعمال الإغاثة وإعادة البناء الاقتصادي، تم إلغاؤه يوم الجمعة. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على الولايات المتحدة أن تدعم إجراء تحقيق مستقل في جرائم الحرب التي ارتكبتها جميع أطراف الحرب.
إنّ مسعى بايدن في اليمن، وإن لم يكن غير متوقع، سوف يهزّ الرياض وعواصم الخليج الأخرى وإسرائيل ــ لأنه يعكس تحوّلاً أوسع في اللهجة والجوهر بعد تساهل ترامب السياسي غير الحكيم. وتعهّد بمواصلة مساعدة حلفاء الولايات المتحدة الاقليميين في الدفاع عن انفسهم ضد ايران. ولم يتخذ أي خطوة بعد لإعادة فتح المفاوضات ذات الصلة بالمجال النووي أو بناء جسور مع طهران.
إقرأ أيضاً: خبير أمريكي: موسكو حريصة على إحياء العلاقات الجنوبية الروسية
لكن قد يأتي هذا، كما هو الحال مع نشر تقرير سري لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حول مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، والذي من المتوقع أن يورّط ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.
كما يريد بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن إحياء حلّ الدولتين بين فلسطين وإسرائيل الذي عمل ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قصارى جهدهما لدفنه. وباختصار، فإن فترة العلاقات المتوترة تلوح في المستقبل.
وهذا ليس بالضرورة أمراً سيئاً، إذا كان يعيد التوازن والمنظور إلى إدارة شؤون الشرق الأوسط. وعلى نحو مماثل، كانت كلمات بايدن المتشددة لفلاديمير بوتن ــ "لقد انتهت أيام تدحرج الولايات المتحدة في وجه الأعمال العدوانية الروسية".
لم يكن سجن بوتين الأسبوع الماضي للناشط المعارض الشجاع أليكسي نافالني إلا أحدث إهانة فظيعة له للعدالة والحرية والديمقراطية. بايدن محق في مواجهته. ما قد يحققه في النهاية أقلّ تأكيدًا.
- المصدر الأصلي: افتتاحية صحيفة الجارديان
- ترجمة وتنقيح: مركز سوث24 للأخبار والدراسات (تنويه: لا تعبّر هذه المادة بالضرورة عن سياسة المركز)