10-02-2021 الساعة 11 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24| قسم التحليل
يتراوح الأداء الأمريكي في التعامل مع ملفات وأزمات المنطقة العربية خصوصاً والشرق الأوسط عموماً، بين سياسة التماهي للحزب الديمقراطي وسياسة الردع للحزب الجمهوري، الأوّل يعتمد الاستراتيجية الدبلوماسية وسيلة ناجعة لحلحلة الأزمات والثاني يعتمد الاستراتيجية العسكرية.
في الوقت ذاته يتشكّل أداء الجماعات والتنظيمات الإسلامية في المنطقة ذاتها، بين مراوغة جماعات الإسلام السياسي وإرهاب التنظيمات المتطرفة، الأولى تستغل مطالب "الديمقراطية" وسيلة للوصول إلى إقامة كيان دولة إسلامية من الخليج إلى المحيط (دولة الخلافة)، والثانية تفضّل السيطرة العسكرية المباشرة لإقامة كيان دولة الخلافة.
بدى مؤخراً وكأنّ اختلاف تعاطي الولايات المتحدة خارجياً قد تطوّر إلى نقطة خلاف داخلي يمس الفكرة الديمقراطية ذاتها. بينما الاختلاف بين جماعات الإسلام السياسي والتنظيمات المتطرفة، لا يوجد ما يُثبت حتى هذه اللحظة على الأقل أنّ ثمة خلاف عقائدي وفكري بينهما. حتى قاعدة الخلاف العقائدي في صورته "الشيعية - السنية"، كُسرت على حدٍ سواء في الشام واليمن، ففي الشام ثمة علاقة وثيقة بين جماعة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني، أُستنسخت في اليمن على هيئة علاقة وثيقة بين جماعة أنصار الله "الحوثيين" وحزب الإصلاح "فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن".
قبل أن تغادر الإدارة الأمريكية السابقة، عمدت إلى تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية بعد أن وصفتهم بأنهم جماعة ذات قلقٍ خاص. سبقتها الإدارة السعودية في تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. وقبل القرارين السعودي والأمريكي في أكتوبر العام الماضي ألقت قوات الأمن في جنوب اليمن بدعم من التحالف العربي، القبض على زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب خالد باطرفي إلى جانب عناصر قيادية أخرى، في محافظة المهرة، إلى الشرق من عدن، وفقاً لتقرير أممي حديث.
عقدة الجنوب
بالتزامن مع مساعيها للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، تراجعت الإدارة الأمريكية الجديدة أيضاً عن قرار الإدارة السابقة، تصنيف الحوثين منظمة إرهابية. فيما صعّدَ الحوثيون، بالمقابل، هجماتهم الجوية على السعودية وعملياتهم العسكرية البرية التي تستهدف إسقاط عاصمة محافظة مأرب، شرق صنعاء.
سقوط مدينة مأرب، معقل جماعة الإخوان المسلمين السنية بيد الجماعة الحوثية الشيعية بات وشيكاً، لكن يبقى من الصعب التكهن بانتهاء العلاقة بين الجماعتين، أو توقّف التنسيق بينهما بشأن توسيع أطماع الأولى وتعويض آمال الأخيرة بالتمدد ناحية الجنوب، لأسباب تتعلق بموقف الجماعتين من الجنوبيين أولاً، وطموحات الجهات الإقليمية الداعمة لها ثانيا.
على صعيد متصل أجرت الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية الشهر الماضي عدة لقاءات بقيادات جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، أبرزها لقاء عبد الوهاب الآنسي بالسفير الأمريكي لدى اليمن، كرستوف هنزل، ولقاءات محافظ محافظة شبوة الجنوبية، الغنية بالنفط، والمتاخمة لمأرب الشمالية، محمد بن عديو، المقرّب من الإسلاميين، بكلٍ من سفراء دول أمريكا وفرنسا وألمانيا.
العودة الأمريكية للملف النووي الإيراني، ورفع الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية، أكسبت الحوثيين نقاط قوة ومناورة سمحت بتصعيدهم العسكري للسيطرة على مدينة مأرب.
لكن هل تمنحهم هذه القوة المزيد من الجرأة للتمدد أكثر باتجاه محافظات جنوب اليمن، شبوة وحضرموت؟ هذا المآل العسكري يصعب التكهن به حالياً في ظل رغبة أمريكية تتماهى مع حلفاء إيران في اليمن في سبيل العودة للملف النووي الإيراني.
مقابل ذلك، وفي ظل احتمال تعرّض المصالح الدولية في كل من شبوة وحضرموت للخطر، إلى جانب الرغبة التي يبديها المجلس الانتقالي الجنوبي في مجابهة الجماعتين المتطرّفتين، اللتان تقفان حجر عثرة تجاه مشروع استقلال جنوب اليمن، لايشكّل الاعتماد على السلطة المحلية في شبوة، الخاضعة لتنظيم الإخوان المسلمين، عاملاً موثوقاً، للمجتمع الدولي، في التصدي لمخاطر الحوثيين الاستراتيجية.
لذلك هناك من المراقبين من يرجّح خضوع المسرح العملياتي لما بعد سقوط مأرب بيد الحوثيين لاتفاق أممي مشابه لاتفاق استوكهولم في الحديدة غربي البلاد. من شأن هذا السياج الأممي الذي يفصل حدود شمال اليمن التاريخية عن اليمن الجنوبي، أن يعزّز المساعي لإقامة دولتين مستقلتين في خارطة الجغرافيا اليمنية الحديثة.
مقامرة بايدن
حرصت وسائل الإعلام الأمريكية على الإشارة لضرورة إشراك كل الأطراف الفاعلة في مفاوضات وقف الحرب في اليمن، بما فيهم الجنوبيين، وفقا لتحذيرات نشرتها صحيفة الواشنطن بوست، يوم الاثنين.
إنّ منهجية إدارة بايدن، المهادنة، في التعاطي مع ميليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، سرعان ما تعرّضت لانتقادات واسعة في كبرى وسائل الإعلام الأمريكية، ووصفتها بأنّها "مقامرة"
إقرأ المزيد : وول ستريت جورنال تكتب عن «مقامرة بايدن في اليمن»
تقول وول ستريت جورنال "إنّ السعي إلى سلام تفاوضي لحرب أودت بحياة ما يقرب من ربع مليون شخص أمر مهم. لكن في الشرق الأوسط، يعتبر الخصوم التنازلات أحادية الجانب نقطة ضعف ما لم تتم من موقع مهيمن."
لذلك حذرت الصحيفة في مقالة، لهيئة التحرير، من أن تكون لهذه "التحركات المبكّرة تداعيات تتجاوز اليمن."
وتقول الصحيفة أن "الإيرانيين يعتقدون أنّ السيد بايدن سوف يرمش أولاً."
تلخّص وول ستريت جورنال، مخاوفها بأنّ "انتهاج تقويض الأصدقاء وتقوية الخصوم ليسا صيغة جيدة للسلام."
بدر محمد
زميل في مركز سوث24 للأخبار والدراسات، متخصص في الشؤون اليمنية