20-02-2021 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| قسم الترجمات
خلال الاجتماع السنوي لنادي فالداي للنقاش في أكتوبر 2019، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّ روسيا والصين تتعاونان في تطوير نظام إنذار مبكر للصواريخ الباليستية (BMEWS). وأكّد بوتين أنّ هذا التعاون يُظهر المستوى العالي من الثقة بين البلدين.
وقد بذلت بكين جهودها الأولى لتطوير وبناء رادارات تتبّع دفاعية من طراز (BMEWS ) ومضادة للصواريخ كجزء من المشروع 640 المُجهَض، وهو محاولة لبناء نظام دفاع صاروخي استراتيجي صيني استمر في الستينيات والثمانينيات. وأسفر المشروع 640 عن بناء رادارين تجريبيين عاملين هما: رادار من النوع 7010 ورادار تتبع من النوع 110. وقد استخدم الجيش الصيني كلا الرادارين لبعض الوقت.
وجددت الصين تطويرها في مجال إدارة نظم الإنذار المبكّر في القرن الحادي والعشرين، مستخدمة بعض الخبرة المكتسبة من المشروع 640. وقد بدأ بناء رادارات طويلة المدى من نظام إدارة النظم الإنذار المبكر في عام 2010. كما تجددت تجارب مكونات الإنذار المبكر للصواريخ الباليستية الفضائية بإطلاق أقمار صناعية تجريبية.
ولا يقوم النظام الصيني بنسخ أي نظام روسي قائم. ولكن الصينيين اتصلوا بروسيا للحصول على الخبرة في التغلب على الاختناقات.
كان التعاون التقني العسكري بين روسيا والصين دائمًا سريًا إلى حد ما، وازداد مستوى السرية مع انخراط البلدين في مواجهة أكثر مباشرة مع الولايات المتحدة. وحتى الآن، حددت وسائل الإعلام الروسية عقداً واحداً فقط يتعلق بالتعاون الثنائي مع الصين. هذا العقد هو لتطوير البرمجيات المتخصصة، بقيمة 60 مليون دولار أمريكي تقريبا، مُنحت لشركة روسية رائدة في أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي.
ومن المرجّح أن هذا ليس الاتفاق الدفاعي الوحيد بين البلدين. التعاون في تطوير نظام إنذار مبكر للصواريخ الباليستية يتكون على الأرجح من العديد من العقود الصغيرة التي تعالج مختلف المشاكل في النظام الصيني.
وهذه النظم هو من بين أكثر مجالات تكنولوجيا الدفاع تطوراً وحساسية. والولايات المتحدة وروسيا هما البلدان الوحيدان اللذان تمكنا من تطوير وبناء وصيانة هذه النظم. كانت الأنظمة المبكرة، البرية والجوية على حد سواء، غير موثوقة، مما أدى إلى عدة حوادث كارثية محتملة خلال الحرب الباردة بعد تحذيرات خاطئة من هجمات العدو.
وستساعد المساعدات التكنولوجية من روسيا الصينيين على التغلب على عدة قضايا بأنظمتها. وهذا سيقلل من احتمال حدوث خلل في النظام، ويكون له بدوره تأثير إيجابي على الأمن العالمي.
إنّ مشاركة الشركات الروسية في تطوير أنظمة الإنذار المبكر الخاصة بالصواريخ البالستية الصينية هذه تتيح لها الوصول إلى قدر كبير من البيانات حول قدرات النظام. وهذا يدل على مستوى عال من الثقة ويطرح مسألة إمكانية التكامل بين النظامين الروسي والصيني.
وفي حالة تكامل النظام، يمكن للمحطات الواقعة في شمال وغرب روسيا أن تزوّد الصين ببيانات تحذيرية. وفي المقابل، يمكن للصين أن تزود روسيا بالبيانات التي يتم جمعها في محطاتها الشرقية والجنوبية. ومن شأن ذلك أن يمكّن البلدين من إنشاء شبكة دفاع صاروخية عالمية خاصة بهما. ولكن لم تعلن الحكومتان الصينية والروسية عن نواياهما في القيام بذلك حتى الآن.
فاسيلي كاشين زميل أبحاث أول في مركز الدراسات الأوروبية والدولية الشاملة في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو |
والتعاون في مجال الدفاع المضاد للصواريخ هو في مصلحة جيشي البلدين. وقد أجرت روسيا والصين عدداً من المناورات المشتركة التي تحاكي الحاسوب للدفاع الصاروخي في السنوات الاخيرة. ولكن هذه لا تحاكي سوى عمل أنظمة الدفاع الصاروخية الميدانية الأبسط مثل نظامي S-400 وHQ-9.
أدى تطبيق قانون مكافحة خصوم أميركا من خلال العقوبات (CAATSA) - القانون الأمريكي الذي يسعى إلى معاقبة أولئك الذين يشترون الأسلحة وتكنولوجيا الدفاع من روسيا - إلى مزيد من السرية حول صفقات الأسلحة الثنائية الروسية في السنوات الأخيرة. وكشفت بيانات رسمية عن ثلاثة عقود رئيسية جديدة على الأقل لتصدير الأسلحة والتكنولوجيا الروسية إلى الصين في عام 2019.
يمتد المعنى السياسي لبيان بوتين حول التعاون في "تطوير نظام إنذار مبكر للصواريخ الباليستية" إلى أبعد من الأهمية الفنية والعسكرية لمشاريع التعاون هذه. لقد أظهر للعالم إنّ البلدين على شفا تحالف عسكري رسمي، الأمر الذى يمكن أن يحدث إذا تم إبعاد الضغوط الأمريكية.
وفي الاجتماع اللاحق الذي عقد في فالداي في أكتوبر/تشرين الأول 2020، اقترح بوتين إمكانية التحالف العسكري مع الصين. وكان رد فعل وزارة الخارجية الصينية على هذا البيان إيجابيًا، لكن الجانب الصيني امتنع عن استخدام كلمة "تحالف". ومع ذلك، من المرجّح أنّ بيان بوتين في 2019 حول التعاون في نظام "BMEWS"، قد صدر دون تشاور مسبق مع الصينيين وتسبب في عدم الارتياح في بكين.
استمرت العلاقات الصينية الأمريكية في التدهور. في يناير/كانون الثاني 2020، اتهم وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته مايك بومبيو الصين بارتكاب الإبادة الجماعية في منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم لقومية الإيغور. وفي وقت لاحق، أيّد هذا الاتهام أنتوني بلينكن، خليفة بومبيو.
شهدت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة بعد وصول بايدن إلى السلطة تطورًا إيجابيًا واحدًا – وافقت الولايات المتحدة على تمديد معاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة (ستارت) لمدة خمس سنوات أخرى. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ آفاق العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة لا تزال قاتمة.
إنّ واقع التعاون الدفاعي بين روسيا والصين معقّد. ويمكن تشكيل تحالف عسكري فعال وعملي بسرعة كبيرة إذا دعت الحاجة إلى ذلك. لكن استراتيجيات السياسة الخارجية الحالية تجعل مثل هذه الخطوة غير محتملة ما لم يكن هناك خطر حقيقي ووشيك من نشوب صراع عسكري مع الولايات المتحدة.
- المصدر الأصلي بالإنجليزية: منتدى شرق آسيا
- عالجه ونقّحه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات
قبل 3 أشهر