سقوط مأرب يعزز مشاعر الاستقلال ويزيل الحكومة من المعادلة

سقوط مأرب يعزز مشاعر الاستقلال ويزيل الحكومة من المعادلة

دولي

الثلاثاء, 23-02-2021 الساعة 03:37 مساءً بتوقيت عدن

سوث24| قسم الترجمات 

حذّرت مجموعة الأزمات الدولية من أنّ معركة مأرب لن تكن طويلة ومدمرة فحسب، بل ستزيد أيضًا من خطر انتشار العنف أو تكثيفه في أماكن أخرى من اليمن.

ومن المحتمل أن يؤدي القتال، كما تقول المجموعة "إلى قطع معظم الطرق السريعة الرئيسية التي تربط مأرب بالأراضي التي تسيطر عليها الحكومة، مما لا يترك سوى طريق واحد جنوباً متاحًا للمدنيين الفارين. وقد يقطع الحوثيون هذا الطريق أيضاً بينما يتقدمون من مواقع في جنوب المحافظة. وعلى افتراض أن هذا الطريق لا يزال مفتوحاً، فإن من يستخدمونه للفرار من أجل الأمان سيكونون في مرمى القوات الحوثية، وسيضطرون للسفر عبر محافظة شبوة إلى الجنوب الشرقي، حيث تواجد المنظمات الإنسانية ضئيل."

وتقول وكالات الإغاثة إنها غير مستعدة للتعامل مع سرعة انتقال مئات الآلاف من الأشخاص إلى شبوة وغيرها من المحافظات التي تسيطر عليها حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي حيث قد يلجأ النازحون الجدد، وفقا للتقرير.

وبحسب المجموعة الدولية "إذا انتصر الحوثيون في مأرب، من المرجّح أن يسعوا لتحقيق مكاسب إقليمية أوسع نطاقًا، ربما في شبوة، التي من المحتمل أن تنسحب إليها القوات الموالية للحكومة. ومع ذلك، ففي محاولة السيطرة على مأرب والتوسع في الأراضي القبلية المجاورة حيث يعارض السكان بشدة وجودهم، من المرجح أيضًا أن يجد الحوثيون أنفسهم يقاتلون العديد من حركات التمرد المحلية."

تعزيز مشاعر الاستقلال 

المجموعة قالت في تقرير حديث، ترجم أجزاء منه سوث24، أنّ سقوط مأرب بيد الحوثيين سيضاعف مشاعر استقلال جنوب اليمن. 

ورأت أنه "من المرجح أيضًا أن يؤدي تدفق القوات الموالية للحكومة إلى شبوة إلى إثارة التوترات بين الحلفاء المحليين للرئيس هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي المؤيد للاستقلال."

وقالت المجموعة أنّ "الانتقالي، الذي يسيطر بالفعل على المحافظات الجنوبية لحج والضالع وعدن، يسعى إلى توسيع نطاق انتشاره عبر أراضي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" و"هذه الدولة المستقلة ضمّت شبوة وكذلك أبين التي تسيطر عليها الحكومة".

وزعمت المجموعة إنّ "بعض قادة المجلس الانتقالي يرى أن إبرام اتفاق مع الحوثيين من شأنه أن يعزز احتمالات تجدد استقلال الجنوب ــ وهي خطوة من شأنها أن تُسبب كارثة لهادي ــ باعتبارها أفضل من البقاء في حكومة الوحدة التي كانت غير مستقرة التي شكلوها مع الرئيس في ديسمبر/كانون الأول 2020. ومن المرجّح أن تنمو هذه المشاعر إذا سقطت الحكومة في مأرب وتسعى إلى دعم موقعها في الجنوب."

وقالت المجموعة أنّ "طارق صالح، قائد القوات المناهضة للحوثيين على ساحل اليمن على البحر الأحمر، دعا حكومة هادي إلى الانسحاب من اتفاق ستوكهولم لعام 2018 الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، والذي وضع حدا للقتال حول الحديدة." فصالح يريد، بحسب المنظمة "الحرب على جميع الجبهات الرئيسية، لكي تضعف الحوثيين".

لكن الأزمات الدولية رأت أنّ "من شأن هذه الخطوة أن تُقسّم اهتمام الجهات الدولية الفاعلة، التي سيتعين عليها العمل على تماسك وقف إطلاق النار في الحديدة في الوقت الذي تصارع الأزمة في مأرب. ومن شأن تجدد القتال حول الحديدة أن يزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن."

إزالة من المعادلة السياسية 

ومن جانبها، تضيف المجموعة الدولية "إنّ حكومة هادي في مأزق. يقول المسؤولون إنهم يرون في هجوم الحوثيين على مأرب محاولة، على حد تعبير أحدهم، "إزالة الحكومة من المعادلة [السياسية] في اليمن من خلال الاستيلاء على معقلها الأخير في الشمال."

وتضيف "هم يحبذون تعزيز الدعم الدولي للتراجع العسكري ضد الحوثيين أو أن تكون الهدنة محددة زمنيًا لاختبار صدق الحوثيين. وتخشى الحكومة أن يرى الحوثيون في وقف إطلاق النار مناورة لإنهاء الضربات الجوية السعودية لفترة كافية لشن حملة نهائية على مأرب. كما تنظر إلى محاولة الحوثيين إعادة فتح مطار صنعاء والسماح بالتدفق الحر للواردات إلى الحديدة كتكتيك لتعزيز وضعهم كحكام فعليين لشمال اليمن وسلب الحكومة ما تتمتع به من نفوذ ضئيل في المفاوضات."

ويشعر هؤلاء المسؤولون بالقلق من أنّ المفاوضات السياسية المستعجلة لإنهاء الحرب بأي ثمن من شأنها أن تسفر عن اتفاق يعكس توازن القوى الحالي، المرجح تجاه الحوثيين. وفقا للمجموعة الدولية.

"حكومة هادي في مأزق. والمسؤولون يرون في هجوم الحوثيين إزالة للحكومة من المعادلة [السياسية]" 

ترى المجموعة أنّ "الدعم الجوي السعودي، إلى جانب الدفاع المحلي الشرس عن الأراضي، كافيًا فقط لإبطاء تقدم الحوثيين وليس لوقفه. وفي ظل هذه الخلفية، من المرجح أن يكون وقف إطلاق النار هو الخيار الأفضل لكل من الرياض وهادي."

وحتى وقت قريب، تضيف الأزمات الدولية "كان المسؤولون السعوديون واليمنيون يأملون في أن يحوّلوا مسار الحرب لصالحهم من خلال إقناع الولايات المتحدة بزيادة دعمها العسكري واللوجستي والدبلوماسي. لكن التدخل العسكري المتزايد من قبل الولايات المتحدة أو غيرها من القوى الخارجية كان من غير المرجح حتى في ظل إدارة ترامب، نظرًا لاختلاف لوجهات النظر حول حرب اليمن بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس، ونظرًا للتقييمات الأمريكية للقوى العاملة والموارد العسكرية التي ستكون مطلوبة للفوز بها."

إجراءات دولية 

"من جانبهم، يبدو أن الحوثيين يرون أنهم في وضع مربح بكلي الحالتين. فإذا انتصروا بمأرب، فإنهم سيكونون قد فازوا بجائزة استراتيجية، تنهي الحرب في الشمال، وتضعف حكومة هادي بشكل قاتل في أعين الغرباء، وتعزز شبه الدولة التي كانوا يبنونها من خلال الاستفادة من ثروة مأرب من النفط والغاز. وإذا قرروا بدلًا من ذلك وقف تحركّهم في مأرب، فإنهم يتوقعون إبرام اتفاق تنهي بموجبه السعودية ما اصطلح على تسميته "الحصار" على مناطقهم – إغلاق مطار صنعاء أمام الرحلات الجوية التجارية، والقيود المفروضة على دخول البضائع إلى ميناء الحديدة – و"العدوان" في شكل غارات جوية."  "وقد مهدت هذه الأخيرة الطريق لهجوم الحديدة الذي يشنه التحالف المناهض للحوثي، وكانت في الآونة الأخيرة الحاجز الرئيسي أمام اجتياح المتمردين لمأرب.

تزعم المجموعة بأنّ "الحوثيين اليوم هم الذين لهم اليد العليا. وهم يتلقون الدعم من إيران التي تستضيف سفيرهم في طهران كممثل دبلوماسي رسمي لليمن، وقد أرسلت سفيرها الخاص إلى صنعاء. وعلى الرغم من أنّ طهران تقول إنها تريد المساعدة في إنهاء الحرب، إلا أن أحدًا لا يعرف ما إذا كانت ستراعي توسلات الأمم المتحدة للتأثير على الحوثيين أو ما إذا كان لديها حتى ما يكفي من النفوذ لإقناع المتمردين بوقف تقدمهم. وعلاوة على ذلك، قد تكون طهران صادقة أو لا تكون صادقة في قولها إنها تريد إنهاء حرب تورطت فيها دولتان من خصومها الجيوستراتيجية، المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة."

وبعد أن التزمت الولايات المتحدة بالعمل على إيجاد حل دبلوماسي "ينبغي عليها إقناع الرياض وحكومة هادي بتقديم تنازلات يمكن أن تمهّد الطريق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين." بحسب المجموعة.

وتضيف "هذا يعني على الأقل رفعًا مؤقتًا لبعض القيود المفروضة على ميناء الحديدة واستئناف بعض الرحلات التجارية على الأقل إلى مطار صنعاء، مع وجود آلية رقابة مشتركة على كل من الحكومة والإشارة للحوثيين بأن الصفقة لا تعزز فقط وضعهم كحكام فعليين في الشمال."

ولتحقيق هذه الأهداف، تقول "سيلزم اتخاذ إجراءات دولية منسقة. أولًا، على واشنطن، بالتزامها المتجدد بإنهاء النزاع، والتي تتولى رئاسة مجلس الأمن الدولي في آذار/مارس، أن تضغط على المجلس ليوضح أنّ هجوم الحوثيين على مأرب يجب أن ينتهي، ويحذّر من عواقب مثل العقوبات المحددة الهدف إذا استمرت.".

"ثانيًا، حتى لو منعها بعض أعضاء المجلس من اتخاذ مثل هذا الإجراء، ينبغي على الولايات المتحدة أن تأخذ زمام المبادرة في الجمع بين أكبر عدد من الأعضاء الخمسة الدائمين المشاركين، والاتحاد الأوروبي وغيره لتشكيل فريق عمل أو فريق اتصال سينسق الدعم للمبعوث الخاص غريفيث، كما فعلوا في الماضي. ويمكن أن تتألف المجموعة الجديدة من الدول الخمس الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي (أهمها الكويت وعمان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة) والاتحاد الأوروبي. وينبغي على هذه المجموعة أن تتعاون مع غريفيث، ومع العديد من الفصائل السياسية والمسلحة في اليمن، للتوسط لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، والضغط على الأطراف للحفاظ عليه، وإدارة القضايا المعقدة مثل عائدات المطارات والموانئ."

وعلاوة على ذلك، يقول تقرير الأزمات الدولية "سيتعين على أعضاء المجموعة ذات النفوذ على الأطراف إقناعهم بالعودة إلى طاولة المفاوضات لإجراء محادثات حول الترتيبات المؤقتة، وفي نهاية المطاف، المفاوضات السياسية الشاملة التي توفر السلام المستدام."

ورأت المجموعة أنّ "قمع الهجوم على مأرب وإعادة توجيه اليمن نحو مسار أكثر سلامًا سيكون أمراً طويلا. ولكن المهمة لا يمكن أن تنتظر. وإذا فشلت القوى الخارجية في التحرك لوقف القتال الآن، فإنّ ذلك سيجعل أي جهد لاحق أكثر صعوبة، مع وقوع اليمن في عمق الهاوية."

- للإطلاع على التقرير باللغة الإنجليزية:  مجموعة الأزمات الدولية 

اليمنمأربجنوب اليمناستقلال جنوب اليمنشبوةالسعوديةإيرانالولايات المتحدة