22-03-2021 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| قسم التحليل
تأخر الحوثيون في إعلان قبولهم بمبادرة وقف إطلاق النار وانهاء الحرب في اليمن التي أطلقها المبعوثين الأميركي والأممي منذ أيام. وكان قد أبدى القيادي في جماعة الحوثي محمد البخيتي، يوم أمس، موافقة جماعته على وقف اطلاق النار الشامل بشروط، مشيراً إلى أنّ "الكرة الآن في ملعب السعودية".
التصريح الحوثي جاء تزامنا مع قصف عنيف، ليل أمس، لطيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية وسط صنعاء، استهدف معسكر الصيانة بحي الحصبة حيث يُعتقد وجود مخزون الحوثيين من السلاح الإيراني.
ليس مستوى الخطاب الدبلوماسي لدى الحوثيين هو فقط الذي يرتقي إلى تدويل الأزمة مع السعودية، كذلك مستوى عملياتهم العسكرية النوعية التي استهدفت السعودية مؤخراً يحاول أن يربط الأزمة في اليمن بالسعودية ويدفع باتجاه جر قدم السعودية للقبول بالندية التفاوضية بشكل علني مع الحوثيين.
هذا الأداء الحوثي لا يمكن فصله عن طبيعة الأداء الامريكي الذي تماهى مع الحوثيين في أكثر من مناسبة، آخرها مضمون مبادرة وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في اليمن التي أدرجت السعودية كطرف في الأزمة عندما شملت المحادثات، تأمين حدودها المملكة مع اليمن في سياق تأكيد الجانب الأمريكي التزامه بالدفاع عن السعودية في حال استجابتها لمبادرة وقف إطلاق النار. وفي هذا السياق حذا بيان صادر عن الدول الأوروبية الكبرى حذو الجانب الأمريكي في هذا الصدد.
لذلك سارع الحوثيون إلى رفض مبادرة المبعوث الامريكي واعتبروا أنّها مبادرة سعودية في الأصل. وعلق متحدتهم الرسمي قائلا، محمد عبد السلام "كان الأجدر بنا قبولها من الجانب السعودي سابقا."
دعوة الحوثيين لوقف إطلاق النار، بالأمس، من الممكن ربطه بمجريات الأحداث في عدن والجنوب أكثر من ربطه بالقصف الجوي العنيف الذي طال صنعاء وجاء في سياق إشباع الرغبة السعودية في الانتقام من استهداف الحوثيين لشركة أرامكو في الرياض، على طريقة القصف الإيراني للتواجد الأمريكي في قاعدة عين الأسد رداً على قتل واشنطن للجنرال الإيراني قاسم سليماني.
مجريات الأحداث في عدن تشير إلى استمرار استكمال ما تبقى من الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، وتنفيذ انسحابات القوات الشمالية التابعة لجماعة الإخوان من الجنوب والتوجه إلى مأرب، وفقا لما يسعى له المجلس الانتقالي الجنوبي. هذا الأمر الذي يحقق رفدا عسكريا لجبهة القتال ضد الحوثيين، ويحقق على الصعيد السياسي والاقتصادي استقلالية الجنوب بيد أبنائه.
جاء التفاعل الإيجابي لمبادرة وقف اطلاق النار الدولية، بعد يومين فقط من استجابة كل من الحكومة والانتقالي الجنوبي للدعوة السعودية للتفاوض حول استكمال تنفيذ الشق الأمني والعسكري من اتفاق الرياض، عقب توتر الأوضاع في عدن بين الجانبين.
"لم تساعد التطورات العسكرية في مأرب وتعز في تطمين مخاوف السعودية من الحوثيين، خصوصًا ما يتعلق بحدودها الجنوبية"
وتزامنا مع الجهود الأمريكية والأممية، حدثت تطورات عسكرية متسارعة في الجبهات التي تديرها قوات الحكومة اليمنية ضد الحوثيين. في الجبهات الحدودية مع السعودية تقدّمت القوات اليمنية على حساب تقهقر القوات الحوثية، وفي محافظة تعز غربي البلاد تم ذات الأمر.
لم تساعد هذه التطورات في تطمين مخاوف السعودية من الحوثيين، خصوصًا ما يتعلق بحدودها الجنوبية، التي، وفقا لوكالة رويترز، كانت محادثات سعودية حوثية قد ركّزت على تأمين الحدود السعودية عبر إقامة منطقة آمنة داخل الحدود اليمنية.
مناورة التقدم العسكري في جبهات جماعة الإخوان وتقهقر قوات الحوثيين، كان هدفها تطمين المخاوف السعودية في سياق يشبه تنفيذ شروط المحادثات (السعودية الحوثية) بطريقة عملية.
الدعوة السعودية لكل من الحكومة والانتقالي الجنوبي لاستئناف الحوار وتنفيذ ما تبقى من الشق العسكري والأمني لاتفاق الرياض، قد ساعدت في حدوث تطورات عسكرية في الاتجاه المعاكس تصب في ترجيح كفة الحوثيين الذين اقتربوا مؤخراً من إسقاط مأرب عقب سيطرتهم على جبل هيلان الاستراتيجي، وكذلك استعادت معظم المناطق التي خسرتها في تعز.
في هذا الوقت، ولأول مرة منذ أواخر العام 2019، عاودت التنظيمات الإرهابية تنفيذ عملياتها في الجنوب حيث استهدفت جماعات مسلّحة، لتنظيم القاعدة، نقاطا أمنية تتبع الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي، في منطقتي أحور والوضيع بمحافظة أبين.
تبدو مشاهد الكر والفر في جبهات الشمال المتاخمة للحوثيين، أكثر ارتباطاً بما يحدث في الجنوب من أي شيء آخر، كما تبدو أي استجابة حوثية لوقف إطلاق النار متصلة بعودة المفاوضات حول استكمال تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، أكثر من اتصالها بجبهة مأرب وتصاعد العمليات العسكرية بين السعودية والحوثيين.
اليوم تُعيد الإدارة السعودية كُرَة الحوثيين التي ألقوها في الملعب السعودي إلى الجماعة، المدعومة من إيران، على هيئة مبادرة سعودية لوقف إطلاق النار دعت فيها الطرفين المحليين، الحكومة والحوثيين، إلى الاستجابة لها كخيار للحل السياسي وإرساء السلام.
إقرأ المزيد : المبادرة السعودية: الرياض تمدّ يدها للسلام والحوثيون يقللّون
وتتضمن المبادرة السعودية بدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة بناءً على مرجعيات قرار مجلس الأمن 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل في إطار دعم جهود المبعوث الأمم لليمن والمبعوث الأمريكي لليمن.
رفض الحوثيون المبادرة، بشكل فوري. وشددوا على أنّهم سيتحدثون مع السعودية وعمان وأميركا للوصول إلى اتفاق سلام.
وقال محمد البخيتي في حديث لقناة الجزيرة القطرية، أنّ التأكيد على المرجعيات، التي وردت في البند العاشر من المبادرة، "تعيد اليمن للوصاية الدولية."
كل ذلك، على الرغم من نجاح السعودية في وضع الكرة بملعب الحوثيين، إلا أنّ كل هذه من شأنه أن يُعيد الأزمة في اليمن إلى مربعها الأول.
- بدر قاسم محمد: باحث وزميل في مركز سوث24 للأخبار والدراسات، مختص بالشؤون السياسية واليمنية
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات