28-04-2021 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| القسم السياسي
رأى مراقبون أنّ تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بخصوص الملف اليمني، الثلاثاء، تشكّل تحوّلا في السياسة السعودية تجاه الميليشيات التي تدعمها إيران، في حين عدها آخرون محاولة لتحسين صورة المملكة.
وجاءت التصريحات تزامنا مع لقاءات جمعت مسئولين إيرانيين وسعوديين في بغداد مطلع الشهر الجاري، ولقاء آخر ضم وزير الخارجية الإيراني بكبير مفاوضي جماعة الحوثي اليوم الأربعاء في مسقط.
وكان ولي العهد السعودي قد دعا الحوثيين، خلال مقابلة تلفزيونية، إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات "للوصول إلى حلول تكفل حقوق الجميع في اليمن وتضمن أيضا مصالح دول المنطقة".
وأضاف: "العرض المقدم من السعودية هو وقف إطلاق النار والدعم الاقتصادي وكل ما يريدونه مقابل وقف إطلاق النار من قبل الحوثي والجلوس على طاولة المفاوضات".
وفي سياق رده على سؤال المحاور، بشأن ما إذا كان قرار الجلوس على طاولة المفاوضات بيد الحوثيين أم طهران، قال بن سلمان: "لا شك أن الحوثي له علاقة قوية بالنظام الإيراني، لكن أيضا الحوثي في الأخير يمني ولديه نزعة العروبية واليمنية الذي أتمنى أن تحيا فيه بشكل أكبر ليراعي مصالحه ومصالح وطنه قبل أي شيء آخر."
وأثارت تصريحات ولي العهد انتقادات واسعة في صفوف النخب الموالية لهادي وتنظيم الإخوان المسلمين.
تراجع أم تحسين صورة؟
ورأى خبراء تحدثوا لـ "سوث24" أنّ تصريحات ولي العهد السعودي ستنعكس بشكل كبير على سير العمليات العسكرية في مأرب بشمال اليمن، لصالح الجماعة الحوثية، وأنها قد تؤثر على الموقف الضعيف لحكومة هادي الهشة في الميدان وفي المفاوضات.
وأضافوا أنّ حديث الأمير بن سلمان، هو "تراجع غير مباشر في التزام المملكة بالمرجعيات الثلاث، التي طالما شددت عليها لإرضاء الحكومة اليمنية في أي حلول أو مبادرات في عملية السلام".
ويرفض المجلس الانتقالي الجنوبي هذه المرجعيات، كما ترفضها جماعة الحوثي، المدعومة من إيران.
وأطلق محللون وسياسيون خلال الأعوام الأخيرة العديد من النداءات حتى يتم استبدال القرار 2216، وكذلك تجاوز مخرجات الحوار الوطني للعام 2013، بصيغة أخرى تأخذ بعين الاعتبار واقع الوضع الراهن ويمكن اعتماده كقاعدة لمفاوضات جدية.
وفي هذا الصدد قالت الخبيرة بالشأن اليمني، هيلين لينكنز، تعليقا على الخطة السعودية الأخيرة، التي استندت على المرجعيات الثلاث، بأنها "قد لا تلقى التأثير لدى الحوثيين". وأضافت "إذا كان المرجعان الأخيران [ مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية] غير دقيقين، فإن الاستناد إلى المرجع الأول [قرار 2216] لا يمكن أن يفضي إلّا إلى رفض الحوثيين."
إلا أنّ سياسيين آخرين، اطلع سوث24 على آرائهم، رأوا أنّ تصريحات ولي العهد السعودي موجّهة بدرجة رئيسية للولايات المتحدة والغرب، وهي محاولة لتحسين صورة المملكة لدى الخارج، بعد الانتقادات الواسعة التي تعرّضت لها خلال السنوات الماضية.
ووفقا لهؤلاء السياسيين، فإنّ ولي العهد حرص على إظهار أنّ السعودية ليس لها أي عداء مع أي قوى يمنية ما لم تستهدف المملكة وأمنها القومي، في محاولة لإظهار السعودية بقالب تصالحي يتقبل ويتعاطى مع الجميع، خصوصا وأنها تأتي في ظل المشاورات الجارية بين الرياض وطهران من جهة وبينهم وبين الحوثيين من جهة أخرى."
ورأوا بأنّ حديث ولي العهد السعودي، لا يعني بأنّ السعودية أصبحت على استعداد لقبول الحوثيين بنهجهم الحالي وارتباطاتهم وتحالفاتهم الراهنة مع إيران وحزب الله وغيرهم من "القوى المعادية" للسعودية.
إقرأ أيضا: هزيمة الحكومة قد تؤدي إلى مفاوضات بين الشمال والجنوب
العلاقة بإيران
لكن على خلاف من ذلك، قال ولي العهد السعودي إنّ بلاده ترغب في إقامة علاقات "طيبة ومميزة" مع جارتها إيران، وأنه يريد لإيران أن تصبح مزدهرة.
وأضاف ولي العهد السعودي: "لا نريد أن يكون وضع إيران صعبا، بالعكس، نريد لإيران أن تنمو وأن يكون لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في المملكة العربية السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار".
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، قال مصدر حكومي عراقي وآخر دبلوماسي غربي إن لقاء مطلع هذا الشهر، ببغداد جمع وفدين رفيعي المستوى من السعودية وإيران.
لقاء في عُمان
وفي سلطنة عمان، شدد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الأربعاء، للمتحدث باسم الحوثيين في اليمن، محمد عبد السلام، على أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد من الأزمة اليمنية.
وعبّر ظريف أثناء اجتماع في مسقط بسلطنة عمان، وفقا لما نقلته روسيا اليوم، عن أسفه لأوضاع حرب السنوات الست على الشعب اليمني ودعا إلى إنهاء الاقتتال ورفع الحصار عن البلاد.
وجدد الوزير الإيراني وجهة نظر حكومة بلاده، بأنّ "الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة اليمنية"، مشددا على "دعم طهران لوقف إطلاق النار واستمرار الحوار اليمني اليمني".
من جهته، أعرب محمد عبد السلام الحوثي، خلال الاجتماع، عن تقديره للدعم الإيراني للشعب اليمني، وأطلع ظريف على آخر التطورات في البلاد.
وتتهم السعودية إيران بدعم الحوثيين في اليمن، ويشنّ الحوثيون هجمات ضد أهداف في المملكة باستخدام طائرات مسيّرة، وصواريخ باليستية. ويعارض الحوثيون وجود تحالف عسكري تقوده الرياض ضدهم في الحرب في اليمن.
وقالت وزارة الدفاع السعودية إنها دمّرت، يوم الثلاثاء، زورقا محملا بالمتفجرات قبالة ميناء ينبع على البحر الأحمر، بعد أن تحدثت "تقارير غير مؤكدة" عن هجوم على سفينة في المنطقة.
إقرأ أيضا: سقوط وشيك لمأرب ومساعي للرياض لتقسيم جنوب اليمن
انتقادات وترحيب
وأثارت تصريحات الأمير السعودي موجة انتقادات واسعة في صفوف النشطاء الموالين لحكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، خصوصا اولئك المقرّبين من جماعة الإخوان المسلمين.
وقال محلل سياسي عسكري مقرّب من إخوان اليمن، أنّ الحوثيين ليس لهم باليمن أي صله ولا تربطهم بها شي فهم سلالة متوردة على اليمن فكرا وانساناً.
وأضاف يحيى أبو حاتم، في تغريدة على تويتر "لا خلاص لليمن واليمنيين والمنطقة إلا بالقضاء عليهم مالم فإن القتل والدمار وتهديد المنطقة سوف يستمر".
على النقيض، اعتبر نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، هاني بن بريك، دعوة ولي العهد السعودي الحوثيين للحوار مع باقي "أقطاب الأزمة اليمنية"، بأنه نص مزعج "لمن يريد إطالة الحرب، واختزال المفاوضات."
وقال بن بريك، على تويتر، أنّ "الحوثي لديه مشروع وحكومة هادي لديها مشروع والمجلس الانتقالي الجنوبي لديه مشروع. وهذه المشاريع الثلاثة متقاطعة"، ورأى بأنّ "الحل السلمي هو خيار العقلاء ويبقى حق تقرير المصير للشعوب مكفول في كل القوانين والأعراف الدولية."
وكان سفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر قد اعتبر، في تغريدة له، دعوة ولي العهد للحوثي للجلوس على طاولة المفاوضات مع جميع الأقطاب اليمنية للوصول إلى حلول تكفل حقوق الجميع في اليمن، رسالة واضحة بأن المملكة دائماً وأبداً تقف مع اليمن".
يُمكن القول أنّ تصريحات ولي العهد السعودي تعكس البراجماتية الممكنة في التعاطي مع مختلف الأزمات والملفات والدول، وأنّ السياسة متغيّرة حتى مع الخصوم، وأنّ المصالح الوطنية هي وحدها الثابت الوحيد.
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات (مصادر إضافية: بي بي سي، روسيا اليوم، تويتر)
قبل 3 أشهر