22-05-2021 الساعة 11 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24| عدن
شارك عشرات الأهالي في جنوب اليمن، في مسيرات احتجاجية بشوارع مدينة عدن، الجمعة، للاحتجاج على الظروف المعيشية المتردية وغلاء الأسعار في بلد وصفته الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يقف الملايين من سكانه على حافة المجاعة.
جاب المحتجون شارع مدرم بمديرية المعلا فيما انتقل آخرون بعد ذلك إلى مديرية البريقة غربي العاصمة عدن، ونفّذوا وقفة احتجاجية أمام مقر قوات التحالف العربي.
وطالبوا، بدرجة رئيسية، التحالف العربي القيام بواجبه في وقف الانهيار الاقتصادي وإلزام حكومة المناصفة بتقديم الحلول اللازمة، ورددوا شعارات نددت بـ "فساد الحكومة اليمنية". تزامن ذلك مع رفع بعضهم العلم الوطني لدولة اليمن الجنوبي السابقة، في إشارة إلى تأييدهم استقلال الجنوب عن الشمال.
عدن تطالب بالكهرباء بعد 31 عام من إعلان "الوحدة"
قال بعضُ المحتجين لسوث24 إنهم غاضبون من انقطاع الكهرباء بشكل متواصل، ونقص الخدمات وتأخر الرواتب، وحثوا دول التحالف العربي الضغط على حكومة المناصفة الجديدة لتنفيذ إصلاحات اقتصادية.
وأوضح محمد أنور – الناطق الرسمي للتظاهرة - أنّ الوضع العام الخدمي في المدينة أصبح سيئاً، فالكهرباء والخدمات باتت شبة معدومة والناس يعانون نتيجة الوضع الاقتصادي، الذي بات على حافة الهاوية. وأكّد لـ سوث24 "على ضرورة أن تتحمل كافة الأطراف مسؤوليتها تجاه أبناء المدينة.
ويشكو سكان عدن ومحافظات جنوب اليمن، سواء تلك الواقعة تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي أو سيطرة قوات الرئيس هادي في الشرق والشمال، من تردي الاقتصاد وغلاء المعيشة وانقطاع الكهرباء. اتهم بعض المحتجين التحالف العربي - بقيادة المملكة العربية السعودية - "بالوقوف متفرجاً" على البلد الذي مزّقته الحرب الدائرة رحاها منذ أكثر من ست سنوات.
وقال أحمد سعيد كرامة، ناشط من أبناء المدينة "أتينا الى مقر التحالف العربي في العاصمة عدن لأننا نعلم بأنّ الحل بيد المملكة العربية السعودية ولأنها راعية اتفاق الرياض ومفوّضة من مجلس الأمن الدولي، وللأسف الشديد لم نكن نتوقّع أن يصل حالنا اليوم إلى هذه الوضع وهي تدّعي الوقوف معنا."
مشاركون تحدثوا لـمراسل "سوث24" في عدن، خلال احتجاجات أمام مقر التحالف، بعدن، الجمعة
وتعليقاً على مطالبة التحالف بالرواتب أو الخدمات، رأى كرامة في حديث لـ "سوث24" أنّ "ذلك حق، لأنّ الحرب وتوقف عجلة الاقتصاد وتوقف توريد الإيرادات للبنك المركزي تُعدّ أسباب رئيسية، ولذلك فالتحالف مُلزم بحكم وأعراف القوانين الدولية الوقوف معنا والمساعدة وفقاً للتفويض الدولي".
ويشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وبحسب الأمم المتحدة فإنّ ما يقرب من 80% من إجمالي السكان -أي 24.1 مليون إنسان- بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية.
فك الارتباط، والوحدة المهشّمة
على الصعيد السياسي، قال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي في خطاب له، بمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لإعلان فك الارتباط في ٢١ مايو ١٩٩٤، أنّ المجلس الانتقالي الجنوبي مستمر في مساعي استعادة الدولة الجنوبية.[1]
وأكد خطاب للزبيدي، بثه تلفزيون المجلس في وقت متأخر من يوم الخميس، على ضرورة البدء بعملية سياسية شاملة واحترام كافة القرارات الدولية وعلى رأسها قراري مجلس الأمن٩٢٤ و٩٣١ لعام ١٩٩٤.
ويرى الصحفي صلاح السقلدي أنّ خطاب الزبيدي "كان صريحا ويؤكدّ على إصرار المجلس الانتقالي الجنوبي للمضي قدما في إنجاز أهداف الثورة الجنوبية المتمثلة بالانتصار للقضية الجنوبية وغايتها الأبرز، استعادة الدولة الجنوبية".
وأشار السقلدي لــ "سوث24" إلى أنّ "نجاح المجلس الانتقالي في ترويج القضية الجنوبية وكسب الاعتراف السياسي الدولي والإقليمي يقابله استهداف خطير يطال الأوضاع الخدمية والمعيشية من قبل القوى المنضوية تحت ما يسمى بالشرعية التي تتخذ من ذلك وسيلة مساومة وأوراق ابتزاز سياسي دون أي اعتبار للجانب الإنساني والأخلاقي."
بالنسبة للرئيس عبد ربه منصور هادي، المقيم في السعودية، فإنّ "الوحدة اليمنية غاية نبيلة، تعرّضت للنهش والتهشيم"، إذ رأى خلال خطابه بمناسبة الذكرى الثاني والعشرين من مايو، نشرته وكالة سبأ، على أّنّ "مشروع الدولة الاتحادية يؤسس لمستقبل أكثر استقرارا وأمنًا."
وكان اليمن الجنوبي دولة مستقلة قبل الوحدة مع اليمن الشمالي في 1990.
وانتهت الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب في حرب ١٩٩٤، بعد أربع سنوات من المحاولة، عندما قاد الطرف الشمالي انقلابا، أشعل حربا دامية، انتهت بسيطرة القوات اليمنية على كامل تراب شريكتها في الوحدة "اليمن الجنوبي" أو جمهورية اليمن الديمقراطية. [2]
رسائل الزبيدي
أشار رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الى أنّ الانهيار الاقتصادي والتردي الخدمي عمل متعمّد وأنّ ذلك يعدّ "امتداد لممارسات قوى الاحتلال الساعية لتحطيم معنويات الجنوبيين، وكسر إرادتهم، ودفعهم للتراجع عن مشروعهم الوطني،"، في إشارة إلى جهات حكومية، على الأرجح، في الرئاسة اليمنية.
وأضاف الزبيدي أنّ المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال مشاركته بحكومة المناصفة قد أعطى ملف الخدمات أولوية وفي مقدمتها الكهرباء والماء، مشيراً الى أنّ كل الالتزامات خاصة بملف الكهرباء لم تنفّذ واستمرت عملية التعطيل.
إقرأ أيضا: الاقتصاد اليمني: ضعف حكومة المناصفة وعواقب استمرار الصراع
في السياق، أوضح المحلل السياسي والباحث في الشؤون اليمنية حسام ردمان لـ "سوث24" أنّ تصريحات الزبيدي "تضمّنت نوعان من الرسائل المهمة، الأولى موجهة للشارع الجنوبي في ذكرى الوحدة وذكرى فك الارتباط ومفادها أنّ المجلس سيحاول قدر الإمكان الموازنة بين موقعه الجديد في السلطة بعد اتفاق الرياض وبين التزامه السياسي تجاه معاناة المواطنين، وهذا التحدي حالياً هو الأصعب أمام المجلس الانتقالي."
أما النوع الثاني من الرسائل، وفقا لردمان، فقد وجهه الزبيدي "إلى الطبقة السياسية والتحالف العربي، وكان مفادها دعوة الحكومة الى العودة والتأكيد على ضرورة استئناف تطبيق اتفاق الرياض"، ويبدو كما يقول ردمان "إن هذه الدعوة وجدت صدى لها عند رئيس الوزراء التي أشارت المصادر بأنه وجه تعميما للوزراء كي يعودوا إلى عدن".
وكانت مصادر مطلّعة أبلغت سوث24 في وقت سابق عن استعداد حكومة معين عبد الملك إلى العودة إلى عدن، وأن الوزراء المتواجدين خارج عدن، قد تلقوا توجيهات بذلك.
ولوّح المجلس الانتقالي من إمكانية اتخاذه لمجموعة خيارات وإجراءات إدارية لمعالجة أوضاع الخدمات، ودعا حكومة المناصفة إلى عدم اتخاذ أي محافظة أخرى مقر لها، وشدد على ضرورة تحمل مسؤولياتها ووقف محاولتها في تعطيل اتفاق الرياض، وفقا لما ورد في خطاب الزبيدي الأخير.
وعلى الرغم من ذلك يرى بعض المحتجين بضرورة تحمّل المجلس الانتقالي الجنوبي المسؤولية والقيام بإدارة الواقع الذي تخلت عنه الحكومة، والوقَوف مع سكان هذه المدينة، الذين باتوا يعانون شظف العيش.
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي قد وقّع مع حكومة هادي "اتفاق الرياض" في نوفمبر 2019، قضى بتشكيل حكومة مناصفة بين الجنوب والشمال، وضم القوات الأمنية الجنوبية في قوائم الدولة الرسمية، وعودة القوات اليمنية التي قدمت في أغسطس إلى مناطق شبوة وأبين، واتخاذ إجراءات لهيكلة الجانب الاقتصادي.
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات