22-05-2021 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | قسم التحليلات
على منصة "الملاحم"، نشر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، منتصف الشهر الجاري، فلماً مُسجّلاً لهجومين دمويين منفصلين كان قد نفذّهما في مارس الماضي على نقطتين لقوات لحزام الأمني- أحد التشكيلات الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي- شرق محافظة أبين، جنوب اليمن.
الهجوم الأول [1] وقع على نقطة أمنية شرق مديرية أحور في 18 مارس 2021، على التوالي في 19 مارس 2021، حدث الهجوم الثاني [2] على نقطة أمنية أخرى في منطقة الوضيع، غرب أحور. أسفر عن الهجومين مقتل وإصابة العديد من الجنود والمدنيين.
كواليس الفلم
الفلم الذي نشره التنظيم واستغرق بضعة دقائق، بدأ بعرض مقاطع القتل المُباغت، وانتهى بكلمة قصيرة لزعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، خالد باطرفي. عدا اللقطات التي وثّقت الهجومين، يرى مراقبون أنَّ كلمة باطرفي قديمة وملفّقة، ويؤكد هؤلاء أنَّ لباس وهيئة باطرفي، كان قد ظهر بهما في تسجيل قديم يعود للعام 2017.
وحول هذا الظهور علّقت الباحثة الأكاديمية في جامعة أكسفورد، المُتخصصة بالدراسات العربية والإسلامية، إليزابيث كيندال: "حسناً، يبدو الزعيم باطرفي جيداً في فيديو اليوم، حيث تم رفع لقطاته من مقطع فيديو قديم في يوليو 2017، عندما كانت قوات الحزام الأمني المدعوم من الامارات منتشرة".
وقالت كندال، إنَّ هناك من "يحاول القيام بدور القاعدة في اليمن"، وأضافت: "يبدو [التنظيم] أكبر من مجموعة أجزاءه المُجزّأة".[3]
ليست إعادة تركيب كلمة باطرفي في الفلم وحدها مريبة. كذلك العناصر التي نفذّت الهجوم غير معروفة وغريبة لدى العديد من المراقبين. مرة أخرى، تقول الباحثة البريطانية، إليزابيث كندال: "في الواقع هناك العديد من العناصر التي تبدو غريبة (مُريبة تماماً) حول هذا الفيديو".[4]
التوقيت
إنّ توقيت إصدار الفلم أيضاً يحمل العديد من الدلالات. لقد صدر تزامنا مع مقتل قياديين كبيرين في التنظيم. أكّدت مصادر أمنية لـ "سوث24"، أنَّ ناصر سعيد لكرع الكازمي، المسؤول الاستخباراتي والأمني في القاعدة بمحافظتي أبين وشبوة، وصالح سامل الباهلي، أمير تنظيم القاعدة في مديرية المحفد، لقيا مصرعهما في حادث مروري في منطقة ضمعان، خلال سفرهما نحو مدينة شقرة، مقر القوات الحكومية اليمنية.[5]
علاوة على تلقي التنظيم ضربة موجعة على يد قوات الحزام الأمني في منطقة لودر بأبين، عندما نفّذ التنظيم هجوماً مسلحاً على مقر الحزام الأمني في لودر، فجر الإثنين، 17 مايو الجاري، تمكّن الأخير من صدّه وإفشاله (من النادر أن يفشل التنظيم في تنفيذ هجماته).[6]
والجدير بالذكر أنّ مدينة لودر بأبين كانت أول منطقة في جنوب اليمن استطاعت كسر وهزيمة التنظيم في العام 2012.
ذات صلة : تنظيم القاعدة يعزّز حضوره في أماكن سيطرة الحكومة اليمنية
ضربتان تلقتهما القاعدة جعلت فلمه الأخير، يبدو كمحاولة للرد على عجالة. الجدير الإشارة له، أنَّ تنظيم القاعدة، على غير العادة، تأخر في إعلان تبنيه الهجومين على الحزام الأمني بأحور أبين في مارس الماضي. وبعد مرور أسبوع، أي في 26 من ذات الشهر، تبنّى التنظيم العملية. [7]
أيضاً، بعد مرور يومين على تنفيذ التنظيم هجوم صاروخي استهدف قوات التحالف العربي في منشأة بلحاف الغازية، جنوب شرق شبوة على البحر العربي في 4 إبريل من العام الجاري، تبنّى الهجوم في بيان له [8]، وأعلن التنظيم في البيان نفسه مسؤوليته عن هجوم آخر نفذّه ضد المليشيات الحوثية في مكيراس، وسط اليمن.
منذ وقت مبكر، ركّز تنظيم القاعدة نشاطه على جنوب اليمن، واضعاً هدفه العقائدي الاستراتيجي في محاربة أمريكا وحلفائها، إلى جانب هدف الحكومات والجماعات اليمنية في ضرب رغبة الجنوبيين في الاستقلال عن شمال اليمن. يتمتع الجنوب بموقع استراتيجي هام على خط الملاحة الدولية، لطالما أثار قلق واهتمام العالم.
تعود حرب الإمارات والقوات الجنوبية المسلحة مع التنظيمات المتطرفة إلى ماقبل العام 2017، تحديداً منذ عامي 2014 و2015. وفي كلمة زعيم التنظيم، خالد باطرفي، فإنَّ عبارات الحث على قتال الإمارت وحلفائها في جنوب اليمن، ليست جديدة.
قد تبدو دعوة باطرفي التي استخدم فيها عبارة "إلى أهلنا في الجنوب" غريبة نوعاً ما، كمصطلح سياسي جهوي، على الأرجح، وردت كدليل سعى التنظيم من خلالها لتعزيز "حداثة" كلمة باطرفي. لكنّ الأدلة المادية التي أبرزها المراقبون، أثبتت بلا شك عدم حداثة هذا الاصطلاح لدى تنظيم القاعدة.
بدر قاسم محمد
زميل في مركز سوث24، باحث في الشؤون السياسية اليمنية
- الصورة: مقتطعة من فلم تنظيم القاعدة الأخير "من الميدان"، بواسطة "Elisabeth Kendall"