05-06-2021 الساعة 11 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| العرب اللندنية
حملت كلمة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى المشاركين في منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي رسالة مزدوجة إلى روسيا، فمن ناحية أظهرت أن قطر ستنافس الروس على إنتاج كميات الغاز، ومن ناحية أخرى كشفت عن مسعى لتوطيد العلاقة مع موسكو وزيادة الاستثمارات القطرية في روسيا بشكل يحولها إلى الشريك الدولي الأكبر لروسيا.
وتلخص هذه المفارقة استراتيجية قطرية في التعامل مع مختلف القضايا الإقليمية تسعى إلى النأي بالنفس عن المواجهة وإظهار الرغبة في التهدئة، لكنها على الأرض مستمرة في أجندة توسيع نفوذها.
وقال الشيخ تميم الجمعة إن إنتاج بلاده من الغاز سيزيد بنسبة 40 في المئة مع عام 2026، وإنها “تلعب دورا كبيرا في توزيع الغاز في أنحاء العالم وتستثمر فيه استثمارات ضخمة”، وستعقد في الأشهر القادمة مؤتمرًا للدول المُصدّرة للغاز.
لكنه عاد ليستدرك بالقول إن بلاده “من أكبر المستثمرين الأجانب في روسيا باستثمارات متنوعة تصل إلى أكثر من 13 مليار دولار”، وإنها “تتعاون مع شركات عالمية في الطاقة بما فيها شركة روسنفت (الروسية)”.
وبنفس المناسبة وقعت روسيا وقطر أكثر من 65 اتفاقية تعاون تغطي مختلف المجالات، بما في ذلك التكنولوجيا والتمويل والرياضة والبنية التحتية والزراعة، بحسب ما جاء على لسان وزير التجارة والصناعة القطري علي أحمد الكواري.
وتأتي هذه الاستدارة القطرية تجاه روسيا بعد أن كان التنافس على أشده بشأن أسواق الغاز. وتقول روايات مختلفة إن التدخل الروسي في سوريا كان من عوامله إفشال خطة قطرية لمدّ خط أنابيب غاز إلى البحر المتوسط.
وتوسّع هذا الخلاف خلال السنوات الأولى للحرب السورية قبل أن تتراجع قطر بعد اتهامات لها بدعم مجموعات إسلامية متشددة وتمويلها. لكنها الآن تعود إلى تنشيط دورها في سوريا عبر عرض لعب دور الوسيط بين الفرقاء “على أساس حل سياسي يرضي كل الأطراف”، بالرغم من أنها لا تقيم علاقات مباشرة مع النظام السوري وما يزال موقفها مساندا للمعارضة التي تسير في فلك حليفها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأعلن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الأحد الماضي أن بلاده لا تعتزم تطبيع العلاقات مع سوريا وذلك بعد الإعلان عن فوز الرئيس بشار الأسد بفترة رئاسية رابعة.
لكنّ متابعين للشأن السوري لا يستبعدون أن تفتح الدوحة قنوات التواصل مع النظام السوري إذا كان ذلك سيمكنها من لعب دور الوسيط بهدف إقناع الأميركيين بقدرتها على لعب دور إقليمي مختلف غير دورها السابق الداعم للحركات المتشددة.
ووسّعت قطر استراتيجيتها القائمة على طرفي نقيض، أي الحفاظ على الموقف السابق الداعم للإسلاميين من جانب، والظهور من جانب ثان بموقف مرن يراعي مصالح قطر الاقتصادية واستعادة تأثيرها الإقليمي، لتشمل مصر والسودان بالرغم من مخلفات علاقتها بالإخوان المسلمين على البلدين.
وتركت الدوحة وراءها إرث وقوفها مع الإخوان ضد نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وما تخلله من حملات إعلامية وتشويه، وزار وزير الخارجية القطري القاهرة وسلّم الرئيس المصري دعوة من الشيخ تميم لزيارة قطر، وفتح البلدان الباب لتعاون اقتصادي واستثماري أوسع ظهرت نتائجه سريعا في تفاهمهما بشأن غزة.
ووظفت قطر التقارب مع مصر لإعادة نفوذها في ليبيا والسودان. وكان واضحا أن هذا التقارب ساهم في رفع الحرج عن الخرطوم التي تبحث عن تحصيل دعم من الدوحة لمواجهة أزمتها الاقتصادية الحادة، خاصة بعد تعذر تنفيذ وعود خليجية أخرى لفائدة الخرطوم.
ويعتقد مراقبون للشأن الخليجي أن استراتيجية قطر ذات الوجهين نجحت بصفة خاصة في العلاقة مع السعودية، حيث استفاد القطريون من المصالحة الخليجية في فتح أبواب التهدئة مع الرياض كما تخلصوا من المقاطعة، وهم وإن كانوا قد أوقفوا الحملات على السعودية، لكن ظلوا يلعبون ضدها في أهم الملفات التي تواجهها، وهو الملف اليمني.
وفيما تعمل المملكة ما في وسعها لإنجاح اتفاق الرياض وتوحيد جبهة “الشرعية” في مواجهة المتمردين الحوثيين، فإن قطر وحلفاءها في المشهد اليمني يتحركون على أكثر من واجهة لإفشال اتفاق الرياض ومنع السعودية من تحقيق أهم أهدافها، وآخر صور ذلك التحضير للإعلان عن “جبهة إنقاذ” مدعومة قطريا سيكون هدفها الأول الهجوم على التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
قبل 13 يوم