الهجمات الحوثية الأخيرة على السعودية، دوافع إضافية

الهجمات الحوثية الأخيرة على السعودية، دوافع إضافية

التحليلات

الإثنين, 06-09-2021 الساعة 02:28 مساءً بتوقيت عدن

سوث24| قسم التحليلات 

أعلنت  وزارة الدفاع السعودية، أمس الأحد، تصدي دفاعاتها الجوية لثلاثة صواريخ بالستية وثلاث طائرات مسيرة، أطلقتها جماعة الحوثي باتجاه المنطقة الشرقية، وجازان ونجران.

ووفقاً للوزارة، تسبب أحد الصواريخ بإصابة طفلين وتضرر عدد من المنازل في ضاحية الدمام بالمنطقة الشرقية، فيما تم تدمير الصاروخين الأخرين دون أي أضرار، وإسقاط الطائرات المسيرة. (1)

جماعة الحوثي والمُسيطرة على معظم شمال اليمن أعلنت على لسان مُتحدثها العسكري أنَّها قصفت منشأة أرامكو النفطية السعودية بعشر طائرات مسيرة وستة صواريخ بالستية. (2)

وهدّد الناطق الرسمي للجماعة ورئيس وفدها المفاوض، محمد عبد السلام، بهجمات أكبر وأوسع، مُباركاً ما أسماه "عمليات الردع" في العمق السعودي. (3)

لاقت الهجمات الحوثية إدانات واسعة من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكثير من الدول والمنظمات العربية والإسلامية، فيما أكّدت الرياض على أنها ستقوم "بما يلزم" لحماية أمنها. (4)

على مدى الفترة الماضية، لطالما هاجم الحوثيون الأراضي السعودية بشكل شبه مُستمر بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، لكن الهجوم الأخير  والذي أصاب أهدافاً مدنية كما أعلنت السعودية، وأهدافاً اقتصادية كما تزعم الجماعة، يضع تساؤلات عديدة.

مثل الهجوم تصعيداً عسكرياً خطيراً من جانب الحوثيين، إذ لا يبدو أنَّه يأتي في إطار الهجمات الاعتيادية التي تشنها الجماعة، وقد سبقه هجوم مماثل على مطار أبها تسبب - وفقاً للسعودية - بأضرار في طائرة مدنية وإصابة 8 من العمال، مطلع الشهر الحالي. (5)

وكرد أولي على هجوم مطار أبها، قصفت الطائرات السعودية بعشرات الغارات مواقع للقوات الحوثية في مأرب وصعدة، وتحدث إعلام الجماعة عن أكثر من 25 غارة بعد ساعات من الهجوم. (6)

الدوافع  

تدفع رغبة إثبات القوة الحوثيين إلى شن هجماتهم الخارجية التي تستهدف السعودية، فيما تدفع رغبة الحرب النفسية وإلحاق الخسائر الدقيقة الجماعة إلى ضرب خصومها الداخليين، مُستغلة فارق التسليح في مجال الصواريخ والطائرات المسيرة.

هذه النية العسكرية الحوثية هي ما يحرك هجماتها باستمرار، إلا أنَّ كثير من هذه الهجمات تتميز بمستوى أعلى من العنف والأسلحة المُستخدمة، مُعزّزة بأسباب أخرى إضافية على الأرض. 

ويمكن تلخيص أهم الدوافع والأسباب التي يُرجح أنَّها عززت رغبة الجماعة المدعومة من إيران في استهداف المملكة:

- الضربات الجوية في مأرب 

منذ أشهر طويلة، تشن جماعة الحوثي هجوماً شاملاً مُتعدد الجبهات على مأرب، المعقل الأخير للحكومة اليمنية في شمال اليمن، وإحدى المحافظات الغنية بالنفط.

 استطاعت الجماعة تحقيق بعض الانتصارات في الجبهات المتاخمة لصنعاء، لكنها فشلت في إسقاط مركز المحافظة وكثير من المناطق، وسط استماتة القبائل والقوات الحكومية، وفعالية الضربات الجوية السعودية.

شنت السعودية مئات الغارات التي كبحت جماح حكام صنعاء، في جبهات صرواح والكسارة والرحبة وغيرها من جبهات مأرب المُلتهبة؛ وأعلنت الرياض تحقيق كثير من الضربات لأهدافها في تدمير آليات ومركبات عسكرية تابعة للحوثيين، ومقتل عناصر من الجماعة.

أثّرت ضربات المملكة بشكل واضح ومفصلي على سير المعارك في مأرب، وعملت على إحداث نوع من التوازن العسكري على الأرض، حيث تقوم بتغطية جوية للقوات الحكومية التي تفتقد لمنظومات هجومية شبيهة بتلك التي يملكها الحوثيون.

- مقتل محمد حسين الحوثي 

مقتل محمد حسين الحوثي قد يكون أحد أهم الأسباب التي عززت من رغبة الحوثيين في الرد على الغارات، لما تُمثّله القيادات الميدانية للجماعة - بالذات التي تنحدر من آل الحوثي في صعدة - من أهمية في الجبهات، وما قد يبعثه مقتلها من انكسار وهزيمة نفسية في صفوف مقاتليها.

حيث نقلت وسائل إعلام سعودية عن مصادر عسكرية يمنية مقتل القيادي الميداني البارز في جماعة الحوثي، في غارة جوية في مأرب، الجمعة. ووفقاً لقناة العربية، فإنَّ الرجل مقرّب من زعيم الجماعة، عبد الملك بدر الدين الحوثي، ومن ذات المنطقة في محافظة صعدة التي ينحدر منها الصف الأول من قيادات الجماعة. (7)

- القبض على العماد 

وبالتزامن مع مقتل محمد حسين الحوثي، نقلت وسائل إعلام تابعة للحكومة اليمنية، وقنوات سعودية، خبر اعتقال القوات الأمنية في محافظة المهرة الحدودية مع عُمان، للقيادي والمرجعية الفكرية الحوثية، حسن علي يحيى العماد، أثناء عودته متنكراً من إيران عبر المنفذ البري بمنطقة شحن. (8)

والعماد يعتبر من أهم المراجع الدينية الحوثية وهو مُقيم ومتزوج في طهران بإيران، وتم ابتعاثه للدراسة في "قُم" الإيرانية في التسعينات مع عدداً من أشقائه، وبرزت اهميته من خلال الدور الذي لعبه لصالح الحوثيين في إيران عبر جمع التبرعات للجماعة، والترويج لمشاريعها في وسائل الإعلام الإيرانية. (9)

ولم يصدر حتّى الآن بيان رسمي من الحكومة اليمنية باعتقال العماد أو نفي ذلك، لكنَّ قيادات ومسؤولين في هذه الحكومة أكدوا عبر حساباتهم الشخصية ومقابلات متلفزة على الاعتقال. (10)

ومن المهم الإشارة إلى أنَ كل هذه الأحداث تأتي تزامناً مع بدء الدبلوماسي السويدي هانز غروندبرج مهمته كمبعوث أممي  رابع إلى اليمن (11)، وهو ما يضع احتمالية مسعى الحوثيين لإرسال رسائل تؤكد موقفهم القوي في الحرب، وإصرارهم في الحصول على تنازلات جديدة من الخصوم المحليين، والسعودية، مقابل اتفاق لوقف إطلاق نار، بالمرحلة القادمة.

ولم تكن هجمات الجماعة على السعودية هي الوحيدة مؤخراً، فقد شنت أيضاً هجوماً هو الأكثر دموية في جنوب اليمن منذ قصف مطار عدن أواخر العام المنصرم، ضد قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج، في 29 أغسطس الماضي، خلّف 40 شهيداً من القوات الجنوبية، وعشرات الجرحى.

ولم يتبنَ الحوثيون رسمياً الهجوم أو ينفون ضلوعهم به، لكنَّ الحكومة اليمنية  والمجلس الانتقالي الجنوبي اتهما الجماعة بشكل مباشر بالوقوف وراء الهجوم، والذي تم بصواريخ اُطلقت من منطقة الحوبان الخاضعة لسيطرة الجماعة، بمحافظة تعز، شمال اليمن.


صحفي ومعد تقارير لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات 

- الصورة: مقاتون حوثيون بجانب أحد الصواريخ البالستية (إعلام الجماعة) 

اليمن الحوثيون السعودية طائرات مسيرة صواريخ الحوثيين أرامكو نجران مطار أبها حسن العماد محمد حسين الحوثي