22-10-2021 الساعة 6 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | قسم الترجمات
يكشف الهجوم الذي استهدف موقعًا عسكريًا أمريكيًا في سوريا تراجع أسبقية الولايات المتحدة في مجال الأسلحة المسيرة.
وعلى مدار الأعوام الخمسة عشر الأولى من الحرب الأمريكية على الإرهاب، كانت الطائرات المسيرة القاتلة واحدة من أكبر نقاط تفوق الولايات المتحدة. واستطاعت هذه المركبات الطائرة "بدون طيار" والتي تشتهر بأسماء عديدة أمثال "المفترسة" و"الحاصدة" تنفيذ هجمات مميتة ضد إرهابيين مشتبه فيهم دون أي خطورة من إمكانية إسقاط طيارين بشريين.
كاميكازي
بيد أن الأمور بدأت تتغير إبان العام الأخير من حقبة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما حيث شرع المتمردون الحوثيون في استخدام طائرات مُسيرة بدائية تستمد أجزاءها من إيران لشن هجمات ضد المملكة السعودية.
وبعكس الدرونز الأمريكية، تبدو هذه الطائرات المسيرة منخفضة التكلفة أقرب شبها بطائرات "كاميكازي" اليابانية في الحرب العالمية الثانية حيث تقوم بالاصطدام بأهدافها.
وفي واحدة من أكثر الهجمات الإيرانية سفورًا، استطاع هذا النوع من الطائرات المسيرة مع صواريخ كروز تدمير حقول نفط سعودية عام 2019.
أحدث الأمثلة التي تدلل على التكافؤ المتزايد الذي باتت عليه معركة الطائرات المسيرة تتمثل في الهجوم على قاعدة عسكرية أمريكية صغيرة في الصحراء السورية بالقرب من الحدود الإيرانية تشتهر باسم "التنف".
الأربعاء الماضي، وفقا للبنتاجون، تعرضت القاعدة الأمريكية للهجوم بواسط طائرات مسيرة ونيران غير مباشرة في ظل توقعات شبه مؤكدة بأن الذي يقف وراء ذلك واحدة من الميليشيات الشيعية العراقية التي استهدفت قواعد أمريكية خلال السنوات الأخيرة بقذائف الهاون وصواريخ.
الاشتباه بإيران
ثمة سببان للاشتباه وراء الضلوع الإيراني في الواقعة، أولهما أن انتشار مثل هذه الطائرات "الكاميكازية" المسيرة يمثل جزءا من الإستراتيجية الإقليمية للجمهورية الإسلامية. وتدعم طهران وكلاء لها أمثال الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان بمنصات أسلحة، وفقا لديفيد شنكر، الباحث المخضرم في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والمساعد السابق للخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى.
من جانبه، قال سيث فرانتزمان مؤلف كتاب حول التاريخ الحديث لحرب الدرونز في الشرق الأوسط: "غالبا، ما يتم شحن أجزاء الطائرات المسيرة من إيران ثم يتم تجميعها في غزة وسوريا والعراق واليمن".
أما السبب الثاني الذي يدعو للاشتباه في الضلوع الإيراني فهو توقيت الهجوم، إذا أن العراقيين صوتوا الأسبوع الماضي في الانتخابات التشريعية والتي شهدت خسارة الأحزاب السياسية الأكثر قربا من إيران لبعض المقاعد مقابل فوز حزب مقتدى الصدر الأكثر استقلالية وقومية بالمزيد منها.
وبالتالي، كان هجوم الدرونز وسيلة للجماعات الشيعية المسلحة وأحزابها المرتبطة بها والتي حققت نتائج فقيرة في الانتخابات "لتأكيد شرعيتها" وفقا لجويل رايبورن المبعوث الخاص الأمريكي السابق إلى سوريا في إدارة ترامب.
وقد يبدو ذلك غريبا، لكنه يتماشى مع قواعد اللعبة في هذا النوع الجديد مع الحرب الهجينة. وتعد الميليشيات العراقية المدعومة من إيران بمثابة جزء من منظمات أكبر تتضمن أحزاب سياسية ومنصات إعلامية. ويزعم وكلاء إيران أنّ الولايات المتحدة تلاعبت بنتائج الانتخابات العراقية الأخيرة لتقليص قوة المليشيات الشيعية التي تحاول جر الولايات المتحدة إلى مواجهة تعزز سردهم السياسي.
وقبل عشرة أعوام، كان هذا النوع من المناورات يستلزم وجود متطوعين انتحاريين لكن الآن تمتلك إيران ووكلاؤها الطائرات المسيرة التي تستطيع تنفيذ هجمات أكثر دقة على مواقع أمريكية بتكلفة أقل كثيرًا من السابق.
والسؤال إذن، متى طورت إيران برنامج الطائرات المسيرة؟ في كتابه، قال فرانتزمان إن الإيرانيين بدأوا في استخدام مركبات طائرة بدون طيار لأغراض مراقبة إبان الحرب بين إيران والعراق. بيد أن التحول الحقيقي في هذا الصدد حدث عام 2011 حينما أسقطت طهران طائرة مراقبة مسيرة أمريكية.
ويعتقد معظم الخبراء، بينهم فرانتزمان، أن إيران استطاعت تقليد تصميم جسم الطائرة لكنها ما تزال تفتقد التكنولوجيا اللازمة لإنتاج أنظمة التوجيه والرادار المتقدمة.
فشل ونجاح
ويكشف ذلك أن أيًا من مميزات التفوق في ساحة المعركة لا يمكنها الاستمرار إلى الأبد، بل أن منظمات إرهابية لا ترتبط بدولة أمثال القاعدة وداعش استطاعت استخدام درونز بدائية في عمليات المراقبة والهجوم.
بيد أن الولايات المتحدة تحاول التكيف مع ذلك أيضا، حيث أعلن البنتاجون العام الماضي عن إجراء تعديلات للعديد من أنظمة الأسلحة المضادة للطائرات المسيرة في عملية تشمل كل شيء بدءا من أجهزة التشويش المحمولة التي تعطل التحكم اللاسلكي للدرونز الصغيرة وانتهاء بالأنظمة الأكبر المضادة للصواريخ.
وعلى ما يبدو، فقد أثبتت هذه الأنظمة الدفاعية جدواها هذا الأسبوع في قاعدة التنف، حيث لم يتسبب الهجوم في أي وفيات أو إصابات في صفوف الامريكيين. في الوقت الراهن، تستطيع الولايات المتحدة الدفاع عن نفسها في مواجهة الطائرات المسيرة الإيرانية، ولكن في نفس الوقت، يكشف الهجوم فشل جهود واشنطن في الحد من انتشار تكنولوجيا الدرونز.
وأصبح أطراف الصراع في الشرق الأوسط يستخدمون نفس النوع من تكنولوجيا الطائرات المسيرة التي كانت الولايات المتحدة تأمل في الاستئثار بها بمفردها.
المصدر بالإنجليزية: بلومبيرج
ترجمه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة: ا ف ب