04-11-2021 الساعة 11 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| قسم الترجمات
انطلقت مؤخرا تدريبات برمائية مشتركة تجمع بين عناصر من البحرية و"المارينز" الأمريكية وقوات الدفاع الإسرائيلية تتضمن انتشارا عسكريا أمريكيًا داخل الأراضي الإسرائيلية لأهداف تدريبية.
وبالرغم من الروابط العسكرية القوية وطويلة الأمد التي تجمعهما معا، إلا أن التفاعلات الحقيقية بين الثنائي الأمريكي والإسرائيلي دائما ما كانت تتسم بالتكتم لأسباب سياسية. بيد أن هذا الأمر اعتراه التغيير في الأعوام الأخيرة. ويأتي هذا التدريب بعد أقل من شهر من تصريح البلدين بأنهما يستكشفان "خطة ب" (بديلة) محتملة تتعلق بإيران حال رفض نظام طهران إبرام اتفاقية متعددة الجنسيات حول طموحاتها النووية.
وتتولى "الوحدة 51 البحرية" و"اللواء الخامس مشاة البحرية"(المارينز) بالجيش الأمريكي الإشراف على القوات وفقا للخدمات المرتبطة بكل منهما في تلك التدريبات التي بدأت رسميا في الأول من نوفمبر.
وتضطلع "الوحدة 51 البحرية" بكافة العمليات البرمائية بمنطقة الشرق الأوسط، وكذلك حول القرن الإفريقي، وفي أجزاء من المحيط الهندي كجزء من الأسطول الخامس الأمريكي والقيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية NAVCENT.
اللواء الخامس مشاة البحرية يمثل مقر بعثة استكشافية قابلة للانتشار يستهدف دعم أنشطة "المارينز" في ذات المناطق المذكورة، ويعتبر أحد مكونات "الوحدة 51 البحرية"، ويتم الإشارة إليهما غالبا بصيغة مدمجة تحت مسمى "الوحدة 51 / اللواء الخامس مشاة البحرية".
ومن المعروف حاليا أن سفينة رصيف النقل البرمائية فئة سان أنطونيو "يو إس إس بورتلاند"، والتي أخطأت الحسابات الرسمية لقوات الدفاع الإسرائيلية وصفها باعتبارها "حاملة طائرات" أو "حاملة مروحيات" تشارك في التدريبات المشتركة المذكورة.
وأوضحت بعض الصور السفينة "بورتلاند" وهي ترسو في ميناء مدينة إيلات الجنوبية المطلة على البحر الأحمر، والذي يمثل محورا لتلك التدريبات، وتحمل في مؤخرتها طائرات مروحية طراز "سيكورسكي سي إتش-53 إي سوبر ستاليون" ذات الحمولة الثقيلة، لكن لم يكن واضحا إذا ما كان هناك على متنها أي طائرات أخرى.
وبخلاف أسلحتها المعتادة وأنظمتها الأخرى، فإن السفينة بورتلاند مجهزة بسلاح موجه بطاقة الليزر يستهدف توفير حماية إضافية ضد أسراب القوارب والطائرات المسيرة صغيرة الحجم. وعلاوة على ذلك، تستطيع أيضا حجب الرؤية أو إرباك أجهزة الاستشعار البصرية على الأسلحة المقبلة، كما أنها مزودة بكاميرات فيديو كاملة الحركة يمكن استخدامها في أعمال المراقبة والاستكشاف وتعقب الأهداف.
"يشارك في التدريبات نحو 500 عنصر تقريبا من أفراد الوحدة 11 مشاة البحرية، تضم كتيبة لوجستية واحدة، وبنادق مشاة، وسرية استطلاع مصفحات خفيفة، ونظام صاروخي مدفعي عالي الحركة HIMARS" وفقا لبيان مشترك بين الأسطول الخامس والقيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية.
وتتواجد كل من الوحدة 11 مشاة البحرية والسفينة "بورتلاند" بالمنطقة في سياق انتشار عسكري معتاد كجزء مما تسمى بـ "مجموعة إسيكس البرمائية الجاهزة" (ARG)، والتي تضم في قلبها سفينة الهجوم البرمائية "يو إس إس إسيكس" طراز "دبور"(Wasp).
لم يتضح بعد عدد القوات وماهية الوحدات الإسرائيلية المشاركة في التدريبات المقرر أن تتواصل على مدار الأسابيع الثلاثة المقبلة.
وقال الأسطول الخامس والقيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية: "تتضمن التدريبات عمليات عسكرية بالمناطق الحضرية، و تدريبات بالذخيرة الحية، وأخرى باستخدام النظام الصاروخي المدفعي عالي الحركة HIMARS، ومناورات سريعة، بالإضافة إلى تبادل الخبرات المهنية في مجالات مختلفة تشمل الهندسة والطب والتخلص من الذخائر المتفجرة".
من جانبه، قال عميد مشاة البحرية. الجنرال فاريل سوليفان قائد "الوحدة 51 / اللواء الخامس مشاة البحرية" في بيان: "هذه التدريبات بمثابة جزء من الفصل القادم بشأن العلاقات طويلة الأمد بين البحرية والمارينز الأمريكية وإسرائيل، والتي تمثل ضرورة حيوية لاستقرار وأمن المنطقة".
وتحدث التدريبات في البحر الأحمر الذي يرتبط مع المناطق المحيطة به بأهمية إستراتيجية كبيرة، حيث تحده قناة السويس من الشمال ومضيق باب المندب من الجنوب واللذين يشكلان نقطتي اختناق لتحركات القوات البحرية وحركة ملاحة السفن التجارية.
تحلق طائرات مقاتلة سعودية من طراز F-15 مع قاذفة تابعة لسلاح الجو الأمريكي من طراز B-1B فوق البحر الأحمر في أكتوبر 2021 (USFA)
وعلى مدار السنوات الأخيرة، كان البحر الأحمر نقطة اشتعال العديد من الأحداث لا سيما في طرفه الجنوبي حول اليمن. يشن الحوثيون المدعومون من إيران هجمات منتظمة باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ ضد أهداف عسكرية ومدنية تتضمن البحر والمملكة السعودية المجاورة. وتتزايد مشاعر القلق بشأن التهديد الحوثي المحتمل على جنوب إسرائيل بما في ذلك إيلات.
ووفقا لما نوهنا إليه بالفعل، فإن التعاون العسكري الأمريكي، والذي يشمل المشاركة في تدريبات داخل إسرائيل، بات أكثر علانية في السنوات الأخيرة. الشهر الماضي فحسب، هبطت طائرات إف-16 تابعة للقوات الجوية الأمريكية في إسرائيل للمشاركة في تدريبات "بلو فلاج" (العلم الأزرق) والتي تقام كل عامين والتي تضم كذلك عددا من الحلفاء والشركاء الأجانب.
في أكتوبر، طافت قاذفة قنابل أمريكية طراز "بي-1بي" تابعة للقوات الجوية الأمريكية شبه جزيرة سيناء جنبا إلى جنب مع طائرات إسرائيلية في مرحلة ما.
في وقت سابق هذا العام، نقل الجيش الأمريكي المسؤولية الإقليمية للأنشطة في إسرائيل من القيادة الأمريكية الأوروبية إلى القيادة المركزية الأمريكية في خطوة قد تبدو في ظاهرها مجرد قرار إداري روتيني ولكنها في واقع الأمر تعكس تغييرات في الاتجاهات السياسية داخل الولايات المتحدة والشرق الأوسط. وقام عدد من البلدان العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في الأعوام الأخيرة، وربما تتجه دول أخرى قريبا لاتخاذ خطوة مماثلة. وأحدث ذلك تغييرات ملحوظة في المشهد السياسي المستمر في تعقيداته بالمنطقة، والذي يسهل، في بعض المستويات، على القوات الأمريكية العمل مع نظائرها الإسرائيلية على نحو أكثر حرية وعلانية.
التدريبات المشتركة بمفردها بمثابة مثال واضح على الكيفية التي يستطيع بها الجيش الأمريكي وقوات الدفاع الإسرائيلية التدريب والتفاعل معا على نحو أكثر علانية مع مرور الوقت. ويأتي ذلك أيضا في وقت ترتبط فيه الدولتان بمناقشات كثيفة حول كيفية الرد على الاعتداءات الإيرانية في الشرق الأوسط وما وراءه، وكذلك البرامج النووية والصاروخية لطهران، بالإضافة إلى مجموعة من القضايا الأمنية والإقليمية الأخرى.
وعلى مدار شهور، يعتري الجمود الدبلوماسي العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن مستقبل الاتفاق المبرم عام 2015 المتعلق بطموحات طهران النووية. وكانت الولايات المتحدة قد اتخذت قرارا أحاديًا بالانسحاب من الاتفاق عام 2018 الذي تنتهك الدولة الآسيوية حاليا كافة مبادئه الأساسية.
وفي مؤتمر صحفي في أكتوبر على هامش لقائه مع نظيريه الإسرائيلي يائير لابيد والإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل-نهيان في واشنطن، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: "سوف ننظر إلى كافة الخيارات للتعامل مع التحدي الإيراني".
وأردف قائلا: "مستمرون في إيماننا بأن الدبلوماسية هي أكثر السبل المؤثرة لتحقيق ذلك، لكنها تستلزم مشاركة الطرفين، إلا أننا لم نر من طهران أي استعداد لفعل ذلك حتى هذه اللحظة".
وتواجه إسرائيل والقوات الأمريكية في مواقع مختلفة من الشرق الأوسط تحديات مستمرة من النظام الإيراني ووكلائه مثل الحوثيين في اليمن الذين سبق الإشارة إليهم. وبشكل خاص، أصبحت هجمات الطائرات المسيرة التي تستهدف مواقع عسكرية ومدنية مختلفة بمثابة ممارسات شبه روتينية.
الأسبوع الماضي، ذكرت تقارير أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون، على نحو لا يثير الاستغراب، بأن وكلاء إيران مسؤولون عن هجوم طائرات مسيرة استهدف مؤخرا منشأة في سوريا بالقرب من الحدود مع العراق والأردن حيث تعمل القوات الأمريكية جنبا إلى جنب مع قوات محلية.
وعلاوة على ذلك، ألقى الجيش الأمريكي أيضا باللوم على إيران، أو على عناصر تعمل بموجب توجيهات منها، في هجوم قاتل باستخدام الطائرات المسيرة على ناقلة نفط تديرها إسرائيل في وقت سابق هذا العام. لقد كانت تلك الواقعة الأحدث في حرب الظل بين إسرائيل وإيران والتي تستند على مبدأ "العين بالعين" حيث تشن كل منهما هجمات تستهدف السفن التجارية والعسكرية للأخرى.
إن التدريبات الأمريكية الإسرائيلية داخل وحول إيلات والتي تمتد ثلاثة أسابيع تؤكد على قوة الروابط العسكرية بين الجيشين والتي أصبحت أكثر علانية في مواجهة التهديدات الإقليمية المختلفة لا سيما تلك الناجمة عن إيران.
جوزيف تريڤيثيك، موقع “ذا درايف” المهتم بالشؤون الدفاعية والعسكرية والمحركات.
- الترجمة إلى العربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات