تقرير: ماذا لو رفض المجلس الانتقالي اتفاقية الرياض؟

تقرير: ماذا لو رفض المجلس الانتقالي اتفاقية الرياض؟

التقارير الخاصة

الأحد, 10-11-2019 الساعة 12:49 صباحاً بتوقيت عدن

تقرير خاص بـ سوث 24| ذهبت آراء جملة من المحللين والكتاب والسياسيين في جنوب اليمن إلى اعتبار "اتفاق الرياض" أول مكسب سياسي كبير تحقق للجنوب منذ قيام دولة الوحدة اليمنية بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في العام 1990.

مكاسب الاتفاق وصف مدير مكتب المجلس الانتقالي في أوروبا اتفاق الرياض بأنه "أول اتفاق منذ اتفاقية الوحدة اليمنية يحضر فيها طرف جنوبي مستقل الى محفل دولي ليمثل الجنوب ويوقع على وثيقة تتعلق بأمور سياسية وعسكرية وأمنية تخص الجنوب."
مشيرا إلى أنه " حتى أثناء الأزمة السياسية التي أنتجت حرب احتلال الجنوب صيف 1994 م ، وحينما وُقّعت وثيقة العهد والاتفاق في عمان بالأردن، فإنها لم تكن اتفاقية تتعلق بالجنوب وحده، ولم يحضر فيها الحزب الاشتراكي اليمني بصفته ممثلا للجنوب". وعن البعد الدولي لاتفاق الرياض فيما يخص قضية الجنوب، يعتبر بن فريد" هذا التوقيع يعني بدرجة أو بأخرى تدويل قضية الجنوب وخروجها من شرنقة الحلول الداخلية كما كانت تريد سلطات صنعاء المتعاقبة الى المسارات الدولية".
وكانت مسودة الاتفاق التي حصلت "سوث 24" على نسخة منها قد استُهلت بـ "وثيقة اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي".
وهي الفقرة التي تداولتها البيانات الرسمية لعدد من الدول والشخصيات السياسية حول العالم. وينظر لها الجنوبيون بعين التفاؤل، بعد سنوات مما يصفونه بالتجاهل الدولي لقضيتهم الرئيسية.
ورحب كل من مجلس الأمن الدولي ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، وكل من دول أمريكا وفرنسا وبريطانيا والصين ومصر والأردن والسعودية والإمارات والبحرين والكويت باتفاق الرياض الذي رعته السعودية بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وكانت الدولة الوحيدة التي عبرت عن رفضها لاتفاق الرياض هي إيران. وزعم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، الأربعاء، أن "هذا الاتفاق يأتي في سياق تكريس الاحتلال السعودي وحلفائه لجنوب اليمن، وأن الشعب اليمني لن يسمح لأعدائه بالسيطرة على أراضيه".
ويتهم المجلس الانتقالي والتحالف العربي والمجتمع الدولي طهران بدعم الميلشيات الحوثية في شمال اليمن، بهدف زعزعة أمن دول المنطقة ومحاولة فرض نفوذها على الممرات البحرية الدولية خصوصا تلك التي تتبع جنوب اليمن. يرى بن فريد أن "التوقيع على الاتفاقية يفتح الطريق للمجلس الانتقالي لتطوير علاقة استراتيجية مع المملكة العربية السعودية في مختلف المجالات، كما يبرهن على أن علاقة المجلس الانتقالي مع دولة الامارات العربية المتحدة تعتبر أحد مداميك توثيق العلاقة السعودية - الإماراتية وليس العكس".
وأبعد من ذلك "سيكتسب المجلس الانتقالي الجنوبي بمجرد التوقيع على اتفاق الرياض شرعية وجود دولية وإقليمية ستمكنه من التحرك الإقليمي والدولي للدفاع عن قضيته الوطنية، ومطالبة المجتمع الدولي بوضع حلول عادلة لها" يضيف بن فريد.
تجدر الإشارة إلى أن المجلس الانتقالي الذي أسس مطلع شهر مايو 2017، بذلت قياداته جهودا وصفتها تقارير غربية بـ "الديناميكية"، التقت خلالها بعدد من سفراء ومسئولي دول بارزة، بينها بريطانيا وروسيا والصين وفرنسا، في مسعى لتسويق المجلس كجهة سياسية قوية تمثل تطلعات الشارع في جنوب اليمن.
وطالب المجلس الانتقالي الجنوبي مرارا من الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن بضمه كطرف في المفاوضات النهائية للسلام في اليمن، باعتباره ممثلا لمطالب وتطلعات الشارع في الجنوب.
يقول بن فريد في هذا الصدد أن "الاتفاق سيرفع الحرج على السيد مارتن جريفيث فيما يخص إشراك المجلس الانتقالي الجنوبي في محادثات السلام باعتباره طرف معترف به دوليا ويمثل قضية وطنية مهمة. وسيمهد الطريق لإمكانية استصدار قرار أممي جديد يتعلق بقضية الجنوب وحق الشعب في تقرير مصيرة".

فائز - فائز
يختلف بن فريد تماما مع بعض الأصوات التي ترى أن اتفاق الرياض يمثل نصرا لطرف وخسارة للطرف الآخر.
ويرجع ذلك إلى "أن لجنة الوساطة (السعودية – الإماراتية) والتي كان فيها لنائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان دورا إيجابيا وحاسما فيها، قد استندت في عملها على مبدأ (فائز- فائز) وليس على مبدأ (فائز- خاسر)، وإلا لتحولت اللجنة من وسيط الى طرف منحاز." ويشدد القيادي المقيم في ألمانيا أن اتفاق الرياض "لم يأتي فقط لحل الإشكالية القائمة على الأرض ما بين المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية، والتي كانت تنتج صراعات لا تنتهي، وإنما يعني بنفس الدرجة دول التحالف العربي وخاصة المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ويؤثر عليهما كما يؤثر على سير المواجهات العسكرية مع الخصم الأول (الحوثي) . ويعني بنفس القدر حتى المجتمع الدولي برمته، باعتبار أن الجمهورية اليمنية التي يقع في إطارها هذا الصراع تقع تحت بنود الفصل السابع ".
ونظرا للتضارب الواسع في تسريب بنود الاتفاق قبل إعلان التوقيع عليه الثلاثاء الماضي. والغموض الذي أحيط بتفاصيل اللقاءات البينية بين طرفي الحوار، والقضايا المطروحة، تشكلت في ذهنية البعض صورة أخرى للاتفاق. يقول بن فريد أن الاتفاق "لم يأتي ويصمم لمعالجة قضية الجنوب ووضع حلول سياسية نهائية لها باعتبارها قضية وطنية بالشكل الذي نعرفها وبموجب الهدف الاستراتيجي لها المتعلق بالاستقلال، وإنما أتى لمعالجة قضايا تتعلق بصراع مرحلة على الأرض ما بين طرفين، باعتبار ان الحلول السياسية النهائية للإشكالية ككل هي من مهمة المبعوث الخاص السيد مارتن جريفيث".
محاذير ومخاوف
أطلق بن فريد محاذير عديدة ربما كان سيواجهها المجلس الانتقالي الجنوبي في حال تم رفض اتفاق الرياض - كما أمل البعض -، ليس أقلها " إمكانية استصدار قرار أممي باعتبار المجلس الانتقالي الجنوبي طرف معرقل في العملية السياسية وهذا يعني فرض عقوبات عليه، فضلا عن الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع التحالف العربي". ولذلك فإن توقيع هذا الاتفاق بحسب بن فريد " قد أسدل الستار على هذه الأماني، والمخططات الشيطانية الى الأبد واظهر المجلس الانتقالي على درجة عالية من الوعي والمسؤولية".
ويعدد مدير مكتب الانتقالي في أوروبا مكاسب مرهونة بتنفيذ الاتفاق أبرزها: "أن اتفاق الرياض قد نسف مغالطة أن قضية الجنوب قد حلت في مؤتمر حوار صنعاء. إخراج القوات العسكرية من الجنوب. تضمن القوات المسلحة الجنوبية شرعية تواجدها على أرضنا. وجود عين جنوبية راصده لجميع تحركات ومخططات الحكومة اليمنية. تغيير الحكومة بشكل كامل يعتبر بحد ذاته انتصار كبير للجنوب. ستنعم عدن للمرة الأولى في تاريخها بخلوها من القوات العسكرية والمعدات الثقيلة وسوف تتحول الى مدينة سلام".
من ناحيته يختلف إلى حد كبير الناشط السياسي الجنوبي إياد الردفاني في تأكيد هذه المكاسب، ولم يخف خشيته من انهياره في أي لحظة.
يقول الردفاني في حديث مع "سوث 24" أنه "من المبكر الحكم على المكاسب التي سيجنيها الجنوب من اتفاق الرياض".
ويرجع ذلك من وجهة نظره إلى أن الاتفاق "تحاشى الخوض في القضايا السياسية الشائكة لتوفير عوامل تضمن نجاح الاتفاق. ولو بشكل مؤقت يسهم في توحيد جهود شركاء التحالف العربي في مواجهة الانقلاب الحوثي ووقف الاقتتال الذي اندلع بين الأطراف في نهاية شهر أغسطس المنصرم". لهذه الأسباب يرى الردفاني أن الاتفاق "سيواجه اختبارا جديا في تنفيذ بنوده، فالاتفاق مبني على أسس هشة وقابل للانهيار في أي لحظة". وفي حين يرى بن فريد أن الاتفاق سيعزز من علاقات جنوب اليمن بالمملكة العربية السعودية لا يعتقد الردفاني أن " أن التقارب بين الانتقالي والسعودية، الذي حدث مؤخرا، سيؤدي إلى تغيير موقفها الداعم للوحدة اليمنية، مع عدم استبعاد دعم السعودية لصيغ وأشكال أخرى لهذه الوحدة".