30-11-2021 الساعة 10 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| عدن
يرى أبناء جنوب اليمن أنّ 30 نوفمبر من عام 1967 بمثابة منعطف تاريخي غير مسبوق، توّج باستقلال أرضهم وإعلان دولتهم الوطنية على خليج عدن، بعد 129 عاماً من استعمار التاج البريطاني.
تزامنت الذكرى الـ 54 لليوم الوطني في جنوب اليمن، هذا العام، مع متغيّرات كبيرة تشهدها الساحة السياسية والاقتصادية والعسكرية، بعد مرور سبع سنوات من الحرب الأهلية التي يعيشها اليمن، الدولة الأكثر فقرا في جنوب شبه الجزيرة العربية، التي شكلها اتحاد دولتي اليمن الجنوبي والشمالي في مايو 1990.
بات اليمن منقسما اليوم مرة أخرى بين الجنوب والشمال، أكثر من أي وقت مضى، عقب سيطرة جماعة الحوثيين المدعومة من إيران على معظم الأراضي الشمالية. في الجنوب يتوق الأهالي لاستعادة دولتهم السابقة مجددا. ومع ذلك يقاتل الجنوبيون، إلى جانب الحكومة المعترف بها دوليا، الحوثيين في جبهات الجنوب الشمالية وداخل عمق محافظات الشمال.
يتطلّع سكان جنوب اليمن اليوم، لـ "الاستقلال الثاني"، كما أكد المجلس الانتقالي الجنوبي ذلك في بيان لرئيس المجلس، عيدروس الزبيدي، بهذه المناسبة.
ويشعر المواطنون في جنوب اليمن بالقيمة الوطنية والتاريخية لهذه المناسبة.
يقول المواطن محمد المحمدي، أنّ "لثورة 30 نوفمبر محطات ومآثر بطولية ضد المستعمر.. لقد أجبرت تضحياتنا بريطانيا على الانسحاب في 30 نوفمبر 1967."
وعن مساعي المجلس الانتقالي الجنوبي نحو استقلال جنوب اليمن من جديد، قال المواطن سالم عمر المحمدي "نحن كجنوبيين مع تلك المساعي في تحقيق الاستقلال واستعادة دولة الجنوب".
ويعتقد المحمدي، في حديث مع «سوث24» أنّ "المجلس الانتقالي الجنوبي" هو الممثل الجيد لقضيتهم في الجنوب، حتى اللحظة.
ووجه أحمد باراس، أحد أهالي محافظة حضرموت، نداء عبر "سوث24" لجميع القوى الجنوبية لتوحيد صفوفها.
وانتقد الصحفي أحمد علي مقرم ما تلا استقلال جنوب اليمن من "إفرازات المراحل السياسية"، التي غيّرت ما وصفها بـ "الهوية الوطنية" في إشارة لتغيير تسمية الدولة الوليدة إلى "اليمن".
تاريخ الثورة
وقال الدكتور عبدالله الجعيدي، رئيس مركز حضرموت للدراسات التاريخية والتوثيق والنشر إنّ "ثورة 30 نوفمبر بالنسبة لأبناء الجنوب بمثابة نقطة تحول تاريخي وحلم من أحلام العروبة".
وأضاف لـ «سوث24»: "كانت هناك كثير من حركات التحرر الوطني التي تدعمها مصر، وخرجت الشعوب في مسيرات مؤيّدة لخطابات جمال عبد الناصر".
وقال الجعيدي أنّ "إذاعة صوت العرب ساهمت في نشر الوعي والأفكار، التي تأثّر بها كثير من الشباب منهم: علي سالم البيض وحيدر العطاس"، وقادت حركات تحرر بارزة كالجبهة القومية وجبهة التحرير النضال، الذي قاد إلى الاستقلال.
ووفقا للجعيدي بدأتّ مفاوضات الاستقلال في جنيف في 20 نوفمبر 1967، وتم الاتفاق على أنّ يوم 30 من الشهر هو يوم إعلان الاستقلال، وكانت بريطانيا أول دولة اعترفت بموجب الاتفاق، باستقلال جنوب اليمن.
ويزعم الجعيدي أنّ بريطانيا "فشلت" في تكوين دولة اتحاد إمارات الجنوب العربي، الذي سمي بـ "اتحاد الجنوب العربي" فيما بعد، بسبب الضغوطات الشعبية الرافضة لهذا الاتحاد. وهذا ما دفعها لتسليم السلطة للجبهة القومية وذهبت للتفاوض معها في جنيف.
تظاهرات واسعة
ويوم الثلاثاء، خرج الآلاف من الجنوبيين في محافظات جنوب اليمن في الذكرى الرابعة والخمسين لاستقلال بلادهم عن بريطانيا، وطالبوا باستعادة دولتهم.
اتحد جنوب اليمن مع اليمن الشمالي في عام 1990، لكنّ الحروب في البلاد دفعت الجنوبيين للمطالبة بعودة دولتهم مرة أخرى.
وفي العاصمة عدن، أقام المجلس الانتقالي الجنوبي حفلاً فنياً لهذه الذكرى، حضره شخصيات بارزة في المجلس.
وإلى الشرق من عدن، خرجت تظاهرات كبرى في عدة مديريات بمحافظة شبوة، الغنية بالنفط، كانت أبرزها في مديرية نصاب، حيث صعد المشاركون على جبل يطل على المدينة، ولوّحوا بالأعلام الوطنية لجنوب اليمن وطالبوا برحيل السلطات المحلية، التي يقودها "حزب الإصلاح".
وخرجت تظاهرات أخرى في منطقة خبر، بحبان، مسقط رأس محافظ المحافظة، محمد بن عديو، وفي مديرية الطلح ورضوم.
وفي محاولة لمنع تجمّع هذه الحشود، قامت السلطات الأمنية في شبوة بقمع احتفالات منطقتي "رضوم" و "ميفعة"، واعتقلت مسؤولي المجلس الانتقالي الجنوبي إلى جانب مواطنين مدنيين. وبحسب المجلس الانتقالي في المحافظة، بلغ عدد الموقوفين، يوم الثلاثاء 12 بينهم طفل.
وكانت اللجنة الأمنية في شبوة قد حذّرت مساء الاثنين من دعوات المجلس الانتقالي الجنوبي للتظاهر، وهددت باتخاذ إجراءات لـ "حفظ الأمن".
وفي محافظة أبين تجمع المئات في مديرية المحفد ورفعوا لافتات حملت صورا لقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي. كما أطلق المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت، المهرجان الرياضي الثاني في المكلا عاصمة المحافظة.
وفي خليج عدن، تجمّع المئات في محافظة سقطرى في حديبو عاصمة الأرخبيل. وشهدت محافظة الضالع حفل تخريج دفعة عسكرية جديدة من قوات "الحزام الأمني".
وفي هذه المناسبة حذّر رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في خطاب نشره الموقع الرسمي للمجلس، من "ثورة عارمة" في جنوب اليمن "دفاعا عن مصالح الناس وكرامتهم وحقهم في الحياة".
وطالب الزبيدي التحالف بقيادة السعودية بالتدخل لإنقاذ أبناء الجنوب من الأزمة الاقتصادية والمعيشية و "وقف سياسة العقاب الجماعي" بحقهم.
كما ألقى الرئيس اليمني المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي كلمة هاجم فيها الحوثيين، وانتقد ما اعتبره "صمت" المجتمع الدولي تجاه المتمردين المدعومين من إيران.
وتجدر الإشارة إلى أنّ جميع الأطراف اليمنية احتفلت بهذه الذكرى، بما في ذلك الحوثيون في شمال اليمن.
- عبدالله الشادلي، يعقوب السفياني
- الصورة: فعالية جماهيرية في مديرية نصاب بشبوة، الثلاثاء، 30 نوفمبر 2021 (نشطاء)