هل تدفع إقالة «رجل الإصلاح» في شبوة بتنفيذ اتفاق الرياض؟

هل تدفع إقالة «رجل الإصلاح» في شبوة بتنفيذ اتفاق الرياض؟

التقارير الخاصة

الأربعاء, 29-12-2021 الساعة 11:38 مساءً بتوقيت عدن

سوث24| عبدالله الشادلي 

أثار  قرار إقالة محافظ محافظة شبوة، جنوب اليمن، محمد صالح بن عديو، المُنتمي لحزب "الإصلاح" الإسلامي [فرع الإخوان المسلمين باليمن] التساؤلات حول مدى النجاح الذي يمكن أن يحقَّقه هذا القرار في الدفع باتجاه استكمال تنفيذ اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية [2019]، إذ يمثَّل عملياً إحدى نقاط الشق السياسي من هذا الاتفاق الذي يتضمّن تعيين محافظين آخرين في محافظات جنوب اليمن.

وتزامن قرار تغيير بن عديو وتعيين الشيخ القبلي عوض بن الوزير العولقي بدلاً عنه الذي أصدره الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، 25 ديسمبر الجاري، بالتوافق مع المجلس الانتقالي الجنوبي، مع قرار توافقي آخر في 7 من ذات الشهر، قضى بتعيين إدارة جديدة للبنك المركزي اليمني في عدن؛ وهو ما اُعتبر بمثابة إشارات نحو الدفع بالاتفاق الذي رعته السعودية التي تقود تحالفاً يضم الإمارات باليمن.

ورغم أنَّ هذا القرار كان متوقعاً بعد استدعاء محمد بن عديو وعوض بن الوزير إلى الرياض منتصف ديسمبر الجاري، عقب تصاعد الرفض القبلي والشعبي للأول مع استيلاء جماعة الحوثي المدعومة من إيران على 3 مديريات في شبوة بغضون ساعات في 21 سبتمبر، إلا أنَّه شكَّل بالفعل – وفقاً لمحللين – إنعاشاً لاتفاق الرياض، وتمهيداً لتصحيح أوضاع المحافظة العسكرية والسياسية والاجتماعية، وبدء معركة تحرير مناطقها التي يحتلها الحوثيون.

رفض شعبي 

ارتفعت أصوات أبناء شبوة ضدَ السلطات بقيادة بن عديو منذ يونيو الماضي. وبالرغم من أساليبها القمعية وحملاتها التعسفية التي شنّتها بأشكال عشوائية على المواطنين والسياسيين والصحفيين، لم تتمكن هذه السلطات من كبح الرفض المتزايد لها. وشهدت شبوة تظاهرات سلمية عمت كل مديريات المحافظة ضد سلطة بن عديو خلال الأشهر الماضية، دعا المجلس الانتقالي الجنوبي لكثير منها.

وفي 18 يونيو، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي تعليق مشاركة وفده في المشاورات الخاصة بتنفيذ اتفاق الرياض، على خلفية اعتقال الرئيس السابق للمجلس في محافظة حضرموت، محمد جعفر بن الشيخ وبعض أعضاء القيادة المحلية للمجلس إلى جانبه، أثناء مرورهم في شبوة، ليتم الافراج عنهم بعد ساعات إثر ضغط من التحالف العربي، وفق مصادر مطلعة.

وفي 28 يونيو، قمعت القوات التابعة للإصلاح في شبوة تظاهرة احتجاجية في منطقة "عبدان" بمديرية نصاب، دعا لها المجلس الانتقالي بالمحافظة للتنديد بالاعتقالات والاختطافات. واقتحم جنود مدججون بالسلاح منصة الفعالية قبل ساعات من انطلاقها في محاولة لإفشالها، لكن التظاهرة انطلقت في منطقة "سقام" المجاورة.

ورداً على اقتحام "عبدان"، أعلن المجلس الانتقالي وقف كافة أشكال التواصل والاتصال المباشر" بين وفده المفاوض بالرياض مع الحكومة. وأكّد المجلس، في بيان للمتحدث الرسمي، علي الكثيري، استمرار هذه الخطوة "حتّى يتم وضع محافظة شبوة في صدارة أولويات اتفاق الرياض، ومعالجة أوضاعها".
 
وفي 7 يوليو، خرجت مظاهرات عمت كل مديريات شبوة في "يوم الأرض الجنوبي"، ضدَّ السلطات بقيادة بن عديو. ونتيجة لقمع التظاهرات بالأسلحة النارية، أصيب 6 متظاهرين بجراح. كما اعتقلت القوات الخاصة سيئة السمعة العشرات الآخرين بمناطق متفرقة، لا سيما العاصمة عتق.


وفي نوفمبر، أقيمت وقفات قبلية وشعبية مُنددة بسقوط مديريات بيحان [بيحان العليا، عين، عسيلان] بيد الحوثيين، وسط اتهامات للسلطات المحلية وقوات الإصلاح بالتواطؤ و"التخادم" مع الجماعة. كما انشق قادة عسكريون في القوات الحكومية بشبوة، واتهموا حزب الإصلاح بتسليم مديريات بيحان للحوثيين. 

وتزامن كل هذا مع وصول، مستشار الرئيس اليمني، الشيخ عوض بن الوزير العولقي، إلى مسقط رأسه في مديرية نصاب، مطلع نوفمبر الماضي، قادماً من الإمارات، بعد غياب دام لسنوات. وقاد بن الوزير المواقف القبلية المناوئة لبن عديو، قبل أن يُعين لاحقاً محافظاً للمحافظة.

اتفاق الرياض 

وعن الانعكاسات الايجابية المتوقعة لإقالة بن عديو على اتفاق الرياض، قال المحلل العسكري، العميد محمد جواس العدني لـ«سوث24» "رأينا التأثير العسكري بعد اقالة المحافظ بن عديو، فقد سمح المحافظ الجديد لقوات العمالقة الجنوبية بالتحرك إلى جبهة بيحان، وهذا يثبت أنّ عرقلة تغيير بن عديو كان في الأساس عرقلة لتنفيذ مخرجات اتفاق الرياض".

وبالنسبة لرئيس تحرير موقع نيوزيمن، نبيل الصوفي، فما ما حصل في شبوة "لا يمثَّل إقالة أو تعيين محافظ فقط"، مشيراً إلى أنَّ بن عديو "لم يكن يمارس دوره كمحافظ، وتحوّل إلى حاكم في المحافظة ينفَّذ أجندة حزبه".

وقال الصوفي لـ«سوث24» "لا وجود لهذه الصلاحيات التي يمارسها في منصبه وفقا للدستور الذي يزعم أنَّه يلتزم به"، لافتاً إلى أنَّ "تحالف بن عديو والإخوان لا يرون في شبوة إلا مجرّد نفط وفساد".

ووصف الصوفي بن عديو بـ "العائق أمام اتفاق الرياض"، معتبراً أنَ إقالته "قد تساعد في حلحلة وضع الاتفاق والدفع به".

واعتبر الصوفي أنَّ الأولوية المطلوبة من المحافظ الجديد هي "إعادة الهدوء إلى شبوة"، وأنّه "غير مطلوب منه" أي دور سياسي في الوقت الرّاهن". وتوقّع الصوفي أنَّ شبوة قد تشهد اختلالات أمنية، لكنَّه استدرك أنَّ ذلك "سيفشل إذا استطاعت النخبة الشبوانية السيطرة على الوضع أمنياً بشكل سريع".

وخلافاً لجواس والصوفي، استبعد الصحفي والمحلل السياسي، صلاح السقلدي، أن تدفع إقالة بن عديو بتنفيذ اتفاق الرياض.

 وقال السقلدي لـ «سوث24» "لا نتوقع تنفيذاً قريباً لهذا الاتفاق من طرفي «الشرعية» وحزب الإصلاح تحديدا"، مشيراً إلى أنَّه "من خلال ردود الحزب الساخطة على قرار إقالة بن عديو وقرار إرسال قوات العمالقة إلى شبوة؛ ندرك النوايا التي يضمرها الحزب حيال الاتفاق".

وزعم السقلدي أنَّ «الشرعية» ترى أنّها تم استهدافها بهذه القرارات.

وتابع، "حزب الإصلاح و«الشرعية» يريان في شبوة ملكيّة حزبيّة خاصّة، ويواجهان كل من يقترب من تحرير هذه المحافظة النّفطيّة بالسحق"، محذراً أنَّ اتفاق الرياض "سيواجه مزيداً من العقبات لإجهاضه، ما لم يكن هناك موقف صارم من التحالف بقيادة السعودية تجاه الطرف المعرقل”.

وعن دور بن عديو [الذي رفض قرار هادي بتعيينه مستشاراً بعد إقالته]، قال السقلدي إن هذا الدور "سيكون بدون أي أدنى شك تخريبياً". فيما دعا الصوفي أبناء شبوة لمحاسبة بن عديو على ما ارتكبه "إذا أراد أن يعود مواطناً".

تحرير بيحان 

في 27 من الشهر الجاري، وصلت قوات عسكرية من "ألوية العمالقة" إلى محافظة شبوة، بعد يومين من إقالة بن عديو. وقال بيان لهذه الألوية الجنوبية أنَّ هذه القوات التي وصلت شبوة "ستسهم في تحرير مديريات بيحان من الحوثيين".

وحول هذا، توقع المحلل العسكري محمد جواس العدني أنًّه "سيكون هنالك هجوم كاسح وسريع لتحرير كل مديريات بيحان"، معتبراً أنَّ ذلك "سيؤثر بشكل إيجابي على جبهة مأرب لصالح «الشرعية»."

ورجَّح جواس أنَّ قوات النخبة الشبوانية التي تم إخراجها من المحافظة في أغسطس 2019 ستعود "بالتأكيد" إلى محافظة شبوة "لأنَّها أيضاً من ضمن مخرجات اتفاق الرياض المُلزمة لكل الأطراف".

وتجدر الإشارة إلى تعرض مطار عتق، عاصمة شبوة، لقصف صاروخي، مساء الثلاثاء، بعد انتشار قوات العمالقة في المطار. واتهم مدير إعلام العمالقة الحوثيين بتنفيذ الهجوم، مشيراً إلى أنه "لا يوجد ضحايا بفضل الاحترازات التي اتخذتها قوات العمالقة."

كما نشرت الألوية فيديو، يوم الأربعاء، يظهر تسلمها للمطار.


صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات 

- الصورة: محافظ شبوة الجديد، عوض العولقي، يؤدي اليمين الدستوري أمام الرئيس اليمني هادي (رسمي) 

جنوب اليمن حزب الإصلاح شبوة اتفاق الرياض الحكومة اليمنية محمد بن عديو