قطاع الكهرباء في حضرموت: بين صراع النفوذ وتهميش الاستثمار

قطاع الكهرباء في حضرموت: بين صراع النفوذ وتهميش الاستثمار

التقارير الخاصة

الأربعاء, 05-01-2022 الساعة 03:21 مساءً بتوقيت عدن

سوث24| عبدالله الشادلي 

يسود  الغموض في الصفقات الاستثمارية التي تُجريها الحكومة اليمنيّة ومجلس الوزراء في قطاع الطّاقة باليمن، وسط اتهامات لحزب الإصلاح الإسلامي [فرع الإخوان المسلمين باليمن] ورئيس الوزراء اليمني بتمكين مستثمرين من شمال اليمن من تنفيذ مشاريع الكهرباء، وتهميش وإقصاء غيرهم.

وفي جنوب اليمن، يُسيطر إمبراطور الكهرباء الشمالي، التاجر النافذ حسن جيد، على قطاع الطاقة هذا بشكل كبير عبر شركته "الأهرام طاقة"؛ التي نفّذت مشروعات "استثمارية" في قطاع الطاقة في محافظات الجنوب، لا سيّما في العاصمة عدن وحضرموت.

وتحدثت مصادر إعلامية أنَّ هناك "صراعاً بين قوى صنعاء في حضرموت" ونجل المتنفذ الشمالي حسن جيد (مسعود)، الذي اعتبرته المصادر " أخطبوط الفساد المتمكن في الكهرباء". [1]

ورغم كل المحاولات التي قدّمتها مؤسسة كهرباء ساحل حضرموت لرئيس الوزراء في الحكومة اليمنيّة عبر المحافظ فرج البحسني لإنشاء محطّة حكومية في المحافظة، أكدت مصادر لـ «سوث24» أنَّ رئيس الوزراء رفض تمويلها.

وتسيطر شركة الأهرام على تنفيذ مشاريع الكهرباء في اليمن منذ عهد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي مكنّها من تنفيذ مجموعة مشاريع استثمارية بفضل قُربها منه.

وفق ما بيّنته مصادر لـ «سوث24»، تولت الشركة إنشاء محطّة الريان المركزية بمنطقة الريّان شرقي المكلا في العام 1997، ليتم تمكينها في الـ17 من مارس من العام 2019 من تنفيذ محطّة "الفقيد السقطري" في مدينة الشحر شرقي المدينة.

قطاع الكهرباء في حضرموت: بين صراع النفوذ وتهميش الاستثمار
محطة الريان الكهربائية بمحافظة حضرموت (سوث24، عبد الله الشادلي) 

وتُعد محطًة السقطري، أحدى أكبر محطات توليد الكهرباء في ساحل حضرموت بعد محطًة الريان. 

ورغم تمويلها المشروع، لم تكشف السلطة المحليّة بحضرموت، عن الكلفة الحقيقيّة لإنشاء محطّة السقطري واكتفت بإعلانها 40 مليون دولار.

وتعقيباً على ذلك، زعمت مصادر لـ "سوث24" أنَّ "الكلفة الحقيقيّة لهذا المشروع تجاوزت الـ 67 مليون دولار".

وقالت المصادر إنَّ محطّة الفقيد السقطري اُنشئت "بمواصفات سيئة" وخرجت بعض مولداتها عن الخدمة أكثر من مرّة بعد تسليمها.

وحول ذلك، قال المهندس صالح جابر، مدير محطة الشحر لـ «سوث24» إنَّ "شركة الأهرام كُلّفت من قبل الشركة الفنلندية (وارتسيلا) لمقاولات الطاقة المحدودة لتنفيذ مشروع محطّة السقطري".

ويقول جابر إنَّ "الشركة المقاولة هي المعنيّة بكل أعمال الصيانة خلال فترة الضمان، وأنَّ أي أعطال فنيّة تتحملها الشركة المنفّذة"، مشيراً إلى أنَّ جائحة كورونا وظروف الحرب تسببت في تأخر وصول بعض المعدات.

عرقلة الاستثمار 

على الرغم من تداعيات الحرب الأهلية اليمنية، إلا أنّها لم تشكل عائقاً كبيراً أمام فرص الاستثمار في مناطق جنوب اليمن. وكشفت مصادر لـ «سوث24» إنَّ "محافظة حضرموت شهدت إقبالاً على الاستثمار من بعض الأجانب".

وتقول المصادر إنّ "مستثمراً أفريقياً تقدّم لإنشاء محطّة مُنتجة للكهرباء بالطاقة الشمسية في حضرموت، بقدرة 1024 ميجاواط".

وطبقاً للمصادر فإنَّ "المشروع تعثر"، مشيرة إلى أنَّها لا تعلم مصيره "بعد تسليمه محافظ حضرموت".

وفي هذا الصدد، تواصل «سوث24» مع مترجم دراسة المشروع للتّعرف على أسباب تعثّره، وأفاد سعيد لطفي لـ«سوث24» إنَّ المستثمر أخبره أنَّ مشروعه "يتطلّب صلاحيات أكبر من صلاحيات المحافظ".

وأكدت تصريحات صحفية سابقة لمحافظ حضرموت، اللواء فرج البحسني، صحة ذلك. وأشار البحسني في التصريحات إلى تسليم المشروع لرئيس الوزراء اليمني، معين عبد الملك الذي "وعد بمتابعته". [2]

وانتقد البحسني في التصريحات دور مجلس الوزراء، وقال البحسني "كان يفترض على مجلس رئاسة الوزراء أن يَنظر في هذا المشروع بشكل أسرع.[3]

واتّهم صحفيون ونشطاء فرج البحسني بالرضوخ لنفوذ حسن جيد، لافتين إلى إنّ "الحاكم الفعلي" لحضرموت هو مسعود حسن جيد".[4]

فساد المُناقصات 

وبشأن ذلك، قالت مصادر إداريّة في مؤسسة كهرباء ساحل حضرموت لـ«سوث24» إنّ "مشاريع الكهرباء في الوادي تخضع لمناقصات تنافسية بينما في الساحل تُنفذ بالتكليف المباشر".

وتضيف المصادر أنَّ "أكثر من 50 % من الطاقة المُشتراة في الوقت الراهن تُنتجها شركة واحدة"، مؤكدة أنَّ "نفس الشركة" كُلّفت مباشرةً بتنفيذ محطة الشحر الكهربائية.

وتابعت المصادر أنّ "الشركة كُلّفت مؤخراً بإضافة 20 ميجاواط؛ وأنَّ المرحلة الأولى من المحطة نُفذت بنسبة 167 في المئة من الأسعار السائدة".

ولضمان القضاء على الصفقات المشبوهة، تقول المصادر إنً "الوضع يتطلّب إنشاء شركة وطنية مساهمة تقوم بتنفيذ هذه المشاريع؛ للقضاء على هذه الصفقات"، مُشيرة إلى أنَّ قانون الكهرباء يُشجع مساهمة القطاع الخاص عبر مشاريع ما يُعرف بـ Privet Public Participation Power Projects.

وزعمت مصادر بمؤسسة كهرباء ساحل حضرموت لـ "سوث24" أنَّ "المحافظ فرج البحسني سلّم رئيس مجلس الوزراء دراسة لاستحداث محطّة حكومية بمنطقة فوه غرب المكلا؛ بكلفة إجمالية تبلغ 60 مليون دولار".

واتّهمت المصادر رئيس مجلس الوزراء "بالتخاذل" والوقوف خلف تعثُر المشروع الذي تبلغ قدرته الإنتاجية نحو 60 ميجاواط.

وكشفت المصادر أنَّ هناك دراسة أعدّت لإنشاء محطّة بالطاقة الشمسية بقدرة 50 ميجاواط في ساحل حضرموت، مُبيّنة أنَّ المشروع تعثّر هو الآخر، رغم تحديد موقع خاص به للبدء في تنفيذه في الساحل.

وتوقّعت المصادر أنّ "العجز" سينتهي في ساحل حضرموت بمجرّد إنشاء المحطتين بالقدرة التي تصل إلى نحو 110 ميجاواط، وفق الدراسة الخاصة بالمشروع.

الإنتاج والعجز 

وحول العجز في الطاقة قال المهندس طلال الحبشي، مدير عام كهرباء منطقة ساحل حضرموت لـ«سوث24» إنَّ "الصيف القادم كارثة على حضرموت"، مُشيراً إلى أنّ مجلس الوزراء لم يتجاوب مع مناشداتهم لإنقاذ وإعمار مولّدات المحطات الحكومية في نطاق عملهم.

وأوضح الحبشي أنَّ "إجمالي الطاقة المُنتَجة في ساحل حضرموت يقدر بنحو 140 ميجاواط، وأنَّ الطّاقة المطلوبة فعلياً نحو 260 ميجاواط".

وعن الطّاقة المشتراة في ساحل حضرموت، يقول الحبشي إنَّه "لا بديل لها إلا بإنشاء محطات حكومية"، واصفاً إياها بالـ "الشر لا بدّ منه في الوقت الراهن".

وردّا على سؤال وجّهه «سوث24» للحبشي عن تعرّضهم للابتزاز من قبل شركات الطاقة المشتراة، قال الحبشي "نحن سبب الابتزاز الذي نتعرّض له، وهذه الشركات تنتظر دفع مستحقاتها"، زاعماً أنّ الدولة "مُفلسة".

وفي حديثه مع "سوث24"، قال المهندس الفنّي بمؤسسة كهرباء ساحل حضرموت، محمد عبدالله "يبلغ عدد المولدات في محطّة الريان سبعة، يعمل منها خمسة مولّدات فقط في الوقت الراهن".

يُشار إلى أن ساحل محافظة حضرموت يمتلك محطتين حكوميتين في منطقتي الريّان والشحر شرقي المكلا.

ويبلغ انتاج الطاقة الكهربائية بمحطة الريان نحو 70 ميجاواط قبل توقف عدد من مولّداتها وافتقارها للصيّانة الدورية، فيما تنتج محطّة الشحر التي دخلت حيّز العمل في 31 يناير/ كانون الثاني 2021، 40 ميجاواط.

ومع ما أفادت به المصادر المختلفة في حضرموت لـ "سوث24"، واستمرار هيمنة النافذين على هذا القطاع بالتوازي مع "التخاذل" الحكومي وتعطيل وعرقلة الاستثمارات المحلية والأجنبية، لا يبدو أنَّ أزمة الطاقة في هذه المحافظة - شاسعة المساحة والغنية بالنفط - سوف تنتهي على المدى القريب.

وتُجدر الإشارة إلى أنَّ حضرموت تعاني أيضاً من هيمنة النافذين الذين ينتمي أغلبهم لشمال اليمن على قطاعات حيوية هامة أخرى، مثل القطاع النفطي والسمكي، وتلتقي مصالح هؤلاء في أوقات كثيرة وتتشابك مع نظرائهم في قطاع الطاقة وغيره من القطاعات في المحافظة.

صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات 

الصورة: الصحفي بمركز سوث24، عبد الله الشادلي، في زيارة لمحطة الريان الكهربائية بمحافظة حضرموت (سوث24) 

جنوب اليمن حضرموت قطاع الكهرباء اليمني حسن جيد المكلا