07-01-2022 الساعة 4 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | زيورخ
خلص مركز أمريكي شهير إلى أنّ "اليمن لم يكن موحداً حقا." على الرغم من اختيار جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية التوحّد في عام 1990، لكنّ هذا التوحّد "لم ينجح".
جاء ذلك في تحليل نشره مركز ويلسون الأمريكي للعلماء ومقره واشنطن، للباحثة في مؤسسة كارنيغي للسلام، مارينا أوتاوي، حول "الحرب والسياسة في ليبيا واليمن وسوريا"، وترجم أجزاء منه مركز سوث24.
وإلى جانب أن اليمن لم يكن موحدّا، توصلت الباحثة إلى "عدة استنتاجات من تاريخ هذه الفترة الُمربكة لها صلة بالحاضر بشكل لا يصدّق"، منها ثانيا: "على الرغم من أنَّ البلاد لم تكن حتى ديمقراطية عن بعد،كانت لديها حياة سياسية نشطة وتعددية، مع مراكز قوة متنافسة في الأحزاب السياسية والقبائل والمنظمات القائمة على الهويات الطائفية والأفراد الطموحين."
غير أنَّ هذا النشاط السياسي، وفقا للمركز الأمريكي، لم يكن واردا في الإطار الذي وضعته المؤسسات الرسمية، ولكنه ظل يمتد عبر الحدود بين العمل السياسي والعسكري، وتسبب في نهاية المطاف في تفكك النظام.
الوحدة والحرب
وقال التحليل إنّ "اليمن في حدوده الحالية ليس بلدا موحدا، بل هو مزيج غير مستقر من مختلف المناطق والحركات السياسية والجماعات القبلية. والمكونان الرئيسيان هما اليمن الشمالي والجنوبي"، وزعم التقرير أنّ كلاهما ليسا في وحدة متماسكة. فقد "كانت اليمن الشمالية خاضعة تاريخيا لسيطرة إمامة أطيح بها في عام 1962 مما أدى في نهاية المطاف إلى تشكيل الجمهورية العربية اليمنية." في حين "ظهر جنوب اليمن في عام 1970 عندما تخلى البريطانيون عن السيطرة على مدينة عدن، التي احتلوها منذ عام 1839 كجزء من الجهود الرامية إلى تأمين الطريق البحري إلى الهند، وعدد من الأراضي المحمية المتمتعة بالحكم الذاتي إلى الشرق."
ووفقا للتحليل "أنشأ جنوب اليمن، إلى حد ما، حكومة ذات توجه اشتراكي قوي، أطلقت على نفسها اسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. وعلى الرغم من اختلاف تاريخهما السابق، اختارت الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الديمقراطية توحيد صفوفهما في الجمهورية اليمنية في عام 1990. ولم ينجح التوحيد، حيث استاء الجنوب مما اعتبره هيمنة الشمال. واندلعت حرب قصيرة [بينهما] في عام 1994، انتهت بهزيمة الجنوب وإعادة فرض الوحدة."
وعقب الانتصار العسكري في 1994، قال التحليل إنّ "الجمهورية اليمنية منحت نفسها زخارف الجمهورية الحديثة، مع برلمان منتخب وأحزاب سياسية. وقد أجرت انتخابات في عام 1993 ومرة أخرى في عام 1997 بعد صراع عام 1994." إلا أنه "كإشارة إلى هشاشة البلاد، قاطع الحزب الاشتراكي اليمني، الذي هيمن على الجنوب، انتخابات عام 1997."
وأردف التحليل: "أدت واجهة عملية الديمقراطية هذه إلى اختيار اليمن في عام 1999 لاستضافة مؤتمر للديمقراطيات الصغيرة، بتمويل من وزارة الخارجية الأمريكية ونظمه المعهد الديمقراطي الوطني. في الواقع، لم تكن هناك ديمقراطية في اليمن في عام 1999، كما شاهد المشاركون في المؤتمر مباشرة، وهم يتنقلون حول المدينة في قوافل مدججة بالسلاح تسير في شوارع مغلقة. كان الرئيس على عبد الله صالح يدير البلاد بشكل أساسي بدعم من الجيش، المؤتمر الشعبي العام، وبشكل متقطع من حزب الإصلاح، وهو حزب إسلامي حظي أيضا بدعم بعض القبائل."
وتقول الباحثة أوتاوي في تحليلها أنّ آخر عملية انتخابات برلمانية جرت لاحقا في عام 2003 "شارك فيها أكثر من عشرين حزبا، ولم يفز معظمهم بأي مقعد.فاز حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان يتزعمه صالح بالأغلبية الساحقة من المقاعد، مما دفع الأحزاب الأخرى إلى تنسيق جهودها".
وابتداء من عام 2005، قال التحليل "انضم الإصلاح إلى «الحزب الاشتراكي اليمني» وغيره من الأحزاب الأصغر حجما فيما عرف باسم "أحزاب اللقاء المشترك"، متغلبا بذلك على محاولة صالح إبقاء الإصلاح إلى جانبه بعد أن حرضه ضد «الحزب الاشتراكي اليمني».
ما بعد 2011
وتطرق التحليل إلى الوضع غير المستقر في اليمن، "الذي ازداد سوءاً في عام 2011، عندما خرج الطلاب إلى الشوارع في صنعاء. لقد كانت انتفاضة مماثلة لتلك التي كانت تشهدها العديد من البلدان الأخرى في ذلك الوقت، ولكنها هزت التوازن غير المستقر في البلاد حتى النخاع."
كذلك قال التحليل أنّ "ظهور الحوثيين والحركة الانفصالية الجنوبية خلق مشكلة لا يمكن التغلب عليها. وفي الفترة بين تشرين الثاني/نوفمبر 2011، عندما وافق صالح [الرئيس السابق] على خطة الانتقال الخليجية، ازدادت أهميتهما وقوتمها." مشيرا إلى أنها لم يريا مؤتمر الحوار الوطني "حل لمشاكلهما أو استجابة لتطلعاتهما".
ووفقا للتحليل "كانت حركة الحوثيين قد بدأت في التسعينيات لتمثيل شكاوى عشيرة الحوثي الزيدية في محافظة صعدة الشمالية [...]، وقد أثار صعودهم انزعاجا كبيرا من جيران اليمن السنة، الذين رأوا اليد الطويلة لإيران وراء حركة الحوثيين."
وقال التحليل إنّ "المشاركة الإيرانية ازدادت، التي ربما كانت محدودة في البداية، مع نجاح الحركة. وهكذا أصبح التمرد المحلي جزءا من الصراع الإقليمي بين السنة والشيعة والصراع بين إيران وممالك الخليج السنية. أبقت الولايات المتحدة مشاركتها المباشرة في الحد الأدنى، لكن تعاطفها كان ولا يزال مع القوى السنية وضد أي كيان مدعوم من إيران."
وبحلول وقت مؤتمر الحوار الوطني في 2013، كانت "حركة الحوثيين قد انتشرت إلى جزء كبير من الشمال وكانت على وشك احتلال العاصمة صنعاء - وقد فعلت ذلك في أواخر عام 2014. وقد ازدادت الحركة قوة بحيث لا تقبل عرض السيطرة على مقاطعتين غير بريتين في وسط البلد، وهو ما عرضه المؤتمر عليهما كجزء من الحل الاتحادي."
وزعمت الباحثة أنَّ "أحد العوامل وراء نجاح الحوثيين كان تحالفهم مع الرئيس السابق على عبد الله صالح، الذي سقط لكنه لم يخرج، وكانت لا تزال لديه قوات موالية له. لكن التحالف مع صالح انهار في نهاية المطاف وُقتل صالح في عام 2017، واستمر نفوذ الحوثيين، الذين أجبر احتلالهم لصنعاء الرئيس هادي إلى المنفى في السعودية، وشنوا غزوات متفرقة على عدن،.. وتسببوا في تدخل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في النزاع."
الفيدرالية والانفصال
وفي الوقت نفسه، قال مركز ويلسون "سرعان ما ظهرت الاتجاهات الانفصالية في الجنوب. واستمر السخط في الجنوب في التفاقم بعد حرب عام 1994، وبحلول عام 2007 كانت المنطقة تعج بالحركات السياسية التي تجمعت ضد الشمال بسبب المظالم".
وقال التحليل إنّ "الحل الفيدرالي الذي قدمه مؤتمر الحوار الوطني لم يطمئن الجنوبيين أكثر من الحوثيين. وقد أصبحت الحركات الجنوبية راسخة ومصممة على طموحاتها الانفصالية. كما أنَّها حصلت على دعم خارجي، لا سيما من جانب الإمارات العربية المتحدة التي أصبحت ترى في فصل الجنوب بديلا أفضل للصراع المستمر."
"وعلى الرغم من أن الحركات الجنوبية العديدة لم تتوحد، إلا أنَّ المجلس الانتقالي الجنوبي ظهر بعد عام 2017 باعتباره الأكثر نفوذا." وفقا للتحليل، "وبحلول عام 2021، سيطر على جزء كبير من المحافظات الجنوبية، تاركا حكومة الرئيس هادي الرسمية المعترف بها دوليا، المحاصرة بالفعل من قبل الحوثيين، دون مزيد من السيطرة".
فشل مؤتمر الحوار الوطني
وفي النهاية، يقول تحليل المركز الأمريكي إنّ "مؤتمر الحوار الوطني فشل في توجيه اليمن نحو حل سياسي، لكن الحل العسكري من خلال انتصار مجموعة واحدة ظل مستحيلا أيضا. وبدلا من ذلك، لا يزال اليمن غارقا في لعبة السلطة للجماعات التي تميل بشكل متزايد إلى الاعتماد على القوة."
وعوضا عن ذلك أشار التحليل إلى أنّ "الحوثيين يواصلون القتال لتوسيع المناطق التي يسيطرون عليها، ويدفع المدنيون الثمن في المجاعة والمرض." في حين أنّ "هادي، الذي لا يزال رئيسا اسميا، لا يحكم البلاد ؛ وتواصل المملكة العربية السعودية دعمه على أمل منع قوة الحوثيين والدعم الإيراني لهم من الزيادة أكثر، وعدم وجود بديل أفضل."
أما الإمارات العربية المتحدة فترى، وفقا للباحثة، "أن الانفصاليين في الجنوب جزء من حل مشكلة اليمن المستعصية." بينما "لا تريد الولايات المتحدة محاربة الحوثيين، لكنها لا تزال متورطة في اليمن لأنها قلقة بشأن وجود تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية في أجزاء من الجنوب وحول دعم إيران للحوثيين."
وبعد عقد من الاضطراب والحرب، يخلص التحليل إلى أنه "لا يلوح في الأفق أي حل."
الصورة: رئيسا دولتي جنوب اليمن وشمال اليمن يوقعان اتفاقية الوحدة اليمنية 22 مايو/أيار 1990 (أرشيف)