أزمة مرافق الكهرباء في عدن

أزمة مرافق الكهرباء في عدن

التحليلات

الجمعة, 11-03-2022 الساعة 02:29 مساءً بتوقيت عدن

سوث24 | أحمد سالم باحكيم 

لقد  تضررت الشبكة الوطنية للكهرباء في عدن بشدة بعد عام 2015 مما أدى إلى انقطاعات متكررة للطاقة في معظم مناطق المدينة وتسبب في تأثير بالغ الحدة طال معظم الشعب وقطاعات المرافق، أبرزها المياه والصرف الصحي والنظافة. وبالرغم من الزيادة المتنامية لإمدادات الطاقة منذ 2017، إلا أن الأضرار الهيكلية للمرافق والبنية التحتية تتطلب القيام بجهود كبيرة قبل القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للمدينة من الكهرباء. (1) 

واليمن هي أقل دول المنطقة ترابطا فيما يتعلق بالكهرباء، حيث يبلغ معدل الوصول من كافة مصادر الطاقة 55% فحسب. وكانت محطات الطاقة التي تعمل بالوقود النفطي الثقيل والديزل المملوكة للمؤسسة العامة للكهرباء تمثل 70% من إجمالي الشبكة المتصلة لتوليد الطاقة عام 2010. (2) 

فجوات 

● تعرضت عدن للضرر الأكبر في قطاع الطاقة والكهرباء عام 2015. وبالرغم من حقيقة إعادة إحياء بعض من محطات الطاقة، لكن شبكة الكهرباء ما تزال متضررة بشدة.
● ندرة المخزون المتاح من المواد وعدم كفاية الدعم المالي وعدم استمرار الخدمات الكهربية من الأمور التي تم الإعلان عنها باعتبارها مشكلات رئيسية تتعلق بقطاع الطاقة وتتطلب تدخلا عاجلًا.
● يؤثر عدم توفر إمدادات مستمرة من الطاقة على حصص الخدمات الأخرى لا سيما مرافق المياه حيث تتطلب محطات الضخ طاقة كهربائية.
● إضاءة الشوارع فقيرة على نحو واسع النطاق. ورغم أنَّ الشوارع الرئيسية منارة جيدًا، لكن البنية التحتية الخاصة بإنارة الشوارع تضررت بدرجات متفاوتة في كافة مديريات المدينة.
● تعاني توزيع إمدادات الكهرباء من اللامساواة بين كافة المديريات المختلفة في المدينة لا سيما البريقة والشيخ عثمان الأقل إمدادا التي بلغت معدلا يتراوح بين (0-4) ساعات يوميا في يونيو ويوليو 2021.

البنية التحتية للكهرباء  

بقدرة تبلغ 360 ميغاوات، تعد محطة مأرب للطاقة الأكبر في اليمن حيث تغذي نحو 40% من طاقة البلاد. ومع ذلك، بين عامي 2011-2015، تعرضت المحطة لأضرار جراء هجمات عديدة واحتاجت إلى عملية فورية لإعادة تأهيلها. وبالإضافة إلى محطة كهرباء مأرب الغازية، تعتمد مدينة عدن على ثلاث محطات طاقة تشمل كلا من خور-مكسر والمنصورة والحسوة التي تقع بالقرب من الساحل في البريقة، وقام ببنائها الاتحاد السوفيتي وتعمل منذ عام 1986. وتبلغ قدرة محطة خور-مكسر 30 ميجا وات وتعمل منذ عام 1974. (3)  أما محطتا المنصورة 1 والمنصورة 2 فقد جرى إنشاؤهما عام 2006 بقدرة إجمالية 139 ميغاوات، مقابل 125 ميغاوات لمحطة الحسوة التي تضررت بشدة أثناء الصراع. وفي عام 2015، استأنفت الحسوة عملياتها مجددا بعد إعادة تأهيلها. وعلى المستوى الوطني، اعتبارا من عام 2016، تعتمد إمدادات الكهرباء في اليمن بأغلبية ساحقة على الوقود الأحفوري بنسبة 80% من قدرة الطاقة المركبة، بينما يشكل الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة نحو 20%. (4) 

منشأة مصافي عدن هي واحدة من اثنتين في اليمن وهي الأكبر على المستوى الوطني. وفي عام 2014 قامت المنشأة بإنتاج كل الطاقة الوطنية بمعدل 140،000 برميل يوميا. ومع ذلك، حتى قبل الصراع، لم يكن الناتج كافيا لتلبية الاحتياجات الوطنية وكانت اليمن تعتمد على واردات البترول. (5) 

القدرة المتاحة 

بات الانقطاع الكامل للتيار الكهربائي ظاهرة شائعة في أرجاء اليمن. وخلال حرب 2015، لم يكن هناك أي طاقة على الإطلاق لدى نصف مدينة عدن. وارتبط نقص الكهرباء بتأثير سلبي على وفرة المياه إذ أن محطات الضخ تتطلب إمدادات ملائمة من الكهرباء. ووفقا لمذكرة البنك الدولي عام 2017 بشأن إعادة تشغيل الكهرباء في اليمن عام 2017، فإن فشل معظم تدخلات البنك الدولي في العقد السابق يعود جزئيا إلى نقص القدرة المؤسسية للتعامل مع مشروعات بنية تحتية واسعة النطاق. وتعرضت منشآت تكرير النفط والغاز لأضرار جسيمة. وخرجت محطات طاقة خور-مكسر والمنصورة من الخدمة عام 2016، بينما قل إنتاج محطة الحسوة بنسبة أقل من ثلاثة أرباع طاقتها. (6) 

وذكرت تقارير أن السكان المحليين كانوا يحصلون على إمدادات طاقة تكفي 6 ساعات فقط من الكهرباء يوميا. وارتبط ذلك بتأثير مشابه على البنية التحتية وإمدادات المياه وقطاعات الصحة. وفي الوقت الراهن، فإن معظم محطات الطاقة وخزانات النفط ومستودعات التوريد عادت للعمل بشكل جزئي.

متطلبات الطاقة 

مثلما أشارت هيئة توظيف الطوارئ وإعادة التأهيل المجتمعي، فإن الطاقة الكهربية تمثل المرفق الأقل كفاءة لتلبية احتياجات الناس من الكهرباء. مسألة توفر الكهرباء في عدن هي الأكثر تأصلًا في اليمن حيث قال29% من المشاركين إن الكهرباء كافية جدا أو مقبولة. إن هذه المشكلة تظل الأكثر حاجة للتعافي. وقال 60% من المشاركين إن البنية التحتية للطاقة هي القطاع الأكثر تضررًا لأنها ترتبط بالعدد الأكبر على المستوى الوطني. ولذلك تمت الإشارة إلى استعادة وفرة الطاقة الكهربية باعتبارها واحدة من أكبر ثلاثة احتياجات في المحافظة. والآن، يوضح متخصصو الكهرباء أن شبكة الطاقة تعرضت إلى حد ما للضرر مما دفع الناس إلى التحول إلى مصادر بديلة للطاقة. (7) 

وما تزال الشبكة العامة أكثر مصادر الطاقة شيوعا في عدن. وتختلف الإمدادات بين المديريات المختلفة حيث أقرت أغلبية نقاط الارتكاز بإمدادات تكفي لفترات تتراوح بين 4-12ساعة يوميا على مدار الشهر الأخير. 

وتعد منطقة البريقة الأكثر تأثرا حيث قال أغلب المشاركين من سكانها إنهم يحصلون على إمدادات طاقة 4ساعات يوميا. ويشير متخصصو هذا القطاع إلى أن كافة المناطق في عدن تستمتع بأكثر من 12ساعة طاقة يوميا. وبالنسبة لخبراء القطاع، فإن القضايا الثلاث الجوهرية التي تتطلب تدخلا سريعا تشمل إعادة تخزين المواد والموارد، والاستئناف الكامل للمرافق وتوفير الموارد المالية اللازمة. (8) 

الطاقة الشمسية 

لقد دفع انحدار إمدادات الطاقة الناس إلى الاعتماد المتزايد على الطاقة الشمسية التي تؤول إدارتها للقطاع الخاص. بيد أنَّ الحصول على الطاقة الشمسية ما يزال مقيدا حيث أن معظم العائلات لا تقوى على تحمل تكلفة الحصول على الألواح والصيانة طويلة الأمد. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الأجزاء تواجه مخاطر انهيار مستمرة جراء جودتها التكنولوجية الفقيرة. وعلى الجانب الآخر، فإن تركيب مولد صغير أو البطاريات العاكسة تظل خيارا معقولا. (9) 
 
وبالرغم من عدم ملائمته لتقديم حلول داعمة طويلة الأجل، فإن الخيار الأخير يمنح الحد الأدنى الأساسي الذي يستطيع تغطية الطاقة أثناء فترات الانقطاع. لقد أوضح الكاتب إمكانات استخدام الطاقة المتجددة المستدامة في اليمن في مقال سابق بعنوان "ريادة الأعمال والابتكار مفتاح الطاقة المتجددة والمستدامة في اليمن". (10) 

إنارة الشوارع   

تعتبر تغطية إنارة الشوارع في جميع أرجاء اليمن من الأمور الشائكة في اليمن مما أحدث تأثيرا ضارا يتعلق بسلامة الطرق وتسبب في ارتفاع معدلات الجرائم والسطو. وفي محافظة عدن، يتم استخدام مصابيح بقدرات 400 و250 وات. ويبلغ العدد الإجمالي من المصابيح في عدن أقل من 30 ألف مصباح بقدرة 250 وات، و5000 بقدرة 400 وات. ووفقا للمصادر المحلية، فإن الشوارع الرئيسية فقط في كل مديرية جيدة الإضاءة لكن الشوارع الثانوية والأزقة غالبا ما تغرق في ظلام دامس. ومن الملاحظ أيضا أن الإنارة في الطرق السريعة ليست كافية مما يشكل خطورة على السائقين.

وفي البريقة والمنصورة والشيخ عثمان ودار سعد، فإن البنية التحتية لإنارة الطرق تالفة، بينما تعتريها أضرار خفيفة في باقي المديريات. وفي عام 2016، ذكرت تقارير أن الإمارات العربية المتحدة وقعت اتفاقا لمنح اليمن 47 مليون دولار لدعم الكهرباء في عدن. وبموجب شروط الاتفاق، فإن جزءًا من هذا المال مخصص لشراء قطع غيار لشبكات توزيع الكهرباء والغاز. وتم توقيع الاتفاقية بين مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية ووزارة الكهرباء اليمنية لإنشاء محطة طاقة جديدة في عدن بتكلفة 100 مليون دولار بقدرة 120 ميجاوات. (11) 

ووفقا للمشاركين في الورشة المشتركة للتحليل والتخطيط للتعافي، اقترح مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع تركيب 828 عمود إنارة تعتمد على الطاقة الشمسية لتشغيلها. وتم تشغيل 500 بالفعل اعتبارا من نوفمبر 2019. وفي الوقت الحالي، يطالب مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع مساهمات مالية من الأطراف المعنية الأخرى والمجتمع الدولي من أجل استكمال باقي التمويل باعتباره مشروعا عاجلا. وحالياً، ما زال هناك حاجة لتركيب 3400 عمود إنارة في 5 مديريات. ثمة حاجة إلى الإضاءة بنظام "ليد". ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن الأمم المتحدة تدعم فقط إنارة الطرق استنادا إلى الطاقة الشمسية وليست من المصدر الرئيسي لنظام الشبكة الكهربائية. ولذلك، فإن المزيد من الدعم مطلوب للنظام الرئيسي من أجل إعادة تأهيل مصدر الطاقة الكلي في عدن. (12) 

باحث في مجال الطاقة، يعمل كأخصائي نظم معلومات في المؤسسة العامة للكهرباء (PEC) في عدن. 


المراجع 
1- أحمد باحكيم: "" ريادة الأعمال والابتكار مفتاح الطاقة المتجددة والمستدامة في اليمن".."سوث 24"  
10-المرجع نفسه 

جنوب اليمن عدن كهرباء عدن ميغاوات مأرب غاز مأرب