دولي

الحرب الروسية الأوكرانية: 5 سيناريوهات محتملة للنهاية

14-03-2022 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24 | وكالات


دخلت الحرب الروسية الأوكرانية يومها التاسع عشر وسط استمرار المعارك العنيفة حول العاصمة كييف ومدن أخرى. وبينما تؤكد روسيا استمرار عمليتها العسكرية "وفقاً للخطة"، يقول الأوكرانيون - الذين تدعمهم أوروبا والناتو والولايات المتحدة - إنَّ دفاعهم ضد القوات الروسية أرهقها وأربك حساباتها. 


وفي خضم ضباب المعارك، قد يكون من الصعب رؤية الطريق إلى الأمام. الأخبار من ساحة المعركة متباينة؛ ولا يبدو أنَّ نهاية هذه الحرب التي اكتسبت أبعاداً إقليمية ودولية عميقة بسيطة التوقع كثيراً، فبواعثها ذات إرث ممتد لسنوات طويلة، مع فواعل تاريخية وآنية مُتجددة.


لقد رسم خبراء سيناريوهات قالوا إنَّها متوقعة لنهاية أخطر حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. بعض هذه السيناريوهات اتجه إلى توقع حسم روسيا المعركة عسكرياً، فيما وضع بعضها احتمالية التصادم المباشر بين روسيا وحلف شمال الأطلسي [الناتو]، وهو ما قد يعني اندلاع حرب عالمية شاملة. 


5 سيناريوهات


حرب قصيرة: انتصار روسي


في ظل هذا السيناريو، تصعّد روسيا عملياتها العسكرية. هناك المزيد من الضربات المدفعية والصاروخية العشوائية في جميع أنحاء أوكرانيا. وتشن القوات الجوية الروسية- التي لعبت دورا متواضعا حتى الآن - غارات جوية مدمرة. تجتاح الهجمات الإلكترونية الضخمة أوكرانيا، مستهدفة البنية التحتية الوطنية الرئيسية. وتنقطع إمدادات الطاقة وشبكات الاتصالات. على الرغم من المقاومة الشجاعة، تسقط كييف في غضون أيام ويتم استبدال الحكومة بنظام موال لموسكو.


الرئيس زيلينسكي إما يتم اغتياله أو يفر، إلى غرب أوكرانيا أو حتى إلى الخارج، لتشكيل حكومة في المنفى. الرئيس بوتين يعلن النصر ويسحب بعض القوات، تاركا وراءه ما يكفي للحفاظ على بعض السيطرة. ولا يزال آلاف اللاجئين يفرون غربا. تنضم أوكرانيا إلى بيلاروسيا كدولة موالية لموسكو.


وهذه النتيجة ليست مستحيلة بأي حال من الأحوال، ولكنها ستعتمد على عدة عوامل تتغير: القوات الروسية ذات الأداء الأفضل، والمزيد من تلك القوات التي يجري نشرها، والروح القتالية غير العادية في أوكرانيا تتلاشى. قد يحقَّق بوتين تغيير النظام في كييف. لكن أي حكومة موالية لروسيا ستكون عرضة للتمرد. وستظل هذه النتيجة غير مستقرة وسيكون احتمال اندلاع الصراع مرة أخرى مرتفعا.


وعلى الرغم من فشل موسكو حتى الآن في إحراز التقدم الذي توقعته، فإن غالبية المسؤولين والمحللين الغربيين يعتقدون في تقييمهم الأولي بأنّ فوز روسيا بنصر شامل يظل النتيجة الأكثر ترجيحا، نظرا لقوتها العسكرية الساحقة.


لكن بوتين سيدفع ثمنا أعلى بكثير مما كان يحسب في البداية، سواء من حيث الخسائر العسكرية أو سمعة قواته المسلحة، كما يقول المحللون. كما سيكون عدد القتلى المدنيين أعلى بكثير مما كان متوقعا مع تحول روسيا إلى المزيد من القصف العشوائي ونشر أسلحة مثل الذخائر العنقودية والأسلحة الحرارية.


حرب طويلة الأمد: اللاحسم


ولعل الأرجح هو أن تتطور الأوضاع إلى حرب طويلة الأمد. ربما تتعثر القوات الروسية، ويعوقها انخفاض الروح المعنوية، وسوء الخدمات اللوجستية، والقيادة غير الكفؤة. ربما يستغرق الأمر وقتا أطول حتى تتمكن القوات الروسية من تأمين مدن مثل كييف التي يقاتل المدافعون عنها من شارع إلى آخر. ويترتب على ذلك حصار طويل. 


وحتى بعد أن حققت القوات الروسية بعض الوجود في المدن الأوكرانية، ربما تكافح من أجل الحفاظ على سيطرتها. ربما لا تستطيع روسيا توفير ما يكفي من القوات لتغطية مثل هذا البلد الشاسع. وتتحول القوات الدفاعية الأوكرانية إلى تمرد فعال، بدوافع جيدة وبدعم من السكان المحليين. ويواصل الغرب توفير الأسلحة والذخائر. 


الحرب مع أوروبا والناتو


هل من الممكن أن تمتد هذه الحرب خارج حدود أوكرانيا؟ ويمكن للرئيس بوتين أن يسعى إلى استعادة المزيد من أجزاء الإمبراطورية الروسية السابقة من خلال إرسال قوات إلى الجمهوريات السوفيتية السابقة مثل مولدوفا وجورجيا، التي ليست جزءا من حلف شمال الأطلسي. أو يمكن أن يكون هناك سوء تقدير وتصعيد. ويمكن لبوتين أن يعلن أن إمدادات الأسلحة الغربية للقوات الأوكرانية هي عمل عدواني يستدعي الانتقام. وقد يهدد بإرسال قوات إلى دول البلطيق - الأعضاء في حلف شمال الأطلسي - مثل ليتوانيا لإنشاء ممر بري مع مقاطعة كالينينغراد الساحلية الروسية.


سيكون هذا خطيرا للغاية ويخاطر بحرب مع الناتو. وبموجب المادة 5 من ميثاق التحالف العسكري، فإن الهجوم على عضو واحد هو هجوم على الجميع. لكن بوتين قد يخاطر إذا شعر أنها الطريقة الوحيدة لإنقاذ قيادته. وإذا كان يواجه الهزيمة في أوكرانيا، فقد يميل إلى التصعيد أكثر. يعتقد خبراء إنّ الزعيم الروسي مستعد لكسر المعايير الدولية القائمة منذ فترة طويلة. ويمكن تطبيق هذا المنطق نفسه على استخدام الأسلحة النووية. لقد وضع بوتين قواته النووية في مستوى أعلى من التأهب. ويشك معظم المحللين في أن هذا يعني أن استخدامها محتمل أو وشيك. لكنه كان بمثابة تذكير بأن العقيدة الروسية تسمح بالاستخدام المحتمل للأسلحة النووية التكتيكية في ساحة المعركة.


ويحذر بعض المسؤولين من أن الصراع قد لا يتم احتواؤه في أوكرانيا. ويحذرون من أن شحنات الأسلحة إلى كييف من قبل الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي والعقوبات المعوقة المفروضة على موسكو زادت من خطر انتقالها إلى الدول المجاورة، وهي خطوة يمكن أن تجر الحلف إلى صراع مباشر مع روسيا.


لقد بذل التحالف [الناتو] قصارى جهده لإثبات أنه لا يشارك بشكل مباشر في الصراع. ولا ينسق الحلف إمدادات الأسلحة التي تقدمها الدول الأعضاء في الحلف إلى كييف بينما يرفض الحلف إقامة منطقة حظر جوي في أوكرانيا. ويقول مسؤولو الحلف إن مثل هذه الخطوة ستكون مستحيلة عمليا وسياسيا على حد سواء، حيث تعني قدرات الدفاع الجوي الروسية أن طائرات الناتو ستتعرض للهجوم بمجرد وصولها إلى المجال الجوي الأوكراني.


ومع ذلك، لا يزال خطر التصعيد قائما. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين إنَّ الخطط التي طرحها الغرب لتزويد كييف بمقاتلات بولندية من طراز ميج ستكون "سيناريو غير مرغوب فيه للغاية وربما خطيرا". بدوره، حذر ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، روسيا من أنّ الهجمات على خطوط الإمداد الغربية إلى أوكرانيا ستمثل تصعيدا.


الحل الدبلوماسي


"البنادق تتحدث الآن، لكن طريق الحوار يجب أن يظل مفتوحا دائما"، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. ومن المؤكد أنَّ الحوار مستمر. لقد تحدث كل من الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشار الألماني إلى الرئيس بوتين عبر الهاتف أكثر من مرة. وهناك نتائج مرجوَّة. ومن المٌثير للدهشة أن المسؤولين الروس والأوكرانيين اجتمعوا لإجراء محادثات على الحدود مع بيلاروسيا. وربما لم يحرزوا تقدما كبيرا. ولكن بموافقته على المحادثات، يبدو أن بوتن قد قبل على الأقل إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار عن طريق التفاوض.


والسؤال الرئيسي هو ما إذا كان بإمكان الغرب أن يقدم ما يشير إليه الدبلوماسيون باسم "المنحدر"، وهو مصطلح أمريكي للخروج من طريق سريع رئيسي. ويقول دبلوماسيون إنه من المهم أن يعرف الزعيم الروسي ما يتطلبه الأمر لرفع العقوبات الغربية حتى يتم التوصل إلى اتفاق.


النظر في هذا السيناريو. الحرب تسير بشكل سيء بالنسبة لروسيا. تبدأ العقوبات في إزعاج موسكو. وتتزايد المعارضة. وتتدخل الصين، وتمارس ضغوطا على موسكو لتقديم تنازلات، محذرة من أنها لن تشتري النفط والغاز الروسي ما لم تخفض التصعيد. لذلك يبدأ بوتين في البحث عن مخرج. وفي الوقت نفسه، ترى السلطات الأوكرانية استمرار تدمير بلدها وتخلص إلى أن التسوية السياسية قد تكون أفضل من هذه الخسائر المدمرة في الأرواح. لذلك ينخرط الدبلوماسيون ويتم التوصل إلى اتفاق. وأوكرانيا، على سبيل المثال، تقبل السيادة الروسية على شبه جزيرة القرم وأجزاء من دونباس. وفي المقابل، يقبل بوتين استقلال أوكرانيا وحقها في تعميق العلاقات مع أوروبا. قد لا يبدو هذا مرجحا. ولكن ليس بعيدا عن عوالم المعقولية أن مثل هذا السيناريو يمكن أن يخرج من حطام صراع دموي.


هزيمة روسيا


يعتمد هذا السيناريو على مدى صمود القوات الأوكرانية ضد الجيش الروسي، بالإضافة إلى تداعيات العقوبات الغربية القاسية على موسكو مما قد يسبب تنامي سخط شعبي عارم في البلاد. العقوبات الأمريكية والأوروبية والعقوبات "الموازية" للشركات الغربية الكبرى التي غادرت روسيا قد تكون موجعة بالفعل؛ وقد تدفع بوتين لمراجعة حساباته عندما تشتد المعارضة الموجودة من قبل حوله.


ويقول بعض المراقبين إن المقاومة الأوكرانية أثارت حتى الآن احتمال أن تواصل كييف صد الجهود الروسية للاستيلاء على المدن الرئيسية، خاصة إذا استمرت إمدادات الأسلحة الغربية في تعزيز قدرات الجيش.


وقد دفع هذا الجمود، والتأثير الهائل للعقوبات الغربية المفروضة على روسيا في الأسابيع الأخيرة، المسؤولين الغربيين إلى التكهن بأن بوتين نفسه قد يكون ضحية لغزو فاشل. وهم يأملون بأن الرئيس الروسي، الذي يحكم منذ أكثر من 22 عاما، قد تطيح به نخب الكرملين، أو من قبل مسؤولين عسكريين أو أمنيين روس غاضبين من تعامله مع الحرب، أو من خلال موجة من الاحتجاج بين المواطنين الروس الغاضبين من انخفاض مستويات المعيشة.

بالمقابل يؤكد المسؤولون الروس إنهم تحوطوّا جيدا لنتائج العقوبات الغربية. اتخذ بوتين بعض الإجراءات العكسية ضد الدول "غير الصديقة". وأصدر عدة قوانين تحد من نفوذ الغرب الإعلامي والاقتصادي على روسيا. فمثلا، تم حظر منصات أمريكية كفيسبوك وانستغرام أتاحت لمستخدميها انتهاك قواعد العنف، التي طالما تفاخرت بها، ومنحت مستخدميها في روسيا والدول المحيطة بها إمكانية استخدام مصطلحات تشتم بوتين والقوات الروسية. 


ولأن دول الاتحاد الأوروبي تعتمد على ما يصل إلى 40 بالمائة من حاجتها من الطاقة على روسيا، قد تجر نتائج العقوبات العكسية نفسها على الاقتصاد الأوروبي والتضخم الذي بدأ يجتاح أسعار الوقود في بلدان الاتحاد والولايات المتحدة، إلى مستقبل محفوف بالمخاطر، قد يمنح الروس فرصة للموازنة بين تحقيق أهدافهم ومواجهة العقوبات الغربية. 


المصادر: سوث24، بي بي سي، نيويورك تايمز،  التايمز الإيرلندية


الصورة: GETTY IMAGES


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا