08-04-2022 الساعة 10 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24 | فريق المكتب بعدن
ضج الشارع اليمني جنوبًا وشمالًا منذ فجر أمس الخميس بقرار تشكيل مجلس القيادة الرئاسي ونقل الرئيس عبدربه منصور هادي كل صلاحياته الرئاسية له.
المجلس الذي سيقوده الوزير الأمني السابق ومستشار هادي، رشاد العليمي، وعضوية شخصيات من المجلس الانتقالي الجنوبي على رأسهم رئيس المجلس نفسه، عيدروس الزبيدي وعبدالرحمن المحرمي "أبو زرعة" قائد قوات العمالقة الجنوبية بالإضافة إلى مدير مكتب الرئيس اليمني الموالي لحزب الإصلاح، عبدالله العليمي ومحافظ محافظة حضرموت فرج البحسني. أما شمالًا فشملت التعيينات طارق صالح، قائد قوات المقاومة وعثمان مجلي والشيخ سلطان العرادة.
استقبل الشارع المحلي هذه القرارات بآراء متباينة بين مؤيد ومعارض بينما اعتبرها البعض خطوة تدعو للتفاؤل عقب انقسامات كبيرة كانت تعصف بصف القوى التي تواجه الحوثيين.
الكاتب والمحلل السياسي د. محمد جميح في تغريدة على منصة تويتر قال إن هذا "المجلس بالقيادة الجديدة يمثل توازن وتمثيل للقوى الفاعلة على الأرض." وأضاف جميح أنّ "المجلس دليل على أن الحل في اليمن حل عربي، وأن تدويل الأزمة أدى لتعقيدها بشكل أكبر."
في حين اعتبر الصحفي ماجد الداعري إنّ ما حدث "انقلاب دستوري شامل" يؤسس "لفوضى عارمة مقبلة تشغل الجميع." وزعم أن "إزاحة هادي ونائبه كان اشتراطًا حوثيًا مسبقًا على السعودية خلال مفاوضات مسقط لقبولهم بالسلام وإيقاف الحرب وهجماتهم عليها."
من جهتها رأت الناشطة الحقوقية وميض شاكر أنه "دستوريا لازال منصب رئيس الجمهورية قائما، ولازال هادي رئيسا للجمهورية اليمنية مالم تقام انتخابات او يجتمع مجلس النواب ويعفيه من منصبه." وأشارت أّن "الفرصة لا تزال سانحة للتراجع عن القرار بموجب الدستور وقوته كما حدث وتراجع هادي عن استقالته".
أما مستشار وزير الأعلام فهد الشرفي فقد وصف هذه القرارات "بالتسوية الهامة" وإنّ مشاورات الرياض أنتتجت مالم يكن يتصوره الكثير من الذين ظلوا يسخرون من هذه التظاهرة الكبيرة.
الرئيس اليمني يتنحى عن السلطة ويشكّل مجلس قيادة رئاسي للبلاد
ووصف الناشط الإعلامي الجنوبي أحمد الصالح، أنّ مخرجات المشاورات اليمنية اليمنية "تاريخية وأتت في توقيت مهم."
في حين سخر الحوثيون من الإعلان ووصفوه بـ "مسرحية". اتهم القيادي الحوثي محمد البخيتي في حديث تلفزيوني رئيس المجلس الرئاسي، رشاد العليمي بأنه "رجل أمريكا في اليمن".
وحظي قرار تشكيل المجلس الرئاسي بترحيب دولي وعربي كبير. إذ رحب كل من وزير الخارجية الأمريكية والاتحاد الأوروبي وفرنسا واليابان بالخطوة. كما رحبت كل من مصر والأردن والبحرين والكويت والسعودية والإمارات بالمجلس الجديد. كما رحب كل من الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي والبرلمان العربي بالخطوة.
يتطلع المجتمع الدولي بأن يعزز هذا القرار الهدنة، ويقود إلى تسوية سياسية شاملة، خصوصا وأنّ المجلس الرئاسي من المفترض أن يجري مفاوضات مع الجماعة الحوثية للوصول إلى سلام شامل، وفقا لمواد الإعلان.
وفي تصويت أنشأه مركز سوث24 على منصته بتويتر أعرب أكثر من 65 % من المصوتين عن تأييدهم للمجلس الجديد، في حين رفضته 14.7 % من الأصوات.
جدل جنوبي
في الجنوب ينبع تحفظ البعض حول المجلس الرئاسي من تجربة نماذج المجالس الرئاسية التي شهدها الجنوب قبل 1990 وبعده، والتي أخفقت في معظمها وقادت إلى حروب جديدة.
وانتقد الصحفي الداعري ونشطاء جنوبيين خطوة تعيين رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ضمن قوام المجلس الجديد ويتخوفون من أنّ يؤثر المنصب الجديد على شعبيته الواسعة في جنوب اليمن.
وعلى عكس ذلك يقول المسؤول في المجلس الانتقالي الجنوبي، أحمد بن فريد أن "العمل السياسي يمر بمحطات كثيرة وصعبة وتحديات جمة". ولذلك "ثقتنا في هذا الرجل [عيدروس الزبيدي] كبيرة لا حدود لها، ودعمنا المستمر له مسألة لا غبار عليها و لا شك حولها."
يعتقد جنوبيون أنّ المجلس الانتقالي الجنوبي بقبوله هذه الخطوة يضع قدمه في بيئة غير آمنة، ما لم تكن هناك ضمانات حقيقية مقدمّة من مجلس التعاون الخليجي، وفقا لما ذكره المحلل السياسي أوسان بن سدة لقناة الجزيرة.
وصفت الكاتبة والنشاطة السياسية د. هدى العطاس المجلس الرئاسي "بالوحدوي" الشمالي الجنوبي الذي يحكم الجنوب فقط". في حين ترى أن "الشمال يحكمه الحوثي وهذا يعني أن القوى الشمالية ما زالت هي من تحكم الجنوب والشمال."
وفيما يتعلق بقضية شعب الجنوب قالت العطاس "إن مسار التفاوض مع الحوثيين وبإضافتهم إلى طاولة المفاوضات سيمنح الشمال ثلثين بثلث ضد الجنوب." زاعمة أنّ "العملية ما هي إلا إعادة تدوير لنفس الأدوات ولنفس الأزمات والصراع."
بالمقابل قال مصدر سياسي مطلع لـ "سوث24" أنّ مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في المجلس الرئاسي هي بالمجمل عملية مؤقتة تمكنه من المساهمة في صنع القرار السيادي الذي يقود في الأخير لفرض أجندته السياسية في مفاوضات الحل النهائي."
ويرى المصدر أنّ "مشاركة الانتقالي الجنوبي في المجلس الرئاسي وفي الحكومة ومؤسسات الدولة يأتي والجنوبيون في وضع متقدّم من الناحيتين العسكرية والأمنية. على عكس ما كان عليه الحال خلال مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء لعامي 2013 - 2014."
وكان البيان الختامي للمشاورات اليمنية اليمنية، قد أشار الخميس، إلى أنّه تم "الاتفاق على إدراج قضية شعب الجنوب في أجندة مفاوضات وقف الحرب لوضع إطار تفاوضي خاص لها في عملية السلام الشاملة."
ورحب المجلس الانتقالي الجنوبي بنتائج مشاورات الرياض ومضامين البيان الختامي للمشاورات.
وبالمقابل، حاول المجلس في البيان المقتضب الصادر على لسان متحدثه الرسمي، علي الكثيري، مساء الخميس، منع إثارة الشكوك حول موقفه المتعلق باستعادة دولة جنوب اليمن.
وقال البيان: "يجدد المجلس الانتقالي الجنوبي موقفه الثابت والراسخ في التمسك بمشروعه الوطني الجنوبي وصولاً إلى عملية سلام شاملة يتحقق من خلالها لشعبنا كافة اهدافه وتطلعاته الوطنية، وفق ما تم تضمينه في نص بيان مشاورات الرياض."
الإطاحة بالأحمر
تزامن قرار تشكيل المجلس الرئاسي مع قرار سابق بإقالة نائب الرئيس اليمني الجنرال علي محسن الأحمر، الشخصية المثيرة للجدل والمقربة من الإسلاميين في اليمن.
والأحمر شخصية متهمة بالتورط في شن الحروب سابقة ضد الجنوبيين كحرب 1994. ويتهم المجلس الانتقالي الجنوبي الرجل بالوقوف خلف الحروب الأخيرة لعامي 2019 و 2020 ضد قواته في أبين وشبوة، كما يتهمونه بالارتباط مع التنظيمات المتطرفة.
يزعم المحلل السياسي د. حسين لقور بأنّ "إقالة علي محسن إيجابية بعد أن أثبت فشله خلال 6 سنوات" عزز فيها علاقته مع الإخوان المسلمين [حزب الإصلاح].
وقال الصحفي في قناة سكاي نيوز، صلاح بن لغبر إن ما حدث من "زلزال في هيكل السلطة لا يلبي طموحنا في تحقيق هدفنا في استعادة الدولة الجنوبية، لكنه بالتأكيد يزيل أهم العقبات من طريق تحقيقه وأهم الشخصيات ويُضعف بشكل كبير القوى التي تصدرت طوال الأعوام الماضية العداء للجنوب وشعبه."
وتابع لغبر قائلًا: "ما يهم في هذا كله هو إزالة أهم الشخصيات والقوى التي مثلت حجر العثرة في طريق استعادة الجنوبيين لبلادهم ودولتهم." كما يزعم.
من ناحيته رأى أحمد الصالح أن "إعفاء علي محسن نصف الحل، وأن النصف الآخر يعتمد على البدائل".
على النقيض، انتقد صحفيون مقربون من نائب الرئيس اليمني المقال قرار تشكيل المجلس الرئاسي وشنوا هجوما لاذعا على دولتي السعودية والإمارات.
واعتبر مدير قناة بلقيس الفضائية، أحمد الزرقة، التي تبث من تركيا أنّ "الامارات ومن خلفها السعودية تدرجت في إقصاء الرؤوس والأصوات المعارضة لها واستمر هادي بصفته رئيسا بالصمت والتخلي عن رجالاته وكانت المحصلة الأخيرة هي رأسه".
في حين اعتبر الكاتب محمد الوهاب الشيباني أنّ المجلس القيادي الرئاسي الجديد "ليس أكثر من شخصيات كرتونية فارغة تدين بالولاء للعاصمتين (أبو ظبي والرياض) أكثر من ولائها للمشروع الوطني."
نائب الرئيس اليمني المقال علي محسن الأحمر، رحب رغم ذلك "بإصدار الإعلان الرئاسي بنقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي والهيئات والفرق المصاحبة له لاستكمال المرحلة الانتقالية." وقال الأحمر "يشهد الله أنني في كل المراحل لم أكن إلا منحازا للشعب والجمهورية".
وتعليقا على ترحيب الأحمر، قال الخبير السابق في لجنة مجلس الأمن بشأن اليمن، غريغوري جونسون أنّ "واحدة من أكبر المشاكل التي واجهها اليمن عندما أجبر صالح على التنحي هي أنه بقي في البلاد وعمل كمفسد." ولذلك يرى جونسون أنه على الرغم من أنّ "علي محسن ليس لديه الشبكة التي يمتلكها صالح، لكن لديه مؤيدين." متسائلا بفضول حول خطوة الرجل القادمة.
تجدر الإشارة إلى أنّ قرار تشكيل المجلس الرئاسي جاء كنتيجة للمشاورات اليمنية-اليمنية التي دعا لها قبل أسابيع مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض.
شارك في هذه المشاورات التي استمرت 10 أيام متتالية، عدد كبير من القيادات العسكرية والسياسية اليمنية وكذلك عدد كبير من الصحفيين وممثلي منظمات المجتمع المدني وممثلي المرأة والشباب.
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة: عيدروس الزبيدي يحيي وليد العهد السعودي خلال استقبال الأخير رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي الوليد (واس)
قبل 3 أشهر