التقارير الخاصة

حضرموت: طقوس رمضانية اندثرت وأخرى تتجدَّد

13-04-2022 الساعة 3 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| عبد الله الشادلي


في حضرموت، جنوب اليمن، لشهر رمضان المُقدس طقوس وتقاليد شعبية خاصة تُعبَّر عن الاحتفاء بهذا الشهر الذي يصوم فيه المسلمون عن الطعام خلال النهار.


تبدأ طقوس رمضان مع اقتراب الشهر الهجري. وتتنوع هذه التقاليد بين ساحل حضرموت وواديها حيث يُزين الناس البيوت والمساجد ويقيمون الأمسيات. ويقول الباحث في الموروث الشعبي، الصحفي جمعان بن دويل، إنَّ طقوس رمضان في وادي حضرموت "تبدأ من أواخر شعبان".


ويضيف دويل لـ«سوث24» "تبدأ الأسر في التحضير والإعداد للشهر الكريم بداية بطلاء واجهات البيوت بالجير الأبيض (النورة)، إضافة إلى المساجد فهي تطلي بالجير أيضاً".



أعمال الصيانة والتجديد لسكة يعقوب بالمكلا بمناسبة شهر رمضان (سوث24، عبد الله الشادلي)


وتابع، "ينطلق في ثاني أيام رمضان، التزاور بين الأسر والأهالي والأقارب ويطلق عليها (المشاهرة) وتكون دون وجبة، فيما تُقدم فيها العصائر والشاهي والحنظل و(الدخون) [1]، ثم تنطلق العزائم الرمضانية الكبيرة سيما مع انطلاقة (ختائم) [2] المساجد لختم القرآن الكريم".


بعد ذلك، قال الباحث إنَّ البيوت القريبة من تلك المساجد "تقيم وجبة إفطار وعشاء للأهل والأقارب والأصدقاء". واشار إلى أنَّ "هذه العادة متوارثة منذ القدم حتى يومنا هذا، وهي تنطلق من التراحم والسنة النبوية."


الصييمة والشامية والختومات 


"أبرز العادات والتقاليد، هي أهازيج الأطفال، وهي الطاغية على الطقوس التي تُمارس في رمضان"، يقول الفنان الملحن محمد الفضلي في حديث لـ «سوث24».


يضيف الفضلي، "تتمثل (الصييمة) في تجمع الأطفال عصراً فيما يشبه الدائرة أو الحلقة، وتُحدد بأحجار وتوضع داخل هذه الدائرة أحجاراً صغيرة "بحرية" تُعرف محليّاً بـ "الحصلة. كل طفل أو طفلة يأتي بشيءٍ من أكلات الإفطار، وتُجمع وتُأكل حينما يُأذن المؤذن".


يتابع، "خلال الجلوس يصدح الأطفال بالأهازيج المتعارف عليها، مثل: يا مه صييمة، هات لقيمة، من البريمة [3]، ويا مغرب أذّن، وقل الله أكبر، والبريمة تبربر بر بر".


"أما في آخر رمضان"، قال الفضلي، "تأتي الشامية، ويقوم بها بعض الأشخاص المعروفون في كل حي، ولها إيقاع مُعيَّن وأهازيج بصحبة الأطفال. تطوف الشامية على طول وعرض الحي، ويُعطى لهم من قبل الأهالي بعض البُر - كل بحسب استطاعته - ويدور بـ "المرابش" [4]" ويُجمع فيه البُر". [5]


وأوضح الفضلي أنَّه "بعد سبعينات القرن الماضي، أصبح البعض يقدّم الأرز. الأهازيج معروفة، منها: دار من ذي الجديدة، الله يعافي مولاها، هاتوا شوية شربة وإلا كسرنا البرمة، هات شوية نعنع [6] وإلا كسرنا المصناع [7]". وأشار إلى أنّ "هذه العادة تُمارس في الوادي وفي الساحل، مع اختلاف الإيقاع وأسلوب ونوع الأهازيج".


من جانبه، اعتبر الصحفي عبد الله بكير "الختومات الرمضانية التي تُقام في جوامع المدن والقرى، من أهم ما يميّز رمضان في حضرموت. حيث يقام ختم للقرآن في أيام محددة، يصحب ذلك إقامة مهرجان وتجمع ترفيهي تسويقي، يعنى في مضمونة إدخال البهجة والفرحة في نفوس الأطفال، من خلال الألعاب والأهازيج الطفولية التي يترنَّم بها الجميع في تلك الفعالية الدينية".


انتقال العادات والتقاليد


يعتقد الملحن الفضلي أنّ أكثر العادات في حضرموت انتقلت من الوادي الى الساحل، وحُوّرت بقالب ساحلي وتنويع خاص بالساحل لاسيّما في الإيقاعات، على اعتبار أن القِدم للوادي أكثر منه للساحل. وأشار إلى أنّ "الوادي ضارب أكثر في جذور التاريخ القديم، وهذا أمر مُسلّم به إذا تحدثنا على الأقل عن بضعة آلاف السنين قبل الميلاد".


أمّا الصحفي جمعان دويل، فيرى أنَّه "ينبغي أنَّ نعرف أنَّ العديد من الأسر في الساحل لها ارتباط مباشر بالوادي تاريخياً، لانتقالها من الوادي الى الساحل في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، بعد أن شهد الوادي مجاعة مُميتة، نتيجة للحرب العالمية الثانية؛ ولهذا تمَّ نقل كثير من العادات والتقاليد معهم، تجدها تتزاور فيما بينها خلال شهر رمضان، إقامة ختائم القرآن في العديد من المساجد".