09-04-2022 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | أحمد باحكيم
في السابع من أبريل، أسفرت المشاورات التي جرت في الرياض بين أطراف التحالف المناهض للحوثيين ودول مجلس التعاون الخليجي عن نتائج كبرى حيث تم استبدال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بمجلس رئاسي وإقالة نائب الرئيس علي محسن الأحمر. وتعهدت كل من المملكة السعودية والإمارات بضخ مليار دولار في دعم جديد للبنك المركزي اليمني الذي تسيطر عليه الحكومة، بينما تعهدت الرياض أيضا بتقديم مليار دولار إضافية لشراء مشتقات نفطية ومشروعات تنموية.
وفي أعقاب الإعلان عن تلك المليارات الثلاثة، كتمويل سعودي وإماراتي إضافي للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، سجل الريال اليمني صعودا صاروخيا. وعلى الجانب الآخر، فإن سوق المال تشير بالفعل إلى أن التعافي سوف يكون مؤقتًا فحسب. إن المزاج الإيجابي للسوق في أعقاب التغيير السياسي ما بين ليلة وضحاها للحكومة اليمنية بالإضافة إلى الدعم المالي السعودي الإماراتي المذكور آنفا يمكن ربطهما بالمكاسب السريعة التي حققها الريال. قرابة منتصف النهار، سجل سعر الريال الجديد صعودا بنسبة تناهز 36% مقابل الدولار الأمريكي، بينما حقق الريال القديم صعودا 18%. بيد أن تلك الأسعار تناقصت بحلول المساء حيث تقلص ارتفاع الأول إلى 21%، مقابل 9% للثاني.
وقبل الصراع المستمر، كان البنك المركزي اليمني يستطيع الحفاظ على استقرار سعر الصرف من خلال الحد من المضاربة، وتنظيم إمدادات العملة الأجنبية والمحلية المرتبطة بذلك في سوق المال. ومنذ انقسام البنك المركزي، تضررت بشدة هاتان الإمكانيتان مما منح متداولي العملة مجالا أكبر بفارق شاسع للتلاعب في السوق والتربح من التأرجحات الكبيرة في قيمة العملة. ونقل البنك المركزي اليمني مقره من صنعاء إلى عدن في سبتمبر 2016 تاركا إياه في حالة من الانقسام بين الموقعين. وكان هذا الإعلان إيذانا ببدء الحرب الاقتصادية بين السلطات الحوثية والبنك المركزي بصنعاء من جانب وبين الحكومة المعترف بها دوليا والبنك المركزي بعدن من جانب آخر. وفي ذات الأثناء، عانى البنك المركزي بعدن من أجل تأكيد هيمنته في منطقته [1]. وبالرغم من ذلك، فإن البنك المركزي بعدن هو المعترف به رسميا باعتباره البنك المركزي لليمن ويتم التعامل معه هكذا من البلدان الأخرى والمنظمات الدولية والمؤسسات المالية. كما استطاع أيضا الدخول على الشبكات المصرفية الدولية. وسعى كل الطرفين إلى الاستفادة من وضعيهما المختلفين لفرض سياساتهما النقدية التنافسية الخاصة خلال الأعوام الأولى من قرار نقل البنك المركزي اليمني والتنافس من أجل السيطرة على العملة المحلية.
ونتيجة لذلك، تأثرت البيئة النقدية بشكل كبير. وبينما قامت الحكومة والبنك المركزي بعدن بطباعة المزيد من الأموال لتلبية مطالب الإنفاق بسبب نقص الإيرادات واحتياطي العملة الأجنبية، حاولت السلطات الحوثية والبنك المركزي بصنعاء الحد من استخدام الأوراق النقدية الجديدة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وبناء على ذلك، اتسع فارق سعر الصرف بين الأوراق النقدية القديمة للريال والتي تستخدم بشكل كبير في المناطق الشمالية التي تخضع لسيطرة الحوثيين وبين "الريال الجديد" الذي يتم تداوله في المناطق الأخرى من الدولة. ومنذ نهاية أغسطس 2021، انخفضت قيمة الريال اليمني في مناطق تحت سيطرة مزعومة من الحكومة اليمنية المعترف بها. ولذلك، سرعان ما تدهورت الظروف المعيشية لملايين الناس مما تسبب في اضطرابات اجتماعية واسعة. لقد أدى انهيار العملة في مناطق سيطرة الحكومة إلى تسليط الضوء على الحاجة إلى التيقن من أن دعم صندوق النقد الدولي يتم استخدامه بشكل ذكي وفعال لاستعادة الاستقرار النقدي وتخفيف المعاناة الإنسانية وعودة النظام الاجتماعي. ومع ذلك، وبسبب الضغوط الخارجية والوهن الداخلي، تقلصت بشكل حاد قدرة البنك المركزي اليمني على فعل ذلك.
وبالمقابل، فإن شركات الصرافة محظور عليها بموجب القانون تلقي أو قبول ودائع من الزبائن. وفي الوقت الحالي، لا توجد لوائح تنظم عمل مثل هذه الشركات كما أن العديد منها لا تتبع اللوائح المالية العالمية. وتبدو شركات الصرافة في وضع فريد لتقديم المعاملات المالية وخدمات الصرف إلى نطاق واسع من الناس لا سيما في المناطق الريفية. لقد تزايد عدد شركات ومحلات الصرافة، والتي يتم إدارتها غالبا بواسطة عائلات، بشكل ملحوظ على مدار الصراع: وفي عام 2017، كان هناك حوالي 876 منفذا يمارس هذا النشاط في اليمن لكن هذا العدد تصاعد إلى 3244 عام 2019 [2].
ودائما ما تشكل بداية شهر رمضان المقدس ضغطا تصاعديا على قيمة الريال اليمني حيث تتزايد الحوالات المالية المرسلة من مئات الآلاف من اليمنيين العاملين بالخارج إلى عائلاتهم مما يجبرهم على تحويل العملة الأجنبية إلى الريال للإنفاق في اليمن، وهو ما يضع ضغطا متزايدا على قيمة الريال. بيد أن هذا مجرد عون مؤقت ينتهي عادة بعد انقضاء رمضان حينما تعود التحويلات المالية لوضعها المعتاد. وبالرغم من ذلك، فإن العرض الجديد بشأن المساعدات المالية أدى إلى تضخيم مؤثر لضغوط سعر الصرف التقليدية التي تحدث على مدار رمضان. وبينما سيساعد الضخ الإضافي للعملة الأجنبية على رفع قيمة الريال، لا سيما الريال الجديد، إلى مستويات تتجاوز العام الماضي، فإن معظم مكاسب اليوم سوف تكون بالتأكيد عابرة.
لقد كان هناك اختلاف ملحوظ بين تسعير العرض والطلب المقدم بواسطة مقدمي خدمات الصرافة وهو أمر يحمل دلالة. وأثناء اليوم، عرضت شركات الصرافة في صنعاء شراء الدولار مقابل 509 ريال يمني، بينما تبيعه بسعر 567 ريال يمني. وفي عدن، عرضت شركات الصرافة شراء الدولار مقابل 684 ريال يمني جديدا وبيعه مقابل 874. وبحلول المساء، بلغ سعر شراء الدولار في صنعاء 530 ريال يمني مقابل 567 للبيع، بينما وصل سعر شراء الدولار في عدن 889 ريالا يمنيا جديدا و980 للبيع. ويؤكد ذلك أن قيمة الريال الجديد شديدة التقلب [3].
وبشكل ملحوظ، فإن هذه الأسعار ناجمة عن المضاربة في بعض الحالات. وبينما كان الريال متاحا للشراء، لم يكن الدولار الأمريكي والريال السعودي متوفرًا، مما يشير إلى أن منافذ الصرافة تقوم بتخزين العملة الأجنبية على أمل انخفاض قيمة الريال اليمني مجددا، الأمر الذي يتيح لهم التربح من هذا الفارق السعري. إن المكاسب الضخمة التي حققها الريال الجديد مقارنة بالريال القديم، والتي ضيقت بشكل ملحوظ فارق سعر الصرف بين الاثنين، يمكن ملاحظتها أيضا من تقلبات أسعار الصرف. هذا الفارق طالما عزز من شرعية القيادة الحوثية التي دأبت على استغلال ذلك لإظهار أن وضعها الاقتصادي وإدارتها المالية أفضل من الحكومة اليمنية. ونتيجة لذلك، فإن السلطات الحوثية سوف تشعر الآن بالتأكيد بالحاجة إلى إعادة تقييم الريال القديم في المناطق القابعة تحت سيطرتهم من أجل سد فجوة العملة.
خبير في مجال الاقتصاد والطاقة
- الصورة: محمد حويس / وكالة الصحافة الفرنسية
قبل 3 أشهر