مرضى في مستشفى عتق العام (حافظ مكوار)
19-05-2022 الساعة 10 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| عبد الله الشادلي
يواجه القطاع الصحي بمحافظة شبوة، جنوب اليمن، نقصاً في المعدات والكفاءات والتجهيزات الطبيّة، ما يدفع الكثير من أبناء المحافظة للسفر إلى المحافظات المجاورة أو إلى الخارج لتلقي العلاج.
وعلى الرغم من التسهيلات التي يقدمها مستشفى عتق العام، الذي يُعتبر أبرز مركز طبي في المحافظة الغنيّة بالغاز، إلا إنَّ الخدمات التي تُقدَّم في المشفى ليست بالكافية، بحسب مواطنين تحدثوا لـ "سوث24".
ويشكّل النقص في بعض التخصصات الطبية، مثل: جراحة المخ والأعصاب معضلة كبيرة؛ بسبب ارتفاع أجور الكوادر وعدم مقدرة مكتب وزارة الصحة بالمحافظة على تحمّل نفقات جلب أطباء متخصصين، وفقاً لما قاله مدير مكتب الوزارة بشبوة، الدكتور علي ناصر سعيد لـ«سوث24».
وتُتهم السلطة المحلية السابقة في شبوة، بقيادة المحافظ السابق، محمد بن عديو، المنتمي لحزب الإصلاح الإسلامي [حكمت شبوة بين 2018 – 2021]، بتهميش القطاع الصحي، والوقوف وراء حالة التردي في خدماته.
السلطة السابقة
محمد عبد الله، ممرض بمستشفى عتق العام، قال لـ «سوث24»: "الوضع الصحي بشبوة عاش حالة من التردي، بفعل الإهمال والتعدي الذي مارسته سلطات المحافظ بن عدو".
وأضاف: "لا زلت أذكر كيف اقتحم نجل قائد محور عتق، عزيز العتيقي، طوارئ المستشفى، وهدَّد الطبيب المناوب بقوة السلاح والاعتقال بعد رفض الأخير معاينة إحدى الحالات خارج المشفى".
وتابع: "هذه الواقعة أحد الشواهد على التردي والعبث الذي طال المنظومة الصحية في شبوة خلال الأعوام الماضية".
ولفت العامل الصحي إلى أنّ إهمال القطاع الصحي الحكومي في شبوة "نجم عنه اختفاء بعض الأنواع من الأدوية بدرجة أساسية والتلاعب بأسعارها، واستمرار تدفق أنواع من الأوبئة والأمراض والحميات وتجاهل انتشارها".
"لم يشهد القطاع الصحي بشبوة ذلك الكم الكبير من الإهمال كما حدث في عهد السلطة السابقة بقيادة بن عديو"، قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة شبوة، ناصر لشرم.
وأضاف لشرم، في حديث لـ«سوث24»: "في عهد المحافظ السابق المنتمي لحزب الإصلاح كانت شبوة قاب قوسين أو أدنى من انهيار المنظومة الصحية. صحيح، بعض القطاعات شهدت اهتماماً لا يمكن حجبه، لكنّ الاهتمام في قطاع الصحة والتعليم كان مجرّد نافلة بالنسبة للسلطة السابقة".
وحول التجاذبات السياسية التي شهدتها المحافظة خلال المرحلة السابقة وانعكاساتها، قال عضو القيادة المحلية في المجلس الانتقالي الجنوبي بشبوة، الدكتور سالم المرزقي لـ«سوث24»: "لا شك أنَّها أثّرت على القطاع الصحي. لقد تضرر منها كثيراً، ومُنعت بعض المستشفيات حتى من استقبال أي دعم من قبلنا، بالإضافة إلى إقصاء الكوادر الطبية من المستشفيات وطردهم من عملهم".
لكنَّ مدير مكتب الصحة بالمحافظة يرى أنَّ السلطة السابقة في شبوة "حاولت بصعوبة توفير الدعم للقطاع الصحي بالمحافظة".
الإدارة الجديدة
في 25 ديسمبر الماضي، عيَّن الرئيس اليمني السابق، عبد ربه منصور هادي، الشيخ عوض الوزير العولقي، محافظاً لشبوة، خلفاً للمحافظ السابق محمد بن عديو. بشكل ملحوظ، نجحت سلطة الوزير في تخفيف الاحتقان بين أبناء شبوة والسلطة المحلية الذي تصدر المشهد في المحافظة في عهد سلفه.
على الصعيد الخدمي، لم يتحقق الكثير حتَّى الآن منذ تعيين الوزير محافظاً، ويرجع أبناء المحافظة السبب إلى التركة الثقيلة للسلطة السابقة التي يتهمونها بالفساد وتسخير موارد المحافظة لصالح معارك حزب الإصلاح ضد القوى الجنوبية.
وعن الوضع الصحي في ظل إدارة المحافظ الجديد، قال الناشط عبد الحميد العولقي لـ "سوث24": "الوضع شهد تغيراً كبيراً ونهضة غير مسبوقة في قطاع الصحة في عهد المحافظ بن الوزير".
وأضاف: "لقد تكللت جهود المحافظ بدعم من دولة الإمارات العربية المتّحدة عبر مؤسسة خليفة بتدشين هيئة مستشفى عتق العام الذي نتوقع أن يُنهي معاناة أبناء شبوة".
وعن المستشفى الجديد، قال الدكتور عبد القوي لمروق، وكيل المحافظة: "تم إنشاؤه بمواصفات عالية وأجهزة حديثة، ونعتقد أنَّه سيلبي احتياجات ما نسبته 90 في المئة من أبناء شبوة إن لم تكن 100 في المئة".
وأضاف لـ«سوث24»: "الكوادر الموجودة في المستشفى أجنبية وذات كفاءة عالية. وبلا شك سيستفيد أبناء شبوة وخريجي الجامعات من خبرات الكادر. هذا في حد ذاته نقطة إيجابية".
وأشار إلى أنّ "مُعاناة السفر والسكن والتغذية تستهلك أموالاً إضافيّة من أبناء شبوة، والآن نتوقع أن ينتهي كل ذلك ونعلق آمالنا عليه".
وحول طبيعة دور المجلس الانتقالي الجنوبي في شبوة في دعم القطاع الصحي، قال عضو القيادة المحلية سالم المزرقي: "لقد برز دعمنا للقطاع الصحي بشبوة خلال الحرب الأخيرة وجائحة كورونا تحديداً. لقد عملنا على تقديم مساعدات علاجية مختلفة لعدد من المرافق الصحية في المحافظة".
وأضاف: "قدّم المجلس الانتقالي مبلغ 5 مليون ريال يمني حوافز للطاقم الطبي بمركز العزل بمستشفى عتق، بالإضافة الى تشكيل فريق طبي لاستقبال الجرحى في الحرب الأخيرة، ورفد المستشفى بطاقم جراحي متخصص، وعمل على تقديم مبالغ مالية للكوادر الطبية التي تعمل على معالجة جرحى الحرب".
تردي الخدمات وأسبابه
يُشكّل غياب دور وزارة الصحة وموازناتها التشغيلية في شبوة، دوراً كبيراً في تردي الخدمات الصحية الحكومية، وتنامي القطاع الصحي الخاص المكلف إلى أبعد الحدود.
"لقد أسهم ذلك في خلق بيئة خصبة لعمل المنظمات التي تدمر القطاع الصحي، من خلال ما تدفعه من أجور عالية لبعض الكوادر الطبية مقارنة بغيرهم"؛ قال مدير مكتب صحة شبوة.
وأضاف علي ناصر سعيد: "عندما تنسحب هذه المنظمات لن يكون في استطاعة الوزارة أن توفر هذا المبلغ للكادر". وتساءل "كيف سيقبل موظف اعتاد أن يتقاضى 3 آلاف دولار من المنظمات، أن يعمل بمرتب 150 ألف ريال يمني؟".
وتابع: "بعض أصحاب الضمائر الحية يسعون إلى الكسب الحلال، لكن ومع الأسف لا يتم توفير حتى الحد الأدنى لهم ولا لأسرهم، فلو أنّ الدولة توفر لهم ما يكفيهم لما اضطروا للبحث عن أعمال أخرى".
ومع ذلك، قال ناصر لشرم: "لن يختلف الأمر كثيراً حتى ولو أنّ الدولة تعطي أضعاف ما تعطيه تلك المنظمات للأطباء".
ورأى لشرم بضرورة الاهتمام بالقطاع الصحي في محافظة شبوة والعمل على تنميته. وقال "شبوة ضحيّة الكوارث السياسة التي شهدتها خلال الفترة الماضية".
وأضاف «سوث24»: "المادة لن تغيّر خبرات أطبائنا، مالم يقدموا الجانب الإنساني على الجوانب الأخرى". وأشار إلى أنّ "كثير من الأشخاص يفضلون أن يلفظوا آخر أنفاسهم في بيوتهم، على أن يلفظوها في أزقة المستشفيات الخالية من الخدمات والمتجردة من الإنسانية".
أمّا الناشط عبد الحميد العولقي، فيرجع أسباب التردي إلى "الفساد الذي عانت منه المحافظة خلال الفترة السابقة". وقال العولقي: "لقد ثبُتت بعض التصرفات غير المسؤولة من قبل مدير مكتب الصحة السابق، وهذا ما جعل الوضع الصحي في انهيار مستمر".
وفي هذا الصدد، قال وكيل المحافظة "هذا صحيح. لقد أقال المحافظ مدير الصحة السابق، والقضية في النيابة لتفصل فيها ولاتخاذ الإجراءات اللازمة بعد ذلك".
إهمال طبي
روى طاهر النخعي، مواطن من محافظة أبين مقيم في مركز محافظة شبوة، مدينة عتق، قصة الإهمال الطبي الذي تعرّض له أحد أقربائه قبل سنوات.
قال طاهر لـ«سوث24»: "ذهبنا إلى المستشفى برجل كبير في السن، يعاني من كسر في ساقه. استقبلنا الأطباء وأخبرونا بأنّ المشكلة أبسط مما نظن. قام الفنيون بوضع الجبس على موضع الكسر، لكنّهم لم يقوموا بذلك بالشكل الصحيح كما اكتشفنا لاحقاُ".
وتابع: "عندما حان موعد إزالة الجبس، كانت الصدمة أنّ الساق قد تعفنت. لقد أخبرونا بضرورة استئصالها وبترها!".
من جانبه، قال مدير مكتب الصحة بشبوة إنَّ "مثل هذه الحوادث برغم ندرتها إلا أنّها تحدث"، مشيراً إلى أنَّها "تكون حتماً ناجمة عن إهمال أو خطأ فني".
وأضاف "قبل سنوات، أجريت عملية قيصرية لإحدى السيدات، وللأسف ونتيجة لإهمال الفنيون فقد تُركت قطعة شاش [ضمادة] داخل جوف السيدة. بعد فترة من الزمن، شعرت المرأة بآلام في معدتها. شخص بعض الأطباء مسببات هذه الآلام بأورام، لكن وفي النهاية اتضح لاحقاً أنّ الجسم الغريب الذي أظهرته الصور كان عبارة عن القطعة التي تُرِكت خطأ في جوف المرأة".
وأوضح في سياق حديثه أنَّ "إدارة المستشفى وجّهت حينها بإجراء عمليّة إزالة تلك القطعة بالمجان للمرأة، والإشراف على تقديم دعم نفسي لها واتخاذ الإجراءات اللازمة مع الفنيين".
حلول ومعالجات
بالنسبة لمدير صحة شبوة، علي ناصر، فإنَّ حل مشاكل القطاع الصحي بشبوة يتمثَّل في "توفير وزارة الصحة الدعم الكافي والموازنة التشغيلية التي تلبي احتياجات هذا القطاع، لضمان استمراره بشكل جيد".
"من الضروري تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة" قال الأستاذ ناصر لشرم أيضاً. وأضاف: "يجب تفعيل مبدأ الحساب والعقاب لكل من تسول له نفسه عمل ممارسات غير مشروعة".
صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات