رئيس حزب الإصلاح محمد اليدومي (الشرق الأوسط)
13-08-2022 الساعة 3 مساءً بتوقيت عدن
افتتاحية سوث24
أثار بيان حزب التجمع اليمني الإصلاح بشأن أحداث شبوة الأخيرة، تساؤلا، حول مدى أن يكون هذا البيان نقطة تحوّل فعلية في مسيرة الحزب المثيرة للجدل التي بدأت في سبتمبر 1990، من شأنها أن تهدد مستقبله السياسي وتدفعه نحو اتخاذ مواقف أشبه بمغامرات تقضي على ما تبقى له من وجود في الدولة التي حكمها في الظل طيلة عقود، في سيناريو مشابه لمصير حركات "الإخوان المسلمين" التي يمثل الحزب فرعها اليمني، في عدد من الدول العربية كمصر وتونس.
بعيدا عن شرح الدوافع الاستراتيجية الخفية التي أثارت حفيظة الحزب الإسلامي لاتخاذ هكذا خطة، وأفشلت، عمليا، مساعيه للسيطرة على شرقي جنوب اليمن الغني بالنفط، المحاذي جغرافيا لمعقله السياسي والعسكري بمأرب. يمثّل عجزه والقوى في الشمال في الحد من توسّع سيطرة الحركة الحوثية المدعومة من إيران على أراضي الشمال العليا والحدود السابقة للدولة اليمنية الشمالية التي كانت قائمة حتى 1990، دافعا ذاتيا آخر للتشبث بمساحة جغرافية طالما رأتها نخبة الحزب "رئةً" يتنفسون منها اقتصاديا وماليا.
بالعودة لبيان الحزب، الذي صدر من محل إقامة أمانته العامة بتركيا، والذي اعتبرته السلطة المحلية في محافظة شبوة، أمس الجمعة، "إعلان تمرد" على الدولة، سنحاول هنا تسليط الضوء على تناقضات حقيقية وقع بها البيان دون مراعاة للمنطق ولا الوقائع السياسية ولا المتغيرات التي استجدت خلال السنوات والأشهر الأخيرة.
أولا: وصف البيان الوحدات العسكرية والأمنية التي "تمردت" على قرارات محافظ محافظة شبوة ومجلس القيادة الرئاسي، بأنها قوات "مؤيدة للشرعية". فإن كانت كذلك، لماذا لم تستجب هذه القوات لقرارات المحافظ والمجلس الرئاسي بقبول عملية التغييرات المعلنة؟
ثانيا: إن كانت تلك القوات التي دافع عنها الحزب، تابعة للدولة، فلم لا تخضع لسلطة الدولة؟ ولماذا يتصدر حزب الإصلاح مهمة التصادم مع الجميع نيابة عنها؟ وعلى عكس مزاعم الحزب، عزز بيانه، الشكوك بشأنّ هوية تلك القوات وولائها. وكشف جليا بأنها قوات أنشأها الإصلاح لتنفيذ أجنداته وإحكام قبضته على السلطة والثروة، وضرب وتهديد خصومه بها داخل شبوة نفسها وخارجها أيضا.
ثالثا: سرد الحزب بطولات وحداته العسكرية في الصمود بوجه الحوثيين. إن كانت كذلك، فلم تركت تلك القوات مواقعها في نهم والجوف وحجة وحجور ومأرب، واتجهت في أغسطس 2019 صوب شبوه وأبين وعدن؟ وعوضا ذلك ذهب الحزب وآلته الإعلامية والعسكرية والسياسية حينها للعمل على "استئصال" قوات النخبة الشبوانية وإقصاء خصومه مستخدما سلاح الدولة ونفوذها. ولم تركت وحداته العسكرية مديريات بيحان تسقط بأيدي الحوثيين دون أن تحرّك أيَّ ساكن؟ ومن الذي أنقذ محافظة شبوة من يد الحوثيين في يناير من هذا العام؟
رابعا: حرّض البيان مكونات محافظة شبوة على "مواجهة".. "حملات الاستهداف والشيطنة" التي تعرّضت لها القوات الموالية له. وفي البيان نفسه وصف حزب الإصلاح ألوية العمالقة الجنوبية وقوات دفاع شبوة، التي وقفت إلى صف السلطة المحلية والمجلس الرئاسي في هذه الأحداث بـ "المليشيات المسلحة التي لا تتبع مؤسسات الدولة الرسمية"، وسمّاها بـ "العناصر الخارجة عن القانون"، و "عقلية العصابات".
لقد انتظر حزب الإصلاح نتائج ما ستؤول إليه الأمور في محافظة شبوة، إذ كان متوقع القضاء على محافظ شبوة، عقب استهداف منزله لأكثر من مرة بقذائف المدفعية خلال المواجهات. تجنب الحزب التفاعل مع دعوات المحافظ ومجلس القيادة الرئاسي، ورفضت القوات الموالية له كل المناشدات المتكررة لإيقاف إطلاق النار، وكانوا لا يزالون جميعهم في مواقعهم العسكرية والأمنية في كل أنحاء المحافظة. ومع ذلك أعلن ابن الوزير بعد انتهاء الأحداث، عفوا رئاسيا وأخلاقيا عن جميع الأفراد، ودعاهم للعودة لمواقعهم ووظائفهم، بشرط جعل مصلحة شبوة أولا.
يتعامل حزب الإصلاح بمنطق أنّ "أنا الدولة"، وأنّ الشرعية هي تلك التي ينّظر لها الحزب وفق مفاهيمه الأيدلوجية والسياسية والدينية وتتوافق فقط معها ولا تخرج عن إطارها مطلقا. تماما كما هو منطق حركة الحوثيين عن "السيادة" و "الوطن" و"العدوان" وإنّ كانت صور قاسم سليماني وآية الله خامنئي وحسن نصر الله في مجالسهم السياسية والاجتماعية ومناهجهم الدراسية بديلا عن صور محمد محمود الزبيري وأحمد يحيى الثلايا وإبراهيم الحمدي وراجح بن غالب لبوزه.
السابق:
قبل 3 أشهر
قبل 6 أشهر