محتجون قطعوا طريقا دوليا بين مدينتي القطن وسيئون، مساء الاثنين،12 ديسمبر (رسمي)
13-12-2022 الساعة 4 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبدالله الشادلي
تعتقد أطراف حضرمية أنّ التهديدات الأخيرة التي أطلقها مسؤول عسكري شمالي من المنطقة العسكرية الأولى، بمثابة استمرار لنهج حرب 1994 التي شنّها نظام صنعاء حينها ضد الجنوب. مقابل ذلك رأت أطراف أخرى مقرّبة من المنطقة العسكرية الأولى أنّها "ضرورية" لإبقاء سلطة "الدولة".
وفي تصريحات سابقة، هدد رئيس أركان المنطقة العسكرية الأولى المُقال، يحيى الحاشدي "أبو عوجا" القوى الحضرمية بالمواجهة العسكرية. وهاجم الرجل في تصريحات بثتها قناة بلقيس، المملوكة للناشطة اليمنية توكّل كرمان، المجلس الانتقالي الجنوبي والأطراف التي تطالب بإخراج القوات الشمالية من وادي حضرموت. وقال أبوعوجا "سنكون لهم بالمرصاد".
وجاءت تهديدات المسؤول اليمني بعد أسابيع من هجمات للحوثيين استهدفت موانئ نفطية، لأول مرة، شرقي المكلا، عاصمة محافظة حضرموت.
ويصر أبو عوجاء بأنّ قوات المنطقة العسكرية الأولى "جاءت بقرار ولن تخرج إلا بقرار من القيادة". وزعم أنّ اتفاق الرياض لم ينص على إخراجها من الوادي.
ويجادل الجنوبيون بأنّ اتفاق الرياض، الموقّع بين «الشرعيّة» والانتقالي في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، تضمّن إخراج كامل القوات الشمالية إلى جبهات القتال مع مليشيا الحوثيين.
وتشهد مناطق وادي محافظة حضرموت، منذ أشهر، حراكاً شعبياً مناهضاً لوجود قوات المنطقة العسكرية الأولى، التي ينحدر معظم عناصرها إلى شمال اليمن. تصاعدت حدة هذه التحركات الشعبية مع حالة انفلات أمني تعيشه مناطق الوادي أدت لزيادة معدل حوادث القتل والاغتيالات، واختطاف الأجانب من موظفي المنظمات الدولية.
عودة الحملات القمعيّة
في 12 فبراير الماضي، حاولت قوات من المنطقة العسكرية الأولى منع إقامة فعالية سلمية في مدينة سيئون، كبرى مدن الوادي، واحتجزت عشرات الوفود في نقاط التفتيش، وأطلقت الرصاص الحي على المواطنين، واعتدت عليهم بالضرب بأعقاب البنادق.
ومطلع شهر ديسمبر الجاري، منعت ذات القوة فعالية فنيّة كان من المقرر إقامتها في مدينة سيئون، برعاية محافظ حضرموت وعضو المجلس الرئاسي، عيدوس الزبيدي. ومن أجل ذلك اقتحمت قواتها الصالة المقررة لإقامة الحفل.
ويوم الخميس الماضي، شنّت عناصر المنطقة الأولى حملة قمعية ضد محتجين في سيئون، كانوا قد نفذوا عصياناً مدنياً واسعا. أظهرت مشاهد مصورة عمليات مطاردة وسط دخان كثيف ملأ سماء المدينة. وسُمع دوي إطلاق للنيران من أسلحة متوسطة ورشاشة. قالت مصادر صحفية أنّ القوات اعتقلت عدداً من المحتجين بينهم طفل.
وفي بيان رسمي، أدان المجلس الانتقالي الجنوبي حملة المطاردات والاعتقالات. وقال المتحدث الرسمي علي الكثيري: إننا في المجلس الانتقالي الجنوبي لن نسمح بتكريس الواقع الذي تمثله المنطقة العسكرية الأولى وتعزيزها للإرهاب منذ اجتياحها لحضرموت عام 1994".
نهج حرب1994
وحول هذه التهديدات، قال رئيس المجلس الانتقالي بمديرية سيئون، عبد الرحمن الجفري لـ«سوث24»: أنّه "يُراد منها تخويف ابناء حضرموت فقط". وأضاف: "لقد تزامنت مع اقتراب ساعة الصفر، وشعبنا يعتبرها تهديدات الوداع والرحيل من وادي حضرموت لا غير".
وقال المهندس صالح بازقامة، نائب رئيس كتلة حلف وجامع حضرموت لـ«سوث24»: "هذه التهديدات لا تعنينا، ولن تُثنينا عن مواصلة المُطالبة بحقّنا وحقوق حضرموت في كافة المجالات، وفي مقدّمتها رفع المنطقة الأولى من الوادي، وفق اتفاق الرياض".
كما أعلن المتحدث باسم الهبة الحضرمية، مرعي التميمي، رفض هذه التهديدات. وقال لـ«سوث24»: إنّها "مخالفة لتوجهات اتفاق الرياض التي نصّت على إخراج هذه القوات."
وبالنسبة للشيخ القبلي سالم المحمدي "فهذه التهديدات ليست الأولى". وقال لـ«سوث24»: "لقد سبقتها تهديدات مماثلة في أوقات سابقة، منها: التهديدات التي أطلقها بن معيلي وغيره".
وفي هذا الصدد، يقول رئيس مركز المعرفة للدراسات، الدكتور عمر باجردانة لـ«سوث24»: إنّ "هذه امتداد لمنهجية الهيمنة والعنف الذي تنتهجه هذه القوات إزاء أبناء الوادي منذ العام 1994". "لقد تطور أسلوب هذه القوات إلى ما هو أبعد من مجرّد التهديدات، ووصل إلى مرحلة القتل والتصفية الجسدية في وضح النّهار" على حد تعبيره.
وفي المُقابل، اعتبر الناشط المُقرب من حزب الإصلاح، وليد بلكسر، في حديث لـ«سوث24» أنّ هذه رسالة "تعكس مدى جديّة المنطقة الأولى في مُمارسة مهامها العسكرية، للتصدي للمتربصين بأمن المناطق المُناطة بتأمينها".
يتفق مع ذلك أمين عام مرجعية قبائل حضرموت بمؤتمر حضرموت الجامع، جمعان سعيد. وقال سعيد لـ«سوث24»: إنّ "ردّ أركان المنطقة العسكرية الاولى السابق يؤكد التزامه بقرارات الدولة، ويرفض أي دعوات لتخريب الحياة في حضرموت".
هل يتفق الحضارم؟
على الرغم من التباينات في مواقف القوى الحضرمية، إلا أنها تتفق في النّهاية على ضرورة تمكين الحضارم من إدارة شؤون محافظتهم عسكريا وأمنيا.
وفي هذا الصدد، قالت مصادر بسُلطة حضرموت لـ«سوث24»: إنّها "تجري ترتيبات لعقد لقاء تشاوري، للخروج بموقف موحّد حول ذلك"، دون تحديد موعد معيّن.
ويعتقد المحلل السياسي باجردانة أنّ الظروف الموضوعية لبقاء قوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت قد انتهت. وقال لـ«سوث24»: إنّ "مسألة إصدار قرار بإخراج قوات المنطقة الأولى من الوادي، باتت مهمّة وحلاً سيجنّب حضرموت مزيد من الصراع".
وعلى نحو مختلف، لا يرى الناشط المقربّ من حزب الإصلاح، بلكسر ضرورة لذلك. ويتفق معه القيادي بمؤتمر حضرموت الجامع؛ إلا أنّه لا ينكر أهمية إيلاء المهام الأمنية والعسكرية لأبناء حضرموت.
تعتقد بعض الأطراف الحضرمية أنّ هُناك أطراف مستفيدة من بقاء المنطقة الأولى في مناطق الوادي. فمثلا، يرى صالح بازقامة: أنّ "المستفيدين هم فقط من يخشون زوال مصالحهم."
بينما ذهب الجفري إلى أبعد من ذلك، إذ رأى إنّ "هُناك قوى إقليمية لا تريد أن يتحقق الاستقرار ولا السلام في الجنوب، واليمن بشكل عام".
القيادي بمؤتمر حضرموت الجامع، جمعان سعيد، يرى أنّ المستفيد من "بقاء المنطقة الأولى هي الدولة". وقال: إنّ "ذهاب القوات الحكومية، واستبدالها بما وصفها "مليشيات" سيكون "وبال على الدولة أولاً ثم على المواطن ثانياً".
ومساء الجمعة 9 ديسمبر، نصب مسلحون مجهولون كميناً لعدد من الجنود في كتيبة الحضارم في المنطقة العسكرية الأولى [وهي كتيبة عسكرية مصغرة والوحيدة ينتمي منتسبيها لحضرموت] في منطقة الرُويك بمديرية العبر، بصحراء حضرموت، أثناء مرافقتهم لفريق تابع لمنظمة الهجرة الدولية، من سيئون إلى محافظة مأرب، شمال اليمن.
وأسفر الكمين عن مقتل جنديين، وإصابة نحو سبعة آخرين من كتيبة الحضارم بجروح متفاوتة.
ويوم الأحد أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أنها بصدد "تقييم قدرتها على الاستمرار في عملياتها في هذه المنطقة".
واستنكرت المنظمة الهجوم على موكب موظفيها. وقالت: "يُخاطر العاملون الإنسانيون في اليمن وأفراد الأمن الذين يحرسونهم بشكل كبير لمساعدة من هم في أمس الحاجة، ولا يجوز أبداً أن يكونوا أهدافاً للعنف".
وفي 5 مارس آذار الماضي، تعرّض موظفون أجانب لدى منظمة "أطباء بلا حدود" للاختطاف في وادي حضرموت يعتقد أنّ تنظيم القاعدة يقف وراء ذلك. وحدثت عملية الاختطاف، بين منطقتي العبر والخشعة حيث تنتشر عدد من نقاط المنطقة العسكرية الأولى.
عبد الله الشادلي
صحفي ومحرر في مركز سوث24 للأخبار والدراسات