إخفاق وهامش: معين عبد الملك في دائرة الضوء

وكالة سبأ الرسمية

إخفاق وهامش: معين عبد الملك في دائرة الضوء

التقارير الخاصة

الأربعاء, 21-12-2022 الساعة 04:57 مساءً بتوقيت عدن

سوث24 | رعد الريمي 

في  أكتوبر 2018 عيَّن الرئيس اليمني السابق، عبد ربه منصور هادي، معين عبد الملك سعيد رئيساً للوزراء خلفاً لـ أحمد عبيد بن دغر [رئيس مجلس الشوى اليمني حالياً] الذي واجه تهما بالفساد. جاء تعيين عبد الملك في ظروف سياسية بالغة التوتر وأوضاع اقتصادية وخدمية سيئة في محافظات الجنوب ومناطق الشمال غير الخاضعة للحوثيين.

قاد عبد الملك حكومة ما قبل اتفاق الرياض والمناصفة بين جنوب اليمن وشمال اليمن، وتنقل بين عدن والرياض والقاهرة لعامين في ظل التقلبات السياسية التي أفضت إلى تشكيل حكومة مناصفة في ديسمبر 2020 بناءً على اتفاق الرياض. رغم الإخفاق الذي مُني به على رأس الحكومة الأولى، تم التوافق على تعيين عبد الملك رئيساُ لحكومة المناصفة.

في أحيان كثيرة، نُظر إلى التوافق الذي حظي به عبد الملك على أنَّه من نتائج العمر السياسي القصير للرجل الذي كان مغموراً قبل 2013، عام "الحوار الوطني اليمني" الذي شغل فيه رئيس "فرقة استقلال الهيئات والقضايا في الحوار". وقبل تعيينه رئيسا للوزراء، كان عبد الملك وزيرا للأشغال العامة والطرق بين 2015 – 2017.

بالإضافة لذلك، جمعت عبد الملك علاقة متينة بالسفير السعودي إلى اليمن، محمد آل جابر، صاحب التأثير القوي في كثير من التعيينات والترشيحات في الحكومات اليمنية التي تعاقبت منذ 2015 واستقرت في الرياض السعودية أكثر من أي مكان آخر. 

ورغم إجادة عبد الملك اللعب على المتناقضات وخلق التوازنات مع القوى الرئيسية ضمن مصفوفة "الشرعية" في البلاد، يبدو أنَّ "زاوية الهامش" التي اعتمد عليها الرجل كاستراتيجية للبقاء لم تعد آمنة اليوم. نظرا لتراكم الإخفاقات الاقتصادية والخدمية، والاصطفاف السياسي الذي أبداه مؤخراً، تصاعدت الأصوات المضادة لمعين عبد الملك، لا سيما من المجلس الانتقالي الجنوبي.

بشكل أساسي، برز القصور الكبير في عمل معين عبد الملك وإخفاقاته المتراكمة بعد تسميه المجلس الرئاسي اليمني في أبريل من هذا العام؛ حيث يبدو أنَّ الشاب القادم من ساحات ما عُرف بـ "ثورة الشباب" في 2011 لم يلب ما تطلبته المرحلة من إصلاحات هائلة وما رافقها من تغييرات هامة حاول شركاء اليوم تحت مظلة الرئاسي تثبيتها.

إخفاق 

لا يحفل رصيد معين عبد الملك كرئيس للوزراء في اليمن بأي نجاحات تذكر، فالرجل الذي وصل إلى منصبه وسعر الدولار الأمريكي أقل من 800 ريال يمني يقف اليوم أمام أسوأ الأوضاع الخدمية والمعيشية في عموم المحافظات. 

خدمياً، تعتبر كهرباء العاصمة عدن أحد أبرز الأمثلة على إخفاقات معين عبد الملك. مصادر خاصة تحدثت لـ "سوث24" في تقرير سابق، اتهمت رئاسة الوزراء اليمنية بتعمد إهمال محطات الكهرباء الحكومية في عدن لصالح المحطات المستأجرة ضمن ما وصفته بـ "صفقات فساد ومصالح مشتركة". 

وقالت المصادر إن معين عبد الملك تمسك بمشروع تأجير محطة كهربائية لتغذية عدن بما يقدر بـ 100 ميجاوات فقط بقيمة تتجاوز 130 مليون دولاراً، بينما تحتاج محطات حكومية عديدة في عدن لعمليات صيانة بتكلفة ملايين الدولارات لإنتاج كمية أكبر من الطاقة.

وبالإضافة لملف الكهرباء، سجلت الحكومات بقيادة عبد الملك إخفاقات متعددة في ملفات أخرى مثل مرتبات القطاع العسكري والأمني في جنوب اليمن التي شهدت انقطاعات تجاوزت 7 أشهر في العام الواحد خلال الفترة الماضية. بالإضافة لمرتبات القطاع المدني، وبالأخص المعلمين الذين اضربوا عن التعليم لفترات طويلة متقطعة.

وقاد معين عبد الملك ما سُمي بـ "المجلس الأعلى للطاقة" الذي عقد عشرات الاجتماعات بالعاصمة عدن في الفترات الماضية دون أي انعكاس أو نتيجة على أرض الواقع. 

وقالت مصادر خاصة في البنك المركزي لـ "سوث24" إنَّ معين عبد الملك فشل في إقناع المنظمات الدولية العاملة في اليمن بإيداع أموالها في البنك المركزي في عدن، رغم عشرات اللقاءات التي جمعته بها. ووفقاً للمصادر، لا زالت تلك المنظمات تودع أموالها في البنك المركزي الخاضع للحوثيين في صنعاء حتَّى الآن. 

وفي مايو هذا العام، أعلن مكتب عبد الملك عن توجيهات من الأخير بسرعة تنفيذ خطة إعادة تشغيل مصافي عدن [1]، إحدى أهم المنشآت الاقتصادية السيادية في البلاد. وبعد 5 أشهر من هذه التوجيهات، لم يتحقق شيء حتى الآن تماماً كتوجيهات عديدة أخرى أصدرها عبد الملك.

عرقلة 

وفقاً لمصادر مسؤولة تحدثت لـ "سوث24"، صارع الوزراء الجنوبيون في حكومة المناصفة، لا سيما الكتلة الوزارية للمجلس الانتقالي الجنوبي، الكثير من العراقيل التي وضعتها إدارة معين عبد الملك أمام عمل هذه الوزارات.

وقالت المصادر إنَّ تلك العراقيل تمثَّلت بشكل رئيسي من خلال إنشاء معين عبد الملك لـ "لجان" تتداخل في عملها مع الوزارات المعنية بشكل مباشر، مثل "لجنة تطوير آلية التعامل مع الأزمة الإنسانية وتسهيل عمل هيئات الإغاثة والمنظمات الدولية" التي أصدر معين عبد الملك قرارا بتشكيلها في يناير 2021. [2]

ورغم أنَّ اللجنة برئاسة وزير التخطيط والتعاون الدولي واعد باذيب، إلا أنًّها – طبقا للمصادر – مثَّلت محاولة من عبد الملك لإفراغ وزارة التخطيط والتعاون الدولي من مهامها وتشتيتها.

بالإضافة لذلك، اتهمت المصادر إدارة عبد الملك بعرقلة الإجراء الذي اتخذه وزير الخدمة المدنية المنتمي للانتقالي، عبد الناصر الوالي، في أواخر العام 2021، بضرورة حضور "الموظفين النازحين" من مناطق شمال اليمن إلى العاصمة عدن لاستلام مرتباتهم كخطوة للحد من مخاطر استفادة الحوثيين من هذه المرتبات التي تصل المناطق الخاضعة لهم.

ومؤخراً، كشفت مذكرات رسمية – تحصَّل عليها مركز سوث24 – امتناع معين عبد الملك عن اتخاذ أي إجراءات تجاه ما خلص له تقرير رسمي حول التضخم الكبير في ملحقيات السفارات اليمنية في الخارج. [3]

وأظهرت المذكرات توجيهات لعضو المجلس الرئاسي، عبد الرحمن المحرمي، في سبتمبر ونوفمبر على التوالي، بتنفيذ الإجراءات المبنية على التقرير الصادر عن لجنة شكلها رئيس الوزراء اليمني نفسه. وتزامن هذا مع الكشف عن فساد كبير في برنامج الابتعاث الخارجي بوزارة التعليم العالي، الأمر الذي دفع حكومة عبد الملك للإعلان عن اتخاذ إجراءات لمعالجة ذلك.

وكانت صحف محلية قد كشفت في وقت سابق "قضية فساد" أثارها المحرمي داخل المجلس الرئاسي ضد مكتب معين عبد الملك، تضمنت استيلاء مكتب عبد الملك على 45 مليون دولار شهرياً. ولم يتسن لـ "سوث24" التحقق من هذه الادعاءات حتى اللحظة.

وبشأن هذا، قال رئيس مؤسسة "اليوم الثامن" للدراسات والإعلام صالح أبوعوذل لـ "سوث24": "معين عبد الملك استغل علاقته الوثيقة بسفير السعودية محمد آل جابر، إلى الاتجاه نحو نزع صلاحيات كافة الوزراء والمسؤولين."

وأضاف: "لا اعتقد أنَّ معين كان ليقدم على هذا الأمر لولا وجود عوامل إقليمية داعمة له، وخاصة أنَّه بات معروفًا أنَّ سفير السعودية ظل يمارس سلطة على الحكومة اليمنية ويتدخل في كل شيء." ولا يمكن لـ "سوث24" القطع بهذه المزاعم.

وأردف: "إذا كانت هناك من تهمة فساد يمكن أن توجه لمعين عبد الملك، فهي استحواذه على الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين اليمنيين في الجنوب. هذه الوحدة التي يديرها عضو حزب الإصلاح نجيب السعدي كان يفترض أن تكون تحت إدارة وزارتي الشؤون الاجتماعية والتخطيط والتعاون الدولي."

واتهم أبوعوذل رئيس الوزراء اليمني بالتخاذل في تنفيذ الإجراءات الاقتصادية الحكومية بناء على قرار مجلس الدفاع الوطني تصنيف الحوثيين كـ "منظمة إرهابية."

وقال الصحفي الجنوبي: "معين عبد الملك لم يكن جادا في تنفيذ قرار تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية من خلال فرض عقوبات اقتصادية لأنَّ الرجل لديه مصالح تجارية مع صنعاء، فهو تاجر مشتقات نفطية منافس لرجل الأعمال أحمد صالح العيسي"، وفقا لحديث أبو عوذل.

تعطيل  

في 7 نوفمبر الماضي، اتهم عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، ناصر الخبجي، رئيس الوزراء معين عبد الملك بأنَّه "المعطل الأول لاتفاق الرياض" الموقع في نوفمبر 2019. أثارت هذه التصريحات التساؤلات حول مصير ما تبقى من بنود اتفاق الرياض التي لم تنفذ بعد.

ويعتقد أبوعوذل أنَّه "إذا كانت هناك جدية من الرعاة الإقليميين لاتفاق الرياض في تنفيذ بنود الاتفاق فإنَّ هذا يبدأ بإقالة معين عبد الملك وإعادة تشكيل حكومة وفق مشروع المناصفة."

وأضاف: " إقالة معين عبد الملك وتعيين جنوبي في رئاسة الحكومة هو إثبات جدية الراعي الإقليمي في تنفيذ بنود اتفاقية الرياض. ليس من المنطقي أن يكون رؤساء المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية والبرلمان والمكاتب التنفيذية لكل الوزارات من محافظة تعز التي يحتلها الحوثيون."

وأردف: "هذا أمر يجب معالجته من الرعاة الذين لم يمارسوا أي ضغوط حتَّى على توريد موارد محافظة مأرب الى البنك المركزي في عدن، كما هو مُتفق عليه".

كان سوث24 قد حاول في وقت سابق التواصل مع مكتب رئيس الوزراء حول عدد من الاتهامات بشأن الخدمات بعدن، إلا أنّ المركز لم يتلق ردا على طلبات التعليق. 


اليمنجنوب اليمنمعين عبدالملكاتفاق الرياضعدن