خطف الأجانب في اليمن: مصدر تمويل للتنظيمات الإرهابية بوساطات دولية

مواطنون ودبلوماسيون أجانب تم خطفهم أو لايزال بعضهم تحت الخطف من قبل القاعدة في اليمن (تركيب - سوث24)

خطف الأجانب في اليمن: مصدر تمويل للتنظيمات الإرهابية بوساطات دولية

التحليلات

الخميس, 22-12-2022 الساعة 01:55 مساءً بتوقيت عدن

سوث24 | ورقة تحليلية - إبراهيم علي* 

المقدمة 

مثّلت الفدى المالية واحدا من أهم مصادر تمويل تنظيم القاعدة في اليمن منذ تأسيسه عام 2009. حصل التنظيم، منذ العام 2011، على أموال طائلة من هذا المصدر بعدما نجح في خطف العديد من رعايا الدول الغربية والمنظمات الدولية. لم يتوقف الأمر عند الأموال، وإنما تجاوزه إلى مكاسب أخرى، تمثّلت في الضغط لإطلاق سراح سجناء تابعين له بينهم قيادات كبيرة.[1]

من أجل تحرير رعاياها، تجد دول الضحايا نفسها مضطرة لدفع الأموال إلى التنظيم، بعيدا عن أية اعتبارات لما سيفعله الأخير بها، وكيف يمكن أن تسهم في إزهاق حياة آخرين، وكيف يمكن أن تسهم قبل ذلك في التأثير السلبي على الحرب الدولية على الإرهاب التي ركزت، وبشكل كبير، على تتبع وتجفيف مصادر الدعم والتمويل.

ومع أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تعارض دفع الأموال لتنظيم القاعدة مقابل إطلاق سراح الرهائن، إلا أنها غضت الطرف عن عدد من العمليات في اليمن، وأيضا عن دور وساطات خارجية سهَّلت من مهمة الإفراج عن المختطفين مقابل دفع ملايين الدولارات للتنظيم. من المؤكد أنّ ذلك تم بموافقة واشنطن، إذ لا يمكن لأي جهة وسيطة أن تغامر وتتعامل مع تنظيم محارب دوليا دون العودة إليها.[2]

ومن المهم الإشارة هنا إلى أن ذلك حدث بينما كانت الإدارة الأمريكية تعتبر الفرع اليمني للقاعدة الأخطر على مستوى العالم، لتصديره عمليات عابرة للحدود، كعمليات الطرود المفخخة إلى بريطانيا، ومحاولة استهداف المحتفلين بعيد رأس السنة في الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها.[3]

وعلى رغم تكرار حوادث الخطف من أجل الفدى المالية، إلا أن غموضا كبيرا مازال يكتنف هذا الملف، ابتداء من طريقة الحصول على الضحية، ومرورا بإخفائها، وانتهاء بتدخل وساطات محلية ودولية للإفراج. 

نوعية الأهداف 

يختار التنظيم أهدافه التي يثق بأنه سيحصل من ورائها على المال. غالبا ما تكون الأهداف من دول أوروبا، كون هذه الدولة حريصة على إعادة رعاياها سالمين، وبأي ثمن. بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لن تدفع للتنظيم مقابل الإفراج عن رعاياها المختطفين. كقائد للحرب الدولية على الإرهاب، تتعامل واشنطن بصرامة مع كل ما يتعلق بهذا الملف. حين اختطفت قاعدة اليمن الصحافي الأمريكي "لوك سومر" من العاصمة صنعاء عام 2012، رفضت واشنطن التجاوب مع مطالب التنظيم، وحاولت تحريره بعملية أمنية وعسكرية في حضرموت وشبوة، جنوب شرق اليمن. على رغم أنها كانت تدرك أن هذه المحاولة محفوفة بالمخاطر، وقد تنتهي بمقتله، إلا أنها جازفت، لينتهي الأمر بتصفيته فعلا.[4]

إلى جانب الأموال، هناك عمليات اختطاف لأجل الضغط بغرض تحقيق مكاسب أخرى، كتحرير سجناء، ومن ذلك، على سبيل المثال، اختطاف الملحق الثقافي في سفارة إيران بصنعاء أحمد نكبخت، واختطاف نائب القنصل السعودي في عدن عبدالله الخالدي. تشير المعلومات إلى أن التنظيم تمكن من تحرير عدد كبير من معتقليه في سجون الحوثيين بصنعاء مقابل الإفراج عن الملحق الإيراني. كما تشير معلومات أخرى إلى أنّ إيران أفرجت عن القيادي المصري البارز في القاعدة أحمد سيف العدل، ضمن الصفقة ذاتها.[5] أما عبدالله الخالدي، فقد عاد التنظيم وتنازل عن شرط إطلاق سراح سجينات سعوديات ووافق على الإفراج مقابل فدية مالية كبيرة، وفق مصادر خاصة.[6]

الوصول إلى الضحية 

عقب كل عملية خطف، تتداول وسائل الإعلام روايات مختلفة، بعضها يتحدث عن التنظيم كفاعل مباشر، وبعضها يتحدث عن استخدامه للقبائل مقابل مبالغ مالية، وذلك لسهولة تحركها. حدث هذا في أكثر من عملية خطف.

لكن الحقيقة هي أن التنظيم وقف في بعض الأحيان وراء شائعة وجود دور للقبائل في عمليات الخطف للأجانب. لأن وجود الضحية لدى القبائل يرفع الحرج عن الجهات التي ستتكفل بدفع الفدية، كونها لن تُدفع لـ "إرهابيين".

أيضا، عقب اختطاف الخالدي، كانت الرواية المتداولة تشير إلى ضلوع مسلحين قبليين في عملية الخطف، وبيعه لتنظيم القاعدة، لكن التنظيم أكد في أحد إصداراته أنّ اختطاف الخالدي جاء بعد عامين من الرصد والتتبع[7]. لا يمكن للتنظيم أن يشرك عناصر من خارج دائرته في عمليات أمنية معقدة كهذه، وفق مصادر مقربة منه.

حين اختطفت القاعدة المعلّمة السويسرية سلفاني ابراهارد، أكدت وسائل إعلام يمنية، أنّ القبائل وراء عملية الخطف، لكن اتضح، في وقت لاحق، أن لا علاقة لها بذلك.[8]

تشير المصادر أيضا إلى أنّ التنظيم قد يشتري مختطفا من القبائل إن قامت هي بذلك بشكل منفصل، لكنه لن ينسق معها للقيام بأمر كهذا، كما تزعم المصادر.

مثال آخر: عقب عملية اختطاف مدير مكتب الأمم المتحدة للأمن والسلامة في عدن "آكم سوفيول" من محافظة أبين، كان الحديث يدور حول القبائل كجهة مسؤولة عن العملية. لاحقا أكدت وسائل إعلام أنّ التنظيم اشتراه مقابل مبالغ مالية كبيرة وأسلحة. لكن لا يوجد حتى اللحظة ما يؤكد أو ينفي هذا الأمر بشكل قاطع.[9]

لا شك أيضا أن القبائل تتخوف من التعامل أو التعاون مع تنظيم القاعدة المدرج على لائحة الإرهاب في ملف كهذا. 

إخفاء الجهة الخاطفة 

حين اختطف تنظيم القاعدة المعلمة السويسرية "سيلفاني ابراهارت" في العام 2011 من محافظة الحديدة، وجد صعوبة في الحصول على فدية مقابل إطلاق سراحها، رغم المناشدات المصورة لها.

مع أن التنظيم لم يعلن مسئوليته عن خطفها في بادئ الأمر، إلا أنّ طريقة ظهورها في المناشدات، أكدت ذلك، حيث ظهرت بالحجاب، وبملابس إسلامية محتشمة.[10]

في فبراير من العام 2013، وصلت ابراهارت، وبشكل مفاجئ، إلى الدوحة، بعد وساطة قطرية حصل التنظيم من ورائها على ملايين الدولارات. حينها قال موقع قناة "الجزيرة" إن مبلغ الفدية المدفوع لم يتجاوز 50 ألف دولار، رغم أنّ ما صرفه التنظيم على المختطفة يتجاوز هذا المبلغ بكثير. وفق مصادر "سوث24"، حصل وسيط قبلي محلي على 300 ألف دولار أمريكي في ذات الصفقة.[11]

بعد وصولها إلى بلدها، كشفت المعلمة السويسرية تفاصيل اختطافها من قبل التنظيم، وكيف تعامل عناصره معها طوال فترة الإخفاء التي زادت على عام. ما يعني أن التنظيم كشف لها عن نفسه كجهة خاطفة.

قبل هذه العملية، كان التنظيم قد أفرج عن ثلاثة فرنسيين مقابل فدية مالية كبيرة، ومن دون تعقيدات، إثر وساطة عمانية. وعلى خلاف ما تداولته وسائل إعلام في حينه، نفت فرنسا أن تكون قد دفعت أموالا مقابل الإفراج عن رعاياها المختطفين. والمهم هنا هو تصاعد المخاوف من أن يشجع هذا الأمر تنظيم القاعدة على مزيد من عمليات الخطف للحصول على الأموال.

بعد الإفراج عن المعلمة السويسرية، حرص التنظيم على عدم الظهور في الصورة، حتى يتمكن من الحصول على الأموال بشكل أسرع ومن دون تعقيدات، ولهذا فقد اختلفت طريقة عرض مناشدات المختطفين لديه، كما لوحظ هذا الأمر في عملية الثلاثة المختطفين من فنلندا والنمسا. تُرجّح مصادر مقربة من التنظيم أن يكون قد حصل على نصائح من الجهة الوسيطة حول هذا الأمر. تضيف المصادر لـ"سوث24": "وربما فهم ذلك من طريقة تعامل تلك الجهة معه".

وفي هذا السياق، تقول المصادر إنّ سفارة إحدى الدول الأوروبية في صنعاء بذلت جهودا كبيرة لإطلاق سراح المختطفين الثلاثة من فنلندا والنمسا، لكنها بذلت جهودا أكبر لمعرفة ما إذا كان المختطفون لدى تنظيم القاعدة أم لدى القبائل، ما يعني أنّ التنظيم نجح في التمويه عن الجهة الخاطفة أو استطاع أن يجعل نفسه خيارا محتملا وليس مؤكدا.

يأتي هذا رغم أنّ الرواية الرسمية اليمنية أكدت اختطاف الثلاثة على يد مسلحين قبليين وبيعهم لتنظيم القاعدة، وفق مصادر رسمية في حينه.[12] 

نَفَس طويل 

على رغم أن تنظيم القاعدة يرفق مناشدة الرهائن بتهديدات على ألسنتهم تتعلق بحياتهم، إلا أنه يتعامل بسياسة النفس الطويل، لأنّ الهدف الرئيسي من وراء الخطف هو الحصول على المال، أو مكاسب أخرى.

في حالة عدم التجاوب، يلجأ تنظيم القاعدة إلى الضغط على بلدان الرهائن من خلال ظهورهم المحرج لها، كما حدث مع نائب القنصل السعودي في عدن، عبدالله الخالدي، حيث أجبره التنظيم على الاعتراف بوقوف بلده وراء مؤامرات ضد بعض الدول ومزاعم من هذا القبيل.[13]

لم يسبق لتنظيم القاعدة أن قام بتصفية أيٍ من الرهائن المحتجزين لديه. أما الأمريكي لوك سومر، والجنوب أفريقي بيير كوركي، فقد قُتلا خلال محاولة تحرير الأول بعملية إنزال للقوات الخاصة الأمريكية بمحافظة شبوة في ديسمبر من العام 2014.

غير أنّ نَفَس التنظيم الطويل لا يعني أنه لن يُقدم على ارتكاب حماقة بحق الرهائن إن وصل إلى مرحلة متقدمة من اليأس بخصوص الحصول على فدية مالية. 

الوساطات 

قطر 

مع أنّ تدخل دول عربية للإفراج عن الرهائن لدى القاعدة قد يكون تم بطلب من الدول التي ينتمي إليها المختطفون أو يحملون جنسيتها، إلا أنّ اختيار دول بعينها للتواصل مع التنظيم يثير الكثير من التساؤلات. لكنَّ ما يثير الدهشة حقا هو ثقة التنظيم بتلك الدول التي تواصلت معه مباشرة أو عبر وساطات محلية دون علم الحكومة اليمنية.

على سبيل المثال، وصل ضباط قطريون إلى اليمن في العام 2013، ثم غادروا عبر مطار صنعاء الدولي رفقة المختطفة السويسرية "سلفاني ابراهارد"، من دون جوازات سفر.

بحكم سيطرة حزب الإصلاح، الإخوان المسلمون في اليمن، على السلطة حينها، لم تجد قطر صعوبة في القيام بذلك. وفق ما تم تداوله في حينه، تعامل الضباط القطريون بغطرسة مع أمن وموظفي المطار بعدما طلبوا منهم الوثائق الخاصة بالسفر.

بعيدا عن دخول ومغادرة الضباط القطريين اليمن، من دون وثائق سفر، تؤكد مصادرنا الخاصة أنهم التقوا بقيادات من التنظيم، وتسلموا منهم، وبشكل مباشر، المختطفة السويسرية مقابل مبلغ مالي كبير تم تسليمه لقادة التنظيم في اليوم ذاته.

بحسب المصادر نفسها، حصلت وساطة محلية على نحو 300 ألف دولار أمريكي.

وبشأن الجهة التي دفعت المبلغ، لم يتسن لنا الحصول على معلومات حولها، غير أنّ الحماس القطري لقضية المختطفة السويسرية يثير الشكوك حول تكفل الدوحة بدفعه. فبحسب مصادر مطلعة تحدثت إلى "سوث24" امتد التواصل بين التنظيم والجانب القطري لفترة طويلة قبل الإفراج عن الرهينة. من غير المستبعد، بحسب المصادر، أن يكون التنظيم قد حصل على مبلغ كبير جدا. من غير المستبعد أيضا أن يكون موضوع الرهينة مجرد مدخل عبرت من خلاله الدوحة إلى هذا الفرع للقاعدة بغرض استخدامه أو التأثير عليه، كما حدث مع جبهة النصرة في سوريا.

خلال السنوات الماضية، يمكن ملاحظة أنّ تنظيم القاعدة ابتعد كثيرا عن تنظيم الدولة الإسلامية لصالح التقارب أكثر مع الإخوان المسلمين. على سبيل المثال، خاض الفرع اليمني للقاعدة معارك شرسة ضد داعش في محافظة البيضاء، لطرده منها، لكنه وقف إلى جانب "الإخوان المسلمين" في محافظتي أبين وشبوة. عقب طرد القوات التابعة لحزب الإصلاح من مدينة عتق، أعلن التنظيم، في كلمة صوتية للقيادي أبو علي الحضرمي، الحرب على القوات الحكومية وعلى قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات. 

سلطنة عمان 

على رغم أن عُمان سعت أكثر من قطر في قضية الرهائن الغربيين المختطفين لدى قاعدة اليمن، إلا أنّ تواصلها مع التنظيم كان، في الغالب، من خلال وساطات محلية، وفق مصادرنا الخاصة.

وفي كل الأحوال، فقد حصل التنظيم على مبالغ مالية كبيرة مقابل إطلاق سراح المختطفين. ورغم أنّ فرنسا نفت أن تكون قد دفعت مبالغ مالية مقابل إطلاق سراح ثلاثة من رعاياها لدى القاعدة في اليمن، إلا أنّ هذا لا يعني بالضرورة أن سلطنة عمان هي التي دفعت الفدية.

عادة ما تنفي الدول الغربية دفع فدى مالية للتنظيمات المسلحة. ففي العام 2009 نفت الحكومة السويسرية دفع أي فدية مقابل الإفراج عن رهائن يحملون جنسيتها في أفريقيا. وأفاد تقرير لوكالة فرانس برس آنذاك بأنّ "المسؤولين السويسريين ينسبون الفضل للرئيس المالي امادو توماني توري في ضمان الإفراج عن فيرنر غرينر، وأكدوا أنّ سويسرا لم تتفاوض أو تدفع فدية للإفراج عنه".

غير أن محاضر اجتماع حكومي خاص في سويسرا بعد أشهر قليلة من الإفراج عن الرهينتين أشارت إلى أنّ الحكومة وافقت على دفع فدية مقابل إطلاق سراحهما.[14]

وبرغم أنه يصعب تحديد جهة الدفع، إلا أنّ تدخل سلطنة عمان بهذا الشكل، أنعش سوق الفدى المالية للتنظيمات الإرهابية في اليمن. لقد استغلت عمان علاقتها الجيدة بشخصيات قبلية يمنية للتواصل مع تنظيم القاعدة للتفاوض على تحرير الرهائن، ودفع الأموال.

ومن المهم الإشارة هنا إلى أنه وإلى جانب تدخل عمان للإفراج عن رهائن غربيين محتجزين لدى تنظيم القاعدة في اليمن، كالفرنسيين الثلاثة في العام 2011، وثلاثة رهائن آخرين من النمسا وفنلندا، فقد تدخلت أيضا للإفراج عن رهائن غربيين لدى جماعة الحوثي، التي تربطها بمسقط علاقات جيدة.

وتفصيلا، نجحت الجهود العمانية عام 2015 في الإفراج عن مواطن أمريكي كان محتجزا لدى جماعة الحوثي، وعن مواطن ألماني في العام 2016، وعن الفرنسية إيزابيل بريم في العام ذاته، وعن الفرنسية من أصول تونسية نوران حوا في العام 2016، لدى الجماعة ذاتها.

وكما هو الحال بالنسبة إلى تنظيم القاعدة، حصلت جماعة الحوثي على ملايين الدولارات مقابل الإفراج عن الرهائن الغربيين. لكن كما نفت فرنسا دفع فدية مالية للقاعدة مقابل الإفراج عن الرهائن الثلاثة، نفت أيضا دفع فدية لخاطفي "إيزابيل بريم". وجاء النفي الفرنسي ردا على تصريحات المترجمة "شيرين مكاوي" التي تم اختطافها مع "بريم" وتم الإفراج عنها بعد أسبوعين، حيث أكدت أن الجهة الخاطفة تسلمت 3 ملايين دولار من باريس.

في هذا السياق، وطبقا لوسائل إعلام أمريكية، تعتبر فرنسا أكبر مساهم غربي في "بزنس الاختطاف"؛ حيث دفعت في الواقع أكثر من 58.1 مليون دولار لتنظيم القاعدة في اليمن وغيره منذ 2008 مقابل الإفراج عن العديد من الرهائن الفرنسيين.

دعم مالي ومكاسب سياسية 

برغم أن عمان تتدخل لدى سلطات جماعة الحوثيين بطلب من البلدان التي يحمل الرهائن جنسيتها، إلا أنّ هذا التدخل ربما تحوّل في بعض الأحيان إلى صورة من صور الدعم للجماعة التي سعت جاهدة للحصول على مصادر عديدة لدعم عملياتها العسكرية.

على الأرجح، يتم ذلك في حالات المختطفين الذين لا تفصح الجماعة عن وجودهم لديها، أمثال إيزابيل بريم، ونوران حواس، أما الآخرون، فربما تفرج الجماعة عنهم دون مقابل مادي، كونها مهتمة بالحصول على مكاسب سياسية، مستغلة في ذلك علاقتها الجيدة بسلطنة عمان.

وبالنسبة إلى المكاسب الحوثية، فقد تكون عبارة عن تنازلات في الملف اليمني لصالحها، بمساعدة من هذا الوسيط الدولي الموثوق به بالنسبة إليها. 

تنسيق بين الحوثيين والقاعدة 

في سياق الحديث عن المكاسب السياسية الحوثية من وراء الإفراج عن رهائن غربيين، أكدت مصادر مطلعة لـ(سوث24) أن جماعة الحوثي اشترت من القاعدة بعض الرهائن الذين تم الإفراج عنهم بوساطة عمانية في وقت لاحق.

المصادر، لم تسمّ الرهائن الذين حصلت عليهم الجماعة من القاعدة، لكنها أشارت إلى أن هناك تواصلا بين الطرفين منذ إطلاق سراح الملحق الثقافي الإيراني لدى سفارة طهران بصنعاء عام 2014، الذي كان مختطفا لدى تنظيم القاعدة.

ووفق المصادر، فقد يكون حصول جماعة الحوثي على رهائن من القاعدة جاء مقابل مبالغ مالية، وقد يكون مقابل الإفراج عن قيادات وأعضاء من التنظيم في سجون الجماعة.

كما أنّ عدد من تم الإفراج عنهم من سجون جماعة الحوثي، أقل بكثير من أسرى الجماعة لدى التنظيم، حيث تم إطلاق سراح ما يزيد على 300 معتقل بينهم قيادات كبيرة. ولم تستبعد المصادر وجود تنسيق أوسع بين الطرفين لإدارة عمليات الخطف يتجاوز موضوع البيع والشراء، كما تزعم. 

اتساع دائرة عمليات الخطف وأثرها 

بالنظر إلى نجاح تنظيم القاعدة وجماعة الحوثي في إدارة عمليات الخطف والحصول على أموال طائلة تقدر بملايين الدولارات من ورائها، من غير المستبعد أن تدخل عصابات أخرى على الخط، لا سيما مع استمرار الحرب، وضعف نفوذ الحكومة اليمنية، وتعدد سلطات الأمر الواقع.

من غير المستبعد أيضا أن تدخل هذه العصابات الجديدة في شراكة مع القاعدة أو مع جماعة الحوثي لإدارة هذا النوع من العمليات، بغرض الحصول على الأموال، أو المكاسب السياسية، خصوصا مع وجود وسيط دولي جاهز على الدوام لمساومة الخاطفين وإغرائهم بالأموال.

إن من شأن هذا الأمر أن يضاعف من مأساة اليمن الإنسانية، على اعتبار أن الأجانب الذين تعرضوا أخيرا لهذا النوع من العمليات، وقد يتعرضون له مستقبلا، هم من العاملين في المجال الإنساني، مثل نوران حواس، والمسؤول الأممي، أما الآخرون الذي كانوا يزورون اليمن بغرض السياحة وأمور أخرى، فقد حدَّت الحرب من مجيئهم بشكل كبير.

خلاصة 

·   اعتمد تنظيم القاعدة في اليمن على الفدى المالية كمصدر تمويل هام خلال الأعوام الماضية.

·   لا يوجد ما يؤكد ضلوع القبائل في عمليات خطف أجانب وبيعهم للتنظيم مقابل الحصول على المال، لكن ذلك قد يحدث.

·   تدخّل الوسيط الخارجي يغري التنظيمات المسلحة بممارسة هذا النوع من العمليات.

·   هناك ما يشبه التنسيق بين جماعة الحوثي وبين تنظيم القاعدة في هذا الجانب.

·    قد تفتح عمليات الخطف الباب لدعم التنظيمات الإرهابية تحت مسمى إنساني هو تحرير الرهائن.

·    استمرار عمليات الخطف سيؤثر بشكل كبير على العمل الإنساني في اليمن.


*إبراهيم علي: هو اسم مستعار لباحث متخصص في شؤون الجماعات المسلّحة، طلب إخفاء هويته لأسباب شخصية

المراجع:


[1] حدث هذا مع المحلق الثقافي لدى سفارة إيران بصنعاء أحمد نكبخت عام 2014، وفق مصادرنا الخاصة.

[2] يمثّل دفع فدى للقاعدة والأفرع التابعة لها انتهاكا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1904 والذي ينص على أنه يجب على الدول "على الفور تجميد الأموال وغيرها من الأصول المالية أوالموارد الاقتصادية لهؤلاء الأفراد والجماعات والمشروعات والكيانات". وحدد القرار أن هذا أيضا "سينطبق على دفع فدى".

[3] وفق تصنيف لوكالة الاستخبارات الأمريكية سي آي إيه بين العامين 2010\2009.

[4] لقي سومر حتفه خلال محاولة تحريره بعملية إنزال أمريكية في مديرية نصاب بمحافظة شبوة في ديسمبر 2014.

[5] وفقا لمصادرنا الخاصة.

[6] أكدت المصادر أن التنظيم حصل على مبلغ كبير يتجاوز ما حصل عليه من الرهينة السويسرية وغيرها.

[7] إصدار مرئي صدر عن الملاحم وتابعه الكاتب في حينه.

[8] حسب موقع المصدر أونلاين، (almasdaronline.com)

[9] في إصدار مرئي باللغتين الإنجليزية والعربية ومدته 3 دقائق ونصف.

[10] نشر التنظيم لها أكثر من مناشدة مرئية وتابعها الكاتب في حينه.

[11] الرهينة السويسرية باليمن تصل الدوحة | أخبار عربي | الجزيرة نت

[12] الجمهورية | فنلندا ترسل دبلوماسيا الى اليمن غداة اختطاف اثنين من رعاياها (aljoumhouria.com)

[13] ظهر الخالدي في فيديو قصير يقول أمورا ربما أمليت عليه، وتابعه الكاتب في حينه.

[14] هل من الصواب دفع فدى للإفراج عن رهائن؟ - BBC News عربي