هل تفرض «قمة العقبة» واقعًا جديدًا في مسارات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟

جنود إسرائيليون - Getty Images

هل تفرض «قمة العقبة» واقعًا جديدًا في مسارات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟

عربي

الأربعاء, 01-03-2023 الساعة 04:17 مساءً بتوقيت عدن

سوث24 | د.عزام شعث 

استضافت  مدينة العقبة جنوبي الأردن، في 26 فبراير 2023، القمة الطارئة بمشاركة ممثلين عن السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية والولايات المتحدة ومصر والأردن، وهي قمة مخصّصة للترتيبات الأمنية المرحلية المؤقتة وفق الخطة الأمريكية لتهدئة التوترات ووقف التدهور الأمني في الأراضي الفلسطينية قبل شهر رمضان والأعياد اليهودية في مارس 2023. تُثار تساؤلات مهمة بشأن إمكانية أن تفرض قمة العقبة واقعًا جديدًا في مسار التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، رغم خلوها من القضايا السياسية. كما تطرح القمة- في ضوء مخرجاتها- تساؤلًا عريضًا عن فرص خفض التوترات بعد أن فقدت السلطة الفلسطينية سيطرتها الفعلية على الضفة الغربية مع اشتداد الهجمات الإسرائيلية، وترسيخ سياسات الضم والتهويد والترحيل وتعزيز الاستيطان في مدنها؟

سياقات القمة 

أدت التحولات السياسية في إسرائيل مع ما تضمنته من مواقف وإجراءات متشدّدة تجاه الفلسطينيين إلى توتر الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة وقطاع غزة. ففضلًا عن السياسات التي أقرتها حكومة "نتنياهو" من تطوير للاستيطان وتعزيزه وشرعنته مع ما يمثله من تهديد حقيقي لفرص "حل الدولتين"؛ سجلت جملة من الاعتداءات والإجراءات ضد الفلسطينيين ميدانيًا، نلخصها في المشاهد التسعة التالية:

- تصاعدت موجات الاعتداءات الإسرائيلية بعد تنصيب الحكومة في مطلع العام 2023، وأدّت في مجملها إلى "مقتل" 65 فلسطينيًا.
- اقتحامات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى بحماية القوات الأمنية والشرطية الإسرائيلية، أبرزها اقتحام "ايتمار بن غفير".
- اقتطاع أموال عائدات الضرائب "المقاصة" التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية.
- هدم قرية العراقيب في منطقة النقب لمصادرتها وتحويلها إلى مستوطنات إسرائيلية.
- اقتحام قرية الخان الأحمر شرقي مدينة القدس من وزراء وأعضاء كنيست ومستوطنين لترحيل سكانها وهدمها وتهويدها.
- الاقتحام الإسرائيلي لمدن جنين وأريحا ونابلس والسيطرة عليها، واستهداف المواطنين فيها بحجة ملاحقة المطلوبين.
- قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية لأهداف مدنية في قطاع غزة.
- حرمان عائلات منفذي العمليات من التأمين الوطني، وسحب الهويات الخاصة بسكان القدس من عائلات منفذي العمليات، وترخيص حمل السلاح لآلاف الإسرائيليين.
- شرعنة 9 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، والدفع بمخططات بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة.

قوبلت هذه الاعتداءات بإعلان السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل في 26 يناير2023، وبعملية إطلاق النار في القدس التي نفذها الشاب الفلسطيني المقدسي خيري علقم، وأدَّت إلى مقتل 7 إسرائيليين [1] ، وما تلتها من عمليات فردية نفذها شبان فلسطينيون ضد الإسرائيليين في المدينة أيضًا، وتصاعدت على خلفيتها الاعتداءات الإسرائيلية والردود الفلسطينية في مدن الضفة الغربية.

دفعت هذه التطورات بجهود الوساطة الدولية والعربية إلى الواجهة من أجل خفض التوترات وتهدئة الأوضاع الميدانية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أبرزها الوساطات الأمريكية والمصرية والأردنية التي اُختتمت بـ "قمة العقبة"، وسبقتها تحركات مصرية وأردنية باتجاه السلطة والفصائل الفلسطينية في رام الله وغزة لتثبيت التهدئة؛ فاستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في 31 يناير 2023، رئيسي جهازي المخابرات المصرية والأردنية عباس كامل وأحمد حسني، اللذين وصلا إلى رام الله وعقدا لقاءً مع عباس قبل لقائه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن. [2] 

وتحسبًا لسيناريو "الانفجار الشامل"، وخشية من توسيع دائرة المواجهة وانتقالها إلى قطاع غزة، التقى رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية قيادة حركتي "حماس" [3]   و"الجهاد الإسلامي" [4]  للتباحث بشأن التطورات والمستجدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والجهود المصرية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، فيما تجددت الوساطة المصرية بعد الاقتحام الإسرائيلي الواسع لمدينة نابلس بالضفة الغربية في 22 فبراير 2023، والذي أدى إلى مقتل 12 فلسطينيًا، وإصابة أكثر من مائة فلسطيني، وقابلته الفصائل الفلسطينية بإطلاق خمسة قذائف صاروخية، ردت عليها الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف مواقع للمقاومة الفلسطينية بغزة.

وكانت الوساطة الأمريكية قد امتدت وباتجاهات معاكسة عبر الضغط على السلطة الفلسطينية لسحب "مشروع قرار مجلس الأمن" الذي يدين الاستيطان الإسرائيلي، واستبداله بـ "بيان رئاسي" رمزي وغير ملزم، فأقدمت السلطة على ذلك وفق ما أعلنت دولة الإمارات العضو العربي في مجلس الأمن [5] ، مع أن طرح المشروع للتصويت كان يمثل مقدمة لإخضاع إسرائيل للعقاب ومحاسبتها عن انتهاكاتها المستمرة ضد الفلسطينيين. لقد ساهم هذا الإجراء في التستر على انحياز الإدارة الأمريكية لإسرائيل وفق ما يحقّق مصالحها، وعلى حساب الحقوق الفلسطينية [6] ، وكان يمكن للقرار أن يشكّل مدخلًا مهمًا لتدويل القضية الفلسطينية.

مثّلت هذه التطورات، وضمنها استجابة السلطة الفلسطينية للضغوط الأمريكية، مدخلًا لانعقاد قمة العقبة بمشاركة ممثلين عن السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية ومصر والأردن، لبحث الخطة الأمريكية لتهدئة التوترات ووقف التدهور الأمني في الأراضي الفلسطينية.

المخرجات وردود الفعل 

أثارت قمة العقبة جدلًا فلسطينيًا وإسرائيليًا واسعًا، فمن جهة ندّد الفلسطينيون بمشاركة وفد السلطة الفلسطينية في القمة التي تنعقد بعد مرور أربعة أيام فقط على اقتحام القوات الإسرائيلية المحتلة لمدينة نابلس وارتكابها مجزرة ضد سكانها؛ أدت إلى "مقتل" 12 فلسطينيًا، وإصابة أكثر من 100 فلسطيني. واعتبروا أن مشاركة السلطة في غياب الإجماع الشعبي يندرج في إطار انصياعها وتواطؤها مع الإدارة الأمريكية التي تعمل لحساب إسرائيل ولمصلحتها، واقتصار دورها – أي السلطة- على العمل الأمني الذي لا يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في ظلّ غياب عملية التسوية السياسية المعطلة منذ شهر أبريل عام 2014. وقبيل مؤتمر العقبة، عقدت الفصائل الفلسطينية- باستثناء حركة فتح التي يرأسها محمود عباس- مؤتمرًا في قطاع غزة للتنديد بالقمة ومطالبة السلطة الفلسطينية بعدم المشاركة فيها [7] . ومن جهةٍ ثانية، رفضت المعارضة الإسرائيلية وبعض أعضاء الحكومة مشاركة الوفد الإسرائيلي في قمة العقبة.

- مخرجات قمة العقبة: 

رغم المواقف المتعارضة، عُقدت قمة العقبة الخماسية، وتضمن بيانها الختامي إقرار المشاركين وتوافقهم على خمسة بنود، أهمها ما يلي:

1- خفض التصعيد ومنع مزيد من العنف: يُقصد بـ "التصعيد والعنف"، وفق ما تضمنه البيان الختامي للقمة ودون تفسير، ما يمارسه الفلسطينيون والإسرائيليون في الضفة الغربية وقطاع غزة ومدينة القدس المحتلة من أعمال تصعيد وعنف، في حين أن "التصعيد والعنف" موصول أساسًا بسياسات الحكومة الإسرائيلية، وسلوك قواتها وجيشها ضد الفلسطينيين في سائر الأرض الفلسطينية المحتلة، بينما الرد الفلسطيني عليه يندرج في إطار أعمال المقاومة. وبهذا المعنى، ساوى بيان القمة بين سلوك الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، ثم أنَّه لم يحدّد الكيفية والآليات لضمان "خفض التصعيد ومنع العنف"، فإن تولت الحكومة الإسرائيلية هذه المهمة، سيمثّل ذلك تفويضًا لها لقمع الفلسطينيين. أما السلطة الفلسطينية فلا تمتلك السيطرة الفعلية والميدانية في الضفة وغزة والقدس، وفوق هذا لا تمتلك السيطرة على المجموعات المقاومة في الضفة الغربية "عرين الأسود وكتيبة جنين، وغيرها". 

2- الحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة: رسالة البيان الختامي للقمة هذه والمتعلقة بالحفاظ على الأماكن المقدسة، توجه إلى إسرائيل حصرًا، فهي الجهة الوحيدة التي تقوم بإجراءات لتقويض مبدأ الحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة، وتعتدي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس.   

3- الالتزام بالاتفاقيات السابقة ووقف الإجراءات الأحادية: يُقصد بالاتفاقيات السابقة مجموعة الاتفاقيات التي أبرمتها منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية مع الحكومة الإسرائيلية منذ توقيع اتفاق أوسلو في سبتمبر 1993 وما بعده. والواقع أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة هي التي لم تلتزم بهذه الاتفاقيات، السياسية والاقتصادية والأمنية، بديل أنها لم تنتقل إلى المرحلة النهائية ومفاوضات الحل الدائم التي كانت مقررة وفقًا للاتفاق المرحلي في عام 1999، فيما السلطة الفلسطينية تؤمن إيمانًا مطلقًا بمنطق المفاوضات والتسوية السياسية كخيارٍ وحيد لتسوية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.   

4- الالتزام بوقف مناقشة إنشاء أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، وعدم إقرار أيّ بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر: نسفت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بعد اختتام القمة مباشرة هذا البند، الذي يتعارض في أصوله مع أهداف ومنطلقات الحكومة الإسرائيلية، بما هي حكومة استيطان وتهويد وإحلال، كما أظهرتها إجراءاتها الميدانية ووثيقة الخطوط العريضة التي تأسست عليها.

- ردود الفعل الفلسطينية والإسرائيلية: 

تمثلت الردود الفلسطينية في التنديد بمخرجات قمة العقبة بوصفها قمة أمنية تستهدف الحقوق الفلسطينية ولا تلبي تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة والدولة والاستقلال، ولا تُطلق عملية سياسية جادّة تعترف بحقوق الفلسطينيين وتنطلق منها، فضلًا عن ذلك، فإن الفلسطينيين وبالذات قوى المعارضة في الضفة وغزة، اعتبروا أن القمة ما كان لها أن تلتئم لولا الأزمة السياسية التي تمر بها إسرائيل، وصمود الفلسطينيين في الضفة العربية وضمنها مدينة القدس. وهذه المواقف تبنتها إلى جانب الفصائل الفلسطينية المعارضة قوى فلسطينية من داخل إطار منظمة التحرير أيضًا.

وتوالت الردود الإسرائيلية على مخرجات قمة العقبة، وتركزت جميعها على ثبات الموقف واستمرار إسرائيل في سياساتها المعروفة تجاه الفلسطينيين دون أي تغيير يذكر، ما يؤكد نفيها لبيان القمة، وعدم التزامها بما توصل إليه اللقاء الخماسي في العقبة.

وفي السياق، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إنه "خلافًا للتغريدات، سيستمر البناء وشرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية، وفقًا لجدول التخطيط والبناء، دون أي تغيير[...] لا يوجد ولن يكون هناك أي تجميد للاستيطان". ومن جانبه، قال رئيس الوفد الإسرائيلي إلى العقبة، مستشار الأمن القومي، تساحي هنغبي، إنه "وخلافًا للتقارير حول الاجتماع، ليس هناك تغيير في السياسة الإسرائيلية"، وأضاف أنه "في الأشهر المقبلة، ستشرعن الحكومة الإسرائيلية تسع بؤر استيطانية عشوائية، وستصادق على 9500 وحدة سكنية جديدة في الضفة المحتلة"، وشدّد على أنه "لا يوجد تجميد للبناء أو تغيير في الوضع الراهن في "جبل الهيكل" (الحرم القدسي) وليس هناك قيود على نشاط الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة". [8] 

لم تتوقف الردود الإسرائيلية على التعبير اللفظي إزاء الموقف من قمة العقبة "المشاركة الرسمية فيها أو رفض مخرجاتها"، لكنها تعدتها إلى فعل وسلوك ميداني على الأرض وبعد اختتام أعمال القمة مباشرة، تمثل ذلك في:

- اقتحام المستوطنين- بموافقة وحماية الجيش الإسرائيلي- لمدينة نابلس بالضفة الغربية وبلداتها، وقيامهم بالاعتداء على سكانها وممتلكاتهم، حيث أشعل المستوطنون النيران في 100 مركبة مدنية، و35 منزلًا تم حرقهم بشكل كامل، و40 منزلًا بشكل جزئي.
- اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي، أربعة مواطنين من مخيم العروب وبلدة إذنا بمحافظة الخليل في الضفة الغربية. [9] 
- اقتحام 107 مستوطن، المسجد الأقصى من باب المغاربة، تحت حماية وتأمين شرطي مشدّد، ونفذ المستوطنون جولات استفزازية في باحات المسجد، وأدَّوا طقوسًا تلمودية في الجهة الشرقية منه. [10] 
- هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزلًا في بلدة جبل المكبر جنوب شرق القدس المحتلة مقام منذ عام 2017، وتعود ملكيته لعائلة مقدسية، ومنذ ذلك الوقت وبلدية الاحتلال تلاحق العائلة. [11] 

سيناريوهان محتملان 

عادةً ما تُقابل الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين بمواجهات شعبية سلمية أو شعبية مسلحة، تُنفذها الفصائل الفلسطينية أو الأفراد الذين لا ينتمون لأيٍّ من القوى السياسية، ولم تستطع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وقف المواجهة والردود الفلسطينية أو وضع حدٍ لها رغم لجوئها لأدوات البطش والقمع والاستهداف المباشر باستخدام الأسلحة والترسانة المتطورة التي تمتلكها.

كان الفلسطينيون منذ عام 2008، ملتزمون باتفاقيات التهدئة التي ترعاها مصر، فيما لم تلتزم إسرائيل بهذه الاتفاقيات، وسجلت قواتها خرقًا واضحًا ودائمًا لها؛ إذ أن سلسلة خروقات التهدئة والاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة والقدس وغزة طويلة وممتدة، كان آخرها عدم تقيدها أو التزامها باتفاق قمة العقبة، واختراقه بعد ساعات من إعلان البيان الختامي.

ويتفق هذا التحليل مع رأي المنغمسين في قضايا الشأن الفلسطيني بأن نجاح اتفاقيات التهدئة وخفض التوترات الأمنية في الأراضي الفلسطينية مرهون بالموقف الإسرائيلي وحدود جديته، والتزامه بالتهدئة، وشروطها، واستحقاقاتها.

وبشأن مستقبل التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ضوء التوترات الميدانية وبعد اتفاق العقبة، يتفاعل سيناريوهان اثنان للمرحلة المقبلة:

- السيناريو الأول: تنامي التوتر الأمني: 
ينطلق هذا السيناريو من أن الاعتداءات الإسرائيلية اليومية ضد الفلسطينيين، وعدم تقيد إسرائيل بمخرجات قمة العقبة لتهدئة الأوضاع الميدانية ستؤدي إلى تنامي التوتر الأمني، فالعمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية مستمرة ومتصاعدة، وسياسة تعزيز الاستيطان وشرعنة البؤر الاستيطانية لم تتوقف، وستقابل هذه الإجراءات بردود فعل ومواجهة فلسطينية لن تدفع إسرائيل إلى وقف التصعيد. وعليه، يُعدّ هذا السيناريو الأكثر ترجيحًا، فأسباب التصعيد لا تزال قائمة.

- السيناريو الثاني: خفض التوتر ووقف التدهور الأمني:  
ينطلق هذا السيناريو من تهدئة الأوضاع الميدانية وخفض التوتر مع عودة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وهو أحد أهداف قمة العقبة. ويستند هذا السيناريو على:

1-  الخشية من "سيناريو الانفجار الشامل" الذي سيؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية، وتدهور الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، بما يشكّل عبئًا على إسرائيل.
2-  استمرار التصعيد الإسرائيلي سيؤدي إلى توسيع دائرة المواجهة وامتدادها إلى بقية الأراضي الفلسطينية بما فيها المناطق المحتلة عام 48، بما يتعارض مع سياسة التجزئة والمناطقية التي تمارسها إسرائيل، لكونها تعمل على تصعيد المواجهة في المناطق الأقل كلفة وضررًا.

خاتمة 

وأخيرًا، يمكن القول إنَّ قمة العقبة سجّلت اهتمامًا أمريكيًا في الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك خشية من المواجهة المفتوحة بينهما التي قد تمسّ أمن إسرائيل وتهدّد مصالحها، غير أن هذه الوساطة الغائبة طويلًا عن ملف الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، لا ترتكز على أساسٍ سياسي، ولم تعتمد برنامج وخطط للتسوية، وإنما تحقق أهداف مرحلية ومؤقتة عنوانها "خفض التوتر" والتوصل إلى التهدئة التي لا تلتزم بها إسرائيل وتخرقها كما في كل جولات المواجهة مع الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، ثم إن الوساطة الأمريكية من أجل التهدئة المؤقتة لا تستند إلى صيغٍ ملزمة، ولا تمتلك أدوات الضغط لوقف السياسات والإجراءات الإسرائيلية اليومية في مواجهة الفلسطينيين.

وبهذا المعنى، ستظل المعالجات مؤقتة ودون مستوى تحقيق أهداف قمة العقبة في خفض التوتر والتوصل إلى التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.          

 كاتب وباحث متخصص في الشأن الفلسطيني وقضايا حقوق الإنسان


(الآراء الوارد في هذه المادة تعكس رأي المؤلف) 


المراجع:

[1] "خيري علقم منفذ عملية القدس"، وكالة سما الإخبارية، 28/1/2023

[2] الرئيس يستقبل رئيسي جهازي المخابرات المصرية والأردنية، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية- وفا، 31/1/2023

[3] تفاصيل لقاء وفد "حماس" مع وزير المخابرات المصرية، وكالة معا الإخبارية، 9/2/2023

[4] النخالة يلتقي وزير المخابرات المصرية بالقاهرة، وكالة معا الإخبارية، 4/2/2023

[5] الإمارات تبلغ مجلس الأمن: لا تصويت على مشروع قرار بشأن الاستيطان"، وكالة معا الإخبارية، 19/2/2023

[6] عزام شعث، خطوة إلى الخلف في مجلس الأمن، قناة الغد الفضائية، 21/2/2023

[7]  "مؤتمر فصائلي وطني بغزة رفضًا لقمة العقبة الأمنية"، قناة معا الإخبارية الفلسطينية، 26/2/2023

[8] "توافق على خفض التصعيد في قمة العقبة"، موقع عرب 48، 26/2/2023

[9] "الاحتلال يعتقل أربعة مواطنين من الخليل"، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية- وفا، 28/2/2023

[10] مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى"، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية- وفا، 28/2/2023

[11]  "قوات الاحتلال تهدم منزلًا في جبل المكبر شرق القدس"، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية- وفا، 28/2/2023







قمة العقبة نتنياهو إسرائيل فلسطين حماس الأردن محمود عباس