التقارير الخاصة

قوات دفاع المهرة: الواقع والتحديات

وقفة احتجاجية للمطالبة بتشكيل قوات دفاع المهرة (إعلام محلي)

20-03-2023 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol

عبد الله محسن الشادلي 


في 5 مارس الجاري، ناقش اجتماع للضباط الجنوبيين في محافظة المهرة، جنوب اليمن، "التصورات والحلول اللازمة لتأسيس قوات أمنية وعسكرية من أبناء المحافظة"، تحت اسم "قوات دفاع المهرة."


وقالت الهيئة العليا للجيش والأمن الجنوبي، في بيان لها، إنَّها سوف تعمل على تشكيل قوات دفاع المهرة على طريق تمكين أبناء المحافظة من إدارة شؤونهم وإنهاء الوجود العسكري الشمالي فيها.


وتزامنت هذه التحركات مع حالة غليان تشهدها المهرة ومحافظة حضرموت المجاورة، للمطالبة بإخراج القوات الشمالية الموجودة منذ ما قبل 2015 في المحافظتين، وتشكيل قوات محلية من السكان.


في هذا التقرير، يستكشف مركز "سوث24" مساعي تشكيل قوات دفاع المهرة وواقع وتحديات هذه المساعي، ويستضيف شخصيات مهرية من بينها رئيس الهيئة العليا للجيش والأمن الجنوبي بالمحافظة، العقيد مسلم كده.


حراك مهري


في 5 مارس، نُفذت وقفة احتجاجية أمام ديوان السلطة المحلية بمدينة الغيضة، عاصمة المهرة، رفضاً لبقاء القوات الشمالية، وللمطالبة بإحلال قوات دفاع المهرة بدلاً عنها. وأكد المتظاهرون على مواصلة الاحتجاجات، في حال لم يتم التجاوب الجاد مع مطالبهم.


وفي 5 فبراير الماضي، عقدت الهيئة العسكرية للجيش اجتماعاً استثنائياً دعا إلى ضرورة تمكين كوادر المهرة العسكرية والامنية من قيادة وإدارة شؤون مؤسساتهم. وتوعّدت الهيئة بتنفيذ برنامج تصعيدي في حال أهملت مطالب أبناء المهرة ولم تتم الاستجابة للمطالب. 


وفي 12 فبراير الماضي، أكَّد اجتماع تشاوري موسّع شارك فيه المجلس الانتقالي في المهرة وحضره شيوخ قبليون بارزون على المطالب بتشكيل قوات دفاع المهرة لتأمين المحافظة ومنافذها البرية والبحرية. 


وجاءت هذه التحركات ضمن حراك شعبي تشهده المهرة منذ أكثر من عام، نفذ خلاله المواطنون عشرات المظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي ركزت في مجملها على إخراج القوات الشمالية من المحافظة وتمكين أبنائها منها، وتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية.


مُتعلق: حضرموت والمهرة: تصعيد جديد ومطالب قديمة


جهود التشكيل


قال رئيس الهيئة العسكرية للجيش والأمن الجنوبي بمحافظة المهرة، العقيد مُسلّم أحمد كده لـ «سوث24»: "لقد بدأنا بتشكيل النواة الأولى لقوات دفاع المهرة في بداية العام 2016، من خلال تدريب وتأهيل ثلاث دفعات من أفراد الشرطة المحلية بالمحافظة".


وأضاف: "عملنا على استحداث إدارات جديدة بعد تخرّج تلك الدفعات، كإدارة حماية المنافذ، وإدارة المنشآت، وإدارة خفر السواحل، وتوزع أفراد الشرطة المحلية على تلك الإدارات، واستلمت مهامها لولا سيطرة قوى النفوذ والهيمنة فيما بعد على القرار السياسي، والأمني، والعسكري بالمحافظة".


ولفت القيادي الجنوبي إلى أنَّ ذلك "تسبب في إقصاء وتهميش أفراد الشرطة المحلية بالمهرة وسحبهم من المنافذ وخفر السواحل." وأشار العقيد كده إلى الورقة التي قدَّمها في اللقاء التشاوري الأخير الذي دعت إليه الهيئة في 5 مارس الجاري.


وقال: "لقد قدّمت ورقة عمل في اللقاء التشاوري للضباط، وتطرقت إلى العديد من المواضيع أهّمها أهداف تشكيل هذه القوة، والأسباب التي حالت دون تشكيلها. بالإضافة إلى التحديات والصعوبات، والمعالجات والحلول المطروحة من أجل تشكيلها".


وفي هذا الصدد، قال نائب رئيس المجلس الانتقالي بالمهرة، حسان مهدي بلحاف لـ«سوث24»: "تشكيل قوة من أبناء المهرة تؤمنّها من التجاذبات السياسية لطالما مثَّل مطلبا أساسيا لأبناء المحافظة."


 وأضاف: "لقد عزز من ذلك ما تشهده المحافظة من تخاذل وتسهيلات أمام تهريب الأسلحة وأدوات الحرب إلى الحوثيين وحزب الإصلاح. مطالب المهريين تتوافق مع اتفاق ومشاورات الرياض، التي نصّت على نقل القوات والمعسكرات الشمالية إلى مناطق المواجهات مع المشروع الحوثي."


 وأردف: "إنَّه لمن الضروري تشكيل قوة مهرية تكون من أولويات مهامها تأمين المحافظة، ومنافذها الحدودية، وإيجاد فُرص للشباب المحرومين من الوظيفة العامة والتجنيد الذي تسيطر عليه القوات الشمالية."


وكشف بلحاف عن معلومات حصرية بشأن خطة تشكيل قوات دفاع المهرة. وقال لـ "سوث24": "ربما لا يعلم البعض أنّه كان قد تمّ البدء في تأسيس قوة مهرية تحت مظلة السلطان عبد الله بن عيسى آل عفرار، رئيس المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى، قبل عام."


وتابع: "لقد دعمنا في المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة المهرة هذه المساعي، إلا أنّها توقفJ في الرمق الأخير، دون معرفة الأسباب."


الأهمية والتحديات


بالإضافة لتأمين وحماية المهرة، يعتقد القيادي في الانتقالي حسن بلحاف أنَّ تشكيل قوات دفاع المهرة سيعمل على " إيجاد فُرص للشباب المحرومين من الوظيفة العامة والتجنيد الذي تسيطر عليه القوات الشمالية."


ولفت رئيس الهيئة العسكرية الجنوبية العقيد مسلم كده إلى أنَّ "أهمية تشكيل قوات دفاع المهرة تكمن في الحفاظ على أمن واستقرار المحافظة، ومكافحة الإرهاب ورفد المؤسسة الأمنية والعسكرية بدماء جديدة من أبناء المهرة."


وتجاور المهرة سلطنة عمان التي يمتد نفوذها داخل المحافظة عبر شخصيات قبلية، ويتقاطع مع حضور المملكة العربية السعودية، مما يعقد المشهد المحلي في هذه المحافظة ويكاثف التحديات أمام أي خطط لتشكيل قوات خالصة من أبنائها.


وكان التحالف بقيادة السعودية قد أوقف، في فبراير 2022، ترتيبات لتشكيل قوات دفاع حضرموت في الوادي والصحراء. ووجّه قائد قوات التحالف في سيئون، المقدّم فواز بن شوية، بإيقاف التجنيد والتدريب الذي دعت إليه قيادة الهبة الحضرمية.


كما تشكل القوات الشمالية في المهرة أبرز التحديات المحلية أمام مساعي تشكيل قوات دفاع المهرة، وتنتشر في المحافظة ألوية عسكرية عديدة، منها: اللواء 123 مشاة، في مديرية حات، واللواء 137 ميكا، في مديرية الغيضة، وهي ألوية يقودها ضباط شماليون. 


وفي تقرير ميداني لمركز سوث24، نشر في أغسطس الماضي، رصد موفد المركز الانتشار العسكري الشمالي حتَّى في المواقع المدنية مثل الحدائق والمنتزهات، بالإضافة لمخيمات النازحين الشماليين وسط مخاوف من عمليات تغيير ديمغرافي. 


مُتعلق: من يسيطر على الأوضاع العسكرية في المهرة؟


ويرى حسان بلحاف أنَّ "التحالف العربي، وبالتحديد السعودية، لديها صورة مغلوطة رسمتها بعض القوى المعادية في المهرة بأنّ تشكيل أي قوات مهرية سيؤدَّي إلى صدام عسكري يجرّ المهرة إلى صراع." وأضاف: رغم ذلك، نحن عازمون على تشكيل هذه القوات."


وقال العقيد مسلم كده: "في الوقت الراهن، نحن نتطلع من الأشقاء في دول التحالف العربي، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى تقديم الدعم المادي واللوجستي لتشكيل قوات دفاع المهرة."


ويؤكد الناشط محمد المهري على أنَّ "جماعة الحريزي" في المهرة المتهمة بالارتباط مع الحوثيين، تعَّد من أكبر التحديات أيضاً. وقال لـ "سوث24": "هذه الجماعة لا ترفض إنشاء أي قوات مهرية فحسب، بل تتبنى توجهات ضد قوات التحالف بقيادة السعودية."


شكل وعقيدة القوات


يلفت رئيس الهيئة العسكرية الجنوبية في المهرة، العقيد مسلم كده، إلى أنَّ قوات دفاع المهرة المزمع تشكيلها "ستكون مهرية خالصة"، لافتاً إلى قوات دفاع شبوة وقوات النخبة الحضرمية وبقية تشكيلات القوات الجنوبية.


وأضاف: "لا نعلم ماهي الدوافع والأسباب التي حرمت المهرة من قوات عسكرية وأمنية من أبنائها، أسوة ببقية محافظات الجنوب. نحن في الهيئة العسكرية للجيش والأمن الجنوبي تقدمنا برؤية لتشكيل قوات دفاع المهرة للمجلس الانتقالي الجنوبي."


ويؤكد كده على أن قوات دفاع المهرة ستكون مثل بقية التشكيلات العسكرية الجنوبية سياسيا ضمن إطار المجلس الانتقالي الجنوبي. وأضاف: "ستكون هذه القوات ضمن القوات الجنوبية عندما يتم إعلان تشكيلها".


ويؤكد القيادي في المجلس الانتقالي بالمهرة، الشيخ مجاهد آل عفرار، على أنَّ قوات دفاع المهرة "ستحظى بالدعم الكامل من قبل المجلس الانتقالي بصفتها قوات الجنوبية"، لافتا إلى أنَّها "الخيار الذي يمثل أبناء المهرة ويحمي أرضهم وحاضرهم ومستقبلهم."


وعن دور الانتقالي بمحافظة المهرة فيما يخص تشكيل هذه القوات، قال القيادي حسان بلحاف: "دورنا يأتي دائماً في دعم كل مطالب الشعب، ومع مطالب وحقوق المهرة وشعبه.  لازلنا نُطالب برحيل القوات الشمالية، لكن في حال التعنت والرفض، سيكون خيارنا هو طردها بالقوة."




صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا